• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

فضيلة عمل المعروف

فضيلة عمل المعروف

◄أكّد القرآن الكريم على ضرورة أن يمتلك المسلم روحية عمل المعروف والحثّ عليه بعيداً عن أيّ اعتبارات ضيِّقة أو حسابات شخصية، لا سيّما في العلاقات الاجتماعية والمنافع العامّة، فقال تعالى: ﴿فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ﴾ (البقرة/ 178) و﴿فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ﴾ (البقرة/ 229) و﴿وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ (البقرة/ 241) و﴿ قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ﴾ (البقرة/ 263) و﴿فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ (النِّساء/ 6) و﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ (النِّساء/ 19) و﴿وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ﴾ (الممتحنة/ 12) و﴿تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ﴾ (آل عمران/ 110).

بركات فعل المعروف

- حُسن العاقبة: عن الإمام عليّ (ع): «اصطنعوا المعروف بما قدرتم على اصطناعه، فإنّه يقي مصارع السوء».

- محبّة الآخرين: عن الإمام عليّ (ع): «عجبت ممّن يشتري المماليك بماله، كيف لا يشتري الأحرار بمعروفه فيملكهم».

- المعروف زاد الآخرة: الإمام عليّ (ع): «عليكم بصنائع المعروف، فإنّها نِعم الزاد إلى المعاد».

- أهل المعروف في الدُّنيا أهل المعروف في الآخرة: عن رسول الله (ص): «أهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة»، قيل: يا رسول الله وكيف ذلك؟ قال: «يغفر لهم بالتطوّل منه عليهم، ويدفعون حسناتهم إلى الناس فيدخلون بها الجنّة، فيكونون أهل المعروف في الدُّنيا والآخرة». وعن الإمام الصادق (ع): «أوّل مَن يدخل الجنّة أهل المعروف».

الحثّ على بذل المعروف إلى البرّ والفاجر

وفعل المعروف دليل خُلُق فاعله وروحيته العالية ومحبّته لخدمة الناس، ولذلك نرى أنّ الروايات وإن حذّرت أهل المعروف أن لا يتوقّعوا إلّا الشرّ من بعض الناس الذين لا يستحقّون المعروف إلّا أنّها حثّت على فعله للناس كافّة كي يكون سنّة ولا ينقطع سبيل الخير لفقدان بعض الناس هذه الأهلية.

فعن الإمام عليّ (ع): «ابذل معروفك للناس كافّة، فإنّ فضيلة فعل المعروف لا يعدلها عند الله سبحانه شيء». وعن رسول الله (ص): «رأس العقل بعد الدِّين التودّد إلى الناس، واصطناع الخير إلى كلّ برّ وفاجر»

لكن هذا لا ينافي التفاوت في هذا المعروف بين البرّ والفاجر، فقد ورد عن الإمام عليّ (ع): «خير المعروف ما أُصيب به الأبرار».

واعتبر الإمام الباقر (ع) أنّ الساعي في فعل الخير من أهل العطاء والمعروف فقال: «المعطون ثلاثة: الله المعطي، والمعطي من ماله، والساعي في ذلك معطٍ».

ما به يتمّ المعروف

تصغيره، وتستيره، وتعجيله: قال الإمام الصادق (ع): «رأيت المعروف لا يصلح إلّا بثلاث خصال: تصغيره، وتستيره، وتعجيله، فإنّك إذا صغّرته عظّمته عند من تصنعه إليه، وإذا سترته تمّمته، وإذا عجّلته هنّأته، وإن كان غير ذلك سخّفته ونكّدته».

النهي عن الامتنان به: فعن عليّ (ع): «احيوا المعروف بإماتته، فإنّ المنّة تهدم الصنيعة». 

وعنه (ع): «إذا صنع إليك معروف فاذكره، إذا صنعت معروفاً فانسه».

وعنه (ع): «ملاك المعروف ترك المنّ».

إكمال المعروف: أي عدم البدء به دون إتمامه، فعن الإمام عليّ (ع): «جمال المعروف إتمامه»

وعنه (ع): «إكمال المعروف أحسن من ابتدائه».

النهي عن تحقير المعروف

قال رسول الله (ص): «لا تحقّرن شيئاً من المعروف، ولو أن تلقى أخاك ووجهك مبسوط إليه».

وعن الإمام عليّ (ع): «لا تستصغر شيئاً من المعروف قدرت على اصطناعه إيثاراً لما هو أكثر منه، فإنّ اليسير في حال الحاجة إليه أنفع لأهله من ذلك الكثير في حال الغناء عنه، واعمل لكلّ يوم بما فيه ترشد».

بعض مظاهر المعروف

عن رسول الله (ص): «مَن قاد ضريراً أربعين خطوة على أرض سهلة، لا يفي بقدر إبرة من جميعه طلّاع الأرض ذهباً، فإن كان فيما قاده مهلكة جوّزه عنها وجد ذلك في ميزان حسناته يوم القيامة أوسع من الدنيا مائة ألف مرّة».

وعنه (ص): «مَن أماط عن طريق المسلمين ما يؤذيهم كتبَ اللهُ له أجر قراءة أربعمائة آية، كلّ حرف منها بعشر حسنات».

وعنه (ص): «دخل عبد الجنّة بغصن من شوك كان على طريق المسلمين فأماطه عنه».

وعن الإمام الصادق (ع): «لقد كان - أي عليّ بن الحسين (ع) - يمرّ على المدرة في وسط الطريق، فينزل عن دابته ينّحيها بيده عن الطريق»

عن رسول الله (ص): «لقد رأيت رجلاً يتقلّب في الجنّة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين»

وعنه (ص): «مَن بنى على ظهر الطريق ما يأوي عابر سبيل بعثه الله يوم القيامة على نجيب من درّ، ووجهه يضيء لأهل الجنّة نوراً».

وإنّ من أعظم المعروف ما قام به سيِّد الشهداء (ع) في هداية هذه الأُمّة ومنعها من الانحراف. هذا المعروف الذي كان يقول فيه: «اللّهُمّ إنّي أحبّ المعروف». وهو القائل (ع) أيضاً: «أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر».

ونقرأ في زيارته (ع): «أشهد أنّك قد أقمت الصلاة وآتيت الزكاة وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر».►

ارسال التعليق

Top