◄إن من يتمعن في النهج التربوي القرآني، ويجري مسحاً للآيات التربوية يجد أنّ التركيز إنما ينصب على البناء الوقائي للفرد والمجتمع، وعلى تقوية المناعة المكتسبة لدى الناس، تداركاً للأمور والمشكلات، وتحوطاً منها، واتقاء لشرها قبل وقوعها..
إنّ النهج القرآني يعمد إلى تجنيب الفرد والمجتمع كلّ الأسباب والعوامل المَرَضية والمؤدية إلى المرض، سواء كانت عقيدية أو نفسية أو فكرية أو جسدية أو خلقية حتى يكون الأصل في حياة الناس العافية وليس المرض، وحتى لا يتحول المجتمع كله بفعل الأمراض والمشكلات المختلفة إلى (مصح أو مستشفى) كما هو الحال اليوم.
كلّ المجتمعات البشرية اليوم مجتمعات موبؤة عليلة لأنها فقدت مقومات الوقاية فانتشرت فيها الأمراض والعلل بلا حدود. فالعافية في هذه المجتمعات استثنائية وأهل العافية قلة، وهذا بعكس ما عليه المجتمع الإسلامي، حيث العافية هي الأصل والمرض هو الشذوذ.
إنّ جولة سريعة في الرياض العطرة من كتاب الله تعالى تؤكد لنا وقائية النهج القرآني، من خلال عدد من محطات الإنذار المبكر، التي من شأنها شد الانتباه، والأخذ بكل أسباب الحيطة والحذر، لضمان عدم الإصابة بالمرض والوقوع في العلة.. وفيما يلي نماذج من هذه اللفتات القرآنية الكريمة:
- ففي الوقاية من الشرك قال تعالى: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأوْثَانِ) (الحج/ 30)، وقال: (لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولا) (الإسراء/ 22)، وقال: (وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) (الذاريات/ 51).
- وفي وقاية الأنفس والأهل من النار: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) (التحريم/ 6)، (وَاتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا) (البقرة/ 48).
- وفي الوقاية من الشح والبخل: (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (الحشر/ 9).
- وفي الوقاية من العدو، كلّ عدو: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ) (النساء/ 71)، (وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ) (المائدة/ 49).
- وفي الوقاية من الربا: يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (البقرة/ 278).
- وفي الوقاية من الخمر والميسر وغيره: (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأنْصَابُ وَالأزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (المائدة/ 90).
- وفي الوقاية من قول الزور (والتزوير عموماً): يقول تعالى: (.. وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ...) (الحج/ 30).
- وفي الوقاية من الظن: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ) (الحجرات/ 12).
- وفي الوقاية من الآفات الجنسية: يقول تعالى: (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا) (الإسراء/ 32)، (وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ) (الأنعام/ 151)، (فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ) (البقرة/ 222).
- وفي الوقاية من الخلاف والتفرق: (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ...) (آل عمران/ 105)، (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا...) (آل عمران/ 103).
هذه بعض نماذج من النهج القرآني في التربية الوقائية التي يذخر بها كتاب الله تعالى عرضناها هنا على سبيل المثال لا الحصر.►
المصدر: كتاب التربية الوقائية في الإسلام
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق