• ٢٧ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٢٥ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

في دعاء دخول الشهر المبارك

السيد محمد الصدر

في دعاء دخول الشهر المبارك

عزيزي القارىء الكريم في هذا المقال، نذكر بعض النماذج الأهم من الأدعية الواردة في شهر رمضان المبارك. منها: الدعاء عند دخول شهر رمضان الوارد في الصحيفة السجادية المروية عن الإمام زين العابدين علي بن الحسين (ع). الحمد لله الذي هدانا لحمده وجعلنا من أهله، لنكون لإحسانه من الشاكرين، وليجزينا على ذلك جزاء المحسنين. والحمد لله الذي حبانا بدينه وإختصنا بملته وسبّلنا في سبل إحسانه لنسلكها بمنه ورضوانه، حمداً يتقبله منا ويرضى به عنا. والحمد لله الذي جعل من تلك السبل شهرة شهر رمضان شهر الصيام وشهر الإسلام وشهر الطهور وشهر التمحيص وشهر القيام، الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان. فأبان فضيلته على سائر الشهور، بما جعل فيه من الحُرُمات الموفورة والفضائل المشهورة، فحرم فيه ما أحلّ في غيره إعظاماً، وحجر فيه المطاعم والمشارب إكراماً. وجعل له وقتاً بيّناً لا يجيز عز وجلّ أن يقدم قبله ولا يقبل أن يؤخر عنه. ثمّ فضّل ليلة واحدة من لياليه على ليالي ألف شهر، وسماها ليلة القدر. (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ...) (القدر/ 3-4). دائم البركة إلى طلوع الفجر على من يشاء من عباده بما أحكم من قضائه. اللّهمّ صلِّ على محمد وآله، وألهمنا معرفة فضله وإجلال حرمته والتحفظ عما حظرت فيه. وأعنا على صيامه بكف الجوارح عن معاصيك وإستعمالها فيه بما يرضيك، حتى لا نصغي بأسماعنا إلى لغو ولا نُسرع بأبصارنا إلى لهو، ولا نبسط أيدينا إلى محظور ولا نخطو بأقدامنا إلى محجور. وحتى لا تعي بطوننا إلا ما أحللت، ولا تنطق ألسنتنا إلا بما مثّلت. ولا نتكلف إلا ما يُدني من ثوابك ولا نتعاطى إلا ما يقي من عقابك. ثمّ خلّص ذلك كله من رثاء المرائين وسمعة المسمعين، لا نشرك فيه أحداً دونك ولا نبتغي فيه مراداً سواك. اللّهمّ صلّي على محمد وآله، وقفنا فيه على مواقيت الصلوات الخمس بحدودها التي حددت وفروضها التي فرضت ووظائفها التي وظفت وأوقاتها التي وقتّ. وأنزلنا فيها منزلة المصيبين لمنازلها الحافظين لأركانها المؤدين لها في أوقاتها، على ما سنّه عبدك ورسولك صلواتك عليه وآله، في ركوعها وسجودها وجميع فواضلها، على أتم الطهور وأسبغه وأبين الخشوع وأبلغه. ووفقنا فيه لأن نصل أرحامنا بالبر والصلة. وأن نتعاهد جيراننا بالأفضال والعطية، وأن نخلص أموالنا من التبعات. وأن نطهرها بإخراج الزكوات. وأن نراجع من هاجرنا. وأن ننصف من ظلمنا وأن نسالم من عادانا حاشاً من عُودِيَ فيك ولك. فإنّه العدو الذي لا نواليه والحزب الذي لا نصافيه. وأن نتقرب إليك فيه من الأعمال الزاكية بما تطهرنا به من الذنوب وتعصمنا فيه مما نستأنف من العيوب، حتى لا يورد عليك أحد من ملائكتك إلا دون ما نورِد من أبواب الطاعة لك وأنواع القربة إليك. اللّهمّ إني أسألك بحق هذا الشهر، وبحق من تعبد لك فيه من إبتدائه إلى وقت فنائه، من ملك قربته أو نبي أرسلته أو عبد صالح إختصصته، أن تصلي على محمد وآله، وأهّلنا فيه لما وعدت أولياءك من كرامتك. وأوجب لنا فيه ما أوجبت لأهل المبالغة في طاعتك، وإجعلنا في نظر من إستحق الرفيع الأعلى برحمتك. اللّهمّ صلِّ على محمد وآله، وجنبنا الإلحاد في توحيدك والتقصير في تمجيدك والشك في دينك والعمى في سبيلك والإغفال لحرمتك والإنخداع لعدوك الشيطان الرجيم. اللّهمّ صلِّ على محمد وآله. وإذا كان لك في كل ليلة من ليالي شهرنا هذا رقاب يعتقها عفوك أو يهبها صفحك، فاجعل رقابنا من تلك الرقاب، وإجعلنا لشهرنا من خير أهل وأصحاب. اللّهمّ صلِّ على محمد وآله وإمحق ذنوبنا مع إمّحاق هلاله. وإسلخ عنا تبعاته مع إنسلاخ أيامه، حتى ينقضي عنا وقد صفيتنا فيه من الخطيئات، وأخلصتنا فيه من السيئات. اللّهمّ صلِّ على محمد وآله، وإن ملنا فيه فعدّلنا، وإن زغنا فيه فقوّمنا، وإن إشتمل علينا عدوك الشيطان فاستنقذنا منه. اللّهمّ إشحنه بعبادتنا إياك وزيّن أوقاته بطاعتنا لك، وإعنا في نهاره على صيامه، وفي ليله على الصلاة والتضرع إليك والخشوع لك والذلة بين يديك حتى لا يشهد نهاره علينا بغفلة ولا ليله بتفريط. اللّهمّ وإجعلنا في سائر الشهور والأيام كذلك ما عمّرتنا. وإجعلنا من عبادك الصالحين الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون. والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون. ومن الذين يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون. اللّهمّ صلِّ على محمد وآله في كلّ وقت وكلّ أوان وعلى كلّ حال. عدد ما صليت على من صليت عليه وأضعاف ذلك كله بالأضعاف التي لا يحصيها غيرك، إنك فعال لما تريد.

  المصدر: كتاب (فقه الأخلاق/ الجزء الأوّل)

ارسال التعليق

Top