• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

المغص الكلوي.. الحصاة سببه الأول

محمد عبود السعدي

المغص الكلوي.. الحصاة سببه الأول
◄تتمثل أزمة المغص الكلوي في أوجاع شديدة مُباغتة، تبدأ في منطقة الفقرات القطنية، ثمّ تنتشر نحو الخاصرة وأسفل البطن والعانة والمسالك البولية. وللمغلص الكلوي أسباب عديدة، أهمها وجود حصاة تنزل من الكلية إلى الحالب. على الأغلب، ينجم المغص الكلوي عن نزول حصاة من الكلية إلى أحد الحالبين، ما يؤدي دوماً إلى آلام شديدة جدّاً، مردّها عدم استمرار السيل البولي، جراء احتقانه. تلك الآلام تنتشر بسرعة لكي تشمل أعضاء أخرى. لذا، قد لا يستطيع المصاب تحديد موضع انطلاق الألم. وعليه، ينبغي إجراء أشعة سينية أو فحص بالموجات الصوتية لتشخيص مصدر الأوجاع. فإن ثبت أنّه مغص كلوي، فإنّه ينجم عن حصى كلوية في 8 أعشار الحالات. لكن، ثمة أسباب أخرى للمغص الكلوي، تتمثل في الآتي: 1-    تضيق الحالب الالتهابي. 2-    وجود حالة تليّف في أعلى العجان. 3-    تدرّن أحد المسالك البولية، بمعنى إصابته بـ"السل غير الرئوي". 4-    في حالات نادرة، وجود ورم غير خبيث. لذا، يصعب تشخيص منشأ الألم. فمثلاً، حين تصاب الجهة اليمنى، قد يظن الطبيب أن مصدر الوجع هو التهاب الزائدة الدودية. وفي حال إصابة امرأة، قد يجري الخلط بين المغص الكلوي والتواء الملحقات، أو التواء ذنيبات أكياس المبيض. ويمكن أيضاً الخلط بين المغص الكلوي والتهاب الحويضة، فضلاً عن التهاب المعي السيني، المسمى كذلك لأنّه على شكل حرف S. في أيّ حال، تنجم معظم حالات المغص الكلوي عن نزول حصاة كلوية، كبيرة الحجم نسبياً، في أحد الحالبين. والحصاة الصغيرة، بقطر 5 ملليمترات أو أقل، تنزلق بشكل عام عموماً نحو الإحليل، بسبب الضغط المتأتي من دفق الإدرار. هكذا، تلفظ خارجاً أثناء التبول. ولا يحس المصاب سوى بألم طفيف وحرقة. المعضلة حين توجد حصاة كبيرة.   حذار من الانتكاس: يصيب المغص الكلوي الرجال أكثر. فإحصائياً، نحو 10 في المئة من الرجال و5 في المئة من النساء، في العالم، تنتابهم أزمة مغص كلوي على الأقل مرة في العمر. وعند الرجال، حين تنزل الحصاة إلى المثانة، تتسبب بآلام شديدة للخصيتين أيضاً. في الواقع، بحسب الأطباء، نسبة حاملي الحصى أعلى بكثير. لكن معظمهم لا يحس بشيء نظراً إلى صغر حجم حصاهم، ولفظها خارجاً مع الإدرار من دون ترك آثار. أما الحصاة الكبيرة، فحتى إن لم تنجم عنها أي مضاعفات، فإنّها تولد دائماً آلاماً شديدة، تحول دون النوم، وعلى الأكثر تستلزم الذهاب إلى الطوارئ. فهي من الشدة بحيث لا يمكن تهدئتها إلا بحقن مسكنات ألم قوية في الوريد، ولا تنفع معها الحبوب المسكنة الاعتيادية. وعموماً، في حالة عدم ضرورة الرقود في المستشفى، يُجرى العلاج أوّلاً بمضادات التهاب، ثمّ باستخدام إحدى التقنيات العلاجية، الجراحية أو شبه الجراحية. فنسبة الانتكاس عالية في حالات المغص الكلوي: 50 في المئة خلال السنوات الـ5 التالية للأزمة الأولى، في حال إهمال العلاج. ونوبة المغص تدوم من نصف ساعة إلى بضع ساعات. أما في الـ50 في المئة المتبقية، فلا تتكرر الأزمة لسبب بسيط، هو أنّ الحصاة تخرج طبيعياً عبر المجاري البولية.   تداعيات خطيرة: أحياناً، يتسم المغص الكلوي بالتناقض، إذ قد توجد حصاة خطيرة، إنما لا تسبب أي آلام، وفي المقابل قد تسبب حصاة أخرى آلاماً شديدة، في حين أنها غير خطيرة نسبياً، إذ ما تلبث أن تلفظ خارجاً من دون إحداث مضاعفات. والمضاعفات، هنا، تشير إلى التداعيات الناجمة عن وجود حصاة كبيرة في الكلية أو أحد الحالبين، وليس مضاعفات المغص الكلوي. فالمغص، في حد ذاته، ليس مرضاً إنما أعراض وجود حصاة في الكلية. وأكثر تلك المضاعفات خطيرة، وتتطلب اللجوء إلى الطوارئ. ومنها: -        تشقّق الحالب. -        إصابة المسالك البولية العليا. -        انقطاع البول، ما يدعي الـ"زُرام". -        نوبات آلام شديدة في أماكن أخرى من الجسم. -        وجود دم في البول، ما يُسمَّى الـ"بيلة الدموية". -        عند الحوامل، الإسقاط أو الولادة قبل الأوان (ابتسار الإنجاب). -        تشقق في الشريان الأبهر.   علاج ونصائح: طبعاً، تُسهم مضادات الالتهاب ومسكنات الألم في تهدئة أوجاع المغص الكلوي، لكنها لا تقضي على العلة، أي الحصاة المسببة (أو أحد الأسباب الأخرى، المذكورة آنفاً، كوجود ورم خبيث أو تليف الحالب الالتهابي، إلخ). ووجود حصى في الكلى يشمل الفئات العمرية كلها، إذ لا يسلم منه الشباب بدءاً من سن العشرينات، والرجال ضعف النساء، مثلما أسلفنا. وفي حالة المغص الكلوي الناجم عن حصى كلوية، يجرى تخفيف الألم بإحدى الوسائل الآتية: -        أخذ مضادات التهابات خالية من مركبات "ستيروييد" فئة 1، شرط ألا تنطبق على المصاب المحاذير الخاصة بتلك الأدوية، لا سيّما إذا كان يعاني عجزاً كلوياً أو التهاب الحويضة. إلى ذلك، ينبغي الامتناع قطعاً عن خلط مضادّي التهاب اثنين مختلفين. -        في ذروة الألم، تحقن مسكنات من فئة المورفين. -        تناول حبوب مضادة للتشنج. إلى ذلك، ثمّة نصائح، يوصي بها الأطباء للمصابين بحصى الكلى، ومنها: 1-    الإكثار من شرب الماء حال التخلص من الحصاة، تفادياً للانتكاسة، أو على الأقل لتأجيلها أقصى قدر ممكن. 2-    أثناء أزمة المغص الكلوي نفسها، ينبغي تقليل شرب الماء إلى أدنى حد ممكن، تفادياً للشد على الحالبين، ما يرفع حدة الوجع. 3-    إنّ أظهر تحليل الإدرار ارتفاع نسبة حمض البول (أو "يوريك")، من الأفضل شرب مياه معدنية قاعدية (المياه الغازية ذات الفقاعات). 4-    إذا أظهر التحليل وجود نسبة عالية من الكالسيوم، فيجب تقليل شرب الحليب وتناول منتجاته.   جراحة: القضاء على العلة من الأساس، أي علاج الحصاة، أكثر تعقيداً، إذ قد يستدعي إجراء عملية جراحية أو شبه جراحية لاستخراج الحصاة، أو الحصى المتراكمة. ويتوقف اختيار الوسيلة الأمثل على حجم الحصاة ومكان وجودها: -        إذا كانت صغيرة، بقطر أقل من 5 ملليمترات، وغير سادّة (أي أنها لا تعوق سريان الإدرار من الكلية إلى الحالب والإحليل)، فلا ضرورة لأي عملية جراحية. أما إذا كانت أكبر، فيجب استخراجها أو سحقها، حتى وإن لم تسبب أي آلام. -        في حال وجود الحصاة في أسفل المسالك البولية، يجرى استخراجها بوسيلة "يوروسكوبي" (إدخال آلة خاصة عبر القنوات الطبيعية، تحت تخدير موضعي أو عام). -        في حال وجودها في أعلى المسالك البولية، تجرى عملية جراحية بفتح شق بطول سنتيمتر واحد، في منطقة الفقرات القطنية. -        وأخيراً، ثمة تقنيات حديثة، لا تستوجب إحداث أي شق في الجسم.►   كيفية التخلُّص من الحصى الكلوية: التقنيات الحديثة للتخلص من الحصى الكلوية لا تستوجب إجراء حز في البشرة، إذ يتم التخلص من الحصاة بإحدى طريقتين: 1-    بأشعة الليزر. 2-    بالموجات الدقيقة. ومن الخطأ الظن أنّ العملية تنصبّ على تفتيت الحصاة. فعلى العكس، يؤدي تفتيتها إلى تكسيرها إلى حصى صغيرة عدة، ما يجعل استخراجها أصعب. وعليه، تقوم العملية بالأحرى على تصغير الحصاة من خلال "كشط" سطحها الخارجي مرة أولى، ثمّ ثانية، وهكذا تدريجياً من الخارج نحو المركز. فتتحوّل طبقات الحصاة إلى رمل مفتت، يلفظ خارجاً مع البول. وفي 5 في المئة من الحالات، يتوقف الكشط حول قلب الحصاة، بسبب صلادة الأخير، بحيث لا تؤثر فيه حزمة الموجات. في تلك الحالة، يتم الاكتفاء بما أمكن من تفتيت، واللجوء إلى وسيلة "يوروسكوبي" لاستخراج المتبقي، أو تركه يخرج بشكل طبيعي، مع الإدرار، إن لم يكن كبيراً.

ارسال التعليق

Top