• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

أهمية برمجة واستثمار الوقت عند الدراسة

د. عدي عطا حمادي

أهمية برمجة واستثمار الوقت عند الدراسة
◄هل نحن بحاجة إلى برمجة الوقت عند الدراسة؟

بالرغم مما يتعرض له الطلبة في المراحل الدراسية من خبرات تهيئهم للدراسة الجامعية إلّا أنّ معظم الطلبة لا يمتلكون مهارة برمجة الوقت وتصبح المشكلة أكثر تعقيداً عند دراستهم للرياضيات والعلوم التطبيقية واللغات. لذا يصبح الطالب بحاجة إلى تنمية مهاراته التنظيمية والتي تسعفه في عملية استثمار وقته في التحصل الدراسي ومن هذه المهاراة مهارة تخطيط الوقت وإدارته، ومهارة عمل جدول دراسي مناسب، واستغلال الوقت واستثماره.

وقديماً قيل أنّ الإنسان يستطيع أن يتعلم عندما يستغل وقته بحكمة، لأنّ الوقت الذي نعيشه هو الحياة، إذ ترشيد استغلاله تحسين نمط الحياة، بدون تداخل أو طغيان، كأن ينحصر تفكير الطالب في اللعب وهو يلعب، وفي الدراسة وهو يدرس، وجاء في الأثر أنّ عبد الله ابن المبارك قال أخبرنا سفيان عن رجل عن وهب بن منبه قال: "إنّ في حكمة آل داود حقّ على العاقل أن لا يغفل عن أربع ساعات ساعة يناجي فيها ربه عزّ وجلّ وساعة يحاسب فيها نفسه وساعة يفضي فيها إلى إخوانه الذين يخبرونه بعيوبه ويصدقونه عن نفسه وساعة يخلى بين نفسه وبين لذاتها فيما يحل ويجمل فإنّ هذه الساعة عون على هذه الساعات وإجمام للقلوب وحقّ على العاقل أن يعرف زمانه ويحفظ لسانه ويقبل على شأنه". وكما قال الإمام عليّ (ع): "روحوا القلب ساعة بعد ساعة فإنّ القلب إذا أكره عمي"، وفي نفس السياق تتأكد مدى أهمية استثمار الوقت في التحصيل الدراسي للطالب الجامعي باعتباره متفرغاً للدراسة يطمح للتفوق والنجاح وفي مقابل ذلك يعتبر أي نوع من تدني مستوى التحصيل الدراسي منشأه عدم استشعار الطالب لقيمة الوقت فالوقت هو الحياة ولا شيء أغلى من الحياة وهذا ما يصوّره لنا القرآن الكريم بقوله تعالى: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ) (المؤمنون/ 115)، وقوله تعالى: (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ) (الشرح/ 7-8).

في ضوء ما سبق يتعين على الطلاب أن يعمدوا إلى استثمار أوقاتهم في الدراسة سعياً منهم للتفوق والنجاح وتتحدد وسائل ذلك من خلال أمرين:

الأوّل- تنمية اتجاهات أفضل نحو القراءة:

فنحن أُمّة اقرأ وقد أكرمنا الله تبارك وتعالى بتبيان أدوات ووسائل ذلك واضحة في مقدمة سورة العلق.

الثاني- استثمار الوقت:

بامتلاك مجموعة المهارات القادرة على بعث الإنسان من غياهب اللهو واللعب وعدم استشعار قيمة الوقت ودوره في تحقيق الأهداف التربوية. وفي ثنايا الدراسة سيتم تبيان أهم المهارات اللازمة لتحقيق التفوق والنجاح.

وقد يتبادر إلى الذهن أنْ وضع الطالب جدولاً نوع من الاستنزاف للوقت والجهد إلّا أنّ التصور الأكثر واقعية أنّ الفائدة عائدة على الطالب بشكل كبير جدّاً لأنّ الجدول للطالب يعني ما يلي:

1-  ترشيد الوقت وإنفاذه فيما يفيد.

2-  إنقاذ الطالب من التردد والحيرة بشأن ما يقوم به من عمل دراسي.

3-  تمكين الطالب من ممارسة أي نشاط في الوقت المناسب.

4-  توفير الوقت ومن ثم إمكانية استخدامه في نشاط آخر مفيد.

5-  إضافة إلى شعورك بالطمأنينة على سير الدراسة من خلال.

6-  توزيع المساق على جلسات متباعدة مما يزيد من التحصيل الدراسي.

7-  تحديد أوقات أكثر مناسبة لبعض الموضوعات الدراسية.

ولعل من أهم الإرشادات العامة حول تنظيم الوقت واستثماره في التحصيل الدراسي، ما يلي:

1- ضرورة تكوين عادة الدراسة اليومية المنتظمة سواء كانت هناك واجبات دراسية أو امتحان أو لم يكن، لتتكون لدى الطالب عادة الجلوس إلى المكتب في مواعيد معينة كلّ يوم، والمحافظة على معدل الساعات الدراسية، واستغلال الأوقات المستهلكة في الأنشطة الهامشية، فمثلاً حاول أن تستغل وقت انتظارك لحافلة المدرسة بقراءة كتيب أو قصة قصيرة أو أي شيء تراه مفيداً لك ويمكنك فعل الشيء نفسه أثناء تنقلك في الحافلة سواء أكنت متجهاً للجامعة أو إلى أي مكان آخر وفي أثناء اجتماع الأصدقاء حاول أن تطرح موضوع ذا قيمة علمية للمناقشة، حيث تبادل المعلومات والآراء حول موضوع ما هو شكل صحيح لاستثمار الوقت.

2- هيِّئ المناخ الاجتماعي بما يخدم احتياجات الطالب الدراسية ورتّب جدولك الدراسي في ضوء البعد الاجتماعي، وأمن تعاون الأسرة لنجاح برنامجك الدراسي واعمد إلى استشارة الأهل والمربين بكيفية استثمار الوقت لأنّ "أكبر منك بيوم أعلم منك بسنة".

3- إبدأ بدراسة المواد الدراسية الأكثر صعوبة في فترات النشاط، إبدأ دراستك بالمواد الصعبة والتي لا ترغب بدراستها (إن هبت أمراً فقع فيه) يواجه العديد من الطلبة مواد صعبة لا يرغبون بدراستها ويعملون حينها إلى تأجيل دراستها لوقت آخر، ويتفاجئ الكثير من الطلبة أنّهم على مشارف الامتحانات وهم لم يتمكنوا بعد من تعلم واستيعاب تلك المواد. فما العمل؟

في الحقيقة تشكل المواد الصعبة بالنسبة للطالب جداراً كبيراً للألم، وبنفس الوقت يبحث عن المتعة في النجاح والتفوق، لذلك فلا مناص أمام الطالب إلّا تحطيم ذلك الجدار والوصول إلى التفوق، وتحطيم جدار الألم من المواد الصعبة، يبدأ من الرغبة والاهتمام التدريجي نحو هذه المواد وصحيح أنّها خطوة قد تكون صعبة إلّا أنّها أساسية، ويوصي علماء النفس في مثل هذه الحالة أن تتوّلد لدى الطالب القوة الذاتية التي تحفزه لدراسة هذه المواد دراسة جادة وشاقة، ومهما عانى الطالب في البدايات إلّا أنّ النتيجة ستكون النجاح والتفوق، ومنه فلا شيء يخلق الاهتمام بشيء مثل النجاح فيه.

ومما يساعد الطالب أيضاً في تجاوز مشكلاته في المواد الصعبة، دور كلّ من المعلم في المدرسة والوالدين في المنزل وتشجيع الطالب على تجاوز مشكلاته في المواد الصعبة ولابدّ هنا من تدعيم سلوكه بشكل إيجابي أي لابدّ من استخدام التدعيم الإيجابي لتعديل سلوك الطالب تّجاه دراسة المواد الصعبة فقد أثبتت الدراسة التربوية والنفسية، فعالية التدعيم الإيجابي في تطوير قدرات الطالب الدراسية.

1- ألا تزيد الجلسة الدراسية عن خمسين دقيقة يتبعها عشرة دقائق تقريباً بعد كلّ ساعة فالخبرة الموزعة تعني تحصيل دراسي أفضل قياساً على الخبرات المركزة.

2- أخذ فترة من الراحة لمدة نصف ساعة بعد كلّ ساعتين أو ثلاث ساعات من الدراسة.

3- يستيقظ الطالب مبكراً وينام مبكراً، تيمناً بدعاء النبيّ الكريم (ص): "بورك لأُمتي في بكورها"، ويؤيد ما ذهبنا إليه قول الشاعر:

بكرا صاحبي قبل الهجير      بكرا فذاكم النجاح في التبكير

فيبدأ يومه من ساعات الفجر الأولى ولا يتأخر في الدراسة حتى ساعات متأخرة من الليل فيجب على الطالب أن يعطي نفسه سبع ساعات من النوم العميق يومياً على الأقل وعليه أن يتوقف عن الدراسة حين يأتي وقت النوم لأنّ الدراسة مع الإرهاق فائدتها محدودة.

1- عدم الإفراط في تناول الشاي أو القهوة أو بعض المنبهات كوسيلة للتنبيه ويمكن تناول أنواع العصير أو الفاكهة حتى تزوّد الجسم بالطاقة مع ضرورة عدم إهمال الطالب الوقت المخصص لوجبة الإفطار أو الوجبات الأخرى، ووجبة الإفطار هي أساسية ومهمة بالنسبة للطالب، فهي تعطي الجسم الطاقة المناسبة خلال اليوم الدراسي فالعضلات تحتاج إلى طاقة لتعمل بنشاط، والدماغ يحتاج إلى طاقة ليعمل على نحو صحيح، لذلك من الأهمية أن يتناول الطالب وجبة الإفطار قبل التوجه إلى الجامعة.

2- مرونة الجدول وقابليته للتعاطي مع أي متغيرات قد تطرأ على الحياة اليومية، الأخذ بمبدأ المرونة قدر الإمكان عند تنفيذ جدول تنظيم الوقت.

3- لما كانت هناك أوقات تكون فيها الدراسة فعّالة، كأوقات الصباح الباكر وساعات المساء الأولى والتي يكون فيها الذهن متفتح حتى أقصى الحدود، وجب على الطالب عدم تأجيل الدراسة في مثل هذه الأوقات، وعليه أيضاً استخدام هذه الأوقات لمذاكرة المواد الصعبة والمواد التي تحتاج إلى حفظ.

4- الأخذ بدافع الجدية عند تطبيق جدول تنظيم الوقت وتنفيذ محتوياته، فالإصرار الذاتي عند الطالب على تنفيذ برنامج الجدول هو الذي يحقق المعجزات الدراسية للطالب.

5- تجنب أن تدرس في مكان النوم أو الأكل أو مشاهدة التلفزيون أو جلوس العائلة.

6- ابعد عنك أحلام اليقظة والسرحان، والاستسلام للأماني خلال وقت المذاكرة فهي تسرق منك الوقت الذي أنت بأمس الحاجة إليه من حيث لا تدري وتؤدي أيضاً إلى تدني نسبة الفهم والتركيز في الدراسة.

لقول الشاعر في الإسراف في المنى:

ولا تكن عبد المنى، فالمنى             رؤوس أموال المفاليس!

7- عليك أن تبذل جهدك لقياس الإنجازات السابقة.►

 

المصدر: كتاب مهارات إدارة وتنظيم الوقت

ارسال التعليق

Top