◄عَلَّمنا قدوتنا ومعلمنا أنّ الشيء يأتي بالجهد.. يقول الله عزّ وجلّ: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت/ 69)، فهو يقول: "إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم"، وكذلك الصبر بالتصبر، والخشوع بالتخشع، والنصر بصنع النصر، والسعادة بصنع السعادة؛ فقد جاءت على وزن تفعّل، أي تَصنَّع الشيء إذا لم يكن موجوداً. فإن لم تكن سعيداً فتصنع السعادة، وذلك بإظهار أنك سعيد لنفسك أوّلاً ولغيرك ثانياً. ودليل السعادة الابتسامة. هل وأنت تقرأ هذه الكلمات الآن تبتسم؟ ابتسم. هل بقربك صديق أو زوج أو ابن أو قريب؟ ابتسم له ولك صدقة.
يقول ابو علم النفس الحديث د. وليم جيمس: "ليس باستطاعتنا تغيير مشاعرنا بسهولة وبمجرد التصميم على فعل ذلك، لكن باستطاعتنا تغيير أفعالنا، وحين نغيِّر أفعالنا ستتغير مشاعرنا تلقائياً. إنّ الممر التلقائي إلى الفرح. إذ ما كنت فقدته، هو الجلوس بفرح والتصرف والتحدث وكأنّ الفرح هناك".
والدين الإسلامي السمح يدعوك إلى الابتسامة دائماً، حتى أنّ الله تعالى يؤجرك على ذلك، ففي الحديث: "تبسمك في وجه أخيك لك صدقة"، طبعاً هناك أناس جاءوا بغلظة، ولا أدري من أين. هل رأيت أناس يلقون السلام عليك وكأنهم يلقون الحرب؟!
بعض الناس يشعر أن في الدين غلظة وشقاء، والدين بريء من ذلك. إذا لم تشعر بالسعادة وأنت مسلم فإن إسلامك غير صحيح؛ لأنّ الإسلام دين سعادة وطمأنينة فكيف يتسبب في التعاسة؟ إنّ الدين لا يتسبب أبداً في تعاسة ابن آدم في الدنيا ولا في الآخرة، ولكن الفهم هو الذي قد يتسبب في ذلك. الفرق بين المسألتين كما يقول الأستاذ الكبير سيد قطب في "أفراح الروح": "إنّ الأولى: العلم، والثانية هي: المعرفة، في الأولى: نحن نتعامل مع ألفاظ ومعانٍ مجردة، أو مع تجارب ونتائج جزئية، وفي الثانية نحن نتعامل مع استجابات حية، ومدركات كلية، في الأولى: ترد إلينا المعلومات من خارج ذواتنا، ثمّ تبقى في عقولنا متحيزة متميزة، وفي الثانية: تنبثق الحقائق من أعماقنا ويجري فيها الدم الذي يجري في عروقنا وأوشاجنا، ويتسق إشعاعها مع نبضنا الذاتي".
إنّ هناك أناساً قد شددوا فشدد الله عليهم، فأتعسوا أنفسهم وأتعسوا أهاليهم. هناك أناس إذا رأيتهم تشعر بأنّ التدين سعادة وراحة، وآخرون إذا رأيتهم تشعر بأنّ الدين هذا الذي يتبعونه إنما يقود كلّ من يتبعه إلى العسر والتعاسة والبؤس. أو قد يكون الدين عند البعض مصلحة أو مهرباً من واقع. إنّ هناك أناساً سيؤو المعاملة فيتدينون فتنتقل معهم طباعهم، ولذلك نص الحديث فقال: "خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إن فقهوا". لابدّ لكي يتغير الإنسان أن يتغير حقيقياً.
إنّ الدين سعادة، ومتى كان غير ذلك فإنّه ليس الدين الصحيح أو أن صاحبه ظلمه فلم يفهمه فهماً صحيحاً. كن سعيداً حتى تكون قدوة لغيرك وتُريهم أنّ الدين سعادة.►
المصدر: كتاب كن مُطمئناً/ (البرنامج العملي للتغلب على القلق والتوتر والعيش في سعادة)
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق