• ٢٠ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١١ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

شمائل وفضائل أُم البنين (عليها السلام)

عمار كاظم

شمائل وفضائل أُم البنين (عليها السلام)

هي فاطمة بنت حزام العامري الملقبة بـ(أُم البنين) تلك المرأة النبيلة الصالحة، ذات الفضل والعفة، والصيانة والورع والديانة، كريمة قومها، وعقيلة أسرتها، فهي تنتمي لأشرف القبائل العربية شرفاً، وأجمعهم للمآثر الكريمة، التي تفتخر بها سادات العرب. فحقّ لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) أن يرغب في الوصلة الصهرية بهم؛ لأنّ البنت التي قد ولدها مثل هؤلاء الأبطال الشجعان لجديرة أن تنجب فيما تلد، ولا تلد إلّا شجاعاً بطلاً، فقد أنجبت هذه المرأة المحترمة أعظم الرجال شجاعة وثباتاً وإقداماً، وهو حري بتلك الشجاعة الباهرة؛ لأنّهم معروفون فيها من كلا طرفيه .فقد تزوج أمير المؤمنين (عليه السلام) أُم البنين (فاطمة) بعد وفاة الصديقة سيِّدة النساء فاطمة الزهراء (عليها السلام)، وأنجبت له أربعة بنين، هم: (العباس، وعبدالله، وعثمان، وجعفر)، وقد استشهدوا جميعاً مع الإمام الحسين (عليه السلام) في واقعة كربلاء يوم عاشوراء، ولا بقيّة لهم إلّا من العباس .كانت أُم البنين من النساء الفاضلات، العارفات بحقّ أهل البيت (عليهم السلام)، مخلصة في ولائهم، ممحضة في مودّتهم، ولها عندهم الجاه الوجيه، والمحل الرفيع .

إنّ زيارة حفيدة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وشريكة الإمام الحسين (عليه السلام) في نهضته، السيِّدة  زينب الكبرى (عليها السلام) لأُم البنين، ومواساتها لها بمصابها الأليم بفقد السادة الطيبين من أبنائها، مما يدلّ على أهمية أُم البنين وسموّ مكانتها عند أهل البيت (عليهم السلام). وقامت السيِّدة أُم البنين برعاية سبطي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وريحانتيه وسيّدي شباب أهل الجنّة الحسن والحسين (عليهما السلام)، وقد وجدا عندها من العطف والحنان ما عوّضهما من الخسارة الأليمة التي مُنيا بها بفقد أُمّهما سيِّدة نساء العالمين فقد توفّيت، وعمرها كعمر الزهور فقد ترك فقدها اللوعة والحزن في نفسيهما.

لقد كانت السيِّدة أُم البنين تكنّ في نفسها من المودّة والحبّ للحسن والحسين (عليهما السلام) ما لا تكنّه لأولادها الذين كانوا ملء العين في كمالهم وآدابهم. لقد قدّمت أُم البنين أبناء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، على أبنائها في الخدمة والرعاية. فقد كانت ترى ذلك واجباً دينياً لأنّ الله أمر بمودتهما في كتابه الكريم، وهما وديعة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وريحانتاه، وقد عرفت أُم البنين ذلك فوفت بحقّهما وقامت بخدمتهما خير قيام. فأُم البنين (عليها السلام) هذه الشخصية التاريخية الباهرة الفذة التي أفنت حياتها كلّها في تربية الحسن والحسين سيِّدي شباب أهل الجنة (عليهما السلام).

لقد كانت أُم البنين (عليها السلام) القدوة الحسنة، والمثل الأعلى الذي يُحتذى به، وكانت عنواناً للثبات والإخلاص، والبسالة والتضحية، والفداء والشرف، والعزّة والكرامة في سبيل الحقّ والعدالة .هذه السيِّدة المصون ما إن بلغها مقتل الحسين (عليه السلام) يوم عاشوراء حتى خنقتها العبرة، فكانت تبكي بكاء الثكالى، صباح مساء، تعبيراً عن مشاعرها وأحزانها، فعلى مثل الحسين فليبك الباكون، وليضجّ الضاجّون. كانت (عليها السلام)، لسعة اطلاعها في الأمور، وإخلاصها الكريم، وماضيها المجيد، أثر حاسم في تعلّق الناس بها، وثقتهم ومحبّتهم التي لا حدّ لها بشخصها، فاستطاعت بحكمتها وصبرها، وبُعد نظرها التغلب على كلّ الصعاب .وهذا إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على حنكتها وجلدها، ومعدنها الأصيل ضمن إطار الأخلاق العربية، والتربية الإسلامية الأصيلة، وتقاليدها في التعامل مع الجمهور في احترامها لهم؛ لأنّ المرأة عظيمة المنزلة عند أمير المؤمنين (عليه السلام) في العلم والحلم، والمعارف والصلاح. عظيمة المنزلة عند الناس ويظهر للمتتبّع لأخبار أُم البنين إنّها كانت مخلصة لأهل البيت (عليهم السلام)، متمسّكة بولايتهم، عارفة بشأنهم، مستبصرة بأمرهم، فكانت هذه المبجّلة قد أضاءت طريق الإصلاح، والإصلاح لحالها من دور مهمّ في أحداث التاريخ العربي والإسلامي .

ارسال التعليق

Top