• ٢٣ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢١ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

كيف تكون محبوباً من الجميع بلا تكلف؟

تأليف: لي جينيت/ إعداد: د. هدى محيو

كيف تكون محبوباً من الجميع بلا تكلف؟

◄كلّ شيء ممكن، من توسيع حلقة الأصدقاء وكسب حبّ واحترام الجميع في العمل والتحوّل إلى شخص مرغوب فيه في كلّ المناسبات لتصير الإنسان الذي لا يُنسى.. كلّ هذه أمور يُمكن تحقيقها لا بل يجب أن تكون سهلة التحقيق عند تطبيق بضعة مبادئ أساسية يقضي أوّلها بأن تحب نفسك كما هي.

ليس المطلوب أن تكون محبوباً من الجميع من دون استثناء، بل المطلوب أن يحبّك أكبر عدد ممكن من الناس، فما من إنسان يستطيع أن يرضي كلّ الناس. كما أنّ الرغبة الملحاحة في أن يحبّك الجميع تعني أنّك لست قادراً على تحمّل رفض شخص واحد لك، وهذا يدلّ أنّك لم تعد تجد متعة في أن يحبّك الناس، بل أنت بحاجة مرضية إلى هذا الحبّ.

إنّ السعي لأن تكون محبوباً يجب ألا يشبه أبداً المسعى الهوسي وراء الحبّ، لأنّ هذا الأمر أقرب إلى حالة مرضية منه إلى حُسن التعامل مع الناس.

 

- الانطباع الأوّل:

الجميع يعلم اليوم أنّ الانطباع الأوّل حاسم، صحيح أنّه قد يتطوّر مع الزمن؛ ولكن نادراً ما يختفي بالكامل. فما هي المبادئ العامّة التي ينبغي اتباعها عند اللقاء الأوّل حتى يترك المرء انطباعاً إيجابياً لدى الآخر، وهذا مهما كان الآخرون قد سمعوا عنك لأنّ سحر الانطباع الأوّل يمحي الكثير من القيل والقال؟

الوجود الفوري: أي التصرّف فوراً لأنّ الانطباع الأوّل، حتى لو لم يكن نهائياً، شديد الأهمية. هل لاحظتم السرعة التي نكوّن فيها رأياً عن شخص ما؟ يُحكى عن عشر الثانية وهي المدّة الزمنية الكافية لتقييم جاذبية وموثوقية الشخص الذي نلتقيه للمرة الأولى، وهذا قبل أن يفتح فمه ويتكلم وقبل أن يجلس نكون قد حكمنا على العناصر الأساسية في شخصيته: هل هو لطيف أو غير لطيف، جذاب أو غير جذاب، موثوق أو غير موثوق، كفء أو غير كفء، عدائي أو غير عدائي، باختصار هل هو محبب أو غير محبب وهل أرغب بالتحدّث إليه والإصغاء إليه الوثوق به؟ فاللحظات الأولى ستطبع صورة عنك وعن شخصيتك، ولا يتطلب إعطاء انطباع جيِّد جهداً كبيراً:

كن مرتاحاً وسعيداً لتواجدك مع الآخرين وكن مبتسماً: ونقصد بهذا ابتسامة حقيقية تلك التي تحفز لدى الآخر إحساساً بالاستلطاف، وهي ابتسامة العيون، لا تلك التي تجمد = الجزء السفلي من الوجه وتترك الجزء الأعلى جامداً في نظرة تفحصية ملؤها التساؤلات والمواقف المزعجة.. هي ابتسامة صادقة ودافئة.

حسّ الفكاهة: هي صفة محببة من الجميع، علماً أنّ بعضهم أكثر ميلاً من بعضهم الآخر نحوها؛ ولكن يكفي أن تكون النية حسنة حتى تكسب الجولة: اصغ إلى الآخر وسيجدك محبباً على الفور وستتمكن من إيجاد الجواب المناسب من تلقاء ذاتك حول أي موضوع كان. انظر إلى الأمور بإيجابية مع نوع من الفكاهة وبإمكانك أن تخرج عن المألوف من دون أن تصل إلى حدّ السلوك الصادم.

الاهتمام بالآخرين: هل تعرف ما هو فخ اللقاء الأوّل القاتل؟ إنّه الرغبة في ترك أثر عميق وإبراز كم أنّنا أذكياء ومهمّين. واعلموا أنّ لا شيء أكثر مُدعاة للتعب من شخص يحاول أن يعرض نفسه! إنّ العكس تماماً هو المطلوب إن كنّا نريد أن نوسع حلقة أصدقائنا بما أنّ لا شيء يجذب الآخرين أكثر من اهتمامنا بهم. هل يبدو لك الأمر مُصطنعاً؟ لن يكون كذلك إن قلت لنفسك إنّ الاهتمام بالآخرين سيُكسبك أشياء جديدة.

لغة الجسد المناسبة: هي تحمل معنى أكثر من لغة الكلام بكثير وتستند إلى أساسيات أهمّها أن تنظر إلى الناس في عيونهم، وهذا يعني أنّك صريح ولا تخشى الآخر، لا أن تنظر إلى ما فوق أكتافهم لترى إن كنت ستجد شخصاً آخر أكثر أهمية منهم، أن تبدي موافقتك مع ما يقوله الآخر حين تكون متفقاً معه، بحركة هز الرأس، أن تجلس مستقيماً لئلا تبدو وكأنّ مصائب الحياة قد سحقتك، أن تنتقل في المكان، إن كنت مدعواً إلى سهرة عامّة، حتى يراك أكبر عدد ممكن من الناس، أن تكون رشيقاً في حركاتك فالحركات المتقطعة هي علامة قلق، أن تكون مرتاح الوجه غير منقبض القسمات فلا تعقد حاجبيك.

اللفظ السليم: إنّ أهمية الصوت والطريقة التي تنطق بها كبيرة جدّاً. إن كنت لا تستطيع أن تتحكّم بنوعية صوتك الطبيعية، بإمكانك على الأقل أن تتحكّم بسرعة كلامك الذي يجب أن يكون ناشطاً ولكن هادئاً ومنتظماً وهذا مؤشر على الارتياح والسيطرة على النفس، وأيضاً نبرتك التي يجب ألّا تكون على سجل واحد، بل ترتفع أحياناً لتهبط أحياناً أخرى، وأخيراً وضوح لفظك حتى يفهمك محدثك، الفظ بشكل جيِّد واهتم بمخارج الحروف ولا تبتلع الكلمات.

 

- الانطباع الثاني:

إنّ التركيز على الانطباع الأوّل لا يلغي وجود الانطباع الثاني، حتى لو كان توكيداً للأوّل أو إضافة تفصيل عليه. ولنأخذ الحالتين القصويين: أنت تركت انطباعاً ممتازاً في المرّة الأولى أو تركت انطباعاً فظيعاً، فيكف تتعامل مع الانطباع الثاني؟

إذا كان الانطباع الأوّل ممتازاً وقد وجدك الجميع رائعاً، يجب أن تقول في نفسك إنّك كنت في أحسن أحوالك وكان الحظ حليفك، حيث نجح معك كلّ ما أردت أن تفعله؛ ولكن كيف لك أن تحافظ على المستوى نفسه الذي هو أقرب إلى أعجوبة في المرّة الثانية؟

لا تقلق! فبعد أن أنجزت ما عليك أن تفعله في الانطباع الأوّل لن يكون عليك أن تعيد الكرة في كلّ ما أنجزته عند اللقاء الثاني، بالحدة ذاتها والاندفاع ذاته. اقبل بأن تكون أقل بريقاً بما أنّك لن تكون أفضل مما كنت عليه وأزل الضغط عن نفسك، وما لم تقم بخطأ فادح في اللقاء الثاني سيظل الآخرون على انطباعهم الأوّل شرط أن تحافظ على الروحية ذاتها والمزاج ذاته، حتى لا توصف بأنّك مُتقلب: كن مطمئناً ولطيفاً، تحدث عن اللحظات الجيِّدة في اللقاء الأوّل وهذا يعني أنّك نسجت بداية ذكريات مع الآخرين وأنّ معرفتك بهم مهمّة بالنسبة إليك. وبإمكانك أن تكتب انطباعك الثاني إمّا بواسطة بضع رسائل نصّية أو رسالة على فيسبوك أو سواها.

لكن ما يجب تجنّبه بأي ثمن هو أن تبدو متوتراً لأنّك تريد أن يكون الانطباع الثاني بقدر الأوّل وأن تحاول جاهداً لأن تبرز وُجُوهاً أخرى من شخصيتك أو أن تكون فائق الجدية وتظن أنّ كلّ ما لديك يهم الآخرين فتفلش نفسك أمامهم.

أمّا إن كان الانطباع الأوّل سيئاً لسببٍ ما، بإمكانك أن تعوّض في الانطباع الثاني من أجل رفع المستوى، لذا تستطيع أن تبدي بعض السخرية إزاء أدائك السيِّئ في المرة الأولى، فمجرد الحديث عن سلوكك غير الموفق بطريقة خفيفة ومرحة سيبيّن كم أنت قوي الشخصية وسيولِّد نوعاً من التواطؤ بينك وبين الآخرين.

بإمكانك كذلك أن تلقي اللوم على حالة صحّية عارضة كانت تنتابك خلال اللقاء الأوّل أي أنّ سلوكك كان خارجاً عن إرداتك، وكن طيباً بمعنى لطيفاً محباً ومصغياً للآخر.

وما ينبغي ألا تفعله ألبتة هو أن تُقلل من قيمة نفسك وأن تقول إنّك كنت أقل مما كان ينبغي، أو أن ترمي الخطأ على الآخرين، أو أن تعتذر بشكل مبالغ فيه، أو أن تنكر ما حصل لتؤكد أنّ اللقاء كان ممتازاً، أو أن تختفي عن الشاشة ليقال عنك إنّك جبان.►

ارسال التعليق

Top