يحتفل العالم في الحادي عشر من يوليو من كلّ عام بـ«اليوم العالمي للسكان» والذي يستهدف تركيز الاهتمام على قضايا السكان في سياق الخطط والبرامج الانمائية الشاملة وضرورة ايجاد حلول للمشكلات السكانية المتعلقة بقضايا النمو الديموغرافي والصحة والتعليم والخدمات وغيرها. وكان مجلس ادارة برنامج الأمم المتحدة الانمائي قد أوصى في عام 1989 في بيان صدر بهذه المناسبة بأن يكون الـ11 من يوليو (تموز) يوماً عالمياً للسكان.
لا يمكن النظر إلى المسألة السكانية من زاوية الأرقام والإحصائيات والبيانات فقط، على أهميتها، بل لا بد من التركيز على عناصر المسألة السكانية والمتغيرات الديموغرافية وارتباطاتها المختلفة بالمسائل التنموية وانعكاساتها على مختلف جوانب حياة السكان ومعاشهم. فالغاية الأساسية هي تحقيق التوازن أو التناسب الأمثل بين معدل النمو السكاني والاقتصادي بهدف تحقيق معدلات تنمية حقيقية ومستدامة.
هنالك حاجة إلى صياغة سياسة سكانية لإيجاد توازن بين النمو الاقتصادي ورفاه السكان والتنمية المستدامة مع مراعاة الإتجاهات السكانية عند وضع استراتيجيات وسياسات التنمية الوطنية والريفية والحضرية بشكل منهجي من خلال الإستفادة من الفرص ومواجهة التحديات المرتبطة بالتغيير الديموغرافي. أيضاً من المهم إعطاء اهتمام خاص للأطفال والشباب والمسنين، لأنهم شرائح مهمة في المجتمع. لذلك مع ازدياد عدد سكان العالم، يجب وضع خطط إستراتيجية حالية أو مستقبلية لتكييف هذه الزيادة وفق أبسط معايير حقوق الإنسان من ناحية أمنه وغذائه وسلامته.
من المهم إدراك حقيقة مدى خطورة النمو السكاني على المجتمع، عندما يكون النمو السكاني لا يرافقه نمو في الموارد والخدمات وخصوصاً في ضوء انخفاض معدلات الدخل وزيادة في حجم الأسرة مما يؤدي إلى زيادة الأعباء الثقيلة والعجز عن توفير حتى المتطلبات الأساسية للأبناء. لذلك على الجميع أن يتحمل المسؤولية بضرورة الموازنة ما بين دخل الأسرة ومتطلبات الحياة في ظل محدودية الدخل في المجتمع.
في اليوم العالمي للسكان، من المهم تركيز الإهتمام على الطابع الملح للقضايا السكانية وأهميتها في سياق خطط التنمية الشاملة وبرامجها والحاجة لإيجاد حلول لهذه القضايا. بالإضافة إلى الإهتمام بالثقافة فهي في وقتنا الراهن مطلباً أساسياً ولم تعد مجرد مسألة كماليات ولاسيما أمام التحديات التنموية والثقافية التي تواجه الدول النامية. فالثقافة هي بمثابة رؤية مستقبلية لكي يتجاوز الإنسان كلّ ما من شأنه أن يقف أمامه فالبنى المعرفية هي جزء من الثقافة تبدأ منذ طفولة الإنسان وحتى يكبر تلازمه في حياته الأسرية والمهنية والاجتماعية والتربوية. من هنا استندت التنمية الشاملة والمستدامة على الارتقاء بالمستويات الثقافية والتعليمية بغية تحسين وضع الإنسان لأنه هدف التنمية وأداؤها بالوقت نفسه.
في اليوم العالمي للسكان، من المهم أيضاً وضع برامج للوصول إلى أولويات الشباب ودراسة إحتياجاتهم بتعزيز صمودهم وتمكينهم اقتصادياً من خلال بناء قدراتهم من مختلف البيئات الاجتماعية بضمان مورد دخل وإدارة المشاريع ومهارات التواصل.
عندما تستثمر البلدان في صحة شبابها وتعليمهم، وتهيأ لهم الفرص لتحقيق كامل إمكاناتهم، فإنهم يصبحون في وضع أفضل لتحقيق العائد الديمغرافي الذي يمكن أن يدفع قدماً بالنمو الاقتصادي والتطور من أجل مكافحة الفقر والحرمان والنقص في الموارد والإحتياجات.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق