إليزابيث فيلبس/ ترجمة: محمد ياسر منصور
عندما نذكر الطريقة التي نستخدم فيها ذاكرتنا في الحياة اليومية، فإننا نفكر في الموعد وعدم نسيانه، وفي الموضع الذي أوقفنا فيه السيارة، وفي المكان حيث وضعنا مفاتيح البيت. غير أنّنا، عندما نستدعي ذاكرتنا لنغوص أكثر في الماضي، فإنّ الأحداث التي تحضر إلى الذهن – مثل الوقوع في الحب، أو معاينة موت شخص عزيز، أو الاحتفال بإنجاز مشروع ما – تكون عموماً مشحونة بالمعاني والانفعالات. وفي الواقع، تبدو تلك الذكريات حيّة على الدوام.
المعروف أنّ الجزء الأساسي من الانفعال في ذكرياتنا الشخصية، جزء مدهش على الأقل، ومع ذلك لم يُدرس دوره سوى دراسة بسيطة غير كافية. بيد أنّه ظهرت أخيراً دراسات، أُجريت على الحيوان، تتيح رسم ما يحيط بالأجهزة الدماغية المعنية وظيفياً بتأثير الانفعال في الذاكرة. وتتركّز تلك الأجهزة على اللوزة الواقعة في الفص الصدغي المتوسط.
وقد أتاح ذلك البحث الذي أُجري على الحيوان، زيادة الاهتمام بمعرفة الأجهزة المماثلة لها الموجودة لدى الكائن البشري.
قبل وصف تلك الأجهزة الدماغية، لنستعرض بعض مختلف طرائق تأثير الانفعال في الذاكرة، فإحدى تلك الآليات، هي التذكُّر الشعوري لبعض أحداث الحياة، كما ذكرنا أعلاه، وتسمّى تلك الذاكرة بذاكرة الحوادث العرضية أو العلنية. وإليها يرجع المرء، عموما، عند الحديث عن الذاكرة: فهي تدلّ على إمكان تذكُّر الأحداث، شعورياً وعندما نريد ذلك.
عندما يكون المرء تحت سيطرة الانفعال، تتعزز قدرته على الاحتفاظ بالذكريات وتسلسل الأحداث. ويتضح ذلك، في معظم الأحيان، في الدرجة التي يبلغها النسيان. وعلى الفور بعد حدوث حادث ما، فإن قدرتنا على تذكّره تكون نفسها بصرف النظر عن كونه مشحوناً بالانفعال، أم لا.
وفي الواقع، إنّ الأمر الأكثر أهمية يتطور عبر الزمن، فبينما يتسرب النسيان تدريجياً إلى أحداث محايدة، من الناحية الانفعالية، تكون أحداث أخرى أقل تأثراً بالنسيان. ومن هذا المنطلق، فإن ذكرى الأحداث الانفعالية تبدو لنا إذن أقوى حدة وأكثر تذكّراً.
غير الانفعال لا يقوِّي ذاكرة الحوادث العرضية في جميع الظروف. ففي حال تعرُّض المرء لحالات الشدة (Stress) القصوى والضغوط الزائدة أو المستمرة الأمد، فيمكن للاستجابة أن تلحق الضرر بالتأكيد بكفاءة هذه الذاكرة.
مع أنّ الذاكرة تتداخل بالنسبة لنا مع التذكر الواعي، فإنّ ثمة طرائق أخرى للتعبير عنها. وعندئذ يبدو تأثير الانفعال في الذاكرة أكثر نفوذاً. ولقد مرّت بنا جميعاً مواقف، لم نكن نشعر فيها – جراء خبرتنا الماضية – لا بالأمن ولا بالراحة: كالذهاب إلى طبيب الأسنان، أو عند وجودنا في السيارة على طريق حيث شاهدنا حادثاً منذ فترة قريبة، أو في مواجهة شخص لا يكن لنا الاحترام. ففي تلك اللحظات، نتذكر بصورة واعية الأحداث الماضية، لكننا نكون أيضاً مغمورين بشعور سيِّئ أو غير سار، قد يترافق أحياناً بالتعرق أو التوتر العصبي. وفي الواقع، ومن خلال تفعيل جهازنا العصبي المستقل، يعبر جسمنا عن ذكرى انفعالية نحو ذلك الموقف. وهذه الذاكرة الآلية وشبه الانعكاسية تكون مضمرة. وقد تترافق أوّلاً بتذكر واعٍ لحدث ما. وليس هناك أي تعبير محدد لوصف مثل ذلك النوع من الذكريات. وسنشير إليها إذن بعبارة: استجابة ضمنية انفعالية مكتسبة.
إذا كان ذلك النوعان من تأثير الانفعال في الذاكرة البشرية – تعزيز التذكر للحوادث العرضية والرد الضمني الانفعالي المكتسب – يختلفان عن بعضهما، غير أنهما مرتبطان وظيفياً بالنظام اللوزي. وإلى عهد قريب، كان الدور الخاص بالنظالم اللوزي عند الإنسان شبه مجهول. ولاكتشاف وظيفة اللوزة في التعلم والتذكر، عكف الباحثون أولاً على مراجعة هذا النموذج لدى الحيوانات. وشكّل ذلك قاعدة لدراسة تأثير النظام اللوزي في ذاكرة الإنسان.
نُفذت تلك الدراسة في المرحلة الأولى على الجرذان، فأوضحت دورين أوليين للوزة في الذاكرة الانفعالية. فالدور الأوّل مرتبط بتعزيز ذاكرة الأحداث الانفعالية (التي وصفناها أعلاه)، وهكذا أظهر الباحث جيمس ماك غوغ وزملاؤه أنّه بوجود حالة إنفعالية، تتدخل اللوزة في تعديل أو تعزيز كفاءة الأجهزة الأخرى في الذاكرة.
وبتعبير آخر، أكدوا أنّ الجرذان ذات اللوزة المستأصلة كانت تؤدي بشكل طبيعي المهام التي لا تتطلب منها استخدام الذاكرة الانفعالية، لكنها لم تُظهر أي تحسُّن في تعزيز كفاءات الذاكرة بعد إخضاعها لشحنة انفعالية. وأظهرت بحوثهم أنّ الدور الذي قد تؤديه اللوزة في تخزين الذكريات يرتبط ببنية دماغية أخرى تكون معنية بالتعلم العادي ولاسيما في مركب "الحصين".
لدى الكائن البشري، يُجاور الحصين وقشرة الدماغ المرتبطة به اللوزة في الفص الصدغي الأوسط، وهما يتدخلان في التعلم وفي تخزين الذاكرة.
ويمكن أن يعد هذا النظام الذاكري نظام تذكر أولي. وحدوث إصابة في عقدة الحصين قد يؤدي إلى أضرار جسيمة جدّاً. والمصابون بهذا النوع من المرض قادرون على تذكر بعض نواحي حياتهم السابقة للإصابة. وفي المقابل، من الصعب عليهم جدّاً تذكر معلومات حديثة بعد الإصابة أو تذكر أحداث ضرورية لحياتهم اليومية الطبيعية. وهم بذلك عاجزون عملياً عن حفظ اسم شخص ما، أو رقم هاتف، أو ساعة موعد أو تاريخه، أو حتى تذكر ما قاموا بعمله في يومهم، وعلى العكس، إنّ المرضى الذين يعانون من إصابات في اللوزة، دون أن يصل ذلك إلى الحصين، يتمكنون من تذكر ذلك.
ثمّة تفاعل متبادل بين الجهازين المذكورين عندما تؤثر الانفعالات في تذكر الأحداث الماضية. وكما رأينا، فإن تعزيز القدرة على تخزين الذكريات يشكل إحدى الآليات التي يؤثر من خلالها الانفعال في الذاكرة الاستطرادية. والأبحاث التي أجريتها في مختبري أظهرت أنّ المرضى الذين يشكون من إصابات في النظام اللوزي كانوا يتذكرون بشكل طبيعي منبهات مثيرة عند تعرضهم للاختبار مباشرة، وبالمقابل، كان تذكرهم يبدو مضطرباً عندما كانوا يخضعون للاختبار بضعة أيام. وعلى نحو أدق، كان البالغون الطبيعيون يظهرون نسياناً أقل حيال منبهات محايدة، وبالمقابل، كان المرضى الذين يعانون من إصابات في النظام اللوزي يظهرون معدل نسيان متماثل كلا النوعين من المنبهات (المحرّضة والمحادية).
- اختبارات كاشفة ومعبرة:
أجريت دراسات أخرى، نفذها لاري كاهيل وزملاؤه، وأجريت على أشخاص بالغين طبيعيين، عرضت عليهم مشاهدة انفعالية في أثناء دراسة للتصوير الدماغي. وأظهرت هذه الاختبارات أن قدرة تذكر المنبهات المثيرة يمكن التنبؤ بها فيما بعد بوساطة زيادة تدفق الدم نحو اللوزة، في اللحظة التي ينظر المفحوصون في أثنائها إلى تلك المشاهد. وتفترض تلك الدراسات أن تلك الآليات في التذكر، الواردة في أعمال ماك غوغ وزملائه المتعلقة بالحيوان، يمكن تطبيقها على الإنسان، فاللوزة تعمل على تعديل وتخزين الذكريات الاستطرادية المتعلقة بالحصين.
أمّا الدور الثاني للوزة فمرتبط بالاستجابات الضمنية الانفعالية المكتسبة. وتم توضيح ذلك بواسطة بحوث استخدام فيها نموذج الخوف الشرطي. فالحيوان المستخدم في التجربة – وهو هنا الجرذ عادة – عرّض لمثير محايد، من نوع الصوت أو الضوء ترافق فيما بعد بمثير منفّر، كصدمة على الأقدام. فخاف الجرذ من الصدمات.
وبعد عدة محاولات للاقتران بين المثير الشرطي (الصوت أو الضوء) والمثير المنفّر (الصدمة) بدأ الجرذ بإظهار استجابة الخوف بمجرد وجود المنبه الشرطي. وهذا ما يُدعى الاستجابة الشرطية على الخوف.
في السنوات العشر الأخيرة، أظهرت أعمال مايك دافيس. جو لودو، بروس كاب، أنّ اللوزة، كانت تؤدي دوراً في اكتساب ذلك النوع من الاستجابات والتعبير عنها. وتقاس هذه الاستجابة بطرائق مختلفة. وأمكن بذلك ملاحظة الدرجة التي يتوتر عندها الجرذ أو يبقى هادئاً بوجود المثير الشرطي. كما يمكن إحداث تغييرات في إيقاع ضربات القلب بغية تقويم الاستجابة الشرطية على الخوف. ويمكن أيضاً إثارة منعكس الذعر المفاجئ بوجود مثير شرطي. وهذه الآلية الأخيرة مألوفة لدينا. فمن منا لم يُفاجأ يوما وهو يسير في الشارع بضوضاء قوية جداً باغتته ولم يكن يتوقعها؟. ومن منا لم يرتجف مذعوراً وهو يسمع الضوضاء القوية نفسها في الليل وبنفس الشارع الهادئ والخالي؟.
إنّ استجابة الذعر المفاجئ هي عبارة عن منعكس، يحدث ويزداد حدة عندما نجد أنفسنا (أو الحيوانات الأخرى) في وسط سلبي أو مثير للقلق. والبحوث المتعلقة بالجرذان أظهرت أن استجابة الذعر المفاجئ، الناتجة عن ضوضاء قوية جدّاً، تحدث بوجود مثير شرطي. وهذا يشير إذن إلى استجابة شرطية على الخوف. ومهما تكن وسائل القياس – تشنج، انتفاضة مذعورة، تغير في ضربات القلب – فقد أمكن ملاحظة أنّ الجرذان المصابة بآفات في النظام اللوزي لا تبدي أي استجابة شرطية على الخوف. لذا تبدو اللوزة ضرروية للتعبير عن تلك الاستجابة الانفعالية المكتسبة.
أمكن الكشف على أنّ اللوزة تتدخل أيضاً في الخوف الشرطي أو النفور لدى الإنسان فالأخلاق تحرم علينا طبعاً، أن نجري في المختبر تجارب تثير حالات من الخوف المفرط للإنسان. وقد أتاحت تجربتان في اختبار "غير مؤذ" إثارة استجابات انفعالية منفرة، تضمنت الأولى استخدام ضوضاء قوية جدّاً، أتاحت قياس ظهور استجابة الذعر المفاجئ استناداً إلى حركة العين وإغماضها، والتي تمثل عنصراً مبكراً لهذه الاستجابة، وتقوم التجربة الثانية على إجراء صدمة خفيفة بقبضة اليد (لكمة) ينتقل تأثيرها عبر الجلد، مما يشير إلى إثارة الجهاز العصبي الذاتي المرتبط بالغدد التي تفرز العرق. وعندما يحدث مثير منفر – لكمة مثلاً – مترافق بمثير محايد، كوجود مربع أزرق على شاشة الحاسوب، فإنّ الأشخاص البالغين العاديين يشرعون في إظهار استجابات شرطية منفرة تجاه المربع الأزرق، كما توضح ذلك، الناقلية (الكهربائية) عبر الجلد أو انطلاقة اختلاج في العين. وفي المقابل، إنّ المصابين بآفات في اللوزة يبدون استجابات طبيعية حيال الصدمة، لكن لا تصدر عنهم أيّة استجابة شرطية منفِّرة.
بفضل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، أمكن الكشف في المختبر على أنّ الأشخاص البالغين الطبيعيين يظهرون المزيد من نشاط اللوزة بوجود مثير شرطي مترافق بصدمة (لكمة..). وعلاوة على ذلك، فإن درجة النشاط الملحوظة تتيح التنبؤ بقوة الاستجابة الشرطية المنفرة. وهذه النتائج توحي إذاً بأن لدى الإنسان، كما لدى الجرذان، من الضرورية وجود النظام اللوزي سالماً للتعبير عن الاستجابة الشرطية المنفِّرة.
قادتنا تلك الأعمال، في الواقع إلى اكتشاف مهم، فالمعروف من الآن فصاعدا، أنّ المرضى المصابين بآفات في اللوزة لا يبدون أيّة استجابة شرطية منفِّرة. لكن يمكنهم القول إنّ المربع الأزرق كان مقترنا بالصدمة، وتم تعليمهم ظروف النفور الشرطي، الذي يمكنهم عندئذ التعبير عنه بفضل جهاز ذاكرتهم الاستطرادية، حتى وإن لم يظهروا استجابة إنفعالية ضمنية مكتسبة. وعلى العكس، فثمة مرضى يعانون من آفات في جهاز الذاكرة الخاص بالحصين، لكن نظامهم اللوزي سليم، يظهرون استجابات شرطية منفِّرة طبيعية، لكنهم غير قادرين على رواية متسلسلة (استطرادية) لظروف طريقة الاستجابة الشرطية، وبتعبير آخر، تبدو اللوزة ضرورية لحدوث الاستجابة الانفعالية الضمنية المكتسبة ولكن ليس للتعبير المتسلسل المباشر عن الخصائص والميّزات الانفعالية للمثير الشرطي.
تلك الدراسات حول الخوف الشرطي، ساعدتنا في فهم تتابع التعلم الانفعالي. فلنحاول الآن معرفة كيفية امتدادها إلى ما وراء إطار الخوف الشرطي. تتيح لنا الحياة اليومية أحياناً اكتشاف المثيرات أو الأحداث ذات الخصائص الانفعالية. وهكذا نجد، أن كل من أصيب مصادفة بحروق جراء استخدامه الفرن الساخن، سيبدي بعض الخوف أو النفور في أثناء استخدامه مجدداً. ومع ذلك، فثمة طرائق أخرى للتعلم، منها الملاحظة وتلقي المعلومات (التلقين).
- دور التلقين:
لنأخذ، على سبيل المثال، بحراً تجوبه أسماك القرش. فعلى الرغم من أنك لم تغامر أبدا في النزول إليه، إلا أنك تعرف أن عليك تجنبه وتفاديه. فقد أخبرت بالأخطار المتمثلة بالسباحة حيث توجد أسماك القرش (أو رأيت ذلك في السينما)، وبالنتيجة، أنت تعلم أن ذلك يعني وضعاً منفراً وسلبياً، إذن، حتى وإن لم تجربه قط، ووجدت نفسك في ذلك البحر، فستصدر عنك دون شك، ردود فعل تتمثل بذعر شديد، تصاحبه إثارة للجهاز العصبي الذاتي وإطلاق ردود فعل انعكاسية. وفي هذه الحالة، سيصدر عنك إذن رد فعل ضمني انفعالي مكتسب، حتى وإن علمت دون تجربة مباشرة منفرة بتأثير الانفعالات التي يسببها لك ذلك البحر.
على خلاف الجرذان، يبدو الإنسان إذن قادراً على أن يتعلم، من خلال التلقين والملاحظة، أي أنّ المثيرات يمكن أن ترتبط بنتائج انفعالية.
من خلال دراستنا للخوف الشرطي، المنفذة على مرضى مصابين بآفات في اللوزة، عرفنا أنّ اللوزة غير ضرورية للتعلم الاستطرادي (المتسلسل) لظروف موقف انفعالي. وذلك يعني الآن معرفة ما إذا كانت اللوزة ضرورية للاستجابة الانفعالية الضمنية على مثير ما في أثناء تعلم يعتمد على التلقين أو الملاحظة.
يبدو في الواقع أنّ اللوزة ضرورية، فقد تم إقناع بعض البالغين الطبيعيين وبعض المرضى المصابين بآفات في اللوزة، بأنهم قد يتلقون لكمة، عندما يظهر على شاشة حواسبهم مربع من لون معين. ولم توجه إليهم اللكمة طبعاً، غير أنهم لقناعتهم بعكس ذلك، أبدى البالغون الطبيعيون استجابة انفعالية ضمنية، أمكن قياسها من خلال ارتجاف أجسامهم. أما المرضى الذين يعانون من إصابة في النظام اللوزي، مع أنهم كانوا قادرين على تفسير أنّ المربع الملون كان يعني لكمة متوقعة، إلا أنهم لم يبدو أية استجابة انفعالية ضمنية.
في دراسة أخرى هدفت إلى فحص وظيفة اللوزة، بواسطة التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، ظهر أنّ البالغين الطبيعيين يبدون نشاطاً متزايداً في منطقة اللوزة عند وجود صورة مربع ملون على شاشة الحاسوب يعرفون مسبقاً أن ظهوره قد يؤدي إلى تلقيهم الصدمة. وتتيح درجة النشاط الملحوظ هذه، التنبؤ بقوة الاستجابة الانفعالية الضمنية نحو المربع، وذلك بقياسها بواسطة ناقلية الجلد للكهرباء. وعلاوة على ذلك، فالمرضى المصابون في نظامهم اللوزي يبدون طبيعيين عندما يطلب منهم التقدير العلني لخصائص مشاهد الرعب التي يشاهدونها وإلى أي مدى هي مثيرة أو منفرة، في حين أنهم لم يظهروا أي رد فعل انفعالي ضمني طبيعي، لدى قياس ذلك بانتفاضات الجسم.
وأظهرت تلك الدراسات أنّ اللوزة مرتبطة بالقدرة على التعبير عن استجابة ضمنية مكتسبة تختلف قوتها باختلاف مستوى الشروط المحيطة بالتعلم (الشروط الانفعالية).
لقد أشرنا في هذا المقال، إلى ما نعرفه عن الدور الفريد لمنطقة اللوزة عند الإنسان في الذاكرة والتعلم الانفعاليين. وما عرفناه يتوافق، إلى حد كبير، مع النماذج الحيوانية. وثمة وظيفتان من وظائف اللوزة تبدوان في الواقع مرتبطتين بالتعلم والذاكرة، فمن ناحية أولى، تبدو اللوزة قادرة على تعديل وتخزين الذكريات التي يتعلق اكتسابها بأنظمة الذاكرة الأخرى – وذلك مرتبط بالوعي الدائم بالذكريات المتعلقة بأحداث انفعالية – ومن ناحية ثانية. تؤدي اللوزة دوراً في بعض التعابير الضمنية للاستجابات الانفعالية على الأحداث والمواقف التي علمنا أنها يمكن أن تمثل نتائج منفرة.
وفي كل الأحوال، إن دور تلك الاستجابات الانفعالية الآن، أكثر دقة في حياتنا اليومية، وفي السياق الذي يفضي إلى اتخاذ قرارتنا، هذا الدور لم يتضح على نحو كاف بعد.
ارسال التعليق