• ٢٦ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٢٤ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الحبُّ في رَحِم أثداء الأمواج

إبراهيم أمين مؤمن

الحبُّ في رَحِم أثداء الأمواج

على ضفاف شاطيء بحرالتقينا.

البحر هاديءٌ مسالمٌ ينادينا فلبيْنا.

كم نادانا بحُمْرة مائه التي تلذّ ناظرينا..

ولكنْ..

أهي زرقاء في  تنفّسِ الصبحِ وصحوةِ الشمس؟

 أم حمراء تدقُّ أبواب الليل ومضْجع الشمس؟

أيُّها البحر

ما أجملك؟

هل تلبّستَ بالعقيق الأحمر؟

هل تلبّستَ بالمُرْجان الأحمر؟

أمْ  أنّك تلبّستَ بغروب الشمس الحمراء؟

ما أجملك!

وما أعظمك من مخلوقٍ لا تموت أبداً.

جمعتَ بين إحيائين، إحياءٌ بمائك وإحياءٌ بدم عروقك؟

دمك المكنون في قلائدك.. العقيق والمرجان.... الأصداف!! اللؤلؤ!! فردوس الأرض وربّي.

لنلبّي نِداءَك أيُّها المخلوق الأعظم، نلبّي لنعرف مَن أنت ومَن نحن.

فلنُمضيا حبّنا بين أحضانك.

آآآآآآآآآه من جمالك العبقريّ.

قد فتنتنا دون جهدٍ منك، فشمّرنا ونزلنا وسِرنا حتى سوّرتنا أمواجك فزينتنا قلائدك فانتشينا وتنهّدنا.

واستشعرنا..

استشعرنا ذاتك الذي حلّ في دمائنا وعروقنا، فعظُم حبّنا، وكبُر ملكنا، وتُوجنا تاجاً الفردوس من قعرك الكنيز.

نحن ارتوينا حبّاً حيّاً من وجدانك فغدونا كنزيْن ككنزِك الدفين في الأعماق الذي يمتد ظِلاله حتى بلغَ عنان السماء.

فتساقط الحبُّ في روْحيْنا كزخّات المطر، أو سنا كسنا الشمس بعد السحر.

وأنت تُطعم وتَروي بما تملكه في الأعماق من جميل الطعم والزينة وإنّ في ذالك لعبرة لأولى الفكر.

وكنت قدوتنا، فاقتدينا...

تحمل السفينة على ظهرك ما تكلّ ولا تملّ، فما ألذّ جِوارك؟ وما أسلك سبيلك؟ وما أكرم ضيافتك؟

حللتَ رضوانك.

عندما رضيتَ جنّبتها العواصف.

وشددتَ شراعها وحمّلتَ الحوامل.

فاقتدينا بأخلاقك.     

فحملنا حبّنا في وجداننا فكنّا له نِعَم الأمنين.

وضيفناه وأكرمناه، فكنّا نِعَم المكرمين.

وسلكنا سبيله ليسري في العروق في أمن وسلام فكنّا نِعَم السالكين.

وجنّبنا حبّنا العواصف  فكنّا نِعَم المغيثين.

نتعانق بين أمواجك الحمراء على أسرّة الشمس النائمة، ونقتبس من القمر نوراً.. نورٌ أحمر أذهلَ عيوننا فالتمعت كلمعانِك.

فتحرّشتَ بنا وتحرّشنا بك، فسقيتنا من وجودك الخالد كأس الحياة  فانتشتْ عروقنا على ظهر الشمس وضوء القمر، فغدوْنا آيةً إلى آياتٍ ثلاث.

وحيينا بين إحيائيْك، وأمِنّا في جوارك واحتمينا بحمرتك ونحن.. نحن .. نحن نحمل لك دِفءَ أحضاننا فتقبل عطايانا أيُّها الحارس الأمين.

وتلامسنا، تلامسنا من أرض روحينا حتى سمائها.

تلامسنا، فارتعشنا، ارتعشنا نشوانيْن من معين روحينا.

فاستقينا اللذة كؤوساً من بحر حبّنا

فتبعثرت مشاعرنا فامتزجتْ، فتبعثرتْ فامتزجتْ وتداخلتْ وتوحّدتْ كالواحد وليس كمثله شيئاً.... فتجانسنا.

توحّدنا كالبحر، رضيتَ ورضيْنا

 أحييتَ فأحيينا.

وتجمّلتَ فتجمّلنا.

وسيّرتَ فسيّرنا.

وأرسلتَ فأرسلنا.

أكرمْتَ فأكرمنا.

وعزفتَ فعزفنا.

وشدوتَ فشدونا.

وخلُدتَ، فخلُدَ حبّنا عبر الدهور في المخلصين، وسطاً على الكارهين.

ما أعظمك.. ما تموت أبداً أيّها البحر كما لا يموت حبّنا.

ارسال التعليق

Top