• ٧ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٥ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

ضرورة العلاقات الاجتماعية

ضرورة العلاقات الاجتماعية

يقول الله تعالى في القرآن الحكيم: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) (الحجرات/ 13).

ويقول الإمام الباقر (ع): "صانع المنافق بلسانك، واخلص مودتك للمؤمن، وإن جالسك يهودي، فاحسن مجالسته".

ويقول الإمام علي (ع): "بحسن العشرة تدوم المودة".

ويقول (ع) أيضاً: "بحسن العشرة تأنس الرفاق".

ويقول الرسول الأعظم (ص): "أحسن مصاحبة مَن صاحبك تكن مسلماً".

ويقول الإمام علي (ع): "خالطوا الناس بألسنتكم وأجسادكم، وزايلوهم بقلوبكم وأعمالكم".

 

أصالة وضرورة العلاقات الاجتماعية:

من نعم الله العظيمة على الإنسان، أن جعله اجتماعياً بالفطرة، ومن هنا جاءت تسميته بالإنسان، وهي من تأنّس، وتألّف، وضد توحّش، وعليه فإنّ الإنسانية تعني الاجتماع، والتآلف، والإلفة، وضد الوحشية، ولأنّ الله – سبحانه وتعالى – فطر الإنسان على الاجتماع، وحبه، فإنّه كرّس في كتابه الحكيم ضرورة الاجتماع مع عباده. وهكذا الحال بالنسبة لسنة الرسول الأعظم (ص)، وروايات أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، إذ نجد الكثير من الأحاديث والروايات الشريفة، التي تحث الإنسان على الاجتماع بالناس، وحسن المعاملة والعشرة معهم، والتودد لهم، ومعرفة طبيعتهم البشرية، وذكرهم بالحسن، وعدم التكلف معهم، باعتبار أنّ المعاملة لا تتم إلّا عن طريق الاتصال، وأنّ الاجتماع ميدان واسع لذلك الاتصال، وهو ساحة كبيرة لاختبار حكمة الناس، وعقلانيتهم، في التصرف، والسلوك الفردي، والاجتماعي.

وبما أنّ الله تعالى فطر الإنسان على الاجتماع، والإلفة مع الناس، وخلق العلاقات الاجتماعية والصداقات معهم. فالجدير بالإنسان أن يعي الجانب الاجتماعي – في حياته – جيداً، لكي يتعامل مع الناس وفق الأسس الاجتماعية الإلهية، ليكون سعيداً في حياته، ومحبوباً بين بني البشر، وبالتالي مرضياً عند الله – سبحانه وتعالى – باعتبار أنّ الخلق هم عيال الله، والتآلف معهم، وخدمتهم، خدمة الله.

أما الأهداف من الاجتماع فواضحة، فبه يتم التعاون بين الناس من أجل توفير متطلبات المعيشة، ومن أجل عمارة الأرض، وتبليغ رسالات الله. بل لولا الاجتماع لتعطلت مسيرة الحياة. ومن هنا كان التعامل مع الناس قضية ضرورية هامة، ولأنّها ضرورية، فهي يجب أن تكون تحت إمامة الدين والعقل والحكمة، لكي تأتي ثمرات التعامل بنّاءة ومثمرة.

فإذا كان التعامل مع الناس بحكمة، قضية حياتية هامة باعتبار أنّ سعادة الإنسان لا تقاس بمفرده، وإنما بنجاحه في الاجتماع بالناس، فكيف نتعامل معهم؟

وفي الحقيقة لو أنّ الإنسان طبق المبادئ، والقيم الاجتماعية في الإسلام، لسعد في حياته مع الناس. ولو أنّه استفاد من عقله على الوجه الأصلح، لاكتشف بنفسه الطريقة الفنية والحسنة في تعامله معهم، باعتبار أنّ الحكمة هي العقل. وقواعد التعامل الحكيم مع الناس بالذوقيات المتعارف عليها ليس إلّا اهتداء بالرؤى الإسلامية، من القرآن، والأحاديث الشريفة، وروايات أهل البيت، وتذكيراً بها، وبدور العقل في توجيه التصرفات الإنسانية، وإقامتها، ووقايتها من اللاحكمة والجهل والانحراف.

وكيف تتعامل مع الناس سؤال يمكن الإجابة عليه باختصار: أنّ المعاملة معهم يجب أن تقوم على أساس ما أمر الله به، واستخدام العقل على الوجه الأصلح. أما من حيث التفاصيل فهو سؤال واسع يشمل عدداً كبيراً من القضايا.

 

الكاتب: خليل الموسوي

المصدر: كتاب كيف تتعامل مع الناس؟

ارسال التعليق

Top