• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الهدية وقيمتها التربوية

الهدية وقيمتها التربوية

الهدية علامة ودليل على قوة الرابطة بينك وبين طفلك، وتأكيد للمشاعر الإيجابية الإنسانية التي تجمع بينكما. فما الهدية المناسبة له إذاً؟

إنّ الهدية لغة للتواصل بين شخصين وتعبير عن مشاعر الحب والود بينها، ومن هذا المنطق تمثل الهدية رمزاً مهماً أكثر من قيمتها أكثر من قيمتها المادّية. هذا لا يعني أننا نضخم الهدية ونعطيها أكثر من حقها ونشجع عليها بلا حدود، وإنما التأكيد على أهمية التواصل الناتج من الهدية وليس على الشيء المهدى وقيمته، وأيضاً على اللحظة التربوية الإيجابية التي تعيشينها أنت وطفلك.

ولكن، هل يمكن اعتماد الهدية أسلوباً تربوياً؟ وهل ينبغي أن تشجعي طفلك على العمل والجد من خلال الهدية؟ كيف تختارين هدايا طفلك؟ إليك بعض الأمور المهمة في مسألة الهدية:

من يختار الهدية:

غالباً عندما لا يتعلق الأمر بطفلك الرضيع، فاختيار الهدية ونوعها يحُدّد شخصية مَن  يمنحها. ولذلك، تكون الهدايا مُعبّرة عن ذوق الكبار واختياراتهم. وهذا ما عشناه جميعاً، ونحن صغار نتلقّى الهدايا  المختلفة التي تُعبّر عن أذواق مقدميها لا أذواقنا نحن.

لكنك كأُم مثقفة فإنّك تميلين إلى نوع الهدايا ذات الطابع التربوي التي تنمّي ذكاء طفلك، وتُكسبه مهارات حركية وذهنية وعاطفية. مثل: (ألعاب تركيب- كتب- وسائل تلوين- أركان تنمية الحواس).

ينبغي التركيز دوماً في اختيار الهدية على استعمالاتها، وفوائدها التربوية ومراعاة المواهب والميول التي تلاحظينها على طفلك منذ الصغر، فلو كان طفلك ميّالاً إلى التجميع وهي سمة من سمات المبدعين، فاختاري هدايا يمكن تجميعها ضمن إطار مُنظّم من مثل، السيارات الصغيرة والطوابع البريدية والنقود المعدنية. ويمكن اختيار الهدايا التي تُثير فضول طفلك وتشبع حاجته للاكتشاف، والتي تمنحه فرصاً لا كتساب مهمارات حياتية مهمة، إضافة إلى إشباع حاجته النفسية للترويح والمتعة. إذن، ينبغي التركيز على إمكانية استغلال طفلك للهدية من الناحية التربوية، مثل: (تنمية الذكاء- الصبر- الإصرار-  التوقع -  تمرين الحدس) أو من الناحية الترفيهية.

ما قيمة الهدية؟

سؤال مهم ينبغي لك طرحه وأنتِ تفكرين في هدية لطفلك، وهو ما قيمة الهدية التربوية؟

تأتي الهدية مكافأة على سلوك إيجابي مثل التفوق الدراسي، أو التفوق في عمل ما مثل تعلم مهارة معينة كالعزف، أو السباحة، أو نهاية دورة في اللغة الإنجليزية... إلخ، ويكون هذا الموقف التربوية اتفاقاً مسبقاً حدث بينك وبين شريكك وطفلك، على شكل وعود لطفلك ينبغي أن تلتزمي به، وذلك تشجيعاً له ومكافأة على سلوكه الإيجابي، فالهدية فرصة لإظهار إعجابك وتقديرك لما قام به طفلك من جهد ومثابرة ليصل إلى هدفه، أو هدفكما معاً لأنّ أي نجاح يحرزه طفلك يغمرك بالسعادة، بل ويصاحبه شعور بالرضا على ما تم إنجازه.

ينبغي التركيز دوماً في اختيار الهدية على استعمالاتها وفوائدها التربوية ومراعاة المواهب والميول التي تلاحظينها على طفلك

لا تجعلي الهدية الرمز الأول والوحيد للتعبير عن مشاعرك نحو طفلك

 

متى تمنحينه الهدية؟

إنّ أفضل لحظة هي تلك المفاجأة لطفلك الذي  يتلقى هدية بلا موعد ولا وعد ولا سلوك إيجابي ينتظر مكافأة عليه، وهذه أفضل لحظات الهدية، لأنّها تعبر عن قوة المشاعر والودّ الرابط بينكما، لذلك هدية المفاجأة تعد أقوى تربوياً وتعبيراً على الجانب العاطفي والمشاعر بينكما، وتشعر طفلك المتلقّي للهدية بأهميته وقيمته الذاتية. (مع عدم تكرارها كثيراً حتى لا تفقد قيمتها وتصبح شيئاً معتاداً ).

إنّ عنصر المفاجأة في الهدية يشعره بما تقومين به من أجله وتمنحه الطمأنينة، وتمنحك أيضاً مجالاً أوسع للإبداع ولتتفنّني في المهارات اليدوية، حيث يمكنك صنع هدايا بنفسك، كما يمكنك استغلال هذه اللحظات تربوياً وتوجيهياً، ويمكنك مُراعاة ما يلي في اختيار الهدية له بحيث تكون:

1-    ملائمة لمرحلة النمو التي يمر بها طفلك وقدراته ومواهبه وميوله.

2-    مُنمّية لجوانب شخصيته الحركية والجسمية والذهنية والعاطفية.

3-    تربوية هادفة تعزز قيماً تربوية.

4-    تُسهم الهدية في تواصله مع الآخرين.

5-    تكون مُرفَّهة ومُسلّية له.

 

عندما لا تعجبه الهدية ماذا تفعلين؟

عندما تصل هدية لطفلك فإنّه يفضّ غلافها بسرعة، ويزمّ فمه ويلوي شفتيه ويرميها. هذه مشكلة قد تتعرضين لها، وبعد أن كنت تتوقعن فرحته بالهدية، تجدينه يتركها وربما يرميها أو يكسرها، ولكن ما أسباب هذا التصرف، وكيفية التعامل معه في هذه الحالة؟ إذا كان الطفل معتاداً تلقي الهدايا بمناسبة ومن دون مناسبة فهو لن يقدّر قيمتها، أو أهميتها، يتوقع أن تكون هديته كبيرة التي تشترينها، إن كنت قاسية مع طفلك فسيعتبر الهدية تعويضاً عن نقص في الحنان لذلك سيرفضها، هنا لا بد من تغيير نوع الهدية من هدية مادّية ينفرد بها، إلى هدية جماعية كنزهة تلعبين معه في حديقة أو ملهى للأطفال أو مشاهدة فيلم أو مسرحية، ليشعر بحبك وقربك منه وهذه أعظم هدية يمكن أن تشعر بذاته، فالهدية ليست دائماً مادّية. ربما يرفض الهدية لأنّها ليست الشيء الذي كان يتوقعه، كأن تكون غير مناسبة له، فقد تكون لعمر أقل أو أكبر من عمره، لذلك يصعب عليه التعامل معها. كذلك حين يحصل إخوته على هدية أكبر من هديته فيشعر بالغيرة، ويقارن نفسه بهم، لأنّه في هذه السن يمتلك مفهوماً واحداً عن العدالة والظلم، أي انحياز منك يحمله محمل الجد. افعلي الآتي إن لم تعجبه هديتك:

·      لا تجلعي الهدية هي الرمز الأول والوحيد للتعبير عن مشاعرك نحو طفلك، اغمريه بعطفك، قبليه أو احضنيه ولا تغضبي منه بل خبّريه بأنّ الهدية تتغير وتتبدل، لكن حبك له لا يتغير أبداً.

·      عدم لوم الطفل عند شعوره بالخيبة تجاه الهدية، تقبلي غضبه أو عدم إعجابه، وأخبريه أنّ المرات المقبلة ستأخذينه معك ليختارها بنفسه.

·      إظهار الأسف، والاعتذار لعدم الاختيار المناسب للهدية.

·      على طفلك أن يعرف أنّ الكبار يخطئون أيضاً، وهذا يجعله يتقبل نفسه، ولا يقع في عقدة الفشل أو الخطأ، فربما نختار شيئاً ويكون غير مناسب، ثم نُعدّل من اختيارنا، وهنا أنت تُعلّمينه قيمة تربوية عظيمة ستبقى معه حتى يكبُر، وهي التعلُّم من الأخطاء والتعامُل معها بمرونة.

ارسال التعليق

Top