◄إنّ الأكثر تشاؤماً بين البشر هو إنسان متفائل.. هذا ما تؤكده تالي شارو، الباحثة في مجال علم النفس العصبي، في دراسة لها حول تأثير التفاؤل في أحكامنا وفي رؤيتنا لأنفسنا وللعالم.
قولها هذا يعني أنّنا جميعاً متفائلون ولكن ربما بدرجات متفاوتة، فكيف وصلت الباحثة إلى هذه النتيجة وعلام بنت خلاصاتها؟
سألت تالي شارو آلاف الأشخاص وتبيّن لها أنّ الكثيرين يشتكون من قلة الثقة بالنفس، علماً أنّ الأجوبة عن الأسئلة العديدة الأخرى تبرز مفارقات مدهشة لدى الجزء الأكبر من الناس ومنها:
إنّنا نميل إلى المبالغة في تقدير حسناتنا وإلى المبالغة في.. تقليل سيئاتنا.
إنّنا نبرز قيمة ما اخترنا القيام به في حياتنا ونقلل من قدر ما لم نختره.
إنّ ذاكرتنا تمحي ملامح الذكريات السيئة أو تخفف منها، وحين نتذكر الماضي نقوم بتجميله، مهما كان بشعاً. ألا نطلق صفة "الزمن الجميل" على هذا الماضي؟
إنّنا ننظر بتشاؤم إلى مستقبل... الآخرين، أما فيما يخصنا فإنّنا نتمسك برؤية إيجابية وواثقة.
وأخيراً، تحاصرنا وسائل الإعلام بالأخبار السيئة، من أزمات اقتصادية وحروب وموت ودمار وكوارث طبيعية، وفي النهاية ما يبقى في ذاكرتنا هو الأخبار الجيدة. بإمكاننا أن نضيف إلى هذه الخلاصات التي توصلت إليها دراسة شارو، بعض الملاحظات التي يستطيع أي واحد منا التوصل إليها بمجرد مراقبة السلوك الاجتماعي للأفراد. فنحن، على سبيل المثال، لا نطيق جلسة أصدقاء تملؤها سحب التشاؤم ولا يتخللها ولو شعاع شمس ضئيل، فنسعى فوراً إلى "تغيير الأجواء". ونحن لا نطيق صحبة شخص مكتئب خوفاً من أن ينتقل الاكتئاب إلينا، فلا ترى مع المكتب إلّا أقرب المقربين منه والمحبين له، إن لم يهربوا بدورهم. وإذا جئنا إلى أخبار التلفزيون، فنحن لا نحتمل سماع ومشاهدة الأخبار السيئة إلّا في نشرة الأخبار شرط أن يكون كلّ ما تبقى من برامج ترفيهياً.
من الطبيعي والحال هذه أن نكون في غالبيتنا من المتفائلين، فإذا كنا لا نطيق الأجواء التشاؤمية ولا صحبة المكتئبين، فكيف بنا نطيق صحبة أنفسنا إن كنا نحن من المتشائمين؟ فالتفاؤل شرط استمرار الحياة، ولو كان مبنياً على وهم.►
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق