• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

إنّ الله يأمر بالعدل...

محمد السعدي

إنّ الله يأمر بالعدل...

إنّ الله عزّ وجلّ هو الحقّ، وهو العدل، لا يظلم أحداً، ولا يرضى الظلمَ لأحد: (إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (يونس/ 44).

والله تبارك وتعالى عدلٌ في جزائه لابدّ من أن يقتصَّ من الظالم وينصفَ المظلوم. ولابدّ من أن يكافئ الطائع. ويعاقب العاصي. ويحاسب الناسَ بالقسطاس المستقيم:

(وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ) (الأنبياء/ 47).

والله عزّ وعلا ما بعث الرسل، وما أنزل الكتب، وما سنَّ الشرائع وخلق أسباب القوة والسلطان إلا من أجل تحقيق العدل، وحفظ حقوق العباد، وإرساء دعائم الأمن والسلام:

(لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) (الحديد/ 25).

واللهُ جلّ جلاله أمر عباده أن يقوموا بالعدل، ويشهدوا بالقسط، وينصفوا المظلوم، ويأخذوا على يد الظالم، ويرفعوا الظلم عن كاهل الناس، ويعطوا لكلِّ ذي حقِّ حقه، ليعيشوا في طمأنينة وسلام. ومحبة ووئام:

(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل/ 90).

فالله عزّ وجلّ لا يرضى أن يغتال الأقوياء حقوقَ الضعفاء.

والله لا يرضى أن يتسلط الجبارون على الآمنين.

والله لا يرضى أن يتطاول الأشرار على الأخيار.

والله لا يرضى أن يأكل الكبارُ حقوق الصغار.

والله لا يرضى أن يمتص الأغنياء دماء الفقراء.

والله لا يرضى أن يتمتع ناس بكلِّ مباهج الحياة وكنوز الثروة ويموت آخرون من الجوع والعطش.

والله لا يرضى أن يكون هناك سادة وعبيد، وحكام ومحكومون، وأحرار ورقيق، وملوك وسوقة.

 

أيها المؤمنون..

إنّ الله يريد العدل لجميع الناس، ويريد القسط مع سائر الخلق، فالعدل حقّ لكلِّ إنسان بوصفه إنساناً بغض النظر عن جنسه أو لونه، أو لسانه، أو عقيدته:

(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا) (النساء/ 58).

إنّ الله يريدُ عدلاً مع القريب والبعيد، مع النفس والآخرين، مع الوالدين والأقربين، مع الغني والفقير والأسود والأبيض، والصغير والكبير:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا...) (النساء/ 135).

إنّ الله يريد عدلاً مع الصديق والعدو، مع الحبيب والبغيض، عدلاً لا يتأثر بنوازع الهوى أو المصلحة، ولا يعرف المجاملة والمحاباة، عدلاً يريد صاحبه وجه الله ولا يخشى فيه إلا الله:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (المائدة/ 8).

إنّ الله يريد عدلاً مع المؤمن والكافر، مع المسلم وغير المسلم:

(لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِين) (الممتحنة/ 8).

 

أيها الأحباب..

إنّ الله يريد عدلاً يشمل كلَّ جوانب الحياة، وكلَّ مناشط الإنسان.

إنّ الله يريد عدلاً في الحكم والسياسة يقوم على الشورى وسلطة الجماهير.. ويؤمِّن الحرية والكرامة والسيادة للجميع: (.. وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ...) (الشورى/ 38).

واللهُ يريدُ عدلاً في توزيع الثروة يؤمِّن الكفاية لكلّ الناس، ويؤمِّن الحياة العزيزة لكلّ أحد، ويغني الفقير، ويحمي المسكين، ويضمنُ معاشَ اليتيم، ويسدُّ حاجة الأرملة، وينقذ ابن السبيل، ويمسح دموع البؤساء، ويحمل السعادة إلى قلوب التعساء:

(وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) (الذاريات/ 19).

(.. وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْو...) (البقرة/ 219).

والله يريد عدلاً في حرية الاعتقاد، وحرية التعبير، وحرية العمل، ينسجم مع كرامة الإنسان وحقوق الإنسان. والله يريدُ عدلاً في القضاء يحمي حقوقَ الناس، وينصفُ المظلومين، ويعاقبُ الظالمين، ويردع المجرمين، ويؤدب الطائشين، وينشر الطمأنينة في المجتمع:

(.. وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (المائدة/ 42).

واللهُ يريد عدلاً في كتابة العقود، وعدلاً في شهادة الشهود:

(.. وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ...).

(.. وَأَشْهِدُوا ذَوَىْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ...) (الطلاق/ 2).

والله يريدُ عدلاً في القول، وعدلاً في النصيحة، وعدلاً في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعدلاً في معاملة الناس: (.. وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا...) (الأنعام/ 152).

والله يريد عدلاً في إصلاح ذات البين، وفض النزاع، وحقن الدماء، ورأب الصدع، وجمع الكلمة، ورد كيد الشيطان:

(وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الحجرات/ 9).

والله يريد عدلاً في معاملة الأزواج والأولاد والأهل والأقارب: طلبت زوجة بشير بن سعد الأنصاري من زوجها أن يخص ولدهما النعمان بشيءٍ من المال، وسألته أن يشهدَ رسولَ الله (ص)، فذهب بشير إلى الرسول وأخبره بالأمر فقال الرسول (ص): "أله إخوة؟ قال بشير: نعم. قال: فكلهم أعطيت مثل ما أعطيته. قال: لا. فقال الرسول (ص): فليس يصلح هذا، وإني لا أشهد إلا على حقِّ، اعدلوا بين أبنائكم".

 

إخوةَ الإيمان..

إنّ الإسلام قد جاء ليحارب الظلم ويرفع الجور عن كاهل الناس:

(فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) (هود/ 112-113).

ويقول الرسول (ص): يقول الله تعالى: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا". وحينما سأل رستم قائد الفرس ربعيَّ بن عامر عن سبب خروج الجيوش الإسلامية للجهاد في سبيل الله قال: ابتعثنا الله لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام.

واللهُ عزّ وجلّ بعث الرسل ليقاوموا الظالمين، ويقارعوا الطغاة، ويرسوا دعائم العدل في المجتمعات: (اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى * وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى) (النازعات/ 17-19).

والإسلام يشرع الجهاد من أجل تحقيق العدالة ونصرة المستضعفين وإنقاذ المظلومين: (وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا) (النساء/ 75).

ويقول الرسول (ص): "إنّ الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أو شك أن يعمهم الله بعقاب منه" ولا لوم ولا تثريب على من يقاوم الظلم ويحارب الاستبداد والاستغلال والاستعباد: (وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ * وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (الشورى/ 39-42).

والله عزّ وجلّ ذو انتقام لابدّ من أن يقتص من الظالمين والمجرمين في الدنيا أو الآخرة: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ * وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الأرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ) (إبراهيم/ 13-14).

والله عزّ وجلّ قد يمهل الظالمين حتى يتوبوا إلى الله ولكنهم إذا أصروا على ظلمهم فلابدّ من أن ينتقم منهم مهما طال الزمان. وبطش الله شديد وعقابه عسير:

(فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الأنعام/ 44-45).

والله عزّ وجلّ فتح أبوابه لدعوة المظلوم، ووعد بنصرة المظلوم، ومعاقبة الظالمين حتى ولو بعد حين:

يقول الرسول (ص): "اتقوا دعوة المظلوم فإنّه ليس بينها وبين الله حجاب يرفعها الله فوق الغمام ويفتح لها أبواب السماء ويقول: وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين".

لا تظلمن إذا ما كنت مقتدراً *** فالله أقدر ذو بطش وذو نقم

تـنــام عينك والمـظـلـوم منتبه *** يدعو عليـك وعـين الله لم تنم

إنّ معاناة المظلومين لن تذهب سدى، ودموع المضطهدين لن تضيع هباءً، وجراحات المعذَّبين لن تذهب أدراج الرياح، وقهر الرجال، وانتهاك الحقوق، وهتك الحرمات، وأكل أموال الناس بالباطل، وترويع الآمنين، كلُّ ذلك لن يمرّ بلا حساب.

ويوم القيامة لن ينفع الظالمين جاه ولا سلطان، ولاجند ولا أعوان، ولا مال ولا بنون:

(وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا) (الكهف/ 49).

قال رسول الله (ص): "أتدرون مَنْ المفلس؟ قالوا: المفلس فينا مَنْ لا درهم له ولا متاع. فقال: إنّ المفلس مِنْ أمتي مَن يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته قبل أن يُقضَى ما عليه أُخِذَ من خطاياهم فطُرحت عليه ثمّ طُرِحَ في النار".

ولذلك – أيها الإخوة – تطهَّروا من مظالمكم، وتوبوا من معاصيكم، وأدوا الحقوق إلى أهلها، والأمانات إلى أصحابها طاعةً لرسول الله القائل: "مَنْ كانت عنده مظلمة لأخيه من عرض أو من شيء فليتحلَّلْه منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أُخِذَ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أُخِذَ من سيئات صاحبه فحمل عليه".

 

عبادَ الله..

إنّ الله عزّ وجلّ سنَّ لنا شريعةَ الإسلام، ووضعَ فيها أسسَ العدل، وقوانينَ العدل، وموازينَ العدل. ولا سعادة لنا إلا بتمسكنا بهذه الشريعة، وعملنا بأوامرها، واجتنابنا لنواهيها: (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا...) (طه/ 123-124).

والسلام مرهون بالعدل وحفظ حقوق العباد، ولن يذوق العالم طعم السلام ولذة الطمأنينة طالما أن هناك حقوقاً تنتهك، ومظالم ترتكب، وتفرقةً تسود، وظلماً في توزيع الثروة، واستبداداً في الحكم، وتسلطاً من الأقوياء على الضعفاء، وشعوباً تُستعمَر، وشعوباً تُستَعْبَدُ، وشعوباً تُقْهَرُ، وحقّاً يجعله الأقوياء باطلاً، وباطلاً يجعله الأقوياء حقّاً، وفوضى في الموازين، وعبثاً في المقاييس.

فاتقوا الله – عبادَ الله – وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان لتنعموا بالأمن والسلام:

(الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) (الأنعام/ 82).

ارسال التعليق

Top