يستهلك الصيام الخلايا المريضة والتالفة والإفطار المتوازن يجددها
ليس الإنسان الكائن الحي الوحيد الذي يصوم، بل إنّ الصوم موجود أيضاً في الحيوانات، حيث لاحظ العلماء أن كثيراً من الكائنات الحية تمر بفترة صوم اختيارية على الرغم من توافر الغذاء حولها، مثل الطيور وبعض الأسماك التي تدفن نفسها في قاع المحيطات والأنهار لفترة معينة من دون طعام. وقد أكد الأطباء أن جسم الإنسان، أثناء فترة الصيام يعتمد على سكر الجلوكوز ووجبه السحور. إلا أن تلك الوجبة، لا تستطيع توفير هذه الطاقة اللازمة إلا لساعات معدودة. بعدها، يجد الجسم نفسه مضطراً إلى الاعتماد على الطاقة من سكر الجلوكوز ومن المواد الدهنية المخزونة في أنسجة الجسم. وبهذه الطريقة يتم حرق السكر والدهون المخزونة وتخليص الجسم من السموم المتراكمة. ومن البديهي أن يبدأ الجسم أوّلاً باستهلاك الخلايا المريضة أو التالفة أو الهرمة. وبعد الصيام، ومع تناول الإفطار، يتجدد بناء هذه الخلايا بخلايا جديدة تعطي الجسم قوة ونشاطاً وحيوية. ويرى الأطباء أنّ الصيام يجدد الشباب ويزيد حيوية الخلايا، وذلك من خلال استهلاك الجسم المواد المتراكمة منه أثناء فترة الصيام، مثل الدهون المتراكمة والملتصقة بجدران الأوعية الدموية. ويؤدي ذلك إلى إذابتها تماماً كما يذيب الماء الثلج، وبالتالي زيادة تدفق الدم خلال هذه الأوعية وزيادة نسبة الأكسجين والغذاء الواصل إلى الخلايا عبر هذا الدم. وهكذا تزداد حيوية وعمل الخلايا. لذلك، نرى أنّ الشخص الذي يحافظ على الصيام، تقل إصابته بمرض تصلب الشرايين وتتأخر عنده علامات الشيخوخة. كما يعتبر الصيام علاجاً فعالاً لكثير من الأمراض، مثل أمراض الحساسية، التي تتزايد مع تناول السمك، البيض، الشوكلاتة والموز. وأثناء الصيام، يستريح الجسم من هذه الأطعمة، وبالتالي يشعر مرضى الحساسية براحة كبيرة مع الصيام، كذلك تخف أمراض حب الشباب والبشرة الدهنية والدمامل والبثور والتهاب الثنايا، حيث إن كل ذلك يزداد بسبب الوجبات كثيرة الدهون، وتتحسن هذه الأمراض كثيراً بعد الصيام، بالإضافة إلى أمراض السمنة والقلب. أيضاً، يعالج الصوم كثيراً من مشكلات الجهاز الهضمي، مثل زيادة الحموضة والقولون العصبي وعسر الهضم وانتفاخات البطن. ذلك لأن امتناع الشخص الصائم عن الأكل والشرب طوال فترة الصوم، يعطي فرصة لعضلات وأغشية الجهاز الهضمي بأن تتقوى ويزداد عملها وحيويتها.
- مريض الكبد:
يقول أستاذ طب الجهاز الهضمي والكبد ومدير مركز جراحة المناظير في كلية الطب في "جامعة عين شمس" الدكتور إبراهيم عبدالنبي إن "شهر رمضان هو فترة راحة للجهاز الهضمي، وبالتالي فإنّ الكبد أيضاً يأخذ فرصة استراحة، كونه معمل تصنيع الدم والغذاء الرئيسي في الجسم". ويقول إنّه "لتحقيق هذه الغاية يجب على المسلمين أن يلتزموا بسنّة الرسول (ص) بعدم الإكثار من الطعام في وجبة الإفطار، ليضمنوا بقاء النشاط وعدم الخمول، كما أن عليهم الاستعداد للتمارين المعتدلة بعد فترة راحة قصيرة، ألا وهي صلاة التراويح، حيث ثبت أن حركة العضلات والمفاصل في كل ركعة تستهلك 10 سعرات حرارية". ويضيف: "من الفوائد الطبية، أن يبدأ الإفطار بتناول بعض التمرات، لأنّ التمر غني بسكر الجلوكوز والفركتوز اللذين لهما فائدة حريرية كبيرة وخاصة للدماغ، ويفيدان في رفع مستوى السكر في الدم تدريجياً، ما يخفف الشعور بالجوع ويقلل الحاجة إلى الطعام". ويقول الدكتر إبراهيم عبدالنبي إن "حالات الأورام الكبدية والتليف المتأخر ليس لها صيام، كذلك في حالات زرع الكبد، بينما حالات التليف الخفيف وحالات الكبد الدهني لا تتطلب الإفطار، وعلى المريض استشارة طبيبه في ذلك". من ناحية أخرى، يرى د. عبدالنبي "أن تنظيم مواعيد الغذاء، والبعد عن الوجبات الدسمة والمشهيات ذات الروائح النفاذة، والاعتدال كلما أمكن في تناول الطعام، تحمي المريض من المضاعفات الكبدية، وتحافظ على الجزء المتبقي من الكبد سليماً".
- الجهاز الهضمي:
وبينما ينصح الأطباء مرضى الكلى والحصيات المرارية بتناول كميات كافية وافرة من السوائل في المساء وعند السحور، مع تجنب التعرض للحر والمجهود المضني أثناء النهار، يقول الدكتور عبدالنبي إنّ "الجسم يستنفد سكر الجلوكوز الموجود في خلايا أثناء الصوم، وبذلك يضطر الجسم إلى تفكيك مخزون السكر الموجود في الكبد، وعند نفاد هذا المخزون يستهلك الجسم الدهنيات، ثمّ إذا استمر الصيام يلجأ إلى البروتينات كحل أخير. ومعه، فإنّ الصوم يقضي على الطعام الزائد في الجسم ويمنع تراكم الدهون حول الأوعية، ما يسهل حركة الدورة الدموية ويزيد الجسم سلامة وحيوية".
- الكلى والحصيات المرارية:
من ناحيته، يؤكد أستاذ الكلى في كلية طب قصر العيني الدكتور أسامة عبدالعظيم أنّ "الدراسات العلمية أثبتت انخفاض مستوى الكوليسترول في الدم أثناء الصيام وانخفاض نسبة ترسبه على جدران الشرايين الدموية، وهذا بدوره يقلل من الجلطات القلبية والدماغية ويجنب ارتفاع الضغط الدموي. كما أن نقص شحوم الدم يساعد بدوره على التقليل من حصيات المرارة الصفراء". ويضيف: "أشارت بعض الدراسات إلى أن عدم تناول الماء لنحو 10-12 ساعة ليس سيئاً بالضرورة، بل هو مفيد في كثير من الأحيان، فتركيز سوائل الجسم يزداد، محدثاً جفافاً خفيفاً يحتمله الجسم لوجود كفاية من مخزون السوائل فيه". ويقول: "مادام الشخص لا يشكو حصيات كلوية، فإن هذا يعطي الكليتين استراحة مؤقتة للتخلص من الفضلات، ومع ذلك، فإنّ السنة النبوية تقضي بتأخير السحور والتعجيل في الفطور، ما يقلل الفترة الزمنية للجفاف قدر الإمكان". ويشير إلى أن "نقص السوائل يؤدي بدوره إلى نقص خفيف في ضغط الدم، يحتمله الشخص العادي ويستفيد منه من يشكو ارتفاع الضغط الدموي. أما من يعانون مرضاً متقدماً، سواء أكان سكري شديداً أو حصيات كلوية حادة، فهم مستثنون من صيام رمضان ولهم أن يأخذوا بالرخصة الشرعية".
- مرضى السكر:
تجدر الإشارة إلى أن هناك أمراً يشغل الأطباء والمرضى على حد سواء، وهو هبوط مستوى السكر في الدم إلى مستوى مقلق. وهذا الأمر بدوره يعتبر بمثابة حالة طوارئ تحتاج إلى تتبع واحتياط، حيث تتميز أعراضها بالشعور بالخمول أو الدوخة أو شعور بخفقان في ضربات القلب أو تعرق في الجسم. وإذا انتاب المريض شيء من هذه العلامات، فعليه أن يتناول كمية من السكريات حتى لا يتعرض لمضاعفات خطيرة. وعلى هؤلاء المرضى اتباع السنة النبوية في تأخير السحور وتقليل النشاط الجسماني غير الضروري في فترة آخر النهار، ما يساعدهم على الوقاية من حالة الخمول ونقص السكر. ويمكن لمريض السكر أن يصوم في رمضان، شرط أن يجعل الجرعة الأساسية قبل الفطور والجرعة الأقل قبل السحور وذلك بالتنسيق مع الطبيب المعالج. كما يجب أن يراعي مريض السكر ضرورة ألا ينخفض السكر أثناء الصيام. وإذا حدث، لابدّ من الإفطار. ويكون النظام الغذائي المناسب لمريض السكري هو الفطور الخفيف ثمّ وجبة أساسية بعد أربع ساعات ثمّ سحور متأخر.
وفي هذا السياق، ينصح أستاذ أمراض الكلى والسكر في "كلية طب الأزهر" الدكتور ماجد عبدالعال "أن يزاول المريض الرياضة يومياً على الأقل كالمشي لمدة 30 دقيقة".
ويقول: "يقدر الباحثون أن هناك 8 ملايين مسلم مصاب بمرض السكر يصوم شهر رمضان كل عام، وهذا يكفي لدفع الأطباء في العالم الإسلامي إلى معرفة تأثيرات الصيام في مرضى السكر في رمضان معرفة عميقة". ويضيف: "أظهر عدد من الدراسات أن مستوى السكر عند المرضى ينخفض بشكل طفيف في الأيام الأولى من رمضان، ثمّ يعود إلى مستواه الأصلي في اليوم العشرين من شهر رمضان، ثمّ يرتفع ارتفاعاً خفيفاً في آخر شهر رمضان، وقد يتأرجح مستوى السكر بشكل طفيف تبعاً لعادات المريض الغذائية ومستقبل تغير سكر الدم". ويتابع: "تشير الدراسات الحالية إلى أنّه لم تحدث أي مشاكل مهمة عند صيام مرضى السكر من النوع الثاني (الذين يتناولون الحبوب الخافضة لسكر الدم)، أما المرضى الذين يتناولون الأنسولين، فلا ينصحون عادة بالصيام. أما في الأشكال الخفيفة من مرض السكر المعتمد على الأنسولين، فقد يصر بعض المرضى على الصيام، وربما يمكن إعطاء هؤلاء جرعة واحدة من الأنسولين متوسط التأثير قبل السحور، وقد يعطى جرعة أخرى عند الإفطار، ومع ذلك، يجب استشارة الطبيب". ويقول: "أما في حالة المرضى الذين يتناولون جرعتين من الحبوب الخافضة لسكر الدم، فينبغي تناول الجرعة الأولى عند الإفطار، وهي الجرعة التي كانت تؤخذ عند الصباح. أما الجرعة الثانية، فتؤخذ عند السحور، ويعطى نصف الجرعة التي كان يأخذها في المساء".
من ناحية أخرى، أظهرت دراسة نشرت مؤخراً في "المجلة الطبية" حول تأثير الرياضة اليومية في مريض السكر، وشملت 38 مريضاً مصاباً بالسكر غير المعتمد على الأنسولين، حيث تم تقسيم المرضى إلى مجموعتين، الأولى شملت 18 مريضاً قاموا بتمارين رياضية خفيفة إلى معتدلة يومياً، والمجموعة الثانية اختارت عدم إجراء أي تمارين رياضية في رمضان. وبعد ثلاثة أسابيع من الصيام تبين حدوث انخفاض وضبط أفضل لمستوى السكر عند الذين كانوا يمارسون النشاط الرياضي عنه في المجموعة الثانية. وقد انخفض مستوى الدهون الثلاثية بشكل ملحوظ في المجموعة الأولى أيضاً. واستنتج الباحثون أن لا مانع من ممارسة نوع من الرياضة البدنية الخفيفة في رمضان عند مرضى السكر الذين يتناولون الحبوب الخافضة لسكر الدم، ويحتاج الأمر إلى مزيد من الدراسات، كما أن قدوم رمضان في فصل الصيف قد يعطي نتائج مختلفة. واستعرضت الدراسات التي أجريت مؤخراً على هرمونات الجسم في رمضان، أنّه لم تحدث أي تبدلات تذكر في هرمونات الغدة الدرقية ولم تحدث أي تبدلات تذكر في معدلات هرمون الذكورة (الـ"توستسترون")، أو الهرمونات الأنثوية أو البرولاكتين.
- السكتة الدماغية:
وفي ما يتعلق بالسكتة الدماغية، فقد طرح الباحثون من "جامعة اسطنبول" سؤالاً عما إذا كان حدوث السكتة الدماغية يزداد في رمضان، وبينت الدراسات التي شملت 5559 حالة سكتة دماغية دخلت مستشفى "جامعة اسطنبول"، أن معدل حدوث السكتة الدماغية لم يختلف في رمضان عنه في الأشهر الأخرى، كما أن نسبة الوفيات من السكتة الدماغية لم تختلف أيضاً في شهر رمضان عنها في بقية الشهور. وقد أكد الأطباء أن جسم الإنسان فيه هرمون مانع لخروج الماء، ويفرز هذا الهرمون من الدماغ، ويعمل على امتصاص الماء في الجسم عن طريق الكلية. ومن العوامل التي تزيد من إفراز هذا الهرمون عدم شرب الماء وكثرة التعرق، وقد وجد الباحثون في بحثين نشرتهما مجلة بريطانية أن هذا الهرمون يزيد من سرعة تنشيط الذاكرة، ولا يعرف الأطباء بالضبط علاقته بالذاكرة عند الإنسان. وربما تشير الأبحاث المستقبلية إلى أنّ الصيام لا يؤدي إلى ضعف ذهني أو قلة في التركيز كما يظن البعض، بل ربما يحسن من القدرة على التركيز.
- مرضى القلب:
يؤكد أستاذ القلب في كلية طب "جامعة القاهرة" الدكتور سميح عامر أنّ "القلب في العادة يضخ الدماء إلى مختلف أعضاء الجسم، ويستفيد الجهاز الهضمي بـ10 في المئة من هذه الكمية. لكن، أثناء الصوم، يرتاح الجهاز الهضمي ويتوقف القلب عن ضخ هذه الكمية، ما يساعد مرضى القلب والذبحة الصدرية، الذين سمح لهم الطبيب بالصوم، على تحسين حالتهم. من ناحية أخرى، أجرى استشاري أمراض القلب في "مستشفى الملك فهد" الدكتور حسان شمس بحثاً على 86 مريضاً مصابين بأمراض القلب المختلفة خلال شهر رمضان، وبينت الدراسة أن نحو 80 في المئة من هؤلاء المرضى، استطاعوا صيام رمضان، بينما اضطر 10 في المئة منهم إلى الإفطار لأيام عدة في رمضان. ومع نهاية شهر رمضان، شعر 78 في المئة من المرضى بتحسن في حالتهم الصحية، بينما شعر 11 في المئة منهم بازدياد الأعراض التي كانوا يشكون منها.
علماً بأنّ المصابين بارتفاع ضغط الدم يستطيعون الصوم، مع ضرورة الاعتناء بتناول الأدوية، لاسيما أن هناك أدوية تؤخذ لمرة أو مرتين في اليوم، وينصحون بعد الإفطار في تناول الأطعمة المملحة.
- الطب النفسي:
إلى ذلك، يؤكد علماء الطب النفسي أن نسبة السكر في الدم تقل أثناء الصيام، ما يؤدي إلى الفتور والسكينة، فيشعر الصائم بالطمأنينة والتواضع. ويقول الرسول الكريم (ص): "إنّ الصيام جُنة، فإذا صام أحدكم فلا يرفث ولا يجهل وإن امرؤٌ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم". وهذا التوجيه النبوي يهدئ النفس ويبعدها عن القلق والشحناء، فيشعر صاحبها بالهدوء. وقد ثبت أنّ الصوم يفيد العديد من المرضى النفسيين. كذلك، أثبتت دراسات عديدة انخفاض نسبة الجريمة بوضوح في البلاد الإسلامية خلال شهر رمضان. ويقول استشاري الطب النفسي الدكتور لطفي الشربيني إنّ "للصوم آثاراً إيجابية في تقوية الإرادة التي تعتبر نقطة ضعف في كل مرضى النفس، كما أنّ الصوم هو تقرب إلى الله، يمنح أملاً في الثواب ويساعد على التخلص من المشاعر السلبية المصاحبة للمرض النفسي. كما أنّ الصبر الذي يتطلبه الامتناع عن تناول الطعام والشراب والممارسات الأخرى خلال النهار، يسهم في مضاعفة قدرة المريض على الاحتمال".
- مرضى العيون:
وفي ما يتعلق بأمراض العيون، يقول أستاذ أمراض العيون في "كلية طب الأزهر" الدكتور هشام فوزي إن "بعض أمراض العين تتحسن تحسناً ملموساً نتيجة الصوم كالجلوكوما المزمنة البسيطة، حيث يؤدي الصوم إلى مقاومة هذا المرض بانخفاض في معدل إفراز السائل المائي الذي يؤدي إلى انخفاض ضغط العين الداخلي، وهذا هو المفعول نفسه الذي يحدث نتيجة استعمال العقاقير المخفضة لضغط العين، التي تعمل على تثبيط نشاط زوائد الجسم الهدبي". وينصح الدكتور هشام "بضرورة ضبط مستوى السكر في الدم للحفاظ على العين"، مؤكداً أن "وضع القطرة في العين لا يفطر، لأنّ الصائم يمكنه التحكم فيها قبل وصولها عبر القنوات الداخلية".
- مرضى الربو والسرطان:
وبالانتقال إلى أمراض الربو والسرطان، فقد أجاز بعض العلماء استخدام البخاخ عند اشتداد الربو وضيق التنفس من دون الإخلال بالصيام، لأن مادة البخاخ ليست من عناصر الطعام، بل هي مواد غازية. ويرى الأطباء أن مرضى الربو صنفان: الأوّل هم من أصابهم هذا المرض ويحصر استخدام الدواء في أنواع البخاخ دون غيره، ويوصفون بمرضى الربو الحاد أو المزمن الخفيف. أما الصنف الآخر الشديد، فبالإضافة إلى أدوية البخاخ، يتناول المصابون به أدوية أخرى، مثل الكورتيزون، وهؤلاء لابد لهم من الإفطار عند اشتداد الأزمة. كما أن عليهم الامتناع عن التدخين أو الاقتراب من المدخنين واستنشاق الدخان الصاعد، وكذلك عدم استنشاق البخور الصاعد حتى لا يثير الربو، وأيضاً عدم استخدام بعض العطور الفواحة والأطعمة التي تثير الحساسية، مثل تناول بعض الفواكه كالموز والبيض والفراولة، غير أنّ الإجهاد النفسي قد يكون أحد أهم عوامل إثارة الربو.
أما مرضى السرطان، الذين قد يلزمون على تناول الأدوية الكيماوية الضرورية عن طريق الفم أو طريق الدم، وهي في كل الأحوال مسببة للجد والمشقة والضعف، فلا يقوى المريض منهم على الصيام، فضلاً عن أنّه ينصح بتناول السوائل والإكثار منها عند بدء وانتهاء العلاج الكيماوي. وقد قال الأطباء إن هناك علاجاً موجهاً للخلايا السرطاية دون السليمة، يعمل على تثبيط المستقبلات، ما يمنع نمو هذه الخلايا ويمنع تكوين أوعية دموية مغذية لها، وبالتالي يمنع انتشار الورم في أعضاء أخرى.
- صيام الحامل:
وفي ما يتعلق بالنساء الحوامل، تقول أستاذة أمراض النساء والتوليد الدكتورة أسماء فريد إنّ "السيدة الحامل التي تعاني أمراض السكر والكلى المزمنة واضطراب الغدة الدرقية وارتفاع ضغط الدم، لا يحق لها أن تصوم، لأن هذه الأمراض تحتاج إلى أدوية بشكل منتظم. وكذلك السيدة التي تعاني تسمماً في الحمل أو أنيميا شديدة أو قصوراً في وظائف المشيمة واضطرابات في الجهاز الهضمي، وهو ما يسبب استفراغاً مستمراً، وبالتالي لا يحق لها الصيام". من ناحية أخرى، ترى الدكتورة أسماء فريد أنّ "السيدة الحامل عموماً، لا يحق لها الصيام في الأشهر الثلاثة الأولى، لأنّها تتناول وجبات صغيرة على فترات متقاربة لنمو الجنين بشكل طبيعي. أما في الأشهر الثلاثة الثانية، فيمكن للحامل أن تصوم، شرط أن تتناول وجبة الإفطار كاملة العناصر الغذائية وألا تتجاهل وجبة السحور، مع تناول مزيد من الفاكهة والزبادي والسكريات". وتضيف: "لكن، في الشهور الثلاثة الأخيرة، لا ينصح بالصيام لأنّ الجنين يكتمل نموه ويحتاج أغذية بكثرة واستمرار".
من جهته، وفي السياق نفسه، يقول فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي إنّه "يصح للمرأة الحامل أن تفطر في رمضان إذا خافت على جنينها أن يموت، بل إذا تأكد هذا الخوف أو قرره لها طبيب مسلم ثقة في طبه ودينه، حيث يجب عليها أن تفطر حتى لا يموت الطفل، وقد قال تعالى: (وَلا تَقْتُلُوا أوْلادَكُم) (الأنعا/ 151، والإسراء/ 31)، وهذه نفس محترمة".
ارسال التعليق