الله سبحانه وتعالى عندما أودع الثروات والموارد في بيئة الأرض كان ذلك من أجل غاية عظيمة ألا وهي عمارة الأرض والكون، والتي تدخل تحت الغاية الأساسية من خلق الإنسان وهي عبادة الله الواحد الأحد، ويمكن أن نلمح الأمر الإلهي بوجوب عمارة الأرض في قوله تعالى: (هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا) (هود/ 61). وقيل في تفسير هذه الآية: أمركم بعمارة ما تحتاجون إليه من بناء مساكن وغرس وأشجار. وعمارة الأرض تقتضي حمايتها وحظر الإفساد فيها وتلويث طاهرها وإهلاك أحياءها واتلاف طيباتها. يقول سبحانه وتعالى: (وَلا تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا) (الأعراف/ 85)، أي عدم الإفساد والإضرار بالبيئة بأيِّ نحوٍ كان، لأنّها بيت الجميع. وقوله عزّوجلّ: (اللهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (الجاثية/ 12)، أي مقابلة النِّعمة بالوفاء، والحماية، والصون، والشكر.
الإنسان أنيط به خلافة الأرض: (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً) (البقرة/ 30). ومعنى الاستخلاف هو أنّ الإنسان وصيّ على هذه البيئة (الأرض) ومستخلف على إدارتها وإعمارها وأمين عليها، ومقتضى هذه الأمانة أن يتصرّف فيما استخلف فيه تصرّف الأمين عليها من حُسن استغلالها وصيانتها والمحافظة عليها. والدِّين من خلال اهتمامه بالإنسان باعتباره محور هذا الوجود وكلّ ما فيه مسخّر لأجله، كان لابدّ من أن ينعكس هذا الاهتمام على كلّ ما له علاقة به، ومن ضمنها الطبيعة التي هي المحور الآخر لعلاقة الإنسان بعد علاقته بأخيه الإنسان، وكلّ واحد من المحورين له تأثير في الآخر كما ربّما يظهر من الآية الكريمة: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) (الروم/ 41). يقول الإمام عليّ (عليه السلام): «اتّقوا الله في عباده وبلاده، فإنّكم مسؤولون حتى عن البقاع والبهائم». لذلك يجب شكر النِّعَم الموجودة في الطبيعة بعدم الاعتداء والتطاول عليها. عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «احسِنَوا مُجاورة النِّعَم»، أو «احسِنُوا جوارَ نِعَمِ الله». من المهم أيضاً العناية بالنظافة ومظاهر الجمال وإزالة كلّ ما من شأنه أن يلوِّث البيئة، قال (صلى الله عليه وآله وسلم): «تنظّفوا فإنّ الإسلام نظيفٌ»، وقال أيضاً (صلى الله عليه وآله وسلم): «النظافة من الإيمان». والعناية بالزرع وغرس الأشجار، لأنّ ذلك يحافظ على جمال الطبيعة وتلطيفها، ولأنّ الأشجار مجلبة للأمطار. قال (صلى الله عليه وآله وسلم): «لا يغرس المسلم غرساً، فيأكلُ منه إنسان ولا دابة ولا طائر، إلّا كان صدقة له إلى يوم القيامة». وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم): «مَن نصب شجرة وصبر على حفظها والقيام عليها حتى تثمر كان له في كلّ شيء يُصاب من ثمرها صدقة عند الله». هذه الأحاديث وغيرها دعوة جادّة نحو التخضير ونشر الخضرة في كلّ مكان بل يظهر مدى الاهتمام الذي أولاه الإسلام بزرع الأرض واستصلاحها أنّه أعلن قانوناً عاماً في قول النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): «مَن أحيا أرضاً ميتة فهي له».
برنامج حفظ البيئة
- التوعية المستمرة لما تُسبِّبه المخلّفات المُلقاة في الزوايا والشوارع والطرقات من أضرار وأخطار، ومفاسد صحّية واجتماعية وبيئية.
- الحفاظ على الغابات والمناطق المشجّرة، ومنع امتداد يد الإنسان لقطعها أو إحراقها.
- العناية بنظافة الحدائق العامّة، وأماكن التنزّه والاصطياف، وشواطئ الأنهار والبحار، والحرص على جمالها، وإزالة كلّ ما يؤذي العين، ويُشوِّه الطبيعة ويُسيء إلى النفس والمشاعر، ذلك أنّ البيئة بيتنا جميعاً.
- إلقاء المُخلّفات والنفايات في الأماكن والمواعيد المُحدّدة والمُخصّصة لها.
- شمول العناية بكلِّ مرافق البيئة: تربةً، وهواءً، وماءً، وطُرقات، وحدائق، ومناطق سكنية أو صناعية.
- تعليم العناية بالبيئة والإحسان إلى مرافقها في المناهج التربوية ابتداءً من المرحلة الابتدائية، ليكون ذلك جزءاً من التربية الدينية والوطنية والخلقية والجمالية.
- اتّخاذ التدابير القانونية والإدارية، وفرض غرامات مؤثِّرة على العابثين والمُخالفين.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق