• ٢٦ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٢٤ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

كاظم عبدالحسين، آخر خطوة

سليم الحسني

كاظم عبدالحسين، آخر خطوة

في ركن مهمل ألقى همومه الشخصية، وجدها تُبطئ خطواته، فقرر أن يرميها هناك، وقبل أن يخطو، عاد فأحرقها خشية أن تحدّثه نفسه بالعودة اليها.

كان ينبسط أمامه طريق مستقيم، فحدّق في نهايته، رأى البيت العتيق، ورأى اثني عشر كوكباً على امتداده، فقرر أن يسير بنور الكواكب نحو البيت. إنه قرار صعب، فلا أشق على الانسان من السير في طريق مستقيم.

على الجانبين فقراء وجياع وأشخاص معصوبو العيون، يئن أولئك من وجع الحياة، ويضطرب هؤلاء من الظلمة. فزادت عزيمته على السير في الطريق المستقيم.

احتضن الفقراء، أجلسهم على حجره، أطعمهم بحنان، ثم زرع لهم قمحاً وحفر لهم بئر ماء.

عانق معصوبي العيون، قرّب من رؤوسهم قبسات من نور الكواكب، فنزعوا عصابات العيون، فهدأت نفوسهم وزال منها الاضطراب، وتوجهوا يسيرون أفواجاً في الطريق المستقيم.

قطع شوطاً من الطريق، كان بعضهم يلقي الأشواك يستهدف خطواته، لكنه كان يزيل الشوكة بزهرة.

حاول البعض أن يعيق سيره، لقد رأوه يقطع الطريق فينثر الخضرة على جانبيه، وكانوا يريدون الطريق مجدباً مظلماً تعوي فيه ذئاب الخرافة، فلم يكترث، يستنزل الثبات من كواكبه المقدسة، ويحتضن رفيق دربه حامل المشعل الكبير على حافات الخطر.

ملأوا قلبه ألماً، وأصر أن يملأ قلوب الفقراء سعادة، وأن يزيل الظلام من النفوس.

ضربت قلبه وخزة حادة حين توفي (داوود العطار) ركن مشروعه وأحد الأعمدة العالية في دربه.

انحنى ظهره ذات يوم، حين رحل رفيق الدرب (فضل الله) حزيناً شاكياً من ظلم الكائدين. لكنه واصل سيره.

ثم انحنى ظهره بعد ذلك حين ودعه حامل رايته (هاشم الموسوي)، وما لبث ان صدمته فاجعة موت عزيزه (محمد مهدي الآصفي).

تباطأت خطواته، فالحزن قهّار مُتعب، ينهك القوى، لكنه أوشك أن يمسك باب البيت العتيق. كانت آخر الخطوات تختلف عن السابقات، بدت خفيفة مريحة، وأحس ببرودة رطبة في صدره، لقد سمع صوت الترحيب، فدخل يلقي السلام ويسمع السلام.

ارسال التعليق

Top