• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

علاقتي بأستاذتي قوية

أسرة

علاقتي بأستاذتي قوية

طالبة في الثانوية عمري 17 سنة تربطني علاقة قوية بأستاذتي وأنا أحبها كثيراً وكلما أراها أقبلها وأحدثها (مثل أخت أو صديقة) وفي أيام حزني وشدتي تواسيني وتحتضنني. بيننا رسائل عبر الجوال أيضاً. فهل من مشكلة في علاقتي بها؟ قرأت في الانترنت عن استهجان الناس لصداقة الطالبة لأستاذتها. ما رأيكم أنتم بعد أن وضحت لكم طبيعة علاقتي بها؟


الأخت العزيزة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحية طيبة وبعد..
الإنسان مدني بالطبع وهو بحاجة إلى العلاقات الإجتماعية حتى يأنس بغيره، وبذلك سُمِّي الإنسان إنساناً، وهذه العلاقات متنوعة تبدأ من الأسرة الصغيرة، من الوالدين والأخوة، ثمّ الأقارب، ثمّ الجيران وزملاء الدراسة أو العمل، وتمتد حتى الأسرة البشرية الكبيرة، من مختلف الشعوب والبلدان، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) (الحجرات/ 13).
نعم، لكل شيء حدود وآداب، وأية علاقة يجب أن تكون ضمن هذا الإطار، فعلاقة الزوج والزوجة، واسعة الحدود، ولكن أيضاً لها أحكامها وآدابها، وعلاقة الأخوة، لها حدود أضيق ولها أحكامها أيضاً.
وكذلك العلاقة بين الأصدقاء، فيجب فيها احترام حقوق الغير وعدم تخطي الآداب، فإنّ العلاقة الفتوحة على مصراعيها والتي لا تلتزم الحياء والحشمة سرعان ما تنفلت وتنقلب إلى عداوة وبغضاء، وهذا ينطبق على سائر العلاقات، وقد قيل: "كل ما زاد عن حدّه انقلب إلى ضدّه".
والعلاقة مع الصديق، مهما قرب ومهما كانت المودّة عالية، يجب أيضاً أن تكون متوازنة ومعتدلة، وذلك حفاظاً على حرمة كل شخص، واستدامة العلاقة وإستمرارها، من جهة، ومن جهة ثانية حتى لا تصل العلاقة إلى الإرتباط العاطفي الشديد، والأشبه بالمرضي، والذي يقيِّد استقلالية الفرد ويؤسِّره ويؤرِّقه، وقد يخل بتوازنه النفسي عند إبتعاد الصديق أو فقده.
وقد نقل عن الإمام علي بن أبي طالب قوله: (أحبب حبيبك هوناً عسى أن يكون بغيضك يوماً ما وابغض بغيضك هوناً عسى أن يكون حبيبك يوماً ما).
والواقع أنّ هذا الإعتدال والتوازن يعتبر من أهم معايير السلامة والصحة النفسية، وهو الذي يحفظ للإنسان الحياة الهانئة والمستقرة، البعيدة عن الآلام والإضطرابات النفسية.
إذن ضمن هذا المعيار، فلا مانع من الصداقة مع الأستاذة خصوصاً في سن الرُّشد، حيث يحاول الإنسان أن يكون مستقلاً بعض الشيء في علاقاته، وأن يكوِّن لنفسه إطاراً من الصداقات خارج العائلة، ويحتاج في هذه المرحلة إلى الرفيق والمرشد الذي يعينه على مشاكل الحياة وينوِّر له طريقه الصاعد فيها..
نعم، يمكن للأبوين، إن أدركا أنّ دورهما في هذه المرحلة يجب أن يتحوّل إلى الصديق والرفيق والوزير والناصر لأبنائهما أن يسدا جزءاً كبيراً من هذا الفراغ، ولكن مع ذلك فإنّ هذا لا يمنع من حاجة الإنسان إلى العلاقات الإجتماعية خارج إطار العائلة.
بقي شيء ينبغي رعايته في العلاقة مع الأكبر سناً وهو أن لكل مقام مقال، ولكل عمر أسراره وهواجسه، فينبغي تجنب خوض الأحاديث التي تخص الكبار كقضايا المتزوجين، فلا ينبغي ذكرها أمام الشباب.
ومن الله التوفيق.

ارسال التعليق

Top