الإسلام دين التواصل والتراحم والتعارف، يهدف في ما يهدف إليه، إلى تعزيز الروابط الإنسانية والعلاقات بين الناس، مهما كان نوعها، سعياً لمحو كلّ أشكال التمييز والاختلاف والتفرقة، فعندما تنمو الرّوح بكلّ الخير والمحبّة والانفتاح والتواصل، تذوب كلّ الحواجز والفوارق الماديّة والمعنويّة.
حرص الإسلام على تقوية الروابط الاجتماعية بين أفراد المجتمع المسلم بكلّ أبعادها، وأن يتشارك بعضهم بعضاً في أفراحهم وأحزانهم، لأنّ ذلك مدعاة لزيادة التآلف وتعميق المودّة والتراحم والتكافل والتناصح، قال تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ) (التّوبة/ 71). ورُوي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: «مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو، تداعى سائره بالحمّى والسّهر». وعن أبي عبد الله (علیه السلام) يقول: «تواصلوا وتبارّوا وتراحموا وتعاطفوا».
والصوم كعبادة بكلّ ما فيها من قيمة روحيّة وأخلاقيّة، يعمل على ربط الإنسان بأصالته التي تفرض أن يسير بموجب فطرته السويّة، وحسّه ومشاعره الصادقة والصافية تجاه الآخرين، وتجاه أسرته، وتجاه جيرانه، وتجاه محيطه، وأن يسير بمقتضى أخلاقيّاته التي تنفتح على قضايا حياته الخاصّة، فلا يظلم نفسه بحرمانها من الخير، ولا يظلم زوجته وأولاده وجيرانه. وعلى الإنسان في هذا الشهر أن ينفتح أيضاً على قضايا الحياة العامّة، فيتواصل مع أقربائه ورحمه، وحتى كلّ من يختلف معهم في الرأي، فليس من أخلاقيّات الصائم المؤمن أن يبادر إلى القطيعة، وأن يبتعد عمّا يفرضه التواصل من التقارب، أو أن ينشر كلّ أشكال الفِرقة والخلاف الهدّام. اليوم ونحن في أجواء الصوم، الجميع مدعوّ لمراجعة نفسه، وما هي عليه من أوضاع، بغية تصحيح مسارها في خطّ مرضاة الله؛ هذا الخطّ الذي من عناصره الأساسية تعزيز روح التواصل الإنساني، بالشكل الذي يعيد الدّفء إلى مجمل العلاقات الاجتماعية، وبما يبرز روح الأخلاق الإسلامية الهادفة إلى بناء الذات الفرديّة والجماعية على أسس سليمة وقوية. إنّ تعزيز التواصل الإنساني من أبرز ما يمكن للمؤمنين الصائمين العمل به، لتحسين أوضاعهم، ونظم أمورهم.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق