• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

إدارة الأزمة في العمل

عبدالكريم راضي الجبوري

إدارة الأزمة في العمل
 ◄أحد أهم المبادئ الرئيسية في المفاوضات هو صيانة العلاقة بين الطرفين. سواء كان بين البائع والمشتري، المدير والموظفين، أرباب العمل وإتحاد النقابات.. وحتى بين الزوج والزوجة.. أي بين كلّ الذي يجمعهم العمل أو البيت أو العلاقة..

وفي بعض المفاوضات فإنّ العلاقة تمر بمرحلة أزمة.. تلك المرحلة المتأزمة تحدث عندما تصل العلاقة إلى مرحلة انعطاف فتصبح عرضة للهجوم والإصابة..

لكي نحافظ على دوام العلاقة.. فلابدّ لنا من إدارة الأزمة.. أي السيطرة عليها وتطويقها..

وتنشأ الأزمة نتيجة الاختلاف في وجهات النظر أو التجاوز في السلوك أو التعامل أبعد من حدود العرف أو القانون فيحدث استلاب أو شعور بالاستلاب لحق من الحقوق.. إلخ.

ويمكن للأزمة أن تنشأ بين الزملاء مثلما تنشأ بين الخصوم.. وكلاهما يحتاج للسيطرة والاحتواء بنفس الطريقة.

يمكن أن يحدث جدال بين المدير وبين المجهِزّين أو أي نوع من الزبائن، أو بينه وبين إدارة أو قسم آخر في مؤسسته.. ربما يقود إلى خصومة أو خلاف يؤدي إلى أزمة ليست في صالح العمل والعلاقات القائمة..

إن إصدار القرار يمكن أن يكون صعباً.. حيث تسود العواطف المجرّدة والانفعالات ذات النزعة العدوانية المتفاقمة، مكان تلك التي تميل لتصحيح المشكلة.

ويمكن أن تنزلق الأزمة وتحدث عندما ينجر كلّ شخص إلى دوامة في الجدال.. وهناك العديد من القواعد التي تساعد على حفظ العلاقة ومسيرتها أثناء الأزمة.

إنّ السيطرة على الأزمة لا يعني تدمير خصمك ولا الإستسلام له..

1- استخدم أقل حدّ من الردع: معلوم أن رفع ميزان القوة وتصعيدها.. أسهل من خفض مستواها..

إنك تريد أن تجهد نفسك مبدئياً بأقل ما يمكن لتحقيق أهدافك، لذا عليك أن تختار أحسن طريقة فعالة.. غير مبنية على الردع أو العقوبات وبأقل قدر من الشدّة..

2- قرر مسبقاً إلى أي مدى تذهب: تتفاقم الأزمة عندما يفشل البشر في وضع حدود للعقوبات التي يضعونها على بعضهم البعض فيكون رد أحدهم على الآخر عدوانياً إلى أن يتخذ أحدهم خطوة واحدة أبعد مما يريدون اتخاذه في الواقع.

إنّ المدير الفعال للأزمة، لابدّ أن يكون متبصراً تماماً لمستوى ردود الأفعال، ومستجيباً لنداء الحكمة.. وإن لا يسمح للجدال أن ينطلق إلى أبعد مما ينبغي..

3- ضع المستقبل في اعتبارك: إن كلّ خطوة تتخذها هي نقطة انطلاق من أجل المستقبل..

فلا تتخذ أو تقوم بأي عمل من شأنه أن يضر أو يسيء بمستقبل علاقاتك أو يعكر صفاء حياتك الإنسانية أو العملية بدون مبرر. إضافة إلى أنك يجب أن تضع في اعتبارك وتتذكر دائماً بأنك قد تضطر للتعامل مستقبلاً مع خصمك عندما تنتهي الأزمة، وهذا عامل مهم خصوصاً إذا كانت الأزمة ضمن البيت الواحد أو المؤسسة، عند ذاك لا مناص أو مهرب من الإلتقاء والتعامل المستمر.

4- ابقِ اختياراتك مفتوحة: حافظ على مدى واسع في الاختيارات والبدائل مفتوحة أمامك ولا تضيق على نفسك مسالك الخروج من الأزمة وحلولها.. واترك المجال أمام خصمك لتغيير مسالكه بترك المجال مفتوحاً أمامه للتراجع ولا تضعه أمام اختيار وحيد لمواجهتك.. (لا تحشره في زاوية ضيقة) إلّا في حالة واحدة فقط هي يأسك التام والنهائي من أي سبيل آخر وعندما تصل في حساباتك إنه سيظل مصدر عذاب وضرر تام لك لا يمكن حله أو التغلب عليه بطريقة أخرى.. وهذه الحالة نادرة وقليلة الحدوث.

5- لا تطوّق خصمك: أشرنا إلى هذه النقطة باختصار في الفقرة السابقة ولأهميتها نشرحها بشكل أوسع. إذ أن محاصرة الخصم وتطويقه لن يبقي أمامه مجال أو فرصة للمراجعة أو التراجع.. ولا يبقى أمامه من سبيل آخر سوى مواجهتك.. أفسح المجال أمامه للتراجع بدون أن يفقد ماء وجهه. إنّ المدير الاستعراضي الذي يود إثبات رجولته فقط، هو الذي يسعى للمواجهة وحشر المقابل في زاوية المواجهة أو فقدان ماء الوجه.. غير مهتم أو متحسب للمستقبل الذي يواجهه المقابل فيه بموقف ثأري انتقامي لا تحمد عقباه، ولا تضع خصمك في زاوية حرجة لا مفر أمامه سوى القتال..

6- احتفظ بخطوط اتصالك سليمة: لا تحطم أو تقطع صلاتك حتى وأنت وسط الأزمة مع خصمك فطالما كانت هناك قنوات اتصال سالكة وسليمة.. فإن هناك فرصة لحلٍ بنّاء للأزمة.

فعندما يتم استدعاء سفير إلى بَلَدِه فإن ذلك موقف جاد وخطير لأنّه يقطع خط اتصال مهم.. فإن لم تكن راغب في التحدث إلى خصمك مباشرةً يمكنك استعمال وسيط آخر بينكما.. ولكن ليكن قصدك واضحاً ويصل بشكل دقيق بدون تحريف بواسطة شخص أو جهة تثق بها تماماً.

7- تأكد من إعلان قضيتك بوضوح: عندما يُصبح جدالك وخصومتك معلنة.. سواء كانت مسألة خلاف تجاري، إداري، صناعي أو مشكلة شخصية..

فحاول أن تشرح وتعلن وجهة نظرك بشكل واضح ودقيق.. بحيث يتفهمك جميع المحيطين بك والذين لهم مساس بعملك أو حياتك... إلخ.

وكثير من الخصومات والقضايا خسرها أصحابها رغم أحقيتهم المشروعة بسبب فشلهم في تقديمها أو الدفاع عنها في حلبة الصراع فتذكر أصول إدارة الأزمة ولا تكن محامياً سيئاً عن قضيّة عادلة!!. ►

 

المصدر: كتاب المدير الناجح والتخطيط الإداري الفعّال

ارسال التعليق

Top