المعروف أنّ الضحك من أهم العوامل التي تساعد على تقوية جهاز المناعة للإنسان لمواجهة الانفعالات والتوتر، وغير ذلك من العوامل التي تؤثر بالسلب في صحّة الإنسان.. لذلك حاولت كثير من الدراسات في السنوات الأخيرة التوصل إلى العلاقة بين الجهاز العصبي المركزي وجهاز المناعة، وهي العلاقة التي توصل إليها أجدادنا في الزمان القديم، حيث ربطوا بين التوتر والانفعال والعصبية والاكتئاب، وبين المرض الجسماني وضعف المناعة الذي يظهر في شكل أعراض مرضية.
وقد توصل العلماء من خلال أحدث الأبحاث العلمية إلى وجود اتصال مباشر بين المخ والجهاز العصبي المركزي وجهاز المناعة، وإلى أنّ كلّ ما يؤثر بالسلب في الجهاز العصبي المركزي والحالة النفسية للإنسان يؤثر أيضاً بالسلب في جهاز المناعة، ويسبب الأنواع المختلفة من الأمراض، بدءاً من تكرار حدوث العدوى بالإنفلونزا، وحتى الإصابة بالأورام السرطانية وعدم الشفاء منها.
ومن المؤثرات التي تواجهنا كلّ يوم في حياتنا اليومية وتسبب توترنا مما يؤثر بالسلب في جهاز المناعة: التوتر في العمل والزحام والضوضاء، وقلة المال والانشغال بالمستقبل، والخلافات الزوجية وجحود الأبناء، والشعور بالوحدة.. كلّ هذه المؤثرات، إذا لم يستطع الإنسان منع حدوثها فإنّه مطالب بأن يتعلم كيف يوجهها ويتعامل معها بأقل قدر من الأضرار.. من خلال ما يسمى في العلم بالتكيّف، وما يسمى في الدين بالرضا والإيمان.
وهناك الكثير من الوسائل التي طرحتها الأبحاث العلمية للتعامل مع الانفعالات السلبية، أولى هذه الوسائل الضحك الذي يعتبر تطعيماً ضد الانفعالات وتأثيرها السلبي على جهاز المناعة وعلى الجسم بصفة عامّة، حتى إنّ هناك الآن نوعاً من العلاج يسمى العلاج بالمرح، وذلك بعد أن أثبتت الأبحاث العلمية أنّ الضحك والمرح يقللان من إفراز هرمونات الكورتيزون والأدرينالين، وغيرهما من هرمونات الانفعالات الهدامة، التي لها تأثير سلبي على جهاز المناعة.
كما أثبتت الأبحاث العلمية أنّ الضحك ينشط نوعاً من الخلايا في جهاز المناعة يسمى الخلايا القاتلة الطبيعية، وهي المسؤولة عن التصدي للفيروسات والخلايا السرطانية والقضاء عليها في مهدها، وهو ما أكدت أبحاث أجريت أخيراً في أكثر من جامعة منها جامعة "هارفارد" الأميركية. ولقد أجريت عدة تجارب على مجموعة من الأفراد في كلية الطب جامعة "أوهايو" بالولايات المتحدة لمعرفة تأثير الانفعالات والتوتر على الأجسام المضادة الموجودة في اللعاب والأغشية المخاطية في مقابل الضحك والمرح على هذه الأجسام المضادة التي تعتبر نوعاً من القذائف المدفعية التي تقف على بوابة الجهاز التنفسي والهضمي. وفي دراسة أجريت في جامعة "شيكاغو" تبيّن أنّ الضحك والمرح يمكن أنّ يزيداً من عمر الإنسان 8 سنوات، وفي جامعة "ستانفورد" الأميركية أيضاً أظهرت إحدى الدراسات أنّ ضحكة واحدة من القلب تعادل الفائدة التي تنالها أجهزة الجسم المختلفة. بما فيها الجهاز المناعي من ممارسة الرياضة لمدة 10 دقائق على ماكينة الجري.. ومع كلّ ضحكة من القلب يتم حرق 3.5 سعر حرارية، مما يجعل الضحك وسيلة للمحافظة على رشاقة الجسم، بشرط عدم تناول أغذية غير صحّية.
ينشّط الضحك إفراز مادة "الأندورفينات" أو "الأفيونات" الطبيعية التي تحافظ على المزاج والسلوك الطبيعي، وأيضاً يقوي الضحك جهاز المناعة ويزيد من كمية الأكسجين التي تدخل الجسم، مما يساعد على تجديد الخلايا التالفة وتقوية جهاز المناعة وتقليل الإحساس بالألم وتخفيف التوتر.
الكاتب: عبدالله باجبير
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق