• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الإمام عليّ (عليه السلام).. فكراً وجهاداً وطاعةً

عمار كاظم

الإمام عليّ (عليه السلام).. فكراً وجهاداً وطاعةً

يقول سبحانه وتعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ وَاللهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ) (البقرة/ 207) و(إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) (المائدة/ 55)، ويقول النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): «يا عليّ، أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي»، «أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها، فمن أراد المدينة فليأتِ من الباب»، «عليٌّ مع الحقّ والحقّ مع عليّ يدور معه حيثما دار»، «من كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه، اللّهُمّ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه، وانصر مَن نصره، واخذل مَن خذله، وأدر الحقّ معه حيثما دار». هذا هو الإمام عليّ (عليه السلام) في كتاب الله وفي سنّة رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي نستطيع أن نقول من خلال تاريخه الأوّل إنّه ابن رسول الله، ليس في النسب وإنّما في التربية.

كان (عليه السلام) قبل الرسالة يعيش مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في معنى محبّته لله وعبادته له عندما كان يتعبّد في غار حراء، ولم يكن معه إلّا عليّ، وكان يعيش معه ويستفيد عقله من عقله، وروحه من روحه، وخلقه من خلقه، وعلمه من علمه. أمّا بعد الرسالة، عندما اشتدّ عوده، فكان يدافع عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في مكّة ضد المشركين، وعاش مع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) طيلة حياته بعد الرسالة، فكان في مكّة التلميذ والرفيق، كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يخرج إلى البيت الحرام ليصلّي ومعه أُمّ المؤمنين خديجة (رضي الله عنها)، وكان عليّ (عليه السلام) ثالثهما، وهو الذي قال: «لم يسبقني إلّا رسول الله بالصلاة»، كان أوّل مَن صلّى بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، لأنّه كان يعيش معنى الصلاة ممّا تعلّمه من النبيّ من أنّ الصلاة معراج روح المؤمن إلى الله، فكانا يعرجان معاً بروحيهما إلى الله تعالى في صلاتهما التي هي أحلى أنواع الصلاة.

وكان (عليه السلام) المُعلِّم في داخل الواقع الإسلامي، حيث كان المسلمون يدخلون في دين الله أفواجاَ، وكان الإمام عليّ (عليه السلام) فارس الإسلام، فقد بدأ جهاده في واقعة بدر، ولم يكن قد تدرّب على أيّ شأن من شؤون الحرب، حتى قيل في السيرة النبويّة الشريفة إنّ عليّاً (عليه السلام) قتل نصف القتلى من المشركين، وقتل المسلمون القسم الآخر، وقيل إنّ جبرائيل (عليه السلام) هتف: «لا فتى إلّا عليّ ولا سيف إلّا ذو الفقار»، لما أبداه من بطولة في بدر والأحزاب وأُحُد وحنين، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما برز الإمام عليّ (عليه السلام) إلى عمرو بن عبد ودّ: «اللّهُمّ لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين، لقد برز الإيمان كلّه إلى الشِّرك كلّه»، وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «ضربة عليّ يوم الخندق تعدل عبادة الثقلين». كان (عليه السلام) يعيش ليثقّف الناس، وما نقرأه في «نهج البلاغة» هو جزء بسيط ممّا قاله عليّ ووعظ به.

وأخيراً، الإمام عليّ (عليه السلام) هو الإمام في مدى الزمن، إمام العلم والفكر والجهاد والتقوى والإسلام، تعالوا لنتعلّم من الإمام عليّ لنكون تلاميذه، وليكون القدوة لنا: «ألا وإنّ إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه، ومن طعمه بقرصيه، ألا وإنّكم لا تقدرون على ذلك، ولكن أعينوني بورع واجتهاد وعفّة وسداد».

ارسال التعليق

Top