• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الحاجات الإرشادية للمراهق

د. هدى حسيني

الحاجات الإرشادية للمراهق

◄مع تطور العلم وبلوغ أهدافه التي تقضي بتبسيط الظواهر المعقدة والوصول إلى القواعد العامة التي يمكن بواسطتها الربط بين أحداث تبدو كأنها غير مرتبطة ببعضها، ومن خلال ما توصل إليه العلماء والباحثون من تحديد الحاجات النفسية للفرد عن طريق الملاحظة والأبحاث الميدانية، هناك تفسير واضح لتفاعلات وسلوكات النفس الإنسانية. ينبغي تفهم مشاكل المراهق ومساعدته على اكتشاف حاجاته الكامنة التي تعكسها مشكلاته. إنّ حاجات المراهق هي غامضة لديه، نتيجة انتقاله من مرحلة إلى مرحلة جديدة لم يتم تكوينها من الناحية المعرفية. والجدير بالذكر أنّ الحاجات الإرشادية للمراهق تتم عادة عن طريق مشكلاته، اعتباراً من أنّ المشكلات تعكس حاجات المراهق التي لم يتم إشباعها. فالمراهق لا يشعر بالحاجة ولكنه لابدّ أن يشعر بالمشكلة.

 

تعريف المراهقة:

المراهقة لفظ وصفي يرجع إلى الفعل العربي (راهق) الذي يعني الاقتراب، والمعنى هنا يشير إلى الاقتراب من النضج والرشد. أما مصطلح المراهقة في علم النفس فيعني الاقتراب من النضج الجسمي والعقلي والاجتماعي. ولكنه ليس النضج نفسه، لأنّ في مرحلة المراهقة يبدأ الفرد في النضج العقلي والجسمي والنفسي والاجتماعي ولكنه لا يصل إلى النضج إلّا بعد سنوات عديدة قد تصل إلى تسع سنوات.

ويخلط كثير من الناس بين مفهوم المراهقة ومفهوم البلوغ الجنسي، لذلك ينبغي أن نميّز بين المراهقة وبين البلوغ الجنسي، فالبلوغ يعني اكتمال الوظائف الجنسية عنده وذلك بنمو الغدد الجنسية عند الفتى أو الفتاة وقدرتها على أداء وظيفتها. أما المراهقة هي تلك الفترة التي تبدأ من البلوغ الجنسي حتى الوصول إلى النضج.

 

تحديد فترة المراهقة:

إنّه لمن الصعب تحديد بدء مرحلة المراهقة ونهايتها. فهي تختلف من فرد لآخر ومن مجتمع لآخر. فالسلالة والجنس والنوع والبيئة لها آثار كبيرة في تحديد فترة مرحلة المراهقة. إما لجهة تعيين بدء مرحلة المراهقة فمن الأسس الاعتماد على التغيرات الفيزيولوجية التي تصاحب عملية البلوغ، وأوّل إشارة لبداية هذه المرحلة هي إفراز الغدة النخاعية لهرموني البونادوتروبين والجوناد اللذين يؤثران في تنشيط الهرمونات الجنسية. غير إنّ تحديد نهاية هذه المرحلة تأتي مع إتمام النضج الاجتماعي دون تحديد ما قد وصل إليه الفرد في هذا النضج الاجتماعي.

 

أنماط المراهقة:

هناك ثلاثة أنماط من المراهقة هي:

1- مراهقة سوية خالية من المشكلات والصعوبات.

2- مراهقة انسحابية حيث ينسحب المراهق من مجتمع الأسرة ويفضل الانعزال والانفراد بنفسه حيث يتأمل ذاته ومشكلاته.

3- مراهقة عدوانية حيث يتسم سلوك المراهق فيها بالعدوان على نفسه وعلى غيره من الناس والأشياء.

 

أهمية فترة المراهقة:

مرحلة المراهقة هي مرحلة خطيرة في عمر الإنسان. فالمراهق ليس طفلاً كما أنّه ليس رجلاً. فهو ينتقل في هذه المرحلة من طور يكون فيه معتمداً على الغير إلى طور يعتمد فيه على نفسه. وعلى هذا الممر الواقع بين المرحلتين يمر الطفل في دور المراهقة، وهذه الفترة هي مرحلة الشباب.

يكون المراهق في هذه المرحلة أشبه ببرعم ندي يوشك أن تتفتح أكمامه فما أحوجه إلى العناية والاهتمام دون إسراف في لمسه أو إفراط في ريّه. قال روسو: "يمكن إصلاح الرجال والشعوب في عهد الشباب ولكنهم يصبحون غير قابلين للإصلاح في الكبر". إنّ المراهقة هي مرحلة تغيير شديد أو ميلاد جديد مصحوب بالضرورة بالشدة والمحن والتوترات وصعوبات التكيّف في كلّ موقف يوجد فيه المراهق.

وتتركز أهمية الدراسات التي قام بها علماء الأجناس البشرية على أنّ المظاهر الاجتماعية للمراهقة تختلف من حضارة لحضارة، وأنّ المراهقين يعكسون هذه المظاهر الاجتماعية فيما يتخذون من اتجاهات وما يسلكون من طرق. إذاً فمظاهر المراهقة لا تكون استجابة لتغيرات داخل المراهق نفسه، وإنما تكون استجابة لظروف المجتمع الذي يعيش فيه المراهق.

تتميز فترة المراهقة بشدة الأعراض العُصابية عند الفرد. هذه الأعراض تحددها الطفولة والنمو الجنسي. فالتنظيم التناسلي الذي كان قد توقف أثناء الطفولة يبدأ مرة أخرى بقوة عظيمة (فرويد).

وترجع شدة الأعراض العُصابية في هذه الفترة إلى ما يلي:

أوّلاً: إنّ الدوافع الجنسية الخاصة بالمراهق تتعرض للحاق بزميلاتها الخاصة بالطفولة إلى الكبت على الرغم من كون الدوافع الخاصة بالمراهقة متفقة مع نظام الأنا.

"إنّ الأنا يعتبر أغلب الدوافع الغريزية المتعلقة بالغريزة الجنسية أثناء الطفولة كأنّها أخطار، وهو يصدها على هذا الاعتبار. ولذلك فقد تتعرض الدوافع الجنسية التالية الخاصة بالمراهقة، وهي التي تكون في واقع الأمر متفقة مع نظام الأنا، لخطر الاستسلام لتأثر الدوافع الغريزية الأولى الخاصة بمرحلة الطفولة، ولخطر اللحاق بها إلى الكبت، نجد هنا أصح تعليل للأعراض العُصابية.

ثانياً: ترجع شدة الأعراض العصبية في فترة المراهقة إلى ما يتم من تنظيمات جديدة في الشخصية في هذه الفترة، وبسبب ردود الفعل القوية التي تحدث في الأنا سيأخذ الصراع ضد الميول الجنسية في الاستمرار تحت ستار المبادئ الخلقية، وسيتراجع الأنا مذهولاً أمام نزعات القسوة والعنف التي يرسلها الهو إلى الشعور بدون أن يدرك أنّه بذلك إنما يقاوم رغبات جنسية تشمل كثيراً من النزعات التي لو لم يقاومها لكان من الممكن أن تفلت من معارضته ويصير الأنا الأعلى القاسي إصراراً أكيداً على كبت الميول الجنسية، إذ يرى أنّها قد اتخذت صوراً ممقوتة.

 

العوامل المؤثرة على مجرى نمو المراهق:

مهما كان نوع الحضارة التي تحيط بالمراهق ومهما كان التكوين الداخلي الفردي له، فإنّ بدء البلوغ يعلن مرحلة نمو جديدة يجب أن تتم خلالها عمليات معينة استعداداً لحياة الراشدين. هذه العمليات هي:

1- تكوين المراهق لعلاقة جديدة أكثر نضجاً مع الأتراب من كلا الجنسين.

2- قيام الفرد بدوره الاجتماعي الذي يحدده جنسه كفتى أو فتاة. كثيراً ما تصاحب هذا العمل مشكلات خاصة بالنسبة للفتيات، وذلك يرجع إلى الصراع بين الدور الأنثوي التقليدي وبين المستقبل العملي في حياة الفتاة.

3- تقبل التكوين الجسمي واستعمال الجسم استعمالاً نافعاً.

4- الحصول على الاستقلال الوجداني عن الأبوين.

5- الحصول على ما يضمن للمراهق استقلاله الاقتصادي.

6- اختيار عمل والسعي للإعداد له.

7- الاستعداد للزواج وللحياة الأسرية.

8- تنمية مهارات عقلية وتكوين أفكار خاصة بحياته كمواطن.

9- القيام بعمل فيه مسؤولية اجتماعية.

10- تحصيل مجموعة من القيم، ونظام أخلاقي موجِّه للسلوك.

كذلك أكد "أركسون" فكرة حاجات الفرد في كلّ مرحلة من مراحل نموه، وأثر إشباع هذه الحاجات في النمو وفي سير فترة المراهقة عند الفرد. فالحاجات الأساسية للنمو الصحّي للشخصية تتصل بالمراحل الثمانية في تكوين وتكامل الأنا.. وهذه الحاجات نذكر منها الخاص بفترة المراهقة وهي: الحاجة للشعور بالهوية أي الحاجة لأن يعرف الفرد مَن هو وما علاقته بالآخرين. فهذه الحاجة تكون ملحة في فترة المراهقة، لأنّ الفرد يكون ما بين كونه طفلاً وبين كونه راشداً، وهو يتأرجح بين دوره في كلتي الحاجتين ساعياً إلى تحديد موقفه وفي نضاله لرسم صورة لنفسه تكون منسقة مع القيم التي حصّلها من الآخرين وتلك التي كوّنها بنفسه. يواجه مشكلة إذ أنّه يسعى في تكوين صورة عن نفسه كما يراها الآخرون. إنّه يكون مشغولاً بما يظنه الناس فيه. إنّه يحتاج لأن يكون مقبولاً ولأن ينتمي، وشعوره بذاته ينبعث من فكرة زملائه عنه كما ينبعث من تقييمه الخاص لنفسه.

 

الحاجات الإرشادية وطرق دراستها:

هناك خلط بين لفظة "حاجة" ولفظة "مشكلة". والواقع أنّ الحاجة رغبة عند الكائن الحي سواء عرفها صاحبها أو لم يعرفها. أما المشكلة فهي إما شيء يشعر به الفرد ولكن لا يجد له حلّاً مباشراً. وبدون وعي لا تكون هناك مشكلة لكن الشخص قد لا يربط بين مشكلة يشعر بها وحاجة أساسية عنده. فقد لا يشعر الفرد بالحاجة لكنه لابدّ أن يشعر بالمشكلة. فالمشكلة إذاً هي حاجة لم يتم إشباعها.

والحاجات الإرشادية حاجات نفسية لا يتهيأ للفرد إشباعها من تلقاء نفسه لأنّه لم يكتشفها أو لأنّه اكتشفها ولكنه لا يستطيع إشباعها، وفي كلا الحالتين يحتاج إلى نوع من الإرشاد ليكتشف ما في نفسه من هذه الحاجات في المرحلة الأولى، ويعمل على إشباعها في المرحلة الثانية.

ولكي نلقي الضوء على هذه الحاجات نتساءل: ما هي الحاجات النفسية للفرد كما توصل إليها مَن قاموا بدراستها وتحليلها وتصنيفها؟ وما هي الحاجات الإرشادية لتلاميذ المدارس الثانوية؟

يختلف تحليل علماء النفس للحاجات النفسية باختلاف عنصرين أساسيين هما:

أوّلاً: تصور الطبيعة السيكولوجية للفرد.

ثانياً: المنهج المتبع في الدراسة.

هذان العنصران ليسا مرتبطين فحسب بل يحدد أوّلهما ثانيهما. ونتيجة لاختلاف الباحثين النفسيين بما يختص بهذين العنصرين اختلفت دراسات الحاجات النفسية اختلافاً بيّناً، فشملت التناول الكيفي الخاص لأصحاب مدرسة التحليل النفسي إلى جانب الدراسات الكمية المعتمدة على الإحصاء. ذلك أنّ هناك طريقتين رئيسيتين لدراسة الفرد، الأولى تتناول الفرد ككلّ بطرق قد تكون محكمة، لكنها تعتمد على الحكم الشخصي الذاتي الذي يصعب التحقق من صحّته. أما الطريقة الثانية فهي التي تقيس عناصر الشخصية كلّها قياساً موضوعياً يكون على درجة معلومة من الثبات والصحّة.

إنّ التحديد العام الواسع للحاجة وإن كان في معظم الأحيان بالشواهد الموضوعية يكون ذا دعامة أقوى وطابع ديناميكي أكثر من التحديدات النوعية الخاصة التي يُتوصّل إليها عن طريق الدراسات التجريبية الاحصائية.

وفيما يلي نعرض نماذج لدراسات الحاجات النفسية في كلّ من الاتجاهين: اتجاه التحديد العام الواسع المعتمد على الدراسة الكيفية التحليلية، واتجاه التحديد النوعي المعتمد على الدراسة الكمية الاحصائية.

 

الحاجات الأساسية العامة للفرد: برسكوت Prescott:

اعتمد برسكوت في دراسته للحاجات الأساسية العامة للرد، على التحليل الكيفي لتواريخ الحياة، فتوصل إلى أنّ الحاجات في دراسته الضرورية لنمو الفرد تقع في ثلاثة أنواع رئيسية هي:

أوّلاً: الحاجات الفيزيولوجية وتتمثل في:

1-    الحاجة للملبس والمأكل والمأوى وغير ذلك حاجات خاصة بأشياء ضرورية.

2-    الحاجات الخاصة بنظام العمل والراحة.

3-    الحاجات الخاصة بالنشاط الجنسي.

ثانياً: الحاجات الاجتماعية، وتتمثل في الحاجات التالية:

1-    الحاجة للحب.

2-    الحاجة للانتماء.

3-    الحاجة للتشابه مع الغير.

ثالثاً: حاجات الأنا والحاجات التكاملية، مثل:

1-    الحاجة إلى خبرات تقوي الصلة بالواقع.

2-    الحاجة للانسجام والتوافق مع الواقع.

3-    الحاجة لتقدم الرمزية وذلك بالتنظيم المستمر للخبرة والوصول منها إلى تصورات عامة وإلى رموز.

4-    الحاجة للتوجيه الذاتي المتزايد.

5-    الحاجة للتوازن المعقول بين النجاح والفشل.

6-    الحاجة لتكوين شخصية فردية متميزة.

7-    الحاجة لنفاذ البصيرة وانتقاء الأشياء والمواقف المتصلة بالحاجات النفسية وتجاهل ما عداها.

نظرية ميري تؤكد أنّ الحاجة تنشأ من استجابة دافع داخلي لضغط بيئي خارجي، ويقسم الحاجات إلى قسمين رئيسين هما:

1-    حاجات أولية منشؤها حشوي: وهي تنشأ وتتوقف بواسطة حالات جسمية دورية مميزة.

2-    حاجات ثانوية منشؤها سيكولوجي: ليس لها أعضاء للشخص لتحديدها، لذلك سميت سيكولوجية المنشأ.

إنّ الحاجات الحشوية المنشأ تختص بالإشباعات الحسية، وإنّ الحاجات السيكولوجية المنشأ تختص بالإشباعات النفسية.

أما الحاجات الثانوية أو السيكولوجية المنشأ فتقسم إلى ما يلي:

1-    حاجات خاصة بأفعال مرتبطة بأشياء غير حية، مثل:

-         الحاجة للتملُّك: أي أن يمتلك الشخص أشياء وممتلكات.

-         الحاجة للصيانة: أن يجمع أو يصلح أو ينظف الأشياء ليحفظها.

-         الحاجة للنظام: أن ينظم ويرتب الأشياء أن يبدو منظّماً ونظيفاً.

-         الحاجة لاستبقاء الأشياء أو الاحتفاظ بملكيتها.

-         الحاجة للبناء.

2-    حاجات خاصة مرتبطة بأفعال تعبر عن الطموح أو إرادة القوة والرغبة في التحصيل والمكانة هي:

-         الحاجة للتفوق: أي الحاجة للسيطرة على الأشياء والأشخاص والأفكار ببذل الجهد لكسب الاستحسان والمركز المرموق.

-         الحاجة للتحصل: أي الحاجة لأن يتغلب الشخص على الصعاب.

-         الحاجة للشهرة أو للتقدير، أي حاجة الشخص لأن يثير المديح والإطراء وأن يفخر ويعرض مؤهلاته ومزاياه، أن يسعى لأن يكون مميّزاً وأن يسعى للمركز الاجتماعي المرموق وللشرف الرفيع.

-         الحاجة للظهور: أي الحاجة لأن يجلب الانتباه إلى شخصه، وأن يثير الآخرين ويسليهم ويفاجئهم ويهز مشاعرهم.

3-    حاجات تكمل حاجات التحصيل والشهرة وهي تتضمن الرغبات والأعمال التي ترمي للدفاع عن المركز أو تجنب الإهانة، وهذه الحاجات هي:

-         الحاجة لصيانة حرمة الذات وحفظ الكرامة: كأن يحفظ الشخص اسمه أو سمعته الطيبة. إنّها الحاجات القائمة على الكبرياء وعلى الحساسية الشخصية.

-         الحاجة لتجنب الحط من الشأن: مثل تجنب الشخص للفشل والعار...

-         الحاجة للدفاع، أي الحاجة لأن يبرر تصرفاته وأن يقاوم التدخل في شؤونه.

-         الحاجة لرد الفعل، أي الحاجة لأن يتغلب الشخص على الهزيمة في كبرياء وذلك بالكفاح مرة ثانية وبالثأر.

4-    حاجات خاصة بالسيطرة التي يمارسها الشخص والتي يقاومها أو يخضع لها ويمثلها:

-         الحاجة للسيادة: هي الحاجة لأن يؤثر الشخص على الغير ويسيطر عليهم، أن يقود ويوجه وأن يردع، أن ينظم سلوك الجماعة.

-         الحاجة للانقياد: أي حاجة الشخص لأن يعجب بشخص أرفع منه ويتبعه بإرادته.

-         الحاجة للتشابه: أي حاجة الشخص لأن يشارك وجدانياً. أن يقلد أو يقتدي وأن يدمج ذاته مع الآخرين.

-         الحاجة للاستقلال الذاتي.

-         الحاجة للمغايرة، أي حاجة الشخص لأن يسلك سلوكاً مختلفاً عن الآخرين، أن يكون فريداً، أن يتمسك بوجهات نظر غير تقليدية.

5-    الحاجات الممثلة للثنائية المعروفة، السادية والمازوشية وهما:

-         الحاجة للاعتداء: وهي حاجة الشخص لأن يعتدي على شخص آخر أو يجرحه. أن يقتل أو يشي أو يلوم أو يتهم بالسخرية من شخص آخر.

-         الحاجة للإذلال: وهي حاجة الشخص لأن يخضع ويتقبل العقاب، أن يقلل من شأنه، أن يعتذر، أن يستغفر.

أما الحاجة التالية فلها وضعاً مستقلاً خاصاً لأنّها تشتمل على صورة ذاتية مميزة من السلوك، وهي الكبت، هذه الحاجة هي الحاجة لتجنب اللوم، بواسطة قمع الدوافع غير الاجتماعية والتي لا يوافق عليها المجتمع.

6-    حاجات خاصة للتعاطف مع الناس:

-         الحاجة للاندماج مع الجماعة ومشاركتها: مثل حاجة الشخص لأن يكون له أصدقاء.

-         الحاجة للنبذ، أي حاجة الشخص لأن يصد أو يتجنب شخصاً ما، وأن يفرق بين الناس.

-         الحاجة للتربية والرعاية: أي حاجة الشخص لأن ينشأ ويحمي شخصاً ضعيفاً وأن يعبّر عن مشاركته الوجدانية.

-         الحاجة للاحتماء: أي حاجة الشخص للمساعدة والحماية والعطف وأن يكون معتمداً على الغير.

-         الحاجة للعب وهي حاجة الشخص لأن يسترخي وأن يمتع نفسه وأن يبحث عن التغيير والتسلية، ويتجنب التوتر الحاد.

-         الحاجة للمعرفة، أي حاجة الشخص للاستكشاف.

-         الحاجة للعرض، وهي حاجة الشخص لأن يحدد ويثبت. ولأن يصل الحقائق بعضها ببعض.

من هذه الحاجات أنّ كلّ واحدة تميل إلى أن تربط نفسها بموضوعات معينة وتصرف النظر عما عداها، وبذلك تكون "مركب الحاجة". ومركب الحاجة قد يتحقق ويظهر نفسه في سلوك صريح إذا أثير فيكون كامناً.

وعلى هذا الأساس تقسم الحاجات إلى ثلاث حاجات: الأولى حاجة متحققة تشمل كلّ أنواع النشاط الواقعي. والثانية حاجة شبه متحققة يندرج تحتها السلوك الصريح الظاهر الذي يوجه على سبيل اللهو والتخيل نحو أشياء حقيقية كاللعب، ولا سيما لعب الأطفال والتمثيل والغناء والرسم أو النحت أو الموسيقى.. والأخيرة حاجة ذاتية تشمل كلّ نشاط الحاجة الذي لا يجد سبيلاً للتغيير الظاهر الصريح، كالرغبات والأحلام والأوهام.

كذلك قسمت الحاجات إلى حاجات شعورية وحاجات لا شعورية. فكلّ ما يستطيع الشخص أن يعبر عنه بالكلام من الحاجات تكون حاجات شعورية، أما ما لا يستطيع أن يدلي عنه بمعلومات، وإنما يستدل أنّه كان متسلطاً على الشخص موجهاً لسلوكه، فهو حاجة لا شعورية. وكثيراً من الحاجات الشعورية لا يعبّر عنها تعبيراً سلوكياً، بينما كثيراً من الحاجات اللاشعورية تظهر في سلوك يمكن أن يفسره الغير. ومظاهر الحاجات اللاشعورية كثيراً ما يغيرها الشخص أو يفسرها تفسيراً يطمسها، ومن هنا كانت صعوبة اكتشاف الحاجات الأساسية عامة عند الأفراد عن طريق التحليل العيادي (الكلينيكي). أما الحاجات النوعية الخاصة التي تعتمد في اكتشافها على البحوث الميدانية، فقد انصبت دراسة معظمها على تلاميذ المدارس.. ونعرض فيما يلي نماذج لهذه الحاجات الخاصة التي كشفتها الدراسات الميدانية.

 

الحاجات النوعية الخاصة للفرد:

تم اكتشاف حاجات الفرد في المرحلة ما بين الطفولة واكتمال النضج عن طريق دراسة مشكلات الأفراد وخاصة مشكلات تلاميذ المدرسة الثانوية. كما جمعت نتائج عدة أبحاث أجريت لدراسة مشكلات المراهقين ووفقت بينها واستخلصت منها المشكلات الشائعة بين الفتيات والفتيان في سن المراهقة. وقد جمعت هذه المشكلات في ثماني مجالات من مجالات ميول الفرد ونشاطه، فيما يلي نعرض هذه المجالات الثمانية للمشكلات التي تمثل أيضاً حاجات الفرد في فترة المراهقة:

1-    الحاجة إلى تكوين ميول جنسية غيرية.

2-    الحاجة إلى التحرر من السلطة المنزلية كالتخلص من إشراف الوالدين ومن الاعتماد عليهم والحاجة لمصادقتهم وعدم تدخلهم في اتخاذ قراراته.

3-    الحاجة إلى النصح الانفعالي كإبدال الطرق الضارة في التعبير عن الانفعال بطرق غير ضارة وتعلم الاستجابة للمواقف الانفعالية بطريقة موضوعية، إضافة إلى تعلُّم تقبُّل النقد دون الإحساس بجرح الشعور، وتعلم مواجهة الأمور والقضاء على القلق والمخاوف.

4-    الحاجة إلى النضج الاجتماعي كتكوين الشعور بالأمن في وسطه الاجتماعي، والقدرة على مسايرة الغير وعلى القيام بنصيب من عمل الجماعة دون محاولة السيطرة أو محاولة الانسحاب، والتحرر من الاعتماد الكلي على جماعته حيث يبلغ حد التفكير الدائم فيما ستقوله الجماعة في سلوكه وعن ملابسه...

5-    الحاجة إلى بدء التحرر الاقتصادي، مثلاً: تحقيق الحاجة للعمل أو اختيار ميدان عمل يكون النجاح فيه ممكناً، والتقدير الدقيق المعقول لقدراته.

6-    الحاجة إلى النضج العقلي كمناقشة ما تدعيه السلطة وطلب البيّنة، والرغبة في المعرفة.

7-    الحاجة إلى الاستفادة من أوقات الفراغ مثل تكوين هوايات تكون مسلية، وفي الوقت نفسه لا تطالب حيويته بمطالب مرهقة، وتعلم القراءة بسهولة، والانتماء إلى بعض النوادي أو غيرها من المنظمات.

8-    الحاجة إلى فلسفة الحياة مثل تكوين اتجاه منسق يعطي معنى للحياة أو تحصيل مُثُل عُليا ومبادئ عامة.

كذلك مشكلات الطلاب التي تعبر عن حاجاتهم والتي تتردد كثيراً:

أ‌)       مشكلات دراسية:

1-    عادات الاستذكار – تنظيم الوقت – مهارات القراءة – تدوين الملاحظات – الامتحانات – القدرة على تركيز الانتباه.

2-    اختيار مواد الدراسة أو المناهج.

3-    اتجاهات المدرّس نحو الطالب مثل مراعاة ظروف الطالب والاهتمام به.

4-    طرق التدريس: كتب كبيرة – توزيع للعمل غير متساو... إلخ.

ب‌)  مشكلات مهنية:

1-    الحاجة لوجود هدف.

2-    الحاجة لمعرفة القدرات الشخصية.

3-    غموض العلاقة بين الدراسة في الكلية وبين المطالب المهنية.

ت‌)  مشكلات مالية:

1-    القلق بسبب الامتحانات.

2-    صرف الوقت في كسب العيش لا يدع فرصة للحياة الاجتماعية.

ث‌)  مشكلات اجتماعية كالوحدة والحاجة لتعلم مهارات اجتماعية.

ج‌)   مشكلات انفعالية:

1-    الخوف من الفشل أو العجز عن الوصول إلى ما ينتظره الغير.

2-    صراعات دينية أو خلقية.

3-    مشكلات شخصية.

هناك مشكلات شائعة عند الفتيات في بلد عربي معين والتي تتراوح أعمارهنّ بين 13 و21 سنة. وقد طبقت في هذه الدراسة اختبار "موني" بعد تحضيره وإعداده لملائمة بيئة الفتاة العربية في ذلك البلد ويتضمن الاختبار 224 سؤالاً مقسمة إلى أحد عشر مجالاً:

1-    الحالة الصحّية البدنية.

2-    الحالة المالية والمعاشية.

3-    النشاط الاجتماعي الترفيهي.

4-    العلاقة بين الجنسين.

5-    العلاقات الاجتماعية النفسية.

6-    العلاقات الشخصية النفسية.

7-    الأخلاق والدين.

8-    البيت والأسرة.

9-    المستقبل المهني والتربوي.

10-                    التكيُّف للعمل المدرسي.

11-                    المنهج وطرق التدريس.

بعد الاطلاع على مشكلات الفتيات في مختلف مجالات الحياة وبعد فحصها وتحليلها ظهرت الحاجات الإرشادية التالية:

أوّلاً: حاجات إدراكية يمكن أن يكتفى في مواجهتها بالخدمات الإعلامية مثل:

1-    حاجة الفتاة لمعرفة أسباب الظواهر المَرَضية التي تلمّ بها في مرحلة المراهقة.

2-    الحاجة إلى فهم أمور تتعلق بالعلاقة بين الجنسين.

3-    الحاجة إلى الاستنارة فيما يختص بالقيم الخلقية.

4-    الحاجة إلى فهم واضح لأصول الدين وشعائره.

5-    الحاجة إلى معرفة كيف يُنظم الوقت وإلى معرفة العوامل التي تساعد على الاستذكار.

ثانياً: حاجات تتطلب مواجهتها تنظيمات جماعية مثل:

1-    الحاجة إلى تكوين علاقة اجتماعية وتنميتها.

2-    الحاجة إلى تعلم مهارات اجتماعية.

3-    الحاجة إلى الاستفادة من وقت الفراغ.

4-    الحاجة إلى المشاركة في نشاط ترفيهي خارج البيت.

ثالثاً: حاجات تتطلب مواجهتها تحويل اتجاه الطاقة الانفعالية عن طريق نشاط جماعي مثل:

1-    الحاجة إلى ابدال الطرق العنيفة في التعبير عن الانفعال بطرق لا تؤدي إلى لوم النفس أو نفور الغير.

2-    الحاجة إلى تعلم تقبل النضج الجنسي دون ما خجل أو خوف.

3-    الحاجة إلى الشعور بالأمن وسط الجماعة.

رابعاً: حاجات تتطلب مواجهتها تصريف الطاقة الانفعالية التي تسبب عن خزنها مشكلات سلوكية، مثل:

1-    الحاجة إلى التخلص من الشعور بالنقص وتدعيم الثقة بالنفس.

2-    الحاجة إلى تكوين فكرة صحيحة عن النفس وتقبلها.►

 

المصدر: كتاب أبناؤنا في خطر (مورد للمرشدين والمعلمين والأهل)

ارسال التعليق

Top