(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ* أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ* شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (البقرة/ 183-185). إنّ الانتساب إلى الله سبحانه، وهو الخالق البارئ المصوِّر، وهو رب العالمين، ليس كمثله انتساب، فمنه الشرف وإليه الشرف، به تُعظّم الأشياء وتُكرّم وتُشرّف، فالقرآن عظيم وكريم لأنّه كلام الله تعالى، والرسول عظيم وكريم لأنّه رسول الله تعالى، والإنسان كريم لأنّه عبد الله، وقد كرّمه الله. وشهر رمضان عظيم ومبارك لأنّه شهر الله وقد كرّمه وشرّفه وعظّمه وفضّله على سائر الشهور، ويوم الجمعة عظيم لأنّ الله كرّمه وفضّله على سائر الأيّام، وليلة القدر عظيمة لأنّ الله عظّمها وجعلها خيراً من ألف شهر. فالشرف كلّ الشرف والفضل كلّ الفضل والكرم كلّ الكرم والعظمة كلّ العظمة بالانتماء إلى الله ولا شيء سوى الانتساب إلى الله سبحانه وتعالى، فقد خصّ الله تعالى شهر رمضان دون غيره من الشهور بنزول القرآن وليلة القدر، فجعل أيّامه أفضل الأيام ولياليه أفضل الليالي وساعاته أفضل الساعات، وسمّاه شهر الرحمة والبركة والمغفرة، وشهر الضيافة عند الله، وشهر الصبر وشهر المواساة، فعلى الإنسان المتفكِّر والمتدبّر والساعي لإيجاد علاقة وثيقة بينه وبين ربّه أن لا يضيع مثل هذه الفرص الثمينة، وليسع لتقوية هذه الآصرة بينه وبين الله جلّ جلاله وهو على بيِّنة من عمله هذا وما يجنيه من هذا العمل الخالص لوجه الله الكريم، فالصوم واحد من هذه الأسباب القوية للشدّ مع الله تعالى والتمسّك بالعروة الوثقى التي لاانفصام لها. فلنستقبل شهر الله الأكبر، شهر هو أكرم مصحوب من الأوقات، وخير شهر في الأيام والساعات، الذي قربت فيه الآمال، ونشرت فيه الأعمال، ورقت فيه القلوب وقلت فيه الذنوب.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق