• ١٨ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ٩ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الإعلام الدولي.. والطفل

الإعلام الدولي.. والطفل
◄تعتبر شريحة الأطفال من الشرائح الأساسية في المجتمع، حيث أنّ تنشئة الطفل وتربيته سوف تشكِّل مخزون هام يؤثِّر في سلوكه في المراحل اللاحقة، أي مراحل المراهقة والشباب والكهولة.
وتقوم الدول بوضع برامج تربوية للطفل من خلال دور الأسرة، ثمّ دور المدرسة، ثمّ دور المجتمع، وكذلك الدور الرئيسي لوسائل الإعلام في هذا المجال.
وقد أدرك القائمون على الإعلام الدولي هذه المسألة الهامّة، وخصصوا برامج للأطفال بحيث يتم غرس في نفوسهم ثقافات وتطلُّعات مستقبلية مستهدفة، وكلا الإعلاميين المحلي والدولي يؤدِّيان دوراً يرسمه لنفسه في هذا المجال.
قد يكون الإعلام الدولي يعمل لخدمة الطفولة في العالم وفقاً لمبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وتوجيهات منظمات الأمم المتحدة مثل اليونسكو واليونسيف، إلا أنّ الإعلام لابدّ من أن يدرك أُموراً هامة رئيسية في هذا المضمار يضعها في إعتباره عند استخدام وسائل الإعلام من صحافة وإذاعة وتلفزيون وفضائيات في تعليم وتربية ورعاية عالم الطفولة.
وتنقسم مرحلة الطفولة (Childhood) إلى مراحل متعددة، هي:
-    الوليد من الميلاد حتى أسبوعين.
-    الرضيع من أسبوعين إلى عامين.
-    الطفولة المبكرة من 2 – 6 سنوات (الحضانة وقبل المدرسة).
-    الطفولة الوسطى من 6 – 9 سنوات (الصفوف الثلاث الأولى من المرحلة الإبتدائية).
-    الطفولة المتأخرة من 9 – 12 سنة (المرحلة الإبتدائية، الصفوف الثلاث الأخيرة).
وممّا لا شكَّ فيه أنّ فهم واحترام حاجات الطفولة وطرق إشباعها، يضيف إلى قدرة وسائل الإعلام المحلي والدولي للوصول إلى أفضل مستوى لنمو الطفل، وحالة التوافق النفسي والصحة النفسية، بالإضافة إلى التربية الوطنية، والولاء والإنتماء، وقضايا إنسانية وإجتماعية وسياسية يبدأ الطفل بإدراكها.
وعموماً، فحاجات الإنسان في حياته تقسم إلى مجموعة من الحاجات تبدأ الحاجات الفسيولوجية من طعام وشراء وكساء ودواء وحاجات نفسيّة مثل الشعور بالأمن والطمأنينة والحاجة إلى الحب والتقدير والرعاية، والحاجة إلى إرضاء الكبار، والحاجة إلى القبول والإعتراف من المجتمع، والحاجة إلى الحرِّيّة والإستقلال والحاجة إلى اللعب، والحاجة إلى تعلُّم المعايير السلوكية، والحاجة إلى تقبُّل السلطة، والحاجة إلى الإنجاز والنجاح، والحاجة إلى المكانة وإحترام الذات، والحاجة إلى البحث وحبّ الإستطلاع.
وهناك إتفاقيات دولية تنظم حقوق الطفل وثقافته وتربيته وتنشئته. ومن هنا يقع على الإعلام بوسائله المختلفة مسؤولية رعاية وتنشئة وتربية الطفولة والترفيه عن الطفل وتسليته وتعليمه من خلال برامج وطنية وعالمية هادفة.. من برامج إذاعية وتلفزيونية متخصصة للأطفال إلى جانب دور الأسرة والمدرسة.
هذه البرامج الإذاعية والتلفزيونية تعمل على تنمية مواهب الأطفال، وتشجيع إبداعاتهم، ودراسة مشكلة العمالة للأطفال ووضع حلول لها وفق معايير قانونية محلية ودولية، ووفق إعلان حقوق الإنسان العالمي.
وبالتالي، يقوم التلفزيون المحلي في كل دولة من دول العالم بتقديم برامج متخصصة مسلية وهادفة تستهدف أطفال تلك الدول. ومن البرامج ما يكون على شكل مسابقات أو تعليم أو تنشئة وطنية أو برامج ترفيهية بواسطة أفلام الرسوم الكاريكاتيرية المتحرِّكة.
ومع إنتشار الفضائيات، أصبح أمام الطفل مصادر عديدة ومتنوعة ونقصد بها قنوات عالمية عديدة، يشاهد ما يفضل من برامج وخاصة أفلام الرسوم المتحرِّكة. وهنا يلعب الإعلام الدولي دوراً هاماً في توجيه أطفال العالم نحو قيم وثقافات معيّنة. وبالتالي، لابدّ من مراقبة هذه البرامج وبما يتلاءم مع تنشئة الطفل تنشئة مناسبة، وخصوصاً إذا كانت التنشئة تهتم بالنواحي الدينية والمعتقدات وقضايا سياسية معاصرة مثل محاربة الإحتلال ومقاومة الغزو الفكري والثقافي والعولمي.
ويظل الإعلام الدولي مسؤولاً بأمانة عن تقديم برامج هادفة للطفولة كإنسانية جمعاء وليس تبشيراً لثقافة أو قيم أو عادات دولة أو أخرى تهيمن على وسائل الإعلام الدولي، وبالتالي تتحكّم في برامج الطفولة.
وقد لعبت أمريكا وأوروبا دوراً هاماً في هذا المجال من خلال صناعة أفلام الرسوم المتحركة مثل توم وجيري، وافتح يا سمسم، وبرامج لا حصر لها، ويظل الدور الرئيسي للإعلام المحلي والأسرة والمدرسة في إنتقاء الأفضل من خلال برامج فضائيات الإعلام الدولي.
وقد نال إعلام الأطفال نصيباً من العناية الدولية أكدت عليها مواثيق وإعلانات وإتفاقيات دولية كثيرة أهمّها إتفاقية حقوق الطفل العالمية، حيث نصّت فقرات من هذه الإتفاقية على حق الأطفال في الإتصال والتعبير والتفكير، ووردت فقرة في الإتفاقية المذكورة تنص على "أن يكون للطفل الحق في حرِّيّة التعبير، ويشمل هذا الحق حرِّيّة طلب جميع أنواع المعلومات والأفكار وتلقّيها وإذاعتها دون أي إعتبار للحدود سواء بالقول أو الكتابة أو الطباعة أو الفن أو بأيّة وسيلة يختارها الطفل".
وفقرة أخرى تنص على أن "تخدم الدول الأطراف حق الطفل في حرِّيّة الفكر والوجدان والدين".
وفقرة أخرى تنص على "تعترف الدول الأطراف بالوظيفة الهامة التي تؤدِّيها وسائط الإعلام وتضمن إمكانية حصول الطفل على المعلومات والمواد من شتى المصادر الوطنية والدولية"، وبالتالي ومن منطلق هذه الإتفاقية ونصوصنها وإحتراماً للمواثيق الدولية بشأن الطفل تقوم الدول الأطراف بما يلي:
1-    تشجيع وسائل الإعلام على نشر المعلومات النافعة ثقافياً وإجتماعياً للطفل.
2-    تشجيع القانون الدولي في إنتاج وتبادل المعلومات من مصادرها الوطنية والدولية.
3-    تشجيع إنتاج كتب الأطفال ونشر هذه الكتب.
4-    تشجيع وسائل الإعلام على إعطاء إهتمام خاص للإحتياجات اللغوية للأطفال الذين ينتمون إلى الأقليات أو السكّان الأصليين.
5-    تشجيع وضع مبادئ ملائمة تعمل على وقاية الأطفال من المعلومات الضارة بمصالحهم.
وتعتبر المعوقات التالية من المعوقات الرئيسية في عملية الإتصال في المحيط الإجتماعي لإعلام الطفل، وهي:
1-    ضعف اللمهارات الإتصالية للأطفال، مما يستوجب تنمية هذه المهارات وتسهيل عملية فهم الإتصال.
2-    القصور في الإتاحة الإعلامية، إذ يجب أن يكون الإعلام متاحاً وفي متناول الأطفال.
3-    تشبع الجو الإجتماعي بالمشكلات سواء إجتماعية أو ثقافية أو سياسية أو إقتصادية ويلزم حلها.
4-    ضعف الوعي الأسري بالطفولة، مما يستوجب إعلام موجَّه لهذه الأُسر.
5-    قلة الإنتفاع من التطورات العلمية والأدبية والفنّية.. فهناك دراسات عديدة في حقل الأطفال ولم ينتفع بها. ومن هنا يأتي دور الإعلام الدولي والمحلي في التوعية ونشر الرسالة.
وفي مجال الإتصال والإعلام الثقافي لتنمية الأطفال ومهاراتهم ثقافياً، نجد أنّ وسائل الإعلام المحلي ووسائل الإعلام الدولي من صحف ومجلات وإذاعة وتلفزيون وصحافة إلكترونية وسينما وإذاعة وتلفزيون وفضائيات وإنترنت، تساعد الإعلام الدولي في التنمية الثقافية بإستخدام التكنولوجيا المتقدِّمة وإعداد برامج تثقيفية مناسبة للأطفال حسب أعمارهم.
ونظراً لإنتشار الإعلام الدولي في مجال الطفولة، وتغطيته أنحاء العالم إلى جانب إعلام الكبار وإعلام الفئات العمرية للسكّان، نجد أنّه لابدّ من التعاون الدوري في مجال الإعلام الدولي للطفولة، والتركيز على بناء أجيال قادمة مثقفة يسودها التعاون والتسامح والمصلحة العامة للإنسانية جمعاء.
ومع أنّ الثقافة هي مجموعة من الأفكار والقيم والايديولوجيات واللغة، فهي بالتالي تضم ثقافات فرعية منها ثقافة الطفل التي يجب أن يركِّز عليها إعلام الطفل المحلي والدولي، والتي هي عبارة عن أنماط سلوك الأطفال وطرق تصرُّفهم، حيث أنّ لهم طرقهم الخاصة في التفكير والتعبير والميول وأساليب حركية ورمزية وإتصالية عقلية أو عاطفية أو مزيج بينها.
وتنص الفقرة (ج) من المادة (29) من إتفاقية حقوق الطفل التي طبّقت في 2/9/1990 على "تنمية إحترام ذوي الطفل وهويته الثقافية ولغته وقيمه الخاصة والقيم الوطنية للبلد الذي يعيش فيه الطفل والبلد الذي نشأ فيه في الأصل والحضارات المختلفة عن حضارته".
أمّا الفقرة (د) من المادة نفسها، فتنص على "إعداد الطفل لحياة يستشعر المسؤولية في مجتمع حر بروح من التفاهم والسلم والتسامح والمساواة بين الجنسين والصداقة بين الشعوب والجماعات الوطنية والأشخاص الذين ينتمون إلى السكّان الأصليين".
وتنص المادة (30) من الإتفاقية أنّه "في الدول التي توجد فيها أقليات أو أشخاص من السكّان الأصليين، لا يجوز حرمان طفل الأقليات أو السكّان الأصليين من الحق في التمتُّع مع بقية أفراد المجتمع بثقافته ودينه ولغته وشعائره".
وأقرّت الجمعية العامّة للأُمم المتحدة في 20/12/1959 إعلان حقوق الطفل الذي جاء متمشياً من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948. وتطلب الجمعية العامّة للأُمم المتحدة من حكومات الدول سواء بواسطة الإعلام المحلي أو الإعلام الدولي نشر إعلان حقوق الطفل والتعريف به، ونشر النص كاملاً. وطلبت من الأمين العام للأُمم المتحدة أن يعمل على التوسُّع في إذاعته بكافة وسائل الإعلام الدولي، وبكافة لغات العالم، مما يؤكِّد على أهميّة الإعلام الدولي في نشر ورعاية حقوق الطفل في العالم. وتجنيب الأطفال والأحداث وزالمراهقين عواقب أفلام ومسلسلات والجنوح اللاأخلاقي.►

المصدر: كتاب (الإعلام الدولي.. والعولمة الجديدة)

ارسال التعليق

Top