• ١٦ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ٧ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

تأثيرات إجهاد العمل المفرط

تأثيرات إجهاد العمل المفرط

◄إجهاد العمل في نظر غالبية الناس هو أحد الأُمور الهينة، لكنّه في نظر المتخصصين يُعدّ من المخاطر.. ترى لماذا ؟.. وما العوامل التي تسبّبه؟ وكيف نتجنّب التعرّض له؟

إجهاد العمل وإن كان يبدو في ظاهره هيناً، إلّا إنّه في الحقيقة أحد أخطر الأُمور، وذلك لإنّ تأثيرات إجهاد العمل السلبية قد تمتد إلى مناحي أُخرى من الحياة، ويمتد تأثيرها من الحياة العملية أو المهنية إلى الحياة الشخصية، فتؤثر سلباً على صحّته وعلاقاته وسلوكياته ونمط حياته، هذا كلّه بجانب تخليق شعور بالعجز والإحباط لديه، ناتج عن عدم قدرته على إنجاز الأعمال المكلّف بها على الوجه الأكمل.

إجهاد العمل.. مخاطره وأسبابه:

بعد ما تقدّم ذكره عن إجهاد العمل وعواقبه، فالسؤال هو: فيمَ تتمثّل خطورة إجهاد العمل وما تأثيره؟، ما العوامل التي تسبّبه؟

أوّلاً- خطورة إجهاد العمل

التعرّض إلى ضغوط أو إجهاد العمل بشكل مفرط، هو من الأُمور التي يستهين بها غالبية الناس، إلّا إنّ العلم والدراسات البحثية أثبتوا العكس، وأقروا بخطورة التعرّض إلى إجهاد العمل والضغوط الشديدة، وتتضاعف خطورتها إذا استمرت تلك الضغوط لفترات زمنية طويلة، وتتمثّل هذه الخطورة في ثلاث صور للنتائج المُحتمل أن تترتب على الإجهاد المفرط، وهي:

الخطورة الصحّية: الحالة النفسية للإنسان تؤثّر سلباً وإيجاباً على صحّته الجسمانية، وهو ما تم إثباته علمياً من قبل العديد من الفِرق البحثية حول العالم، وإن نظرنا إلى الضغوط الناجمة عن إجهاد العمل، فسنجد إنّها على المدى البعيد قد تسبّب العديد من الأمراض، فهي تزيد من احتمالات التعرّض لمرضي السكري وارتفاع ضغط الدم، وقد يصل الأمر إلى تهديد سلامة عضلة القلب والشرايين.

الخطورة الاجتماعية: تدهور الحالة النفسية بفعل «إجهاد العمل المفرط»، من الأُمور ذات التأثير السلبي على العلاقات الاجتماعية، فإنّ الضغوط وتراكمها يؤدِّيان إلى سوء الحالة المزاجية للفرد، فيصبح شديد العصبية وسريع الانفعال، فتكثر مشاحناته وخصاماته مع الآخرين، ما يؤدِّي إلى إضعاف روابط العلاقات بينه وبين الآخرين، وقد رصدت الإحصاءات إنّ إجهاد العمل مسؤول عن نسبة - غير قليلة - من حالات الطلاق.

الخطورة السلوكية: ارتفاع معدلات الضغوط وإجهاد العمل يرافقهما دوماً ارتفاع ملحوظ بمعدل القيام بالسلوكيات السلبية، مثال على ذلك الشخص المُدخّن، فإنّه حين يتعرّض لضغوط شديدة تسبّب له الإجهاد فإنّه يدخّن ضعف عدد السجائر المعتاد تدخينه، كذلك الأمر بالنسبة لمدمني الخمر، فإنّ معدلات تناولهم للمشروبات الكحولية يرتفع بنسبة كبيرة، في حال تعرّضهم إلى إجهاد العمل الناتج عن التعرّض للضغوط، وفي كلّ الحالات فإنّ هذه السلوكيات السلبية تزيد من احتمالات تردي الحالة الصحّية، والتعرّض لواحدة أو أكثر من المشكلات الصحّية.

ثانياً- أسباب إجهاد العمل والوقاية منه

أسباب التعرّض لحالات إجهاد العمل وتجنّبه هما وجهان لذات العملة، فإنّ القضاء على المُسببات سيؤدِّي بالضرورة للقضاء على النتيجة، ومن ثمّ فإنّ الخطوة الأُولى والأهم في سبيل تجنّب التعرّض إلى إجهاد العمل، هي التعرّف على العوامل التي تقود إليه، ومن ثمّ العمل على تجنّبها أو الحدّ منها على أقل تقدير، ومن أهم هذه العوامل المُسببة لـ«إجهاد العمل» ما يلي:

عدم تقسيم المهام:

قد تشعر بـ«إجهاد العمل» رغم إنّك لم تقم بفعل أي شيء!.. نعم هذا حقيقي، فإذا كان لديك مهام كثيرة لتنجزها، فإنّ التفكير في هذا الكم من العمل المطلوب القيام به، هو أمر كافي تماماً لإشعارك بالإجهاد حتى قبل أن تشرع في البدء، لذا يجب الحرص على تقسيم المهام والقيام بها بشكل تسلسلي، ابتداءً بالأعمال العاجلة بالغة الأهمية وانتهاءً بالأعمال ذات الأهمّية الأقل. هذا سيجعل سير العمل أكثر يُسراً، وكذا يكون مريح أكثر بالنسبة للقائم به.

النوم الكافي:

قد لا يكون إجهاد العمل ناجم عن زيادة كم المهام المطلوب إنجازها، فربّما تكون معدلات ضغط العمل متوسطة، وعلى الرغم من ذلك فهي تمثّل حِملاً ثقيلاً على عاتق العامل، وذلك لأنّه لا يكون مستعداً للقيام بها، أو بمعنى أدق يفتقر إلى الطاقة اللازمة للقيام بتلك المهام، ومن ثمّ يكون الأرق واضطراب النوم من مسبّبات إجهاد العمل الرئيسية، فإنّ عدم الحصول على القدر الكافي من النوم الهادئ المستقر خلال الليل، يحعل الإنسان خلال النهار أقل نشاطاً وحيوية، وبالتالي يصيبه إجهاد العمل سريعاً وعند قيامه بأقل قدر من المهام العملية.

كم المهام المهول:

في بعض الأحيان تجد الموظف يقبل بكلّ عمل يسند إليه، وبنهاية اليوم يجد نفسه أمام تلال الملفات المطلوب مراجعتها، أو أمام قائمة طويلة من المهام المطلوب القيام بها في أسرع وقت، والنتيجة الحتمية لذلك هو الشعور بحالة من الإحباط وإجهاد العمل، وخبراء الطب النفسي ينصحون كافة العاملين بعدم الخوف من قول «لا»، فحين يجدون أنّ الأعمال المطلوبة منهم تفوق طاقاتهم، فكلّ ما عليهم هو الرفض أو الاعتذار عن القيام بها، مع ضرورة إبداء الأسباب وتوضيح المبررات.. هناك موظف يرى أنّه كي يكون مثالي في نظر مديره عليه أن يقول «نعم» دوماً، لكنّ الدراسات أثبتت أنّ ذلك النوع من الموظفين لا يمكن أن يكون مثالي، فكثرة المهام وتراكمها تقوده في النهاية إلى الفشل في إنجاز بعضها، أو تحقيق نتائج دون المستوى، ولن يجني الموظف حينها من هذا كلّه سوى التعرّض لـ«إجهاد العمل المفرط»، بل وقد يُعاقب أو يُطالب بإعادة تلك العمل ثانية، فيزداد بذلك ضغطاً وإجهاداً، بينما الموظف كي يكون مثالي بحقّ، فعليه أن يكون عارفاً بقدراته ويقبل بما يتناسب معها من مهام، فيقوم بتأديتها على الوجه الأكمل فينال بذلك احترام وتقدير الجميع.

النقاش:

أنت كموظف بمؤسّسة ما فهذا لا يعني أن تكون لوحة مفاتيح حاسوبية بالنسبة لمديرك، يضغط عليها فتقوم بتنفيذ ما أدخله من أوامر، كن على يقين من ذلك وقم بمناقشته في حالة عدم فهمك بشكل تام للمهمّة المطلوبة منك، فقد كشفت الدراسات أنّ من العوامل المسببة لـ«إجهاد العمل»، هو جهل القائم عليه بالهدف من القيام به، فهذا يشكّل ضغطاً عصبياً عليه، كما إنّه يحوّله إلى شيء يشبه الإنسان الآلي، أمّا فهم طبيعة المهام والأهداف المراد تحقيقها من خلال القيام بها، فإنّها تسهّل من سير العمل، كما إنّها تمكّنك من إنجازه بالأسلوب الذي يتلاءم معك والذي تراه أسهل بالنسبة لك، وهذا كلّه يحدّ من الشعور بـ«إجهاد العمل»، بالإضافة إلى أنّه يضمن إنجاز المهام على الوجه الأكمل.

العمل لساعات طويلة:

الأجهزة الكهربائية حين تعمل لفترات طويلة ومتواصلة، فإنّها لا تعمل بذات الكفاءة وفي الغالب يصيبها خلل ما، فما بالك بجسم الإنسان؟.. إنّ البشر لهم طاقة إذا تم استنفاذها فلابدّ من إعادة شحنها، وإعادة شحن طاقة الجسم لا تكون إلّا من خلال الغذاء والراحة، وعليه فإنّ أحد أهم العوامل المسببة لـ«إجهاد العمل المفرط»،هو عدم الحصول على قدر كافي من الراحة والاسترخاء، فإنّ استمرار العمل لفترات طويلة يؤدِّي إلى إضعاف العامل وتخور قواه، ونتيجة لذلك تصيبه حالة من إجهاد العمل ومضاعفاتها، لذا ينصح الأطباء بضرورة تخصيص وقت للراحة يتخلل ساعات العمل، ينصح باستغلاله في تناول مشروب منبّه مثل القهوة، أو تناول العصائر الطبيعية أو ما يماثلها من الأطعمة الممدة بالطاقة.

احصل على الدعم:

إن كان لديك شريك بالحياة فإنّك بذلك سعيد الحظ، فليس عليك أن تواجه المشكلات والعراقيل في الحياة وحيداً، وحين تشعر بتراكم الضغوط عليك أو تشعر بتعرضك لـ«إجهاد العمل»، تحدث إلى الشريك أو أي شخص آخر مقرّب منك، حدّثه عمّا تعانيه بالعمل من مشكلات أو ضغوط، واحصل منه على النصيحة التي قد تفيدك، كما إنّ تشجيعه لك سيكون هو خير محفّز للاستمرار، وسيعينك على إكمال التحدي وتحقيق النجاح المهني الذي ترغبه.►

ارسال التعليق

Top