• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الكون الواسع.. حقائق فلكية

محمد شوكت عوده

الكون الواسع.. حقائق فلكية

وردت في القرآن الكريم في غير موضع آيات تدل على عظمة واتساع كوننا البديع، فقال سبحانه وتعالى في (سورة الذاريات الآية 47): (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ)، ويقول عزّ من قائل في (سورة الواقعة الآيتان 75-76): (فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ)، وسنلقي الضوء في ما يلي على بعض الحقائق الفلكية التي من شأنها أن توضح حقيقة كوننا الشاسع وعظمته. وسنبدأ بإدراك عظمة ما حولنا عند مقارنة حجم أرضنا مع الكواكب الأخرى والشمس.

يدور حول الشمس ثمانية كواكب، بعضها ما هو أصغر من أرضنا وبعضه ما يفوق حجم أرضنا بأضعاف مضاعفة، فإذا علمنا أن قطر كوكب الأرض هو 12742 كم، فإن قطر كوكب المشتري أكبر كواكب المجموعة الشمسية هو 139822 كم. أي أن كوكب المشتري يتسع إلى 1300 أرض مثل أرضنا. أما الشمس، فإن قطرها هو 1.39 مليون كم. وهي تتسع إلى مليون و300 ألف أرض من أرضنا. فما أصغر أرضنا. أما شمسنا العملاقة هذه، فهي مقارنة بغيرها من النجوم فهي ليست عملاقة. بل هي قزم مقارنة بالعديد من النجوم الأخرى، فنجمة الشعرى اليمانية مثلاً، وهي ألمع نجوم السماء وقد عبدها البعض في الزمن الغابر بسبب شدة لمعانها وأقسم بها سبحانه وتعالى، حيث قال تعالى في (سورة النجم الآية 49): (وَأَنَّهُ هُوَ رَبّ الشّعْرَى)، فإنّ حجمها أكبر من شمسنا بخمس مرات. أما نجم قلب العقفرب، وهو من ألمع نجوم السماء ويمكن رؤيته بالعين المجردة بسهولة فإن قطره يبلغ حوالي 1000 مليون كم، أمّا من حيث الحجم، فهو أكبر من الشمس بحوالي 512 مليون مرّة. ولو وضع نجم قلب العقرب مكان شمسنا لابتلع مدار عطارد والزهرة والأرض والمريخ ولوصل سطحه الخارجي إلى ما بين مدار المريخ والمشتري.

يتضح مما سبق أن نجمنا الشمس عبارة عن نجم متواضع مقارنة بغيره من النجوم، وما سبب لمعانه الشديد هذا إلا لأنّه أقرب النجوم إلى الأرض. وجميع النجوم التي نراها في السماء ليلاً تقع في مجرتنا درب التبانة، ويقدر العلماء أن مجرتنا تحتوي ما بين 200 و500 مليار نجم، أحدها هو الشمس. أي أن هناك عدداً هائلاً من الشموس في مجرتنا درب التبانة. ومجرتنا درب التبانة عبارة عن شيء عظيم وواسع. حيث يبلغ قطرها حوالي 100 ألف سنة ضوئية. أي أنّ الضوء بسرعته الهائلة التي تبلغ 300 ألف كيلومتر في الثانية يحتاج إلى 100 ألف سنة حتى يقطع مجرتنا من طرف إلى طرف مقابل. وبلغة الأرقام التي نعرفها فإنّ هذا يعني أن قطر مجرتنا يساوي حوالي 950 ألف مليوم مليون كم، أي قرابة مليوم مليون مليون كم.

ولكن... مجرتنا ليست الوحيدة في هذا الكون. فيقدر العلماء وجود ما بين 100 و200 مليار مجرة أخرى في الكون. ومما يثير الدهشة أن عدد النجوم في مجرات أخرى أكبر من عدد النجوم في مجرتنا، فمجرة المرأة المسلسلة التي يمكن إعتبارها أقرب مجرة إلى مجرتنا تحتوي نحو مليون مليون نجم. أي خمسة أضعاف مجرتنا على أقل تقدير. أمّا أكبر مجرة مكتشفة حتى الآن فيقدر عدد نجومها بـ100 مليون مليون نجم. ومعدل هذه الأرقام يعني أن عدد النجوم في كوننا المرئي يساوي واحداً بجانبه 24 صفراً. أي 1000000000000000000000000 نجم.

وبعد الحديث عن العدد والحجم في كوننا البديع، ننتقل الآن للحديث عن الأبعاد في هذا الكون، وسنبدأ من جارنا القمر، حيث يبعد عنا 384 ألف كم، ويحتاج الضوء إلى ثانية وثلث الثانية ليصل من القمر إلى الأرض. أمّا الشمس التي تبعد عنا حوالي 150 مليون كم تقريباً، فإنّ الضوء يحتاج إلى 8.3 دقيقة ليصل منها إلى الأرض. أمّا أقرب النجوم إلينا بعد الشمس وهي نجمة ألفا قنطورس فإنّها تبعد عنا 4.22 سنة ضوئية، وحيث إنّ السنة الضوئية (المسافة التي يقطعها الضوء في سنة) تساوي 9.46 مليوم مليون كم. فهذا يعني أن أقرب النجوم إلينا بعد الشمس تبعد عنا نحو 40 مليون مليون كم. هذا هو أقرب نجم إلينا بعد الشمس. فسبحان القائل: (فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ). أمّا النجم القطبي الذي لطالما استخدمه الناس للإهتداء عن الجهات، فإنّه يبعد عنا 433 سنة ضوئية، أي أنّ الضوء يحتاج إلى 433 سنة حتى يصل إلينا منه، وهذا يساوي نحو 4 آلاف مليوم مليون كم. أمّا أقرب مجرة إلينا وهي المرأة المسلسلة والتي يمكن رؤيتها بالعين المجردة من مكان مظلم كبقعة غبشاء بحجم أي نجمة أخرى تقريباً فإنّها تبعد عنا 2.5 مليون سنة ضوئية. أي نحو 24 مليون مليون مليون كم.. أما أبعد جرم سماوي يمكن رؤيته بالعين المجردة وهي مجرة المثلث فإنها تبعد عنا 3 ملايين سنة ضوئية، وما زال في كوننا ما هو أبعد من ذلك بكثير.

إنّ إستيعاب كلّ هذه الأرقام قد يكون غير ممكن لعقلنا البشري. ولجعل هذه القيم أكثر وضوحاً سنفترض أننا نريد وضع نموذج مصغر لنظامنا الشمسي وجيرانه في حديقة ما، فإذا كان حجم الأرض بحجم كرة السلة، فإنّ القمر سيكون بحجم كرة التنفس الأرضي تقريباً، وسنضع القمر (كرة التنس) على بعد 7.4 متر من الأرض (كرة السلة). أمّا الشمس فسيكون قطرها 26 متراً (حجم منزل) وستقع على بعد 2.8 كم من الأرض (كرة السلة). أمّا نجم ألفا قنطورس (أقرب النجوم إلينا) فإنّه سيقع على بعد 177 ألف كم من الأرض (كرة السلة). أما مجرتنا درب التبانة وهي الحديثة التي سنضع فيها نظامنا الشمسي فسيكون طولها 17.6 مليون مليون كم. فسبحان الخالق المبدع.

ارسال التعليق

Top