◄اللون هو رمز يضاف إلى الرموز الكثيرة البدائية التي تعود إلى عهود قديمة. نبهر باللون الأحمر، نخاف من الأزرق، كما يمكننا أن نرى الحياة بلون زهري.
منذ القدم، ربط الأقدمون الألوان بالكواكب والآلهة. فاللون الأصفر يعود إلى الشمس المشرقة أي الكرم والإيمان. كما ربطوا اللون الأحمر بمارس إله الحرب وبغضه وعنفه.
أمّا اللون الأزرق فيعود إلى الإله جوبيتير الذي يرمز إلى السلام والحقيقة. واللون الأخضر ارتبط بالآلهة فينوس التي ترمز إلى الرجاء والتبادل.
ويعكس لون القمر، وهو الأبيض الخافت، الطهارة والعدالة. كما أعطى الأقدمون رمزاً للون، أعطوه كذلك معنى نفسي. في يومنا هذا، نعترف أن للون تأثيرات مهمة.
فنستعمل الألوان الهادئة كالأزرق الفاتح في طلي جدران العيادات الطبية. وللحصول على الراحة وتهدئة النفس نستعمل اللون الزهري أو الأخضر (غرف العمليات وثياب الجراحين في المستشفيات).
للتشجيع على العمل وتفعيله تطلى آلات العمال بالألوان الحارة: كالأحمر أو البرتقالي أو الأصفر.
نلاحظ أن غرف الهاتف العمومي تكون مطلية باللون الأحمر لتحث المتحدث إلى الاختصار في الكلام، أما إذا كانت مطلية بالأزرق فتشجعه على تطويل الحديث.
إنّ عدم استعمال الطفل في رسمه الألوان، يدل هذا على فراغ عاطفي وعدم الانخراط في المجتمع.
يمكن استعمال اللون في تدرجات مختلفة: حادة، سميكة، خفيفة، مشرقة، كما يمكن الإيحاء بتناغم أو بانعكاس لوني وذلك بوضع لون بالقرب من لون آخر مختلف، أو بخلق اضطراب عاطفي أو نفور. يستعمل الطفل الألوان بطريقتين:
إما يقلّد ألوان الطبيعة، فيلوّن السماء بالأزرق والقرميد بالأحمر والشمس بالأصفر والحشيش بالأخضر، وإما يستعمل الألوان بطريقة لا واعية فتدل على فكر باطني وعلى انعكاس لشخصيته.
عمر الألوان (Le Daltonisme):
إنّ الأشخاص الذين لا يرون الألوان، فلا يوجد عندهم للون معنى حقيقي. إذا استعمل الطفل الألوان الوسخة والبعيدة جداً عن الواقع الحقيقي كتلوين الحشيش بالأحمر مثلاً، عندها يمكننا التحقق من الموضوع لاكتشاف هذه المشكلة (عمى اللون).
نلاحظ أن ألوان هذا الطفل وسخة ورمادية. فيعترض عليه المعلم ويعتبره غير مؤهل لاكتساب شيء من درس الألوان، كما أنّه لا يتجاوب مع الصف عندما يطلب من التلامذة أن يلوّنوا البرتقالة باللون البرتقالي والتفاحة باللون الأحمر...
فهذا الطفل يستعمل الرمادي أو الأزرق بدل اللون الحقيقي، فتتشكى المعلمة من تصرفاته ويلقى العقاب من أهله.
إنّ حالة مثل حالة هذا الطفل تتطلب منا الانتباه إلى حاسة البصر عنده.
لذا يفترض عرضه على طبيب عيون لكشف المشكلة العضوية في حال وجودها قبل أخذ أي تدبير بحقه.
معاني الألوان:
الأحمر:
إنّ استعمال اللون الأحمر قبل عمر السادسة يدل على وضع طبيعي وتخف حدّة هذا اللون عند الطفل المريض. يدل هذا اللون على العنف عند الطفل الذي تجاوز السادسة من العمر، كما يدل أيضاً على عدم القدرة على السيطرة على الانفعالات.
الأزرق:
يمكن استعمال اللون الأزرق من قبل الأطفال الذين تجاوزوا عمر الخامسة هؤلاء الأطفال يسيطرون على انفعالاتهم أكثر من الأطفال الذين يستعملون اللون الأحمر. فاستعمال اللون الأزرق في عمر السادسة يدل على تكييف الطفل مع محيطه.
الأخضر:
يوجد تقارب بين استعمال اللون الأخضر واللون الأزرق، كذلك يدل استعمال هذا اللون الأخضر على العلاقات الاجتماعية.
الأصفر:
يستعمل في أغلب الأحيان بمزجه مع اللون الأحمر أو أحياناً يظل لوناً أصفر بحد ذاته. يوحي عادة بعدم استقلالية الطفل عن الأشخاص الراشدين.
البني:
كالألوان الوسخة، فإنّه يدل على العودة إلى مرحلة الطفولة، وكاللون الأصفر فإنّه يعبّر عن عدم تكيف مع المحيط العائلي والاجتماعي كما يدل أيضاً على وجود اضطرابات داخلية مع الذات.
البنفسجي:
قليلاً ما يستعمل الأطفال هذا اللون الذي يدل على الاضطراب. يجتمع مع اللون الأزرق، فيكشف عادة عن بعض القلق. يستعمله الطفل خاصة في مراحل صعبة خلال تكيفه مع المحيط، يستعمله الطفل إلى جانب اللون الأخضر.
الأسود:
يمكن استعمال اللون الأسود في أيّة مرحلة من مراحل العمر، وهو يعبّر عن القلق والحزن، مع أنّه يدل عن غنى داخلي، يرمز هذا اللون إلى معانٍ عديدة، إنّ استعماله في مرحلة المراهقة يظهر التحفظ والحياء في إظهار العواطف والمشاعر.
لا يمكننا تحليل ما ترمز إليه الألوان دون الأخذ بعين الاعتبار العوامل العديدة الأخرى كالتأثيرات الثقافية، الموضة، الخطوط والأشكال التي تدل على أزمة بين الاتجاهات.
إنّ الطفل الذي يتصف بانفتاح خارجي (Etraverti) بنشاط قوي، بعاطفة عارمة يحاول دائماً ليعبّر عنها باتصالات مع الآخر، بمشاعر حارة مع أنّه يظهر أحياناً غير مستعد لإظهار مشاعره العاطفية المعرّضة بسهولة للأذى، بالرغم من ذلك فإنّه يستعمل ألواناً كثيرة وخاصة الأحمر منها، الأصفر، البرتقالي والأبيض.
عكس الطفل الذي يتصف بالانفتاح الخارجي، إنّ الطفل المنغلق على ذاته (l’introverti) تكون علاقاته مع الآخر صعبة ونشاطه ضعيف. إنّه يقتنع باستعمال القليل من الألوان بمعدل لون أو لونين، خاصة الأزرق أو الأخضر، البنفسجي أو الأسود أو اللون الرمادي.
قاعدة عامّة:
إنّ الشخص الذي يتمتع باستقرار داخلي وتكيف اجتماعي يستعمل ما بين الأربعة إلى ستة ألوان في رسوماته.
إنّ الطفل خلال تطوره لا يستعمل الألوان ذاتها. فيمكن أن يستغني خلال مرحلة ما عن استعمال الألوان أو العكس فيستعمل الألوان الكثيرة.
في تحليلنا للون لا يمكن أن نعطيه قيمة مطلقة بصورة عامة فإنّ الألوان الصريحة والحارة تعبّر عن توازن نفسي، عكس الألوان القاتمة التي تدل على ميل للحزن والقلق أو العكس.
إنّ الألوان الباهتة تعبّر عن عدم التوازن النفسي والعاطفي أو عن مرض صحي.►
المصدر: كتاب تحليل رسوم الأطفال
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق