• ٢٥ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٦ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الكبد الدهنية.. مرض خطير ينمو بصمت

الكبد الدهنية.. مرض خطير ينمو بصمت

الكبد الدهنية، مرض عنيد يُصيب الكبد فيُضعفها أو يدمرها، ويرتبط هذا المرض أحياناً بشرب الكحوليات. لهذا، فهو ينقسم إلى نوعين أساسيين. فما الذي يمكن أن نعرف عن أعراض هذا المرض وأسبابه وعلاجه؟

وجود دهون في الكبد أمر طبيعي جدّاً، لكن إذا فاق حجم الدهون في الكبد أكثر من 5% إلى 10% من وزن الكبد، فإنّ الإنسان يمكن أن يكون مريضاً بمرض الكبد الدهنية، سواء الكحولي (الناتج عن شرب الكحوليات) أم غير الكحولي. وهذا المرض يمكن أن يؤدي في بعض الحالات إلى مضاعفات خطيرة جدّاً.

 

مرض الكبد الدهنية الكحولي:

في أميركا مثلاً، تُشير الإحصاءات إلى أن أكثر من 15 مليون شخص يُبالغون في شرب الكحوليات، وتقريباً كلهم (ما بين 90% و100% منهم) يصابون بمرض الكبد الدهنية. بل إنّ هذا المرض يمكن أن يصيب الإنسان حتى لو لم يشرب الكحوليات إلا فترة قصيرة، لكن كان يشربها بغزارة، حينها يُصاب بما يُسمّى مرض الكبد الدهنية الكحولي الحاد. ويلعب العامل الوراثي، أو ما يورثه الأب أو الأُم للطفل من جينات، دوراً أساسياً في الإصابة بالكبد الدهنية، وذلك عبر طُرق مختلفة عديدة، حيث يحدد العامل الوراثي كمية الكحوليات التي يشربها  كلّ فرد، وأيضاً مدى قابلية كلّ فرد على إدمان الكحول، فبعض الناس يُدمنون الخمور بسرعة وبعضهم لا يدمنونها مهما شربوا منها، ولديهم قدرة على التحكم في الكميات، أو التوقف عندما يشاءون، كما يمكن للعامل الوراثي أن يحدد أيضاً كمية الأنزيمات الكبدية التي تتدخل في استقلاب الكحول الذي يدخل الجسم. ومن العوامل الأخرى التي يمكن أن تتدخل في إصابة المرء بمرض الكبد الدهنية الكحولي، نذكر مرض التهاب الكبد الفيروسي "سي"، لأنّه يمكن أن يؤدي إلى التهاب الكبد، ارتفاع مستوى الحديد في الدم، السمنة أو الحمية.

 

الكبد الدهنية غير الكحولي:

يعد مرض الكبد الدهنية غير الكحولي، سبباً شائعاً في الإصابة بمرض الكبد المزمن. بعض الأشخاص الذين يعانون وجود كمية كبيرة من الدهون في الكبد، يعانون ما يُسمّى مُجرّد كبد دهنية. وعلى الرغم من أنّ هذه الحالة ليست طبيعية، إلا أنها لا تُعتبر مرضاً خطيراً إذا لم تؤدِّ إلى التهاب أو إلى ضرر للكبد. ويعاني آخرون ما يسمّى مرض الكبد الدهنية غير الكحولي، وعلى الرغم من أنّه شبيه جدّاً بمرض الكبد الدهنية الكحولي، إلا أنّ المصابين بهذا المرض هم أشخاص لا يشربون الكحوليات أو نادراً ما يشربونها. ويمكن لمرض الكبد الدهنية غير الكحولي أن يؤدي إلى تلف دائم في الكبد، كما يمكن أن يؤدي إلى تضخم الكبد، ومع مرور الوقت يمكن أن تحل أنسجة ندبيّة محل خلايا الكبد السليمة، وهذا هو ما يُسمّى تشمُّع الكبد أو التليُّف الكبدي. ولا يمكن للكبد آنذاك أن تؤدي وظائفها بالشكل المطلوب. كما يمكن أن يصاب المريض بفشل الكبد أو سرطان الكبد، أو الوفاة لأسباب مرتبطة بالكبد. ومرض الكبد الدهنية غير الكحولي، هو واحد من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى التشمُّع الكبدي.

 

صامت:

غالباً ما يكون مرض التهاب الكبد الدهنية مرضاً صامتاً، ليست له أي أعراض أو علامات، وخاصة في مراحله الأولى. وإذا كان المرض متقدماً، وهو ما يستغرق سنين لكي يحدث وأحياناً عقوداً، فيمكن أن يسبب بعض المشاكل الصحية الغامضة، من قبيل الإرهاق، فقدان الوزن أو فقدان الشهية، الضعف والوهن، الغثيان، صعوبة في التركيز، كما يمكن أن تلاحظ لدى المريض أعراض إضافية، مثل: ألم في وسط أو أعلى يمين البطن، تضخم في حجم الكبد، بقع لونية داكنة على البشرة غالباً في منطقة الرقبة أو تحت الإبط.

ويمكن أن تزداد الأعراض سوءاً، فإذا تطور المرض وأصبح تشمعاً  كبدياً فإنّ الكبد تتوقف عن أداء وظائفها.

 

تفكيك الدهون:

لا يعرف الأطباء معرفة قاطعة حتى الآن السبب وراء حدوث هذه الحالة، إلا أنّه من خلال البحوث والدراسات، تبيّن أن هناك العديد من الأمراض التي لها علاقة بمرض الكبد الدهنية غير الكحولي، وهي أمراض عديدة ومتنوعة جدّاً بشكل يجعل من الصعب على الأطباء تحديد أي سبب مُعيّن للإصابة بالمرض. لكن عموماً يلاحظ أنّ الإنسان يصاب بمرض الكبد الدهنية غير الكحولي، عندما تواجه الكبد مشكلة في تفكيك الدهنيات والتخلص منها، ما يؤدي إلى تراكم الدهون في نسيج هذا العضو المهم في جسم الإنسان.

من جهة أخرى، تَبيّن أيضاً أن مرض الكبد الدهنية يتوارث في عائلات بعينها، كما أنّه يظهر أكثر لدى الأشخاص في منتصف العمر، الذين يعانون الوزن الزائد أو السمنة. ومن الأسباب المحتمل تدخلها في الإصابة بمرض الكبد الدهنية، نذكر الأدوية والتهاب الكبد الفيروسي وأمراض الكبد المناعية أو الوراثية، وسرعة فقدان الوزن، وسوء التغذية. وقد بيّنت دراسات حديثة أن نموّاً زائداً للبكتيريا في الأمعاء الصغيرة وتغيُّرات أخرى في الأمعاء، يمكن أن تُسهم في تطور المرض.

 

تحت السيطرة:

ليس هناك حالياً علاج مُعيَّن لمرض الكبد الدهنية بنوعيه، مع ذلك فإنّ معالجة أي مرض كامن وراء المرض، مثل السكري، يمكن أن يكون خطوة ضرورية في العلاج، هذا إضافةً إلى خطوات أخرى يمكن اتخاذها لتحسين وضع المريض.

إذا كان المريض يعاني الكبد الدهنية، وكان شخصاً يشرب الكحوليات بينهم، فإن أوّل وأهم خطوة في العلاج هي الإقلاع عن الشرب، وللنجاح في هذا، يجب أن يحصل المريض على الدعم المناسب من طبيب متخصص أو أخصائي نفسي أو معالج نفسي. وبالنسبة إلى مرض الكبد الدهنية عموماً، فإن شرب الكحوليات يمكن أن يؤدي إلى تعقد الوضع والإصابة بمرض آخر، مثل التشمع الكبدي أو التهاب الكبد الفيروسي، بل حتى بالنسبة إلى المصابين بمرض الكبد الدهنية غير الكحولي، فإن تجنب الكحول يمكن أن يساعد.

إذا كان المريض يعاني الوزن الزائد أو السمنة، فعليه أن يفعل ما في وسعه لكي ينقص وزنه، وذلك من خلال التقليل من عدد السعرات الحرارية التي يتناولها كلّ يوم، وممارسة رياضة ما أو نشاط بدني بشكل يومي. ويجب ألا يتم إنقاص الوزن بشكل كبير في زمن قياسي، وإنما ليكن الهدف هو إنقاص كيلوغرام واحد في الأسبوع مثلاً. ومن الأفضل أن يتم إنقاص الوزن تحت إشراف طبيبك الخاص. على مريض الكبد الدهنية أيضاً أن يحكم سيطرته على أي مرض آخر كامن لديه، مثل مرض السكري، فسيكون عليه أن يتبع بشكل دقيق الخطة العلاجية التي كتبها له الطبيب، وأن يلتزم بالحمية الغذائية وبجدول الرياضة. الشيء نفسه ينطبق على ضرورة خفض مستوى الكوليسترول في الدم، وذلك من خلال اتّباع نظام غذائي غني بالخضار والفواكه، والابتعاد عن الدهون والسكريات وممارسة الرياضة. من جهة أخرى، ينبغي على المريض حماية كبده، وذلك من خلال تجنّب أي عوامل يمكن أن تُرهق الكبد أو تضر بصحتها. مثلاً، يجب اتّباع التعليمات المكتوبة على الأدوية بجميع أنواعها، لأنّ الإكثار من تناول أغذية بعينها يُرهق الكبد إرهاقاً شديداً.

ارسال التعليق

Top