• ٢٠ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١١ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

أُم البنين.. مثال للقدوة الصالحة

عمار كاظم

أُم البنين.. مثال للقدوة الصالحة

لقد كانت أُم البنين (عليها السلام) القدوة الحسنة، والمثل الأعلى الذي يُحتذى به، وكانت عنواناً للثبات والإخلاص، والبسالة والتضحية، والفداء والشرف، والعزّة والكرامة في سبيل الحقّ والعدالة .هذه السيِّدة المصون ما إن بلغها مقتل الإمام الحسين (عليه السلام) يوم عاشوراء حتى خنقتها العبرة، فكانت تبكي بكاء الثكالى، صباح مساء، تعبيراً عن مشاعرها وأحزانها. فعلى مثل الحسين فليبك الباكون، وليضجّ الضاجّون. فهي التي تنحدر من آباء وأخوال عرفهم التاريخ وعرّفهم بأنّهم فرسان العرب في الجاهلية، سطّروا على رمال الصحراء الأمجاد المعروفة في المغازي فتركوا الناس يتحدّثون عن بسالتهم وسؤددهم، ونجدتهم وإقدامهم في ساحة الحرب والميدان حتى أذعن لهم الملوك، وهذا ما لا يختلف اثنان عليه. فقال الإمام عليّ (عليه السلام) مخاطباً عقيل بن أبي طالب وكان نسابة عالماً بأخبار العرب وأنسابهم: «أبغني امرأة قد ولدتها الفحول من العرب لأتزوجها فتلد لي غلاماً أسداً».. فقال له عقيل: أين أنتَ من فاطمة بنت حزام بن خالد الكلابية فإنّه ليس في لعرب أشجع من آبائها ولا أفرس.

وثمّة شيء ينبغي أن يُعرف، وهو قد كان لسعة اطلاعها في الأُمور، وإخلاصها الكريم، وماضيها المجيد، أثر حاسم في تعلّق الناس بها، وثقتهم ومحبّتهم التي لا حدّ لها بشخصها، فاستطاعت بحكمتها وصبرها، وبُعد نظرها التغلّب على كلّ الصعاب .وهذا إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على حنكتها وجلدها، ومعدنها الأصيل ضمن إطار الأخلاق العربية، والتربية الإسلامية الأصيلة، وتقاليدها في التعامل مع الجمهور في احترامها لهم؛ لأنّ المرأة عظيمة المنزلة عند أمير المؤمنين (عليه السلام) في العلم والحلم، والمعارف والصلاح. عظيمة المنزلة عند الناس .ويظهر للمتتبّع لأخبار أُم البنين (عليها السلام) إنّها كانت مخلصة لأهل البيت (عليهم السلام)، متمسّكة بولايتهم، عارفة بشأنهم، مستبصرة بأمرهم، فكانت هذه المبجّلة قد أضاءت طريق الإصلاح.

قامت السيِّدة أُم البنين (عليها السلام) برعاية سبطي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وريحانتيه وسيِّدي شباب أهل الجنّة الحسن والحسين (عليهما السلام)، وقد وجدا عندها من العطف والحنان ما عوّضهما من الخسارة الأليمة التي مُنيا بها بفقد أُمّهما سيِّدة نساء العالمين (عليها السلام) فقد توفّيت، وعمرها كعمر الزهور فقد ترك فقدها اللوعة والحزن في نفسيهما. لقد كانت السيِّدة أُم البنين (عليها السلام) تكنّ في نفسها من المودّة والحبّ للحسن والحسين (عليهما السلام) ما لا تكّنه لأولادها اللذين كانوا ملء العين في كمالهم وآدابهم. لقد قدّمت أُم البنين (عليها السلام) أبناء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على أبنائها في الخدمة والرعاية، وتقدّمهم على أبنائها فهي السيِّدة الزكية النقية، فقد كانت ترى ذلك واجباً دينياً لأنّ الله تعالى أمر بمودّتهما في كتابه الكريم، وهما وديعة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وريحانتاه، وقد عرفت أُم البنين (عليها السلام) ذلك فوفت بحقّهما وقامت بخدمتهما خير قيام.

وأمّا ما ورد في شأن عبادتها وصلاتها وتوجهها إلى الله وتفويض الأمر إليه فهو شيء جليل مهم في سلوك هذه المرأة الحرّة الشريفة الكريمة ذات الجذر الكريم الأصيل في شتّى المكارم والفضائل والسجايا الطيّبة. فيقول أحد الدارسين لشخصية أُم البنين (عليها السلام).. إنّ سير العظماء في تاريخ الإسلام أعلام إنسانية باذخة يكبرها المسلم وغير المسلم، وإنّ أُم البنين (عليها السلام) كانت أقوى جرأة وشجاعة وأصلب المؤمنات على تحمّل الصعاب تطلب المجد والكرامة، والمجد لا يُنال إلّا بالمصاعب وركوب المخاطر والتضحية والاستبسال. 

ارسال التعليق

Top