• ٢٤ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٥ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الإنترنت في عالم الشباب.. آفاق جديدة

عبدالله أحمد اليوسف

الإنترنت في عالم الشباب.. آفاق جديدة

◄ظهرت الإنترنت إلى الوجود في الستينيات كشبكة اتصالات لوكالة مشروعات البحوث المتقدمة التابعة لإدارة الدفاع (الأمريكية). وقد استخدمت بمعرفة المؤسسة العسكرية، ومراكز البحوث والجامعات لنقل المعلومات جيئةً وذهاباً. كما  كانت تستخدم إلى جانب مهام أخرى في التنسيق بين مئات المجاميع والأنشطة الضالعة في تصميم أسلحة وأنظمة جديدة. وبمرور الوقت تطورت تلك الشبكة لما هو أبعد من مجرد خدمة المنشأة العسكرية والجامعات. أما اليوم فإنّ الإنترنت هي أكبر شبكة معلومات في العالم. ويمتد نشاطها خلال عشرات الدول، ويرتبط بها أكثر من مليون كومبيوتر تخدم الشبكة من خلالها حوالي 20 مليون شخص. وفي الواقع فإن كلّ الجامعات ومراكز البحوث حول العالم بها إمكانات للتوصيل بالإنترنت، وفي كلّ يوم يتزايد عدد المنازل والمشاريع والمؤسسات التي تطلب خدماتها. والاتصال بالإنترنت يتكلف القليل والمعلومات رخيصة ومتاحة بوفرة. وفي الواقع فإن حجم الصرف من المعلومات الموجودة عند أطراف أصابع المستخدم، مازال في الأغلب خارج نطاق القدرة على الفهم، ولنتذكر أننا نتكلم عن شبكة اتصالات من آلاف من الكمبويوترات الضخمة، ولكل منها مكتبة معلومات ضخمة. وعلى الرغم من ذلك، فالحصول على المعلومات من خلال الشبكة أكثر سهولة منها على رف الكتب.

ولشبكة الإنترنت محاسن ومساوئ، فوائد وأضرار، مثلها مثل أي منجز من منجزات العصر الصناعي، فبقدر ما تبشر به شبكة الإنترنت من آمال وفرص وإمكانات فهي محفوفة بالمخاطر والتحديات والسلبيات. ومن ضمن المحاسن والفوائد لهذه الشبكة العالمية هو إتاحة وفرة المعلومات في شتى حقول العلم والمعرفة. وإذا كنا في الماضي نعاني من ندرة المعلومات، فاليوم نحن نعاني من تخمة المعلومات، فالمعلومات تتضاعف بمعدل هندسي حيث تُنتج العقول البشرية الآن من المعلومات والمعارف والأفكار في سنوات قلائل قدراً يفوق ما كانت تنتجه سابقاً في قرون طويلة.

والمطلوب بعد أن ساهمت الإنترنت في توافر المعلومات بشكل لم يخطر على البال؛ توظيف العلم والمعرفة لصالح الإبداع والابتكار والتقدم العلمي، وليس مجرد اكتساب المعرفة والعلم؛ فمقياس التقدم العلمي يستند على توظيف العلم والمعرفة، وتنمية القدرات العقلية، والقدرة على التعامل مع الكم الهائل من المعلومات بشكل علمي قائم على الاستنباط والاستنتاج والتحليل.

ومن فوائد شبكة الإنترنت أيضاً أنها تتيح لكل واحد منا أن يفتتح له موقعاً عليها يبث من خلاله أفكاره وخواطره وفلسفته للأشياء والحياة. فضلاً عن الخدمات الكثيرة التي تقدمها الشبكة لمستخدميها  كالبريد الإلكتروني، والاتصالات الهاتفية، والتسوق في المتاجر والأسواق والمعارض والمتاحف.

ومن محاسن الشبكة أيضاً سرعة الوصول إلى المعلومات، والحصول على جوانب مختلفة في حقول العلم والمعرفة، وقراءة كل ما ينشر في الصحف والمجلات الصادرة في مختلف أنحاء العالم، ومشاهدة القنوات التليفزيونية وكذلك الاستماع إلى الإذاعات، والتعرف على كلّ ما يحدث في أرجاء العالم في وقت الحدث مباشرة. كما في الإمكان قراءة مختلف أنواع الكتب الإلكترونية، وزيارة مواقع المكتبات، والتعرف على البلدان والمدن، والشخصيات والأعلام.

ومن الممكن أيضاً إقامة علاقات من خلال الشبكة، والتحاور مع البعيد والقريب من خلال الرسائل المكتوبة، ويمكن أيضاً إضافة عنصري الصوت والصورة. وكذلك يمكن من خلال الشبكة الاستمتاع بالهوايات المختلفة، والترويح عن النفس.. وغير ذلك كثير.

أما عن مساوئ الشبكة فإن من أهمها: المواقع الإباحية الموجودة على الشبكة؛ وإمكانية إقامة علاقات عاطفية بين الشباب والفتيات.. وهذا ما يشكل أكبر خطر على أخلاقيات المراهقين والشباب من الجنسين على حد سواء.

وفي ظل عدم إمكانية منع هذه البرامج الإباحية التي تزداد انتشاراً يوماً بعد آخر فإنّ الحل يكمن في أن يكون لدى الشباب والفتيات من الوازع الديني ما يمنعهم ذاتياً من مشاهدة البرامج والمواقع التي تضر بأخلاق وقيم الإنسان المسلم.

وكذلك توجد على الشبكة مواقع لترويج الأفكار الضالة والمضللة وهو ما يمكن أن يؤدي إلى انحرافات فكرية لدى الناشئة والشباب ممن لا يملكون فكراً إسلامياً أصيلاً، أو يفتقدون الرؤية الفلسفية للدِّين، أو لا يفهمون الدين إلا بشكل سطحي أجوف. والجدير بالإشارة أنّ الإسلام كدين يتعرض لحملة شعواء على شبكة الإنترنت، والهدف تشويه الإسلام، وتضليل الرأي العام، والتأثير على المسلمين لإبعادهم عن دينهم وثقافتهم وقيمهم وأخلاقهم.

وحيث إنّ الشباب هم أكثر الشرائح انجذاباً وتأثراً واهتماماً بشبكة الإنترنت يجب التأكيد على ضرورة الاستفادة المثلى من الشبكة في الجوانب العلمية والثقافية والخدماتية. وتوظيف الشبكة فيما يخدم ديننا وثقافتنا وقيمنا، ومواجهة المواقع التي تسعى لتشويه الإسلام بإيجاد مواقع توضح لمستخدمي الشبكة الصورة المشرقة للإسلام، مع الاهتمام بالمضمون والمحتوى، والاستفادة من التقنيات الحديثة في أسلوب العرض، حتى تؤدي المواقع رسالتها على خير وجه.►

 

المصدر: كتاب الشباب.. هموم الحاضر وتطلعات المستقبل

ارسال التعليق

Top