• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

ابدأ حياتك برؤية

إبراهيم بن حمد القعيد*

ابدأ حياتك برؤية
◄في إحدى الدراسات الأخيرة التي جاءت في مجلة جامعة هارفرد الأمريكية للأعمال حول العوامل الرئيسة التي تؤدي إلى النجاح في الحياة، وجد أن أهم هذه العوامل الرئيسة التي تؤدي إلى النجاح في الحياة، هو توفر النظرة المستقبلية أو الإحساس بالمستقبل لدى الإنسان. فالشخص الذي يفكر بالمستقبل ويضع تصورات يرغب العيش في ضوءها، ويتخذ قراراته بناء على هذه الرؤية المستقبلية غالباً ما يحالفه الحظ ويحقق إنجازات كبيرة. وعلى العكس من ذلك، الشخص الذي علاقته بالمستقبل ضعيفة فيفكر ليومه، ويعيش ليومه، ويصرف ما يأتيه بدون إحساس بالوقت أو رؤية مستقبلية لحياته فإنّه لا يحقق الكثير مهما كانت إمكاناته العقلية ومؤهلاته الأكاديمية وخبراته العملية ومستوى دخله. هل لديك رؤية في الحياة؟ أي تصور للمستقبل الذي ترغب الحياة في ضوئه أو صورة لأوضاعك خلال السنوات الخمس أو العشر القادمة. البعض منا سيقول: كيف لي أن أتصور المستقبل أو أعرف أوضاعي بعد هذه السنين وأنا لا أعرف ما يحصل غداً، المستقبل بيد الله والغيب لا يعلمه إلا هو سبحانه وتعالى. نعم هذا صحيح الغيب لا يعلمه إلا الله ولكنه – سبحانه وتعالى – أعطانا العقل وحرية الإختيار والقدرة على التدبير والتخطيط ورسم الصورة التي نطمح لها في المستقبل. هل هناك فرق بين شخصين: شخص إختار الكسل والعجز وعدم تحمل التكاليف أو تحمل الحدود الدنيا منها، وشخص آخر إختار الجد والإجتهاد وفعل الأسباب وإقتفاء أثر الناجحين؟

دعني آخذك في تدريب شائق يساعدك على رسم صورة لمستقبلك. هل يمكنك تصور أدق التفاصيل في يوم من أيام حياتك بعد خمس سنوات مثلاً "بعد عمر طويل إن شاء الله" "تصور يومك المثالي الذي ترغب وتتمنى أن يكون وليس ما تفعله الآن".

تخيل معي وحلق قليلاً في السماء وأجب على الأسئلة: -        في أي ساعة ستستيقظ ذلك اليوم؟ -        .............................................. .............................................. -        ماذا ستفعل خلال الساعة الأولى من يومك؟ -        .............................................. .............................................. -        ما نوع الإفطار الذي ستتناوله؟ -        .............................................. .............................................. -        في أي ساعة ستخرج من منزلك؟ -        .............................................. .............................................. -        ما نوع الوسيلة التي ستنقلك إلى عملك؟ -        ............................................. ............................................. -        ما نوع العمل الذي ستذهب إليه؟ -        ............................................. ............................................. -        ما نوع العلاقات التي ترغب أن تكون سائدة في العمل؟ -        ............................................. ............................................. -        كيف ستقضي وقتك في عملك، وما إنجازك في ذلك اليوم؟ -        ............................................. ............................................. -        متى سترجع إلى منزلك؟ -        ............................................. ............................................. -        ماذا تفعل خلال الساعة الأولى من وصولك؟ -        ............................................. ............................................. -        ما أنواع الطعام المتوفرة في الغداء؟ -        .............................................. .............................................. -        ماذا ستفعل حتى المساء؟ -        .............................................. .............................................. -        كيف تقضي فترة المساء؟ -        .............................................. .............................................. -        مع من ستجلس؟ -        .............................................. .............................................. -        ماذا ستفعل قبل النوم؟ -        ............................................... ............................................... -        متى ستأوي إلى فراشك؟ -        ............................................... ...............................................

تفاصيل دقيقة جدّاً قد يصعب على الكثير من التفكير فيها أو تحديدها ولكن كلما قربت من الإجابات التفصيلية وتحديد معلومات واضحة كلما حددت رؤية واضحة في الحياة ورسمت صورة مرغوبة للمستقبل.

  ومن الأمور المثيرة حقاً في الحياة أنك إذا تصورت حياتك بعد خمس سنوات ستجد أن هناك أشياء يمكن أن تعملها مباشرة أو خلال فترة قصيرة تحقق لك السعادة والنجاح، ولا تحتاج إلى وقت طويل وجهود مضنية. فإذا رغبت أن يكون إفطارك صحيّاً 100% بعد خمس سنوات وتشعر بالتبرم أو التذمر من نوع الإفطار الذي تعودت على تناوله كل يوم، فلست في حاجة للإنتظار خمس سنوات لتغيير ذلك، يمكنك أن تفعله في وقت قصير. وقس على ذلك أغلب الأمور ولكن هناك بالطبع أمور تحتاج وقتاً طويلاً وجهوداً كبيرة. الرؤية هي ما نرغب أن يكون ونتمنى أن يتحقق. قد يكون واقعنا صعباً ومختلفاً ولكن تحديد الرؤى المناسبة والعمل الهادئ الدؤوب والجهود الذكية "وليس بالضرورة المتعبة والمكلفة" هو الكفيل بتحقيقنا للنجاح والتميز. الرؤية هي الدائرة التي تمثل الصورة المستقبلية المطلوبة، ما يجب أن يكون، مقارنة بالدائرة التي تمثل الوضع الراهن وظروفك الحالية وبين هاتين الدائرتين هناك مسافة من الأهداف والوسائل والآليات "التخطيط" إجتيازها يحدد الفروق بين الأشخاص الناجحين والفاشلين وبين المتميزين والعاديين.   -        التخطيط: والرؤية هي قضية شخصية تعتمد على الإعتبارات الخاصة، وباستثناء الأمور المحرمة شرعاً ليس هناك رؤية صحيحة وأخرى غير ذلك، إنما هناك رؤى مختلفة لأشخاص متنوعين في الإهتمامات والمواهب. فإذا كان لدينا ثلاثة إخوان فربما كانت رؤاهم مختلفة: الأوّل: أن أكون رجل أعمال ناجحاً، رئيساً لمجموعة تجارية مرضياً لربي قريباً من أسرتي مشاركاً في قضايا أمتي. الثاني: أن أكون طبيباً قريباً من ربي محترفاً واسع الاطلاع في تخصصي مهتماً بمرضاي. الثالث: أن أكون معلماً ناجحاً دائم التعلم، مرضياً لربي، مهتماً بطلابي، مشاركاً في قضايا مجتمعي التربوية. وأخيراً إنّ الرؤية الحقيقية المتوازنة تأخذ بعين الإعتبار الدوائر الخمس في حياة الإنسان: الدائرة الإيمانية "علاقة الإنسان بربه ومستوى الإيمان الذي يصبر إليه". والدائرة الشخصية "محافظتك على صحتك وسلامتك الشخصية وحاجاتك المادية". والدائرة الأسرية "تطلعاتك في محيط الأسرة وما يشمل من علاقات وسلوكيات". والدائرة الوظيفية "تطلعاتك في عملك أو مهنتك ومستوى الإنجاز والتقدم والدخل". والدائرة الإجتماعية "تطلعاتك في خدمة مجتمعك وعلاقاتك مع الأقارب والجيران والأصدقاء".►   ·       رئيس تنفيذي لشركة دار المعرفة للتنمية البشرية   المصدر: كتاب (دروس ثمينة في تحقيق التميز والنجاح في الحياة)

ارسال التعليق

Top