• ٢٤ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢٢ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الإحسان إلى (الشعب)

أسرة

الإحسان إلى (الشعب)
1- الإحسان إلى (الشعب) في القرآن الكريم: أ- إحترام معاهدة الشعب وميثاقه (دستوره وقوانينه): قال تعالى: (إِلا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ) (الأنفال/ 72). ب- تلبية آمالهم وطموحاتهم وتطلّعاتهم في الحياة الحرّة الكريمة: قال سبحانه: (وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ) (التوبة/ 14). ت- الأخذ بيَدِ الشّعب للتّصالح مع الله تعالى حتى ينفعه إيمانه في الدنيا والآخرة: قال عزّ وجلّ: (فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا) (يونس/ 98). ث- دعوة الشعب إلى نهج الخير والإحسان والصلاح والإستقامة: قال تعالى على لسان لوط (ع): (يَا قَوْمِ هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) (هود/ 78). وقال سبحانه على لسان شعيب (ع): (وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الأرْضِ مُفْسِدِينَ) (هود/ 85). ج- الوفاء للشّعب بالوعود التي يقطعها الحاكم والحكومة حتى تبتني الثِّقة بين الطرفين: قال جلّ جلاله: (أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا) (طه/ 86). ح- مخاطبة الشعب بالحكمة والموعظة الحسنة: قال سبحانه على لسان مؤمن آل فرعون: (وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ) (غافر/ 38). وقال عزّ وجلّ: (وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ) (غافر/ 41). خ- توفير وتأمين احتياجات الشعب الأساسيّة والضرورية: قال تعالى: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ) (الأعراف/ 160). د- إيكال أمر الشعب وقيادته إلى اليَد الأمينة في حال غابَ الرئيس أو مات: قال سبحانه: (وَقَالَ مُوسَى لأخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ) (الأعراف/ 142).   2- الإحسان إلى (الشّعب) في الأحاديث والروايات: أ- أن يبذل ولاةُ الأمر قصارى جهدهم في الحفاظ على مقوّمات الخيريّة لدى الشعب بالأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر: يقول رسول الله (ص): "لا تزال أمّتي بِخَيْرٍ ما تحابُّوا، وأدُّوا الأمانة، واجتنبُوا الحَرام، وقروا الضّيف (أطعموه)، وأقامُوا الصلاة وآتُوا الزّكاة". ب- أن يسعى المعنيّون بإدارة أمور وشؤون الشعب على الحفاظ على وسطيّته واعتداله وتوازنه حتى يبتعدوا به عن كلّ أشكال التطرّف: قال (ص) في قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا) (البقرة/ 143): "عدلها). ت- العمل على تخليص الشعب من العناصر المشبوهة والمُنحرفة والظالمة: وعنه (ص): "لا تزال هذه الأُمّة تحت يدِ الله وفي كنفه ما لم يُداهِن قرّاؤها (حفظه القرآن) أمَراءَها، ولم يزَكِّ عُلماؤها فُجّارها، ولم يمُن خيارُها أشرارها، فإذا فعلوا ذلك، رفعَ الله عنهم يده ثمّ سلّطَ عليهم جبابرتهم". وقال رجل يوماً لعمر بن الخطّاب: "إتّقِ الله يا أمير المؤمنين! فوبّخهُ رجل آخر على قوله هذا، فأجابه عمر: دَعْهُ، فلقلها لي! نِعْمَ ما قال. لا خيرَ فيكم إذا لم تقولوها، ولا خيرَ فينا إذا لم نقبلها منكم"! ويقول الإمام علي (ع) في أهمِّية استقامة الشعب: "ليست تصلح الرعيّة إلا بصلاحِ الولاة، ولا تصلح الولاة إلا باستقامة الرعيّة".   3- الإحسان إلى (الشعب) في الأدب: يقول (أبوالقاسم الشابي) في ثقته بالشعب الحيّ: إذا الشعبُ يوماً أراد الحياةِ **** فلابدّ أن يَسْتَجيبَ القَدَرْ ولابدَّ للّيل أن ينجلي **** ولابُدّ للقيد أن ينكسر وقال (أبو العلاء المعري) أنّ الإحسان إلى الشعب لا يأتي من الخارج، بل من الشعب ذاته: إذا لم تقمْ بالعَدْلِ فينا حكومةٌ **** فنحنُ على تغييرها قُدَراءُ وقال (أرسطو) مُخاطباً (الإسكندر): "إملك الرعية بالإحسانِ إليها، تظفر بالمحبّة منها". وقال (لو – تسو): "عندما يُنجَز عمل أفضل قائد، تقول الناس: نحنُ قد قُمنا به". فكلّ ما يُسمّى بالأوابد أو الآثار الضخمة هي نتاج الشعوب وبنائها وصناعتها بإيعاز من قادتها.   4- برنامج الإحسان إلى (الشعب): يقول الإمام علي بن الحسين زين العابدين (ع) في (رسالة الحقوق): حقّ الرعية (الشعب) بالسلطان (من قبله): "فأمّا حقوق رعيّتك بالسلطان (أي مَن تحكمهم من أبناء الشعب): فأن تعلم أنّك إنّما استرعيتهم بفضل قوّتك عليهم، فإنّما أحلّهم محلّ الرعيّة لك ضعفهم وذلّهم، فما أولى مَن كفاكه ضعفه وذلّه حتى حقيره لك رعيّة، وصير حُكمكَ عليه نافذاً، لا يمتنع عنكَ بعزّةٍ ولا قوّةٍ، ولا يستنصر في تعاظمه منك – إلا بالله – بالرحمة والحياطة والأناة. وما أولاك إذا ما عرفتَ ما أعطاكَ الله من فضلِ هذه العزّة التي قهرت بها، أن تكون للِه شاكراً، ومَن شكر الله أعطاهُ فيما أنعم عليه". ومن عهد الإمام علي (ع) لمالك الأشتر، يوصيه أن يحسن إلى رعيّته (شعبه)، ويزيد من إحسانه إليهم كلّما أمكنه ذلك، ولا يمنّ عليهم بذلك أبداً. فيقول: "والله إنّهُ ليس بشيءٍ بأدعى إلى حُسن ظنّ راعٍ برعيّته من إحسانه إليهم، فليكُن منكَ في ذلك أمر يجتمع لكَ به حسن الظنّ، ويقطع نصباً (تعباً وعناءً) طويلاً، وإنّ أحقّ مَن حسن ظنّك به لمن حسن بلاؤك عنده، وإنّ أحق مَن ساء ظنّك لِمَن بلاؤكَ عنده". وقال (ع) في العهد ذاته: "وإيّاكَ والمنّ على رعيّتك بإحسانك، أو التزيد فيما كان من فعلك، أو أن تعهدهم فتتّبع موعدكَ بخلفِك، فإنّ المنّ يُبطِل الإحسان، والتزيّد يُذهب بنور الحق، والخُلف يوجب المقت". وقال (ع) يوصيه بتفقّد حاجات الشعب، قائلاً: "ثمّ تفقّد من أمورهم ما يتفقّد الوالدان من ولدهما، ولا يتفاقمنّ في نفسِكَ شيء قوّيتهم به، ولا تحقرن لطفاً تعاهدتهم به وإن قلّ، فإنّه داعية لهم إلى بَذل النصيحة لك، وحُسن الظنّ بك، ولا تدع تفقّد لطيف أمورهم أشكالاً على جسيمها، فإنّ لليسير من لطفك موضعاً ينتفعون به، وللجسيم موقعاً لا يستغنون عنه"!

ارسال التعليق

Top