• ٣ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

مسؤوليات الشاب المسلم

د. وليد شهيب الحلي

مسؤوليات الشاب المسلم
ينطلق الشاب المسلم في المجتمع، وهو مؤمن وملتزم بالإسلام راسماً منهجه على غير المنهج الذي لا يؤمن بأهمية الدين، ولا يدرك قيمه. أن دور العبادات هي في صياغة الإنسان وتعبئته لكي يتخذ الموقف الصعب في وقت المحنة والشقة. والبادة – عبادة الله – تصقل شخصية الإنسان، وتنقلها من الأنانية والحقد والرياء والنفاق والجشع والاجرام إلى الرقي والتكامل النفسي والاجتماعي. والعبادة، ممارسة روحية لأخرج الإنسان من آلية الحياة، ورتابة سيرها المادي الممل إلى أن تجد قوى النفس والانبعاث التي يتكون فيها من جراء الاحساس بالاستقرار والطمأنينة. تبدأ العبادة من النظر إلى وجه المؤمن. يقول الامام زين العابدين (ع): "نظر المؤمن في وجه أخيه المؤمن للمودة والمحبة له، عبادة"، بالإضافة إلى حب الوالدين وعفة البطن والفرج، والعلم بالله والتواضع له والتفكر بالله إلى الصلاة، والصوم والجهاد والصدقة والخمس ومساعدة المحتاج، ورفض الظلم، وأداء الأمانة والعدل بين الناس ومقاطعة الربا والاحتكار. إنّ مسؤولية الشاب المسلم تبدأ بالتحدي لنفسه والمجتمع والعالم، في مجال المواجهة الفكرية والعقائدية أمام حالات التساقط الفكري والعقائدي، وحالات الضعف والهوان أمام الهجمات والتيارات المختلفة والمتنوعة التي تعارض سيرة الرسالي الإسلامي، وهو يحمل راية التوحيد والعدل للبشرية. تقف أمام الشاب المسلم مسؤوليات ومهام مهمة في المجالات التالية، نذكرها على شكل نقاط وباختصار:   أ- المسؤولية الشخصية: قال الرسول (ص): "ما من شاب يَدعُ الدنيا ولهوها، واهرم شبابه في طاعة الله، الا اعطاه الله أجر اثنين وسبعين صد يقاً". ويبدأ الشاب المسلم مراحل التربية والاعداد لتحمل المسؤولية عبر: 1- تقوية الجوانب الإيمانية. وذلك الاهتمام بالعبادات، والتعبير عن الاهتمام من خلال فهم المعاني التي تقف خلف اداء فرائض الصلاة والصيام والحج والخمس وغيرها واستلهام المعاني الرسالية فيها.. 2- التحلي بالأخلاق الإسلامية الحسنة، والسلوك والمنطق السليم والصبر والتحمل للمشاكل والمصاعب التي تواجه حياته. 3- الشعور الدائم بالتفائل وعدم اليأس. 4- عدم الاسترخاء وابقاء حالة اليقظة والوعي والتحدي، والاتكال على الله في عمله التغييري بالأمة، وعدم ترك الأمر لغيره. 5- تحمل المسؤولية بشجاعة والمواصلة والثبات على هذا الطريق رغم العقبات الكثيرة. 6- تقوية الإرادة والجرأة في اتخاذ المواقف، بعد دراستها الحثيثة.. ينبغي أن يكون القرار والموقف اعتمد على مقدمات سليمة وصحيحة، لا أن يكون نتاج انفعال عاطفي أو دعاية أو اشاعة من أي مصدر كان. 7- تنمية المعلومات الإسلامية. 8- البحث (دائماً) عن الأولويات في العمل الإسلامي وفي التصدي له ولغيره من الأمور، وعدم الانشغال بالقضايا الجزئية الطارئة، وتفويت الفرص والجهود والوقت. 9- الحضور في الساحة.. وعدم الغياب أو الغفلة. أو الابتعاد عن واقع الحياة. 10- اشباع الحاجات الجسدية والغرائز بالطرق الإسلامية الصحيحة. 11- إيجاد جهاز انذار مبكر (داخلي) لمعرفة الاخطار والصدمات، ومحاولة تجاوزها قبل الوقوع فيها.   ب- المسؤوليات الاجتماعية: قال الرسول (ص): "خيركم من يألف ويؤلف". 1- إيجاد العلاقة الناجحة في العائلة والمجتمع.. والتمتع باللياقة الصالحة في التعامل وعقلية الاصلاح واشاعة الخير. 2- الاستفادة من تجارب وخبرة الآخرين حتى يتجنب الوقوع في نفس الأخطاء والتأكيد على الجوانب الإيجابية من تجاربهم. 3- استيعاب المجتمع واطيافه، والموقف أمام كل من أطيافه. 4- الحذر من تأثير البيئة على سلوك وأخلاقية المسلم. والحذر من الخلافات والشجار والكسل والبطالة. 5- فهم الحقوق والواجبات للأفراد والمجتمع. 6- اختيار الصديق والأصدقاء من صَدقكَ وليس من صدَّقَكَ. 7- التركيز على الوجه الساطع والنقاط الإيجابية في التعامل مع الآخرين وتجاوز النقاط السلبية في العلاقة.   ج- المسؤوليات الثقافية: 1- مواكبة التطور الثقافي والبحث العلمي.. معرفة دور العلم في الحياة الفردية والاجتماعية. 2- دراسة التحديات الثقافية وإيجاد السبل الكفيلة للوقوف أمامها. 3- الحذر من الاهتزار في الفكر والشعور والذي ينعكس على الموقف جراء التأثير بزخرف القول أو بأساليب الدعاية والنشر والاعلان، وما يجري من تطور في الأساليب التقنية الحديثة في مجالات التضليل والخداع والزيغ. 4- الحذر من التأثيرات السلبية السيئة للمطبوعات المبتذلة والافلام وما شابه... التي تؤثر على المجتمع ودور المسلم فيه.   د- المسؤوليات الرسالية: 1- الدعوة إلى دين الله.. والعمل بجهد إلى تحقيق هذا الأمر. 2- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. 3- الدفاع عن مقدسات المسلمين وكرامتهم. 4- نصرة المظلومين والمستضعفين. 5- جمع القوى الخيرة من أصدقاء ومؤمنين والعمل سوية لتحقيق ا÷داف الإسلام العليا من منطلق (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (آل عمران/ 104). 6- متابعة ما يجري من احداث سياسية دولية، ودراسة ابعاد الصراع الدولي في المجال السياسي والسيطرة الاقتصادية، بعد انهيار الحرب الباردة وبروز النظام العالمي الجديد وسيطرة القطب الواحد على العالم.   الحذر من.. 1- ضبابية الرؤية للاحداث والتاريخ والواقع والصراع الدولي. 2- النقص في الوعي الاجتماعي والسياسي. 3- الوقوع ضحية العجلة وقلة التدبر. 4- الانغلاق وعدم الانفتاح على المجتمع والاستفادة من تجاربه. 5- عدم التورع والتهور، الذي يأتي عن جهل الحقيقة ومعرفة الخير والشر فضلاً عن عدم العلم بعواقب الأمور لانعدام التجربة والخبرة. 6- استعجال الوصول إلى الأهداف المادية وغير المادية وتجاوز العوامل الطبيعية اللازمة لذلك. 7- انّ الشخص الذي يعاني من عقدة النقص، يتصافر أمام الآخرين، ولذا يلجأ إلى الجرائم والأعمال المنحرفة. يقول الامام الجواد (ع): "من هانت عليه نفسه فلا تأمن شره". الحذر من الانحطاط وعدم القدرة على مراجعة الذات والتصورات الخاطئة من حمل عقدة الحقارة والتدني. 8- الحذر من الغفلة والضنك والانغلاق والضيق (ضيق الصدر والأفق). 9- الحذر من الابتلاء والامتحان في النعمة (المرض بعد الصحة والخوف بعد الأمن والفقر بعد الغناء والجهل والنسيان بعد العلم والهجرة والنعم والاستقرار بسبب المطاردة والنظام الجائر). تذكر نعم ورحمة الله في الصحة والأمن والغذاء والعلم والغنى.   هـ- المسؤوليات التربوية: يبقى كل إنسان بحاجة إلى دورة تربوية للوصول إلى الأهداف بطريقة أفضل وذلك يتأتى من خلال: 1- المشورة قال الرسول (ص): "من شاور الناس فقد شاركهم عقولهم". 2- الدراسة والتأمل والابتعاد عن الأفعال والمواقف غير المدروسة. 3- الموضوعية في الفهم والتقييم. 4- ممارسة النقد والنصيحة. 5- عدم التعقد من ضخامة المد المقابل في المجالات المختلفة وتربية النفس على التحمل للمشقة والصبر وطول النفس في الصراع مع العدو.   الخلاصة.. إنّ أهم مسؤولية تجابه الشاب المسلم هي مسؤولية السيطرة على غرائزه ونفسه والتي قد تقوده إلى عمل الرذيلة. وبتحديها وتربيتها التربية الإسلامية الصحيحة التي لا تعرف المساومة، أو القبول بأنصاف الحلول، فإنّه يصنع تلك النفس الأمارة بالخير.. والمبتعدة عن الشرور. ولكي يعيش الشاب حياة ملئها الحيوية والأفق الصحيح، فأنّه بحاجة إلى أن يتبنى الإسلام في دعوته للناس جميعاً.. وفي إطار تصديه للواقع الفكري والسياسي والثقافي الدولي فأن عليه مهام بناء نفسه بناء يضمن له القدرة في الحوار، واقناع الآخرين بآرائه.. وهذا بحد ذاته يحتاج إلى ان يجمع الشاب قواه وفعاليته مع أمثاله من الشباب ليواجهوا مجموعة القوى الأخرى المنظمة. ولكي يحقق المسلم المسؤوليات الملقاة على عاتقه، فإن عليه مهام اهمها عدم الكسل والتباطئ في نصرة المسلمين وقضاياهم، ونصرة المظلومين والمستضعفين وقضاياهم في كل مكان بالعلم.

ارسال التعليق

Top