احترام الخصوصية الحد الفاصل لحماية الأبناء
المراقبة والتجسس.. هدفها الإصلاح والإرشاد والبعض يراها سلاحاً مشروعاً
الأبناء.. الشغل الشاغل للآباء والأُمهات وهو ما يدفع الكثيرين لإخضاع خصوصية الأبناء للمراقبة بدافع الحب إلّا أنّ النتائج غالباً ما تكون كارثية خاصة في عصر التواصل والمواقع الاجتماعية و"الواتس آب"، كلّ ذلك تحت شعار حماية الأبناء ومنع المصيبة قبل وقوعها، وهو ما قد يحوّل هؤلاء الآباء أو الأُمّهات إلى جواسيس على أبنائهم وسلوكياتهم ومكالماتهم الهاتفية ومحادثاتهم مع أصدقائهم. وفي الآونة الأخيرة لجأت كثير من الأسر إلى الاعتماد على تطبيقات جديدة تثبت على الهواتف الذكية وتمكن الآباء من الاطلاع على البريد الإلكتروني الخاص بالأبناء وكلّ ما ينشره على صفحات برامج التواصل الاجتماعي، كما لجأ البعض الآخر إلى تثبيت أجهزة تنصت على مكالماتهم مع أصدقائهم، مبررين ذلك أنّه بدافع الحب والخوف على أبنائهم.
ويؤكد تربويون أن مراقبة الآباء لسلوكيات أبنائهم حقّ مشروع وأسلوب تربوي تطالب به كافة نظريات التربية التقليدية والحديثة، وأنّ حدودها وشكلها يتباين باختلاف المراحل العمرية التي يمروا بها.
تبقى المشكلة في أن يتحوّل الهدف من المراقبة من الرعاية والاهتمام إلى فضول وتسلط وعدم احترام لخصوصيات الابن، باتباع أساليب التجسس المختلفة كتجنيد الخدم والأخ الصغير لنقل كلّ ما يحدث في غياب الأبوين أو النبش في مقتنياتهم وخزائنهم وملابسهم وكتبهم الاطلاع على كلّ ما يخصهم.
وبين أيدينا استطلاع يبيّن آراء الأهل لتتباين بين مؤيد ورافض لفكرة المراقبة غير المتزنة التي تعتمد على أساليب التجسس على الأبناء أو وضع تطبيقات تكنولوجية للتنصت عليهم ومراقبتهم، إذ لكلّ منهم وجهة نظره في التعامل مع الأبناء ومبرره في اختياره لهذا الأسلوب لمتابعتهم.
مخاطر العصر:
يقول محمد يعقوب، والداً لطفلين في مرحلة الطفولة، نحن في عصر صعب والانفتاح الشديد الذي يتسم به، وانشغال الأبوين في الجري وراء لقمة العيش يمكن أن يجعل الأبناء فريسة سهلة للانحراف، لذلك اعتقد أنّ للأبوين الحقّ الكامل في مراقبة الأبناء حتى إن وصل الأمر إلى حد التجسس، أنّ نجاح الأبوين في السيطرة على أبنائهم منذ الصغر وحمايتهم من الوقوع في الخطأ والتدخل قبل تورطهم في مشكلات كبرى كإدمان المخدرات أو الدخول في علاقات غير سوية يرفضها المجتمع.
يتابع: الأبوان هما ترمومتر سلوكيات الأبناء فإذا لاحظا أي اعوجاج هنا عليهما بالتدخل السريع، فالأبناء أمانة في أعناقنا ويجب علينا الحفاظ عليهم، لا أقصد أن يتفرغ الوالدان لمتابعة كلّ كبيرة وصغيرة يفعلها أبناؤهم، ولكن عليهما الانتباه عند ملاحظاتهم لبعض السلوكيات الغريبة كالسهر خارج المنزل. الهروب من المدرسة، تعمد الحديث في الهاتف بعيداً عن والديه، مكوثه لفترات طويلة في غرفته متهرباً من أي لقاء يجمعه بوالديه كأنّه يخفي شيئاً.
لا تجسسوا:
ترى هالة نافع، أماً لبنتين في مرحلة المراهقة، أي مراقبة الأُم حتى إذا كانت زائدة لا يمكن إدراجها تحت مفهوم التجسس، ولكن هي أحد الأساليب التي يتبعها الأبوان لملاحظة سلوكيات أبنائهم لتوجيههم وإرشادهم، فالأسرة هي المسؤول الأوّل عن تربية الأبناء، والإهمال وعدم الاهتمام أحد أهم الأسباب التي تؤدي بالأبناء إلى دائرة الضياع.
تتابع: على الرغم من أنّ الشرع أمر بعدم التجسس حيث قال تعالى عزّ وجلّ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا) (الحجرات/ 12)، فالقول في (ولا تجسسوا) ليس على الإطلاق، لأنّ الأعمال بالنيات.
يد العون:
تختلف دينا نبيل مع نافع في الرأي مؤكدة أنّها لا تعترض على مبدأ مراقبة الأبناء لكن بصورة معتدلة ومتوازنة وبما يضمن للابن قدراً كافياً من الحرّية ويحافظ على خصوصياته بحيث يكون الغرض الأوّل من متابعته وتقديم يد العون له عند انحرافه عن الطريق الصحيح، لكن الأساليب المرضية التي تتبعها بعض الأُمّهات للنبش في أسرار أبنائها وخصوصياتهم، ليتحول الموضوع داخلها من مجرد مراقبة لحرصها عليهم إلى فضول يجعلها تخترق حساباتهم الإلكترونية وهواتفهم النقالة، والتنصت على أحاديثهم إذا زارهم أحد أصدقائهم فهي مرفوضة تماماً.
تتابع: كلّ مرحلة تفرض على الأبوين الطريقة المناسبة لمتابعة الأبناء، فالأم تزداد ملاحظتها في مرحلة الطفولة باعتبارها اللبنة الأساسية لبناء ابن سوي وتقل هذه المراقبة تدريجياً في مرحلة المراهقة لتأخذ شكلاً غير مباشر لأنّ هذه المرحلة العمرية يكون الابن في حاجة لاتخاذ قراراته بنفسه من دون تدخل الأهل.
طرق ناجحة:
ويرى خالد البريهي، أباً لثلاثة أبناء، أنّ الاعتدال في استخدام كافة الأساليب التربوية هو أهم الطرق الناجحة، وهو ما لابدّ من تطبيقه على أسلوب مراقبة الأبناء، فلا يعقل وضع الأبناء تحت المجهر أربع وعشرين ساعة في اليوم، ومحاسبتهم على كلّ كلمة أو أي سلوك، فالهدف من المراقبة هو الإصلاح والتهذيب وليس التوبيخ ومضايقة الابن، مؤكداً أنّ تلك التطبيقات التكنولوجية التي يلجأ بعض الآباء للتنصت أو التجسس على أبنائهم إلكترونياً تعني عجز الوالدين تماماً عن تربية أبنائهم وعدم الثقة فيهم، والشك في تصرفاتهم وكذلك يعني أيضاً عدم الأمان بالنسبة للأبناء، فمثلاً قد تتكلم ابنتي مع إحدى صديقاتها وتحكي لها هذه الصديقة عن مشكلة في بيتها، فأنا اعتقد أنّه لا يحقّ لي أبداً أن أسمع هذه المشكلة، أو أسمع أي شيء خاص أو عائلي بالنسبة لصديقتها، مؤكداً أنّ جيل اليوم سبقنا كثيراً وأكثر منا خبرة في التعامل مع التكنولوجيا، فبسهولة مَن يعتمد على هذه البرامج في المراقبة يمكن لأبنائه أن يخدعوه.
حماية زائفة:
إذا زاد الشيء عن حده لابدّ وأن ينقلب إلى ضده هكذا بدأت سماء أحمد كلامها رافضة مبدأ الرقابة الزائدة من قِبَل الآباء تجاه الأبناء، وملاحقتهم باستمرار في كلّ حركاتهم، والتجسس عليهم في كلّ كبيرة وصغيرة، فهذا الحصار يمكن أن يأتي بنتائج سلبية، مشيرة إلى أنّ انطواء الابن أو أنانيته أو عدوانيته أو اكتسابه لأي سلوك غير صحيح، هو نتاج تربية منغلقة غير سوية، وفي الوقت نفسه فإنّ إعطاء الابن قدراً من الحرّية وفرصة الاعتماد على النفس، تؤهله للتعامل مع الآخرين ومواجهة الحياة، فالتربية الواعية أقوى من الحماية الزائفة التي يمكن أن تحاصر بها الأم ابنها ويترتب عليها فقدانه لمواهبه وإبداعاته واهتزاز شخصيته، لافتة إلى أنّ هذا لا يعني أنّنا نطالب الأبوين بإهمال أبنائهم نهائياً من دون رعاية أو اهتمام أو توجيه، لكن عليهم إدراك أنّ الأبناء لهم الحقّ في الحرّية والتعبير عن أنفسهم.
فرق كبير:
وترى وفاء هارون، أماً لثلاثة أبناء في المرحلة الجامعية، أنّ هناك فرقاً كبيراً بين المراقبة والتجسس، فالأولى تعني التقرب من الابن ومعرفة شخصيته وسلوكياته وطريقة تفكيره ورغباته وميوله وغالباً ما يقابلها الابن بصدر رحب، حيث يكون الهدف الأساسي منها هو النصح والتوجيه ومساعدته على تخطي ما يقع فيه من أزمات، أما التجسس فهو سلوك مرضي يمكن أن يسيطر على الأُم لخلوه من الفطنة والذكاء التربوي المطلوب، مؤكدة أنّ الحماية الزائدة لأطفالنا مثل الإهمال لهم، كليهما خطأ تربوي يمكن أن يهدد بناء الابن عقلياً واجتماعياً، فالأُمّهات اللواتي لا يتركن المجال لأبنائهن للتعبير عن آرائهم في أبسط الأمور معتقدات أنّهن لا يملكن المهارة الكافية التي تساعدهنّ على الاختيار الصحيح تخلق ابناً مهزوز الشخصية متردداً لا يتحمل المسؤولية، وكذلك الأم التي تعطي ابنها الحرّية الكاملة ولا تتدخل في اختياراته وتراقب ما يستجد عليه من سلوكيات خاطئة ترتكب نفس الخطأ التربوي لأنّها تخرج إلى المجتمع فرداً أنانياً لا يحترم الرأي الآخر.
نظريات اللوم:
من جانبه يؤكد د. مالك جمال أستاذ علم الاجتماع أنّه يجب أن تكون مراقبة الآباء لأبنائهم بعلمهم، والبعد عن "نظريات اللوم" التي تضع الأبناء دائماً في موضع اتهام وتبرير مواقفهم، مؤكدة ضرورة أن يضع الأبوان عقداً ثابتاً مع أبنائهم يتم من خلاله تحديد القواعد والحقوق والواجبات وأساليب العقاب والثواب التي لابدّ أن يلتزم الجميع بها.
ويذكر أنّ الطريقة التي يتبعها الآباء في ملاحظة أبنائهم هي التي تحدد إذا كان الأمر يندرج تحت مفهوم المراقبة أم التجسس فعندما تذهب الأم إلى المدرسة للسؤال عن مستوى ابنها دراسياً من دون أن تخبره بموعد الزيارة والهدف منها فهذا يمكن تصنيفه على أنّه نوع من التجسس وهنا تنتج علاقة "عداوة أبوة وبنوة" أما إذا كان بعلمه فيتقبلها ويشعر بثقة أُمّه به ورغبتها الحقيقية في الاطمئنان على مستواه الدراسي، موضحاً أنّ مرحلة البلوغ والمراهقة ما هي إلّا مرآة تعكس المبادئ والقيم التربوية التي نشأ عليها الابن في مرحلة الطفولة، ونحن في حاجة إلى تربية أبنائنا بشكل سليم حتى يستطيعوا أن يكونوا أجيالاً صالحة خالية من الأمراض الاجتماعية.
ويؤكد أنّ هناك خطأً تربوياً تقع فيه بعض الأسر عندما تقوم بتجنيد الخدم للتجسس على الأبناء ونقل كلّ ما يدور في المنزل إلى الأُم في حال غيابها، مشير إلى أنّ هذه الفكرة غير السوية أفسدت كثيراً من العلاقات الأسرية حيث الأُم أصبحت عاملاً مهماً في زرع عنصر مخرب بين أبنائها، مؤكداً أنّ الأُم لا تستطيع أن تضمن ولاء هذه الخادمة لها طول الوقت، فقد ينجح الابن في تجنيدها ويجعلها تنقل للأُم رسائل مغلوطة يمكن أن تسهم في تضليلها، لافتاً إلى أنّ بعض الأُمّهات لا يكتفين بتجنيد الخادمات كأدوات للتجسس على أبنائهن، ولكن هناك بعض الأُمّهات يلجأن إلى تسخير أبنائهن الصغار للتجسس على باقي إخوته، ما يجعل هذا الصغير يفقد بعض المعايير التربوية ويرى في نقل الأحاديث وسيلة لكسب رضا والدته، مشدداً على ضرورة أن يكون الآباء قدوة حسنة يقتدي بها الأبناء.
اللجوء للمحظور:
ويرى د. سالم علي بن أرحمة أستاذ الشريعة الإسلامية أنّ الخوف على الأبناء لا يعني أن نلجأ إلى المحظور في حمايتهم، فالشرع بيّن لنا طُرقاً كثيرة لحمايتهم من الانحراف والسلوك المشين ومنها: توفير الجو الآمن لهم من خلال: التربية الصحيحة، واختيار الصحبة الصالحة وربطهم بربّهم بحثهم على الصلاة والفرائض وإبعادهم عن المفسدات والمحرمات.
وأما التجسس وتتبع الخصوصيات فهذا يتنافى مع ما دل الشرع الحنيف عليه ولذا شرع الاستئذان في الدخول على أطهر بيت وهو بيت رسول الله (ص) وليس في بيت النبوة ما يستحى منه ولكن لنتخذه قدوة فإذا كان بيته (ص) شرع فيه الاستئذان فغيره من البيوت أولى بهذا الأدب العظيم، كما حرم الشرع التجسس.
قال الله جلّ جلاله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا) فهذه الآية عامة وتشمل جميع المؤمنين فالأصل أنّه لا يجوز لأحد أن يتجسس على أحد، ويشهد لهذا قول النبيّ (ص): "إياكم والظن فإنّ الظن أكذب الحديث، ولا تجسسوا ولا تحسسوا". وذلك لما في التجسس من المفاسد الكبيرة والكشف عن عورات الناس وإن كانوا من أقرب الناس فطبيعة الإنسان أنّه لا يحب أن يطلع أحد على بعض شأنه.
والمربي الحصيف يتغافل عن أمور كثيرة ولا يسأل عن كلّ شيء ويترك فرصة لمن كان تحت يده بأن يعود من نفسه إلى صوابه فذلك أبقى لماء وجهه، ولذا قال النبيّ (ص): "إنّك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت تفسدهم"، فالإنسان خطّاء وعدم مجاهرته واستتاره بالخطأ دليل على مجانبته له يوماً من الدهر وهو دليل احترام وتقدير للمستخفى منه كما قال الشاعر الحكيم:
لقد أطاعك مَن يرضيك ظاهره.. وقد أجلك مَن يعصيك مستترا.
وقال النبيّ (ص): "إنّ الأمير إذا ابتغى الريبة في الناس أفسدهم"، وكذا الشأن في الوالدين مع أبنائهم فهناك فرق بين التربية والمتابعة والتجسس والتنصت، ولكن إن وجدت أمارات تدل على وجود محظورات يخشى فوات استدراكها جاز للوالدين حينئذ المتابعة لتفادي ذلك وإلّا فلا يجوز، وبهذا يعلم أنّه لا يجوز التجسس بمجرد الشك.
فالتربية هي الأساس، ثم تأتي المراقبة في الأمور الظاهرة، وليست الخافية، وفي الحديث (نهى نبيّ الله (ص) أن يطرق الرجل أهله ليلاً يتخونهم أو يطلب عثراتهم). ثم إنّ المخالفات والانحراف لدى الأولاد، لابدّ أن تسبقها ارهاصات، بل وتسهيلات من الأهل، من توفير سُبل الانحراف من: الإهمال وعدم المتابعة والدلال الزائد.. كلّ هذا سيدفع الأبناء للوقوع في المحظور لا محالة.
60% من الآباء يتجسسون على أبنائهم إلكترونياً!
أشارت دراسة حديثة إلى أنّ الكثير من الأبناء يقضوا معظم أوقاتهم منفردين داخل غرفهم الخاصة، ما بين الأجهزة الإلكترونية والحاسوب، وأكدت الدراسات أنّ 60% من الآباء والأُمّهات، اعترفوا بدخولهم على الصندوق البريدي، وحسابات فيس بوك وتويتر الخاصة بأبنائهم، لمعرفة الأشخاص الذين يتحدثون معهم على شبكة الإنترنت، وذكر الباحثون أنّه على الرغم من احتمال اتهام الآباء والأُمّهات بانتهاك خصوصيات الآخرين، فإنّهم يعتقدون أنّ التطفل "ضروري" لمصلحة أبنائهم.
وذكرت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، أنّ 6 من بين 10 من الآباء، يراقبون أبناءهم على شبكة الإنترنت، وكذلك هواتفهم النقالة أيضاً، قد صدموا من المحتوى الذي تتضمنه أجهزة أبنائهم.
وأكدت دراسة بريطانية قامت بها شركة "وان بول" البريطانية عن طبيعة الممارسات على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أنّ أكثر من نصف أولياء الأمور يستخدمون الموقع بهدف التجسس على أبنائهم، خاصة بعد أن تحوّل "فيسبوك" إلى ظاهرة، أصبح من الضروري على الأهالي مراقبة أولادهم ورصد تحركاتهم باعتبار أنّ صغار السن هم الأكثر حضوراً وتفاعلاً على الموقع الشهير.
وأوضحت الدراسة أنّ أهم الأساليب التي يستخدمه الأهل لمراقبة أبنائهم إلكترونياً هي تأسيس صفحات خاصة بهم على الفيس بوك لمتابعة أبنائهم، حيث وصلت النسبة لـ11% من الأهل. بينما قال 13% إنّهم دخلوا إلى الموقع بحسابات تعود لأصدقاء، وذلك بعد أن رفض الأولاد قبول دعوات الصداقة المقدمة من ذوييهم على الموقع، ربما خشية من اكتشاف شيء ما يخفونه أو لمجرد اعتبار ذلك انتهاكاً. لخصوصيتهم.
د. فاطمة السجواني: 6 أشهر مراقبة لتحديد السلوك الخطأ
توضح د. فاطمة السجواني اختصاصية نفسية وتربوية أنّ هناك فرقاً كبيراً بين مفهومي المراقبة والتجسس، فالمراقبة في علوم التربية يقصد بها متابعة الأبوين لسلوك الابن بغرض التعرف إلى المشكلة التي يمر بها الابن والتدخل السريع والمبكر والتوجيه والإرشاد قبل أن يتورط الطفل في خطأ أكبر، وهي تتطلب متابعة الابن لفترة زمنية لا تقل عن ستة شهور عند ظهور أي سلوك غريب عليه، وملاحظة عدد المرات والوقت والأشخاص الذين يهتم الابن بتكرار هذا السلوك أمامهم، حتى يتمكن الأبوان من اكتشاف إذا كان ابنهما يعاني من مرض سلوكي أو اجتماعي ويحتاج لتدخل استشاريين نفسيين أو اجتماعيين للتخلص من هذا السلوك، منبهة أنّ هذا أسلوب المراقبة التربوي السليم يجب أن يكون معتدلاً وغير مباشر حتى تظل علاقة الابن بأسرته قائمة على الثقة، فالطفل عندما يشعر بأنّ عين أُمّه تلاحقه يجد نفسه أمام طريقين لا ثالث لهما إما مواجهة هذه المراقبة بعناد يصل إلى العنف والتمرد وعدم الانصياع لنصائحها وإرشاداتها، أو الانطواء والانسحاب وفقدان القدرة على المواجهة والاعتراف وتحمل نتائج أخطائه.
وتلفت إلى أنّ كلّ مرحلة عمرية يمر بها الأبناء تتطلب شكلاً وحدوداً معينة للمراقبة، ففي مرحلة الطفولة يتقبل الابن المراقبة ويتعامل مع متابعة وملاحقة عين أُمّه له على أنّها اهتمام به وتعبير منها على حبها له، عكس مرحلة المراهقة حيث يرفض كافة أساليب المراقبة حتى إذا كانت غير مباشرة حيث يراها تعبيراً عن عدم احترام أهله لخصوصيته وتسلطهم كنتيجة لعدم ثقتهم به وبقراراته وسلوكياته وعدم احترامهم لرغباته وآرائه.
ولا تعترض السجواني على فكرة أن تلجأ بعض الأُسر إلى التطبيقات الإلكترونية لمراقبة الأبناء وما يطلعون عليه عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت أو تثبيت أجهزة التنصت على المكالمات الهاتفية شريطة أن يتم إعلام الابن بها، موضحة أنّه يجب أن يدرك الابن أنّ الهدف من المراقبة هو حمايته من أي خطر خارجي وليس من باب الفضول أو التطفل أو التسلط.
وتنصح الأبوين بإعطاء أبنائهم الحرّية المقننة الخاضعة للشروط، مع الابتعاد عن المراقبة المباشرة إلّا إذا لاحظنا سلوكاً غريباً على الابن، ثم المصارحة والتوجيه ومد جسور الثقة معه وعندما يتكرر السلوك هنا يتحتم إعلام الابن أنّه يخضع لمراقبتهما فالهدف من المراقبة ليس التهديد والتخويف ولكن رجوعه إلى الطريق الصحيح وعدم الحياد عنه مرة ثانية.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق