• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الإحسان إلى (الصّبي)

أسرة

الإحسان إلى (الصّبي)
1- الإحسان إلى (الصّبي)[1] في القرآن الكريم: أ- إحترام حقّه في الحياة سواء كان ذلك بعدم الإجهاض، أو عدم البيع، أو بعدم قتل طاقاته ومواهبه بالإهمال والقهر واللامُبالاة: قال تعالى: (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ) (الإسراء/ 31). وقال سبحانه في شرط من شروط بيعة النِّساء: (وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ) (الممتحنة/ 12). ب- الإهتمام التربوي بالطفل، والعناية بتنشئته تنشئة سليمة حتى يغدو عضواً صالحاً في المجتمع: قال سبحانه على لسان فرعون بالنسبة لموسى (ع): (أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا) (الشعراء/ 18). ت- تعليمه عندما يصبح مميّزاً أدب الإستئذان (أي طلب الإذن في الدّخول على غرفة والديه، والإحسان في ذلك، هو أن تنمو لديه حاسّة الإحتراس، أو مَلَكة العفّة، وخُلق احترام الخصوصيات: قال عزّ وجلّ: (وَإِذَا بَلَغَ الأطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا) (النور/ 59). وقال جلّ شأنه: (أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ) (النور/ 31). ث- نصحه وتوجيهه ووعظه وتوصيته في الإلتزام بمكارم الأخلاق والصِّفات الحميدة، حتى يقوى عوده ويشبّ على البرِّ والإحسان: قال عزّ وجلّ على لسان لقمان (ع): (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (لقمان/ 13). إلى أن يقول تقدّست أسماؤه: (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأمُورِ (١٧)وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (١٨)وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الأصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) (لقمان/ 17-19).   2- الإحسان إلى (الصّبي) في الأحاديث والرّوايات: أ- الإحسان إلى الطفل قبل ولادته باختيار الأمّ الصالحة والمَحضن النظيف: قال رسول الله (ص): "تَخيّرُوا لِنُطفِكُم، فإنّ العِرْق دسّاس". ب- الإحسان إلى الطِّفل بعد ولادته بالأذان في أذنه اليُمنى والإقامة في أذنه اليُسرى، عملاً بالسّنّة النبوية الشريفة. ت- أن يُحسن تسميته، فلقد كان رسول الله (ص) يُحسن لبعض الأطفال بل وحتى الكبار الذين كانوا يحملون أسماء توحي بالمعاني السلبية، ليجعل منها أسماءً ذات إيحاءات إيجابيّة، لما كان (ص) يراهُ من أثر الإسم على الصبي في حياته وبناء شخصيته. عن الإمام علي (ع): "حقُّ الولَد على الوالِد أن يُحْسِن إسمه، ويُحسِن أدبه، ويُعلِّمه القرآن". ث- ترويضه على أدب الحديث، والكلام المُهذّب، والإبتعاد عن البذاءة والفحش في القول، وأن يغرس في نفسه المفاهيم الدينية بشكل مُبسّط ومُتدرِّج، وتعليمه آداب السلام والأكل والشّرب، وعلى الأخلاق الكريمة كالصِّدق والأمانة: عن النّبي (ص): "لأن يُؤدِّب أحدكُم ولده، خيرٌ له من أن يتصدّق بنصفِ صاع كلّ يوم". ج- عدم التمييز بينه وبين سائر إخوانه، سواء بتفضيله عليهم أو بتفضيلهم عليه، لأنّ ذلك من عدم الإحسان إلى الجميع: أبصرَ رسول الله (ص) رجلاً له ولدان، فقبّل أحدهما وتركَ الآخر، فقال (ص): "فهلّا واسيتَ بينهما". وقال (ص): "إعدلوا بين أولادكُم كما تُحبُّون أن يَعدِلُوا بينكُم في البرِّ واللّطف". وكان (ص) يقول: "إنّ اللهَ يُحبُّ أن تَعْدِلُوا بين أولادكُم حتّى في القُبَل". وكان السيِّد المسيح (ع) يقول: "ومَن سقى أحد هؤلاء الصِّغار كأس ماءٍ باردٍ فقط، فإنّ أجره لن يضيع".   3- الإحسان إلى (الصّبي) في الأدب: قال الشّاعر يستحثّ الآباء على الإحسان إلى صبيانهم وأطفالهم بتعليمهم الآداب في الصِّغر: عَوِّد بَنيكَ على الآدابِ في الصِّغَرِ **** كي ما تقرّ بهم عَيناكَ في الكِبَرِ فإنّما مَثَلُ الآداب تجمعُها **** في عنفوان الصِّبا كالنّقشِ في الحَجَرِ إنّ الغضونَ إذا قوّمتها اعتدلت **** ولا يلينُ إذا قوّمتهُ الخَشَب قد ينفعُ الأدبَ الأحداثَ في صِغَرٍ **** وليسَ ينفعُ عند الشّيبةِ الأدبُ وقال (نابليون) مبيِّناً أثر الإحسان الأموميّ على الطِّفل، وانعكاساته المستقبليّة: "مُستقبَل الأولاد في أيدي أُمّهاتهم". ودعا شاعر إلى الإحسان إلى كلِّ طفل وليس طفلكَ فقط، فقال: أحْبِبْ الطِّفلَ وإن لم يَكُ لَكْ **** إنّما الطِّفلُ على الأرضِ مَلَكْ   4- برنامج الإحسان إلى (الصّبي): يمكن التعرّف على برنامج الإحسان إلى الصبي أو الطفل من خلال ما حدّده علماء التربية من الحاجات الأساسية للطِّفل، وهي: 1- الحاجة إلى الغذاء: والإحسان بأن يحصل الطفل على تغذية سليمة وصحِّيّة. 2- الحاجة إلى الأمن: والإحسان إليه بأن يجد الملاذ الآمِن في بيته وأسرته ومحيطه العائليّ الأوسع (أقربائه) أو (روضته). 3- الحاجة إلى المشاعر الإنسانيّة الجميلة من لُعب وهدايا وشحنات عاطفيّة دافئة، كالعطف والمُشاركة الوجدانية والتصابي له. 4- الحاجة إلى التقدير الإجتماعي، أي إشعاره بأنّه مقبول، وأنّه محطّ تقدير واعتبار من الآخرين. 5- الحاجة إلى تأكيد الذات والتعبير عنها، أي السماح له بالتعبير عن نفسه والإفصاح عن شخصيّته إن في كلامه أو رسومه أو أفعاله. 6- الحاجة إلى الحرِّية والإستقلال، أي مُراعاة ميله للقيام ببعض الأعمال بدون معاونة والديه كربط حذائه واختيار ملابسه وألعابه بنفسه. وقد يزيد البعض عليها، ولكن المهمّ هو أنّ الإحسان إلى الطفل ليس عاطفيّاً فقط، بل إجتماعيّ وتعليميّ أيضاً.  
[1]  (الصّبي) نعني به (الطفل) و(الصغير) و(الغلام).  

ارسال التعليق

Top