◄كلّنا نواجه المشاكل مع الوقت ولا نستطيع أن نسرعه ولا أن نبطئه، نحتاج إلى الكثير منه، ولا نعرف أين نجده، لكننا فجأة نتساءل أين ذهب كلّه، لكن الوقت ليس هو المشكلة الرئيسية، فالوقت هو السيولة عينها التي تُعطى لكلّ الناس، وبالعدل والمساواة وكلّ يوم، المشكلة إذن أنّ كلّاً منا ومعظمنا يترك الكثير منه، يتسلل عبر أصابعه، لأنّنا لم نتعلم أبداً كيف ننظم إدارة وقتنا.. أهلنا لم يجلسون معنا ليكلمونا عن حقائق الوقت، ومهاراة إدارة الوقت ليست جزءاً من أية دراسة أكاديمية، ولعدم معرفتنا كيف نُدير وقتنا بكفاءة، نبقى مستخدمين الأسس الطبيعية أو التعامل الطبيعي مع الوقت وهو (أخذ الأمور كما هي)، وأن يقوم المرء بما يشعر برغبة في عمله دون تنظيم أو مواعيد أو تخطيط، وما الخطب في هذا.. لقد كان المرء ناجحاً ونحن صغار وكان العيش من يوم إلى يوم سهل جداً ولم نكن نقلق أبداً في أي شيء يمضي وقتنا طالما بدا لنا أنّ هناك الكثير من الوقت وساعات طويلة قبل انتهاء المدرسة، أيام كثيرة قبل عطلة الصيف، أسابيع عديدة قبل عيد الميلاد، الكثير من السنوات قبل أن نتعلم قيادة السيارات، أيام الطفولة كانت أوقاتاً أكثر سهولة ولكن لسوء الحظ إنّه يأتي اليوم ويذهب ولا يعود ونظام العيش يوماً فيوم ساري المفعول، بالنسبة لأكثرنا ونصل لدراستنا العليا بسرعة لماذا؟ لأنّ هذا هو الوقت الذي نبدأ فيه في وضع الأهداف الأكثر أهمية لنا وليس فقط لأهلنا. نصبح مشاركين أكثر وبنشاطات هامة مثل الرياضة والموسيقى أو النوادي ومعظم مواعيدنا تتطلب الوقت، في الكلية نبدأ التفكير بمستقبلنا المهني، ندرس فقط ما يؤهلنا لهذا حتى إنّنا قد نحاول أن نجد عملاً لجزء من الوقت، ولكي نُحقق أهدافنا يجب أن نلزم أنفسنا بالعديد من الخطوات لنصل، يجب أن نخطط، نُظم إدارة وقتنا وبالرغم من أنّ المرء يميل بطبيعته أن يدعي أن لا وقت لديه يمضيه في التنظيم ووضع الجداول أو اللوائح فإنّ هذه هي أفضل وسيلة لتوفير الوقت، إذن قد لا يكون هناك ما يكفي من وقت.
دعونا نعطيكم خبراً جيداً: هناك طريقة يستطيع فيها الإنسان إنجاز المزيد من الجهد، بإمكان كلّ منا أن يخطط مسبقاً ويقوم بخيارات واعية حول كيفية قضاء وقته، وكم من الوقت يقضيه لإنجاز كلّ مهمة وبإمكانه، أن يسيطر أكثر على وقته بدلاً من أن ينفذ الوقت منه دائماً.
الآن الخبر السيئ أوّل خطوات إدارة الوقت هي يجب أن نقرر ما هو المهم وما هو غير مهم قد يكون هذا صعب فأحياناً من الضروري لنا أن نفهم أنّنا قد لا نستطيع فعل كلّ شيء والاقتطاع من برنامج عمل مليء ويجب أن نلاحظ النشاطات التي لا تعطي لنا الكثير كي نخصص المزيد من الطاقة لما هو مهم، حقاً محاولة فعل كلّ شيء حتى مع وجود الكثير هو عمل سيقود إلى الاحتراق، فمتى ينتهي كلّ هذا؟ مع الدراسة مع الواجبات مع العمل الجزئي والكامل، وضياع كلّ فرص اللهو والإبداع يمكن للحياة أن تكون مشغولة جداً ولكن لا تصبح الحياة سهلة فجأة.
معظم الراشدين يمكن أن يقولوا أنّ الحياة تصبح أكثر انشغالاً هناك دائماً رب عمل يتوقع منك العمل حتى وقت متأخر، أولاد يحتاجون الطعام وملبس وخلافه، هوايات واهتمامات تلاحقنا، خدمات اجتماعية يصبح الراشد متورطاً بها، فإذا كنت هكذا فلا داعي إذن لأن نقول لك كم هي أهمية الوقت وإدارته "ويكن يبقى وقت كثير للتخطيط حتى بعد كلّ هذه الالتزامات يبقى معظمها أمام تحدي إنجاز تلك الالتزامات، وخطة تنظيم إدارة الوقت التي نبحثها هنا مبرمجة للجميع، أما إذا كان القارئ لا زال طالباً في جامعة أو خريجاً يبحث عن عمل أو إدارياً فسيجد الجميع أنّ هذا برنامج يمكن إدارته بسهولة ويصلح جيداً لكلّ فرد بمفرده هذا البرنامج يسمح بالليونة وفي الواقع يشجع على تبني أي اقتراح بما يناسب حاجات الجميع والهدف منه مساعدة الجميع على اختيار ما هو الأهم لهم ومساعدتهم في وضع أهداف لأنفسهم لتنظيم وجدولة الوقت وتطوير الدوافع والانضباط الذاتي لتنفيذ جدول الأعمال والوصول إلى الأهداف، وهذا ما سيعطي بالتأكيد وقتاً لمهارات أخرى مهما كان الهدف.
الحاجة إلى التخطيط يجب أن تكون واضحة والواقع أنّ الكثير من الناس يديرون وقتهم فعلاً بطريقة فوضوية، والنصيحة هنا هي أن تتعلم الاهتمام بالدقائق فالساعات تعتني بنفسها، لكن وضع الخطة لتنظيم إدارة الوقت يتطلب جهداً، إذن هذا هو استثمار للجهد وسيأتي في النهاية بنتائج أساسية أو ليس من الجيد أن تشعر إنّك تمارس بعض السيطرة على برنامج عملك؟ لنفترض أنّ كلّ هذا صحيح وأنّ هناك فكرة جيدة نافعة لإدارة الوقت وأنّ هذه الإدارة الفعّالة تكافئك بطرق محسوسة ولكن وعلى الأرجح ستجد من الصعب إعطاء الدافع لوضع التخطيط، يجب أن تحاول جعل التخطيط عادة لك وشيء تفعله دون تفكير ولكن شيئاً ستفعله مهما كان الأمر هو نظام لإدارة الوقت يتناسب مع حاجاتك ويمكن أن يساعدك على إنجاز عمل أكثر في وقت أقل. وسواء كان الهدف من هذا الحصول على المزيد من الوقت الحر أو تحسين الإنتاج سيساعدك كذلك على الحصول إلى أهدافك لأنّه يساعد على تحديد الأولويات، وضع لائحة بالمهام وإعطائها أولوياتها وهذا سيؤمن أن تنجز أهم الأشياء كما يساعد على أن تتجنب الفخ الزمني وتقول قد وفقني زمني أشياء غير مخطط لها وستضطر إلى إضاعة الوقت في إطفاء الحريق قبل الانتقال إلى مهمة أخرى كما يساعدك على توقع الفرص، إضافة إلى مساعدتك على توازن لوقت عملك مع أوقات أخرى كما يساعدك على تنظيم الوقت المُراد الذي ستحصل عليه ولتمضيته بفاعلية أكثر، وبهذا تتمكن من القيام بالمزيد من ذات المكية من الوقت أو في بعض الأحيان في وقت أقل ويعطيك الحرّية والسيطرة على عكس مخاوف الكثيرين.
وإدارة الوقت هي نوع من التحرر وليس التقيد في جدول محدد إنّها نوع من السيطرة على جزء من يومك ويسمح لك أن تكون مرناً في بقية اليوم، إضافة إلى هذا ستتمكن من تخطيط وقتك الحر، وإدخاله ضمن جدولك، مثلاً: ستعرف مسبقاً أنّ أمامك مهمة صعبة في اليوم التالي وبدلاً من أن تتصل بالأصدقاء ليلة الحفلة لتعتذر ستكون متأكداً من جدول أعمالك الذي يسمح لك بفرصة أكبر للتحرك وحضور الحفلة دون الإحساس بالحرج أو الذنب كما يساعدك على تجنب التضارب في الوقت وبمجرد كتابة كلّ نشاطاتك ومسؤولياتك ومهماتك في مكان واحد وسيساعدك ذلك على التأكيد من أنّ الأشياء لن تختلط في وقت واحد وإذا حدث تضارب في الأوقات، ستتمكن من ملاحظة هذا مسبقاً، عليك ترتيب أمورك حسبما تقضي الحاجة، ويساعدك هذا على تجنب الإحساس بالذنب وحين تعرف بالضبط كم لديك من أعمال ويكون لك برنامج زمني لتنفيذها، تستطيع أن ترتاح لمعرفتك إنّ كلّ شيء سيُنجز في وقته المحدد.
ولكن دون خطة لإنجاز العمل ستشعر وكأنّه سيف مُسلط فوق رأسك وحتى وأنت لا تعمل، وإذا أمضيت وقتك تفكر بعملك فقط، فمن الأفضل لك أن تمضيه وأنت تعمل.
وتنظيم إدارة الوقت يساعد كذلك على راحة ضميرك فبعد أن تُتم ما عليك مع عمل ستتمتع حقاً بوقتك الحر دون الإحساس بالذنب لأنّك لم تنجز بعضه ويساعدك على تقييم مدى تقدمك وإذ كنت تعرف مسبقاً ما هو المطلوب منك من مهمات فلن تندهش أبداً حين يلوح أمامك الموعد النهائي لإنجاز عمل ما. ولكن إذا عملت حيث يكون هذا ملائم لك أو إلى أن تتعب فلن تعرف أبداً ما إذا كنت متقدماً عن موعد التسليم أو متأخراً، ثم ستكتشف فجأة أنّ الموعد قد برز أمامك فجأة دون أن تخطط له.
ويساعدك تنظيم الوقت على رؤية "الصورة الكبيرة" وإدارة الوقت الفعّالة توفر لك نظرة أوسع للعمل كلّه وبدلاً من أن تواجه المفاجأة مع قدوم أوقات أكثر انشغالاً ستتمكن من التخطيط مسبقاً ولأسابيع قادمة ويساعدك تنظيم الوقت وإدارته على أن تعرف كيف تعمل بطريقة ذكية أكثر، لا بجهد أكبر.
البعض يعتقد أنّ إدارة الوقت هو مجرد معرفة الوقت أو قضاء وقت منظم في العمل وفي الراحة وفي الاتصالات وأنّ التحرك ضمن هذه المواعيد الزمنية يؤمن لهم التنظيم أكثر وقد يكون هذا صحيحاً جزئياً فجزء رئيسي من تنظيم إدارة الوقت هو أن تتعلم كيف تُصنّف المهمات حسب أولوياتها لكن هذه النظرة البسيطة تتجاهل فائدة كبيرة تأتي بها السيطرة على الوقت، فقد يكون من الممكن أن يكون المرء منظماً ولديه أولويات مسجلة، وسيطرة على الوقت وبحيث يمضي وقتاً أقل في العمل ويحصل على نتائج أكبر وهذا ليس عملاً سحرياً مع أنّه يبدو هكذا.
وتعلم عزيزي القارئ أنّ إدارة الوقت الآن سيساعدك على التحضير للمستقبل والحياة كلّها هي تحضير للمستقبل، وإذا أمضى المرء وقته الآن بشكل فعّال فسوف يكون محضراً جيداً للمستقبل وكلما كان محضراً جيداً أكثر كلما كان أمامه خيارات أكبر، وستكون الشركة التي تعمل فيها من خيارك لا مفروضة عليك لننظر الآن إلى بعض المخاوف التي تنتاب الكثيرين حول إدارة الوقت، وهي لا أساس لها من الصحّة وعدم المرونة هو أكبر مخاوف الناس، إذ يظن الكثيرون أنّ السير حسب جدول محدد ومكتوب يفقدهم لذة الحرّية في التصرف والاختيار.
ونظام إدارة الوقت يمكن أن يكون مرناً كما يشاء للمرء، بل الواقع يؤكد أنّ أفضل نظام هو الذي يعمل كمرشد، وليس نظاماً متطلباً، على عكس الاعتقاد السائد ولن يؤدي هذا التنظيم إلى وتحويل الشخص إلى "عبد" للوقت، فبرمجة الوقت لا تعنى أبداً الالتزام بعمل أكثر، بل الواقع أنّ تحديد أوقات العمل مسبقاً تعني أنّك ستتمكن من الاسترخاء أكثر في غير أوقات العمل، لأنّك لن تكون قلقاً حول سير هذا العمل ومتى ستنجزه، فوقتك "منظم" على هذا الأساس والهدف ليس قضاء وقت أكبر في العمل، بل قضاء الوقت ذاته أو أقل منه، وإنجاز الأكثر في مدى أي وقت تعمل فيه، والعديد يخشون "التعقيد" الذي يُوحى به تنظيم الوقت لكن الواقع هو العكس، فهو يؤدي إلى "التبسيط"، وكلما زاد تعقيد النظام الذي يتبعه الإنسان، كلما زادت صعوبة استخدامه ونتيجة لهذا ستقل إمكانية استخدامه بكفاءة، ويمكن أن يضع المرء نظاماً يلائم حاجاته وذلك لتسهيل الوصول إلى الأهداف، وهناك مهارات عديدة قد لا تساعد أبداً لذا يجب استخدام المهارات التي من المحتمل أكثر أن تقود إلى الهدف المنشود وتتناسب مع شخصية مَن يملكها.
ولكي تنجح في إدارة وقتك، يجب أن تكون قادراً على العودة إلى خطتك حين الحاجة لاستخدامها، فمن المستحيل وضع خطة تفصيلية لمستقبل بعيد دون أن يكون لديك سجلات دائمة، والأفضل كتابة الخطط المرحلية والبعيدة المدى في مكان واحد كي نتمكن دائماً من مراجعتها، والمهم أن يكون لديك مكان واحد للمخططات والمعلومات وجداول الأعمال، ونظام إدارة الوقت هو الذي سيناسبك أفضل هو الذي تفضله، ليلائم حاجاتك وشخصيتك، ومعظم ما نتذكره هنا هو أفكار عامة قد تصلح للكثيرين ولكن قد لا تلائمك أنت بالضبط، لذا يجب أن تأخذ هذه الأفكار العامة تجعلها في نظام ناجح لك، قم بتغيير وتعديل خطتك واجعل الخطة أكثر حزماً أو أكثر ليونة حسب تقديرك للموقف لقد مررنا جميعاً بتجربة نسيان موعد أو التزام ومن السهل أن تتذكر كتابة التزاماتك وقضاء وقت لتسجيل المواعيد لكلّ أسبوع ولكلّ يوم لكن أي وقت تقضيه في الكتابة سيكون دون جدوى إذا لم تحتفظ باللائحة معك حين تحتاج إليها، ستصل إلى العمل لترى أنّ المشرف قد حدد لك ساعات عملك للأسبوع القادم ويراجعها معك وستجدها مناسبة وتلتزم بها ولو أنّ المفكرة معك فستتمكن من كتابة جدول أعمالك وتبرمج كمية الوقت الضرورية، إذن خذ مفكرتك معك أينما ذهبت فأنت لا تعرف متى ستحتاجها، وثق أن احتفاظك بالمفكرة معك سيقلل مخاطر النسيان.
سجِّل دائماً المهمات والتكليفات وأرقام الهاتف أو أية معلومات مهمة وعلى الفور عليك أن تعطي أي نظام لإدارة الوقت فرصة للنجاح، جربه لفترة أي برنامج قد لا ينجح إلّا إذا استخدم على الدوام، وقد يساعد كثيراً أن يكون مكان عملك، إيجابي، وأن يكون جوهر محركاً للعمل، ولا تدفع نفسك لأن تعمل إلى أن تصل لمرحلة اللامحتمل فأشياء صغيرة قد تدفعك إلى كراهية عمل ما ويبدأ رأسك يؤلمك عليك إذن أخذ مقدار تحملك بعين الاعتبار.
بعض الناس يمكن أن يجلسوا وراء مكاتبهم يعملون لساعات، البعض يرى أنّ ذهنه شرد بعد ساعة أو يزيد، والآخر أخذ يعمل ولا يحتاج إلى فرصة راحة، بينما الأخير إذا أراد العمل بكفاءة يجب أن يخطط لفترة راحة حسب قدراته وقد يكون من الأفضل أن تضع حاجزاً حقيقياً أو خيالياً بينك وبين العالم الخارجي وأنت تعمل، وثق أنّ إغلاق باب شُغلك أو مكتبك أو المكان الذي تعمل فيه قد يمنع عنك الضجيج والكثير من المقاطعات ويمكنك أن تضع على الأبواب الخارجية لوحة (الرجاء عدم الإزعاج) فهي وسيلة جيدة للقول بأنّك مشغول.►
المصدر: كتاب تعلم كيف تنجز أكثر في وقت أقل
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق