• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

كيف نتفادى ارتفاع ضغط الدم؟

كيف نتفادى ارتفاع ضغط الدم؟

على الرغم من الدور الكبير الذي يلعبه ارتفاع ضغط الدم في زيادة إمكانية الإصابة بالأمراض الخطيرة، إلا أنّ الكثيرين لا يولونه الاهتمام الكافي، ولا يكترثون لمعرفة مستويات ضغط الدم لديهم، إلا عندما يقودهم المرض إلى عيادة الطبيب. كيف نحافظ على ضغط دم صحي ونحول دون ارتفاعه؟

مع كلّ نبضة من نبضاته، يدفع القلب الدم عبر الشرايين أو الأوعية الدموية. وضغط الدم الذي يختلف من شخص إلى آخر، ومن فترة عمرية إلى أخرى، هو بكل بساطة ضغط الدم على جدران الشرايين الداخلية.

والواقع، أن ضغط الدم المرتفع (أكثر من 9/14 حسب النظام الفرنسي و90/140 حسب النظام الأميركي) نادراً ما يخلق لدينا أي أعراض، والأرجح أن يكون ذلك وراء حقيقة أن ثلث الأشخاص فقط الذين يعانون ارتفاع ضغط الدم يكونون على معرفة بذلك. وتشير الدراسات الإحصائية إلى أن ارتفاع ضغط الدم واسع الانتشار في صفوف الناس، لدرجة أن واحداً من أصل كلّ ثلاثة أشخاص تقريباً يعانونه. وإذا لم تتم معالجته، فإن ارتفاع ضغط الدم يمكن أن يؤدي إلى نتائج صحية سلبية جدّاً، فهو يزيد من خطر الإصابة بأمراض خطيرة، مثل: مرض القلب، السكتة الدماغية، قصور الكلى، وحتى العمى.

ويلعب العامل الوراثي والبدانة دوراً كبيراً في التسبب بارتفاع ضغط الدم لدى الرجال والنساء على حد سواء، لكن هناك عوامل خطر أخرى تقتصر على النساء، وأبرزها الحمل أو تناول بعض أنواع حبوب منع الحمل. وتزداد إمكانية إصابة الجميع بارتفاع ضغط الدم مع التقدم في السن. فإمكانية الإصابة بارتفاع ضغط الدم تزداد بنسبة 90 في المئة، لدى الأشخاص الذين يتمتعون بضغط دم طبيعي، مع بلوغهم سن الـ55.

ولكن لحسن الحظ، يؤكد الخبراء أنّه في إمكاننا القيام بالكثير لتفادي ارتفاع ضغط الدم. ففي دراسة شملت 84000 امرأة، نشرتها مجلة "رابطة الطب" الأميركية، تبيّن أن إدخال تعديلات على نمط الحياة اليومية، مثل اعتماد نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة بانتظام، يمكن أن يخفّف من إمكانية الإصابة بارتفاع ضغط الدم في فترة لاحقة من الحياة بنسبة 78 في المئة. وتفيد هذه التعديلات أيضاً في حالات معاناة الفرد أصلاً ارتفاع ضغط الدم، فهي تساعد أحياناً على التخفيف من كمية أدوية الضغط التي يتناولها، أو تساعده على التخلّي عنها نهائياً. ويعلّق أستاذ أمراض القلب في كلية الطب التابعة لـ"جامعة دوك" الأميركية، ميتشيل كروكوف، قائلاً، إنّ ضغط دم الفرد هو بالفعل واحد من أفضل المؤشرات التي تعكس طريقة عيشه، ونوعيّة طعامه، وتواتر ممارسته الرياضة، وكيفيّة تعامله مع الضغط النفسي.

ويقدّم المتخصصون في أمراض القلب والأوعية الدموية النصائح التالية، التي تساعد على تفادي ارتفاع ضغط الدم:

 

1-    اعتماد نظام غذائي مناسب:

يقول المتخصص الأميركي في أمراض القلب، الدكتور ستيفن ديرفيز، إنّ النظام الغذائي الذي يتألف بشكل رئيس من الأطعمة الكاملة، مثل: الفواكه، الخضار، البقوليات، الحبوب الكاملة، والدهون الصحية (الأحادية غير المشبعة وأحماض "أوميغا/ 3" الدهنية، تساعد على الحفاظ على ضغط الدم في مستويات صحية.

-         البروتينات الصحية: أظهرت دراسة نشرتها مجلة أميركية متخصصة في ضغط الدم، أن إمكانية الإصابة بارتفاع ضغط الدم لدى النساء، اللواتي يأكلن أكثر من حصة ونصف الحصة من اللحوم الحمراء، في الأسبوع، تكون أكبر بشكل ملحوظ مما هي عليه لدى النساء اللواتي يأكلن اللحم الأحمر أقل من ذلك. وفي دراسة كبيرة أخرى نشرتها مجلة "الدورة الدموية" الأميركية، تبيّن أنّ الأشخاص الذين يأكلون كمية كبيرة من البروتينات النباتية (موجودة في الفاصولياء، الصويا، الحبوب الكاملة) يتمتعون بضغط دم أقل ارتفاعاً من الآخرين. وأظهرت أبحاث أخرى، أن أحماض "أوميغا/ 3" الموجودة في الأسماك الدهنية، يمكن أن تسهم في خفض ضغط الدم قليلاً أيضاً. وتنصح المتخصصة الأميركية في أمراض القلب، ومديرة "مركز سكريبز للطب التكاملي" في سان دييغو، ميمي غوارنيري، بتناول ما بين حصتين وثلاث حصص من الأسماك الدهنية، مثل السالمون والسردين، في الأسبوع.

-         تخفيف الملح: يتناول معظم الناس ما معدّله 3400 ملغ من الملح يومياً، في الوقت الذي لا نحتاج فيه إلى أكثر من 2300 ملغ، أي ما يعادل ملعقة صغيرة من ملح المائدة. ومعظم كمية الملح التي نأكلها تأتي من الأطعمة المصنوعة والمعالجة (ما يعادل 77 في المئة من مجمل كمية الملح التي نأكلها في اليوم). ويؤكد كوركوف، أنّه ليس هناك أي شك من أن كمية الصوديوم التي نتناولها تلعب دوراً رئيسياً في ارتفاع ضغط الدم. فالملح يمكن أن يزيد من حجم الدم، ما يجبر القلب على بذل مجهود أكبر ليضخه، ويؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم. وإضافةً إلى التركيز على تناول الأطعمة الكاملة بشكل رئيسي، وهي أطعمة تكون خفيفة الملح طبيعياً، تنصح غوارنيري الجميع بالحرص على التدقيق في لوائح المحتويات على المنتجات الغذائية، للتأكد من نسبة الصوديوم الموجودة فيها قبل شرائها. ويجب الاهتمام بشكل خاص عند شراء المعلبات، وخاصة الحساء المعلّب والوجبات الجاهزة المجمّدة، لأنّها تكون عادة مليئة بالملح، ولمنح الأطباق نكهات لذيذة، من المفيد استخدام الأعشاب العطرية والبهارات عوضاً عن الملح.

-         زيادة كمية البوتاسيوم: يعتبر البوتاسيوم معدناً ضرورياً للحفاظ على مستويات صحية لضغط الدم. وأظهرت دراسة، نشرتها مجلة "أرشيف الطب الباطني" الأميركية، أن زيادة نسبة البوتاسيوم وخفض كمية الملح التي يتناولها الفرد في الوقت نفسه يكونان اكثر فاعلية من القيام بأي من هذين الأمرين على حدة. ويحتاج معظم البالغين إلى 4.7 غرام من البوتاسيوم في اليوم، لكن الكثيرين لا يتناولون إلا نصف هذه الكمية في أغلب الاحيان. ويقول ديفريز، إنّ أفضل طريقة لتعزيز كمية البوتاسيوم، اعتماد نظام غذائي غني بأطعمة، مثل: الموز، الحمضيات، الأفوكادو، البطيخ الأصفر، الطماطم، البطاطا، والبقوليات.

 

2-    ممارسة الأنشطة البدنية:

تلعب الرياضة دوراً أساسياً في الوقاية من ارتفاع ضغط الدم. فهي تقوِّي القلب، ما يخفف من إجهاد الشرايين ويخفض ضغط الدم. وتمارين الأيروبيكس، أو أي نشاط يمكن أن يزيد من إيقاع نبض القلب، يمكن أن يساعد على خفض ضغط الدم الانقباضي (الرقم الأكبر الذي يشير إلى الضغط عندما يتقلص القلب) بشكل ملحوظ. ويمكن للمواظبة على ممارسة الرياضة أن تساعد الأشخاص الذين يقترب ضغطهم من المستويات غير الصحية، على تفادي تناول أدوية الضغط. كذلك تساعد الرياضة على بلوغ وزن صحي والحفاظ عليه، وهو عامل إيجابي مهم في ما يتعلق بضغط الدم. وفي مراجعة لعدد من الدراسات، تبيّن أنّ الأشخاص المصابين بارتفاع ضغط الدم، الذي تخلصوا من نحو 4 كيلوغرامات من أوزانهم، نجحوا في خفض ضغط الدم الانقباضي لديهم بعدد جيد من النقاط. وتنصح غوارنيري بممارسة الرياضة لمدة نصف ساعة على الأقل في اليوم، في معظم أيام الأسبوع. كذلك أظهرت الأبحاث أن ممارسة تمارين تقوية العضلات بانتظام، يمكن أن تساعد على الوقاية من ارتفاع ضغط الدم، وحتى على علاجه في بعض الحالات. وفي مراجعة للعديد من الدراسات، تبيّن أنّ الأشخاص الذين يمارسون رياضة رفع الأثقال بانتظام، ينجحون في خفض ضغط الدم الانبساطي (الرقم الأصغر الذي يشير إلى الضغط عندما يكون القلب مرتاحاً). وتنصح غوارنيري الأشخاص الذين يتمتعون بصحة جيدة، بأن يمارسوا تمارين رفع الأثقال مرتين في الأسبوع.

 

3-    مكافحة التوتر:

من الفوائد الإضافية للرياضة أنها تساعد على مكافحة عدو من أعداء ضغط الدم الصحي وهو التوتر. ويقول ديفريز: إنّ التوتر والقلق يسهمان كثيراً في رفع ضغط الدم. فكلاهما يحفّزان الجهاز العصبي ويحثّانه على رفع مستويات الهرمونات، مثل الأدرينالين والكورتيزول، التي تضيّق الأوعية الدموية، ما يزيد مع الوقت من خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم. وينصح ديفريز بممارسة رياضات تركّز على تحسين حالة الجسم والذهن في الوقت نفسه، وتساعد على مكافحة التوتر مثل اليوغا، التاي تشي، التي أظهرت الدراسات أنها يمكن أن تساعد على خفض ضغط الدم.

ويمكن للفرد أيضاً أن يتعلم كيف يتعامل مع التوتر، عن طريق التعرف إلى الأمور التي تسبب له التوتر أكثر من غيرها. وهنا، من المفيد تخصيص مفكرة يومية نسجل عليها جميع الأمور التي يمكن أن تصيبنا بالتوتر، مثل: المشاكل المادية، العلاقات، العمل، إضافةً إلى الطريقة التي نواجه بها كلاً منها. والواقع، أنّ مجرد إدراك هذه الوضعيّات التي تسبب لنا التوتر، يمكن أن يجعلنا أكثر استعداداً للتعامل معها في المرة المقبلة. أما عندما نتعرض لأمر مفاجئ، يصيبنا بالتوتر والعصبية، فينصحنا كروكوف بالتنفس بضع مرات عديدة، بحيث يستغرق الشهيق 5 ثوانٍ والزفير مثلها، فمن شأن ذلك أن يساعد على إراحة الأوعية الدموية. ويمكن لمثل هذا التنفس العميق أن يساعدنا بشكل فوري، كما يمكن أن يخدمنا كإجراء وقائي، فالتوقف والتنفّس بعمق مرّات عديدة في اليوم، يساعد على إبقاء هرمونات التوتر تحت السيطرة. وتقول غوارنيري، إنّ أي شيء يمكن أن يساعد على بقاء الأفكار السلبية بعيدة عن أذهاننا، يمكن أن يفيد أيضاً، ويعتبر التأمّل خياراً جيداً هنا، كذلك الأنشطة المهدّئة، مثل: الاستماع للموسيقى، حياكة الصوف، أو قراءة الكتب. المهم هو أن نخصص يومياً وقتاً للاسترخاء وتفريغ التوتر.

 

4-    المكمّلات الغذائية:

إلى جانب النظام الغذائي الصحي وممارسة الرياضة، يمكن للأشخاص المصابين بارتفاع ضغط الدم أن يستفيدوا من تناول بعض المكمّلات الغذائية، شرط أن يستشيروا طبيبهم الخاص قبل البدء بتناولها، ثمّ الحرص على تناولها بإشرافه بعد ذلك.

-         الأنزيم المساعد Q10: تشير الأبحاث إلى أن مستويات هذا الأنزيم المساعد، وهو مادة مضادة للأكسدة ضرورية لوظائف الخلايا الأساسية، تكون منخفضة في دم الأشخاص الذين يعانون ارتفاع ضغط الدم. وفي دراسة أجريت في عام 2007، تبيّن أن تناول قرص مكمّل منه، وحده أو مع أدوية الضغط، يعطي نتائج واعدة في تخفيف ضغط الدم. وينصح ديفريز بتناول ما بين 100 و200 ملغ من الأنزيم المساعد Q10.

-         زيت السمك: أفادت الدراسات أن أحماض "أوميغا/ 3" الدهنية، الموجودة في أقراص زيت السمك المكمّلة، يمكن أن تحسّن صحة القلب بشكل عام، وتحسّن مرونة الأوعية الدموية، وتخفض ضغط الدم بشكل خاص. وتنصح غوارنيري باختيار القرص الذي يحتوي على نوعين من أحماض "أوميغا/ 3" الدهنية، المعروفين اختصاراً بـ(EPA) و(DHA)، وبتناول غرام على الأقل منه يومياً.

-         المغنيزيوم: تبيّن في دراسة حديثة نشرتها مجلة أميركية متخصصة في ضغط الدم، أنّ المرضى الذين كانوا يعانون ارتفاعاً خفيفاً في ضغط الدم، والذين تناولوا أقراصاً مكمّلة من المغنيزيوم، تمتعوا بانخفاض خفيف، ولكن مستمر وثابت في ضغط الدم. لذا، تنصح غوارنيري بتناول قرص يحتوي على 250 ملغ من المغنيزيوم، مرّتين في اليوم.

ارسال التعليق

Top