هنالك إحصائيات تبيّن أنّ للغذاء الصحي الدور الفعّال في التخلص من المرض والبعد عنه، ثمّ هنالك إحصائيات عديدة تبيّن أنّ للغذاء الدور الفعّال في إظهار المرض، وقد ثبت من البحوث العديدة أنّ للغذاء الدور الأوّل في ظهور 35-45% من الأمراض عامة، لذا سواء أكنت صحيح الجسم والبنية، أم كنت معتل الصحة فإنّ للغذاء الدور الفعّال في التغلب على المرض ويبعدك عنه وعن الحالة الخاصة التي تشعر بها عند التوعك، أو حدوث حالة طارئة مرضية عرضية، كحدوث حالة الإسهال أو التسمم أو أمراض أخرى بسيطة، لذا فإنّ معرفة الغذاء المناسب لحالتك الصحية أو المرضية من أهم الأمور التي يجب أن تطلع عليها، والمرض درس من دروس الحياة لكلّ قوي يتجبر، حيث يكتشف أنّ بعوضة صغيرة أقوى منه، وهو في حالة ضعف، وغياب الشهية وفقدان الرغبة في أي شيء حواليه، وقد يقال إنّ المرض ذُل يصيب الإنسان، خاصة إذا شعر المريض بأنّه غير محاط بالاهتمام والرعاية ولا يعرف السبب! أو كان غير قادر على فهم العلاج وتكاليفه، وقد يكون أمامه من الغذاء الذي لم يتناوله، وقد يقال إنّ المرض هو زكاة العافية، وهذا صحيح! لذا علينا معرفة الغذاء بصورة صحيحة وما يسببه من أمراض متعددة عند نقصه أو عدم وجوده.
أما في حالة حدوث (أمراض نقص التغذية) deficiency disease أو سوء التغذية (حيث تقول الإحصائيات أنّ ما يقارب من 44 مليون شخص يعانون منها – malnutrition – أو عند الإصابة بنقص في بعض الفيتامينات أو العناصر المعدنية المعروفة، عند ذلك فإنّ حصولك على الغذاء المناسب وسد النقص بالعنصر الغذائي المفقود في الأمور الهامة.
أما عندما يصاب الشخص بأمراض أخرى مثل مرض السكري = diabetes، أو البري بري = Beri-Beri أو ترقق العظام = Osteomalacia، أو حتى الكساح = Rickets أو البلاكرا = Pellagra، والذي يعتبر من أمراض نقص التغذية في عدة عناصر غذائية أهمها النياسين، والبروتين، وفيتامين B2، لذا فالغذاء الصحي المتنوع المتكامل المتوازن المحتوى على كافة العناصر الغذائية وبنسب متوازنة صحية، من أهم ضروريات الحياة لسد النقص في الجسم، وما يفقده من هذه العناصر الغذائية وما للغذاء من أهمية عالمية حول العالم.
وهذه الحالة يطلق عليها اسم العلاج الغذائي أو التغذية العلاجية = Dietenc treatment، حيث يُعطى الجسم ما يحتاجه وما يناسب حالته من الغذاء لسد النقص وليعيد التوازن للعناصر الغذائية داخل الجسم وللتغلب على الأعراض المرضية المتعددة من أسباب النقص وعادة ما تظهر على الشخص، وقد لا يلاحظها إلّا الشخص المختص بالغذاء، وقد يفسر الشخص العادي هذه الحالات إلى التعب أو السهر أو غيرها، بينما هي في الواقع أعراض لنقص واحد أو اثنين من هذه العناصر الغذائية أو من ثلاثة كما في حالة مرض البلاكرا، ومرض الكواشيكور وسواءً أكانت فيتامينات معروفة أو معادن، وظهر بعض حالات الالتهابات التي تحدث عند الشخص مثل التهاب غشاء الفم المبطن له، وسببه نقص فيتامين A بالإضافة إلى بعض الفطريات أو البكتريا المساعدة على زيادة سوء الحالة الصحية.
وعند إعطاء الشخص الغذاء المناسب له في هذه الحالة والمحتوى على الكميات المناسبة من هذا العنصر الغذائي أو حتى العنصر الغذائي نفسه على شكل حبات أو إبر، لسد النقص داخل الجسم ولتعود الأمور الصحية إلى سابق عهدها، ولكن بالتدريج، حيث من الصعوبة إصلاح النقص وعلاماته إلّا بالغذاء المناسب ولمدة كافية ليحصل عليها الجسم ويمتصها، وتعتمد هذه المدة على قابلية الجسم وحركته وفعاليته وصحّة مختلف الأعضاء وخاصة الأعضاء التي طالها النقص، فإن كانت في حالة صحّية لا بأس بها يكون الشفاء أسهل وأسرع مما في الحالات التي يكون فيها النقص قد مرّ بمراحل أوسع، وتطوّر، وظهرت أعراض نقص أخرى على جهاز آخر في الجسم، حيث أنّ الأجهزة متعاونة مع بعضها البعض لسد النقص.
وعلى هذا الأساس فالشخص المختص في علم الغذاء والتغذية عندما يميز حالة النقص، يكون هنالك أنواع عديدة من الأغذية كلّ واحد منها مناسب لحالة صحية أو مرضية خاصة، وفي بلدان الغرب العديدة التي زرتها ومنها أمريكا وبلجيكا وهولندا وإنكلترا...
هناك مستشفيات خاصة تقدم أغذية خاصة كلّ غذاء منها مجهّز لمرض حصين ويقدم للمريض في الوقت المناسب، لا بل في بعضها يوجد ملحق للمستشفى يجهز باستشارة غذائية للأغذية الخاصة لكلّ مريض كلّ حسب مرضه، وتُقدم للمريض الراقد في المستشفى كلّ حسب حالته، حتى في بعض البلدان العربية يوجد مثل هذا، كما هو الحال في الإمارات وعُمان، وذلك لوجود أشخاص عديدين مختصين بالغذاء والتغذية والأمراض كلّ حسب حالته.
وهناك الأنواع العديدة من الغذاء تصنف حسب أسمائها وأحياناً لحالة النقص المقدمة له، فمثلاً الغذاء المتوازن والغني بالسعرات الحرارية، يقدم للشخص المصاب بالنحافة ويكون عادة وزنه خفيف بالنسبة إلى عمره وجنسه وطوله، عكس الغذاء المتوازن ذو السعرات القليلة، يقدم للشخص المراد إنقاص وزنه أي أن يتبع حمية غذائية صحّية، وأحياناً لمريض السكري أيضاً، ثمّ الغذاء المتوازن، القليل السعرات الحرارية والقليل البروتيني، يقدم عادة للشخص المصاب بالتهاب الكلى في المراحل الأولى ولفترة قصيرة ثمّ يعاد إلى الغذاء الاعتيادي من حيث السعرات والبروتين بعد العشاء.
ثمّ هنالك الغذاء المحتوى على سعرات متوسطة في الكمية والقليل في كمية البروتين أيضاً، يقدم عادة للشخص المصاب في حالات التهاب الكلى المزمن أو الفشل الكلوي، ثمّ الغذاء المحتوى على سعرات قليلة وكمية البروتين أيضاً قليلة، يقدم للشخص الذي لا يعاني من حالات التهاب الكلى وفي فترة النقاهة، أما الغذاء المحتوي على كمية من البروتين محدودة وقليلة فيقدم للشخص المصاب بالفشل الكلوي الحاد والمتوسط. أما الغذاء المحتوى على نسبة عالية أو معتدلة من البروتين ونسبة الملح محدودة وقليلة فيقدم للشخص المصاب بحالة التهاب الكلى.
ثمّ هنالك الغذاء القليل في نسبة الكاربوهيدرات وسعراته محدودة فيعد للمريض بالسكري.
ثمّ نعود إلى كمية الدهون في الغذاء، فهنالك الغذاء ذو الدهون المحدودة وكميتها قليلة فيقدم عادة للمصاب بالتهاب الكبد وأيضاً في حالة النقص الشديد.
ثمّ كمية (ملح الطعام) أو (ملح المائدة) كما يطلق عليه، فالغذاء المحتوي على كمية منه أقل من الكمية الاعتيادية يقدم لمريض القلب والضغط المرتفع والكبد والتهاب الكلى أيضاً. وإذا لازم الغذاء ملح قليل وسعرات حرارية قليلة فعند ذلك يقدم لمريض القلب والأوعية الدموية والشخص السمين لينقص من وزنه بتناول سعرات حرارية وملح وسكر أقل.
ولا ننسى أن نذكر هنا أنّ الغذاء الاعتيادي أو ما يسمى بـRegular diet الذي يقدم لكلّ شخص عادة تكون صحته جيدة وخال من الأمراض سواءاً كان العلاج في المستشفى أم في البيت، هو عادة غذاء صحّي متنوع متوازن متكامل سهل الهضم مناسب لعمره، وجسمه، وحركته، ووزنه، ونوع عمله، من حيث السعرات الحرارية ثمّ هنالك الغذاء اللين من حيث تركيبته فهنالك ما يسمى = Soft diet يقدم عادة للحالات التي يتطلب فيها الجسم إلى الراحة وعادة ما يكون ذلك بعد العمليات، حيث يكون خالياً من الألياف عادة قدر الإمكان، وفي حالات عدم الاستطاعة على البلع الجيّد، حيث يحضّر الغذاء ليسهل هضمه وتقطع الألياف القليلة إن وجدت واللحوم عادة مفرومة ناعماً ثمّ الفواكه والخضروات مسلوقة ومصفاة ليسهل هضمها.
ثمّ هنالك الغذاء السائل Liquid ثمّ الغذاء السائل والمصفى من الشوائب والمواد العالقة = Sein, liquid، وهنالك الغذاء الجاف حسب تركيبه أيضاً، وهنالك الغذاء القليل الفضلات بعد الهضم ويطلق عليه = Low – Residue Diet في حالات القرحة والالتهابات العامة لجهاز الهضم، وعكسه الغذاء الغني بالألياف يُعطى في حالات الإمساك.
وعندما تخفض المواد الدهنية من الغذاء، ولا تزيد عن 4 غم منها، فيعطى عادة للأشخاص الذين لديهم صعوبة في هضم المواد الدهنية وفي حالات أمراض الكبد المختلفة، وهنالك نوع غذائي تحذف منه الدهون بصورة تامة، ويدعى Fat Free diet، وعلى عكس ذلك هنالك الغذاء الغني بالمواد الدهنية غير المشبعة طبعاً، وآخر قليل من حيث مادة الكوليستيرول، عندما يمنع عنه البيض خاصة، ثمّ هنالك الغذاء المحدود بالكمية في مادة الصوديوم، وهنالك الغذاء الغني بالسعرات الحرارية يُعطى للمصاب بالنحافة ومَن يرغب في زيادة وزنه أخيراً الغذاء الغني بالمواد البروتينية.
الكاتبة: د. جيدة عبد الحميد
المصدر: كتاب مفتاح الصحّة والسعادة/ فوائد عطر وخواطر غذائية علاجية
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق