• ٢٦ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٢٤ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

أهمية الصبر والحلم في الحياة الأسرية

أهمية الصبر والحلم في الحياة الأسرية

الصبر والحلم عمودان ثابتان راسيان في صرح الأسرة. تمر الأسرة بمنعطفات حادة وهي تشق طريقها في دروب الحياة، فالحياة الإنسانية مليئة بالتحديات والأزمات، إنها كالبحر تتلاطم الأمواج فيه، وما الأسرة إلّا قارب يشق أمواج الحياة متجهاً صوب شاطئ الأمان.

ومن التحديات التي تواجه الكيان هو الاختلاف في المشارب والأذواق بين الزوجين. لكلّ من الرجل والمرأة عادات وتقاليد ورؤى بين الزوجين. لكلّ من الرجل والمرأة عادات وتقاليد ورؤى مختلفة، ومردها في الغالب إلى البيئة التي تربيا فيها، والمحيط الاجتماعي الذي نشأ كلّ منهما فيه.

ومن هنا فإذا أراد كلّ طرف فرض ذوقه على الآخر، أو فقد كلّ طرف تحمُّلَه من محاولات الآخر في فرض رؤيته أو تحكيم ذوقه، فإنّ الصفاء العائلي يواجه في هذه الحالة تهديداً خطيراً.

ولذا يدخِل الصبر والحلم كعاملين هامين في تجاوز الأزمات التي قد تواجههما.

وكذلك المشكلات التي قد تعصف بأحد الزوجين أو كليهما، إنها تتطلب صبراً ومقاومة.

قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا) (آل عمران/ 200).

(فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلا) (المعارج/ 5).

وقد سُئل الإمام الباقر (ع) عن الصبر الجميل فقال (ع): "ذلك صبر ليس فيه شكوى إلى الناس".

وعرّفه نجله الإمام الصادق بقوله (ع): "بلا شكوى".

وبهذا السلاح وبهذه الطاقة الروحية يمكن للزوجين اجتياز منعطفات الحياة.

يقول سيدنا ونبينا محمّد (ص): "الصبر ستر من الكروب وعون على الخطوب".

وقال وصيه الإمام عليّ (ع): "الصبر أعون شيء على الدهر".

إنّ الزوجين اللذين يتمتعان بهذه القدرات من المقاومة والتحمل في مواجهة صروف الحياة وعاديات الزمن، سوف يسعدان في حياتهما المشتركة.

يقول النبيّ (ص): "الصبر خير مركب، ما رزق الله عبداً خيراً له ولا أوسع من الصبر".

وجاء في الأثر أنّ السيد المسيح عيسى بن مريم قال لأتباعه: "إنكم لا تدركون ما تحبون إلا بصبركم على ما تكرهون".

إنّ الحياة الزوجية تتطلب صبراً لاستمرار التعايش المشترك حتى ينصهر الزوجان في بوتقة واحدة، ويظهر كيان عائلي منسجم ومستقر، فعندما ينحسر حب الزوج لزوجته فعليه أن يتحمل الحياة معها، فقد يكمن الخير والسعادة في ذلك. قال الله تبارك وتعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) (النساء/ 19).

إنّ أسرار النجاح والتوفيق تكمن في الصبر، وكلما كانت طاقة الإنسان في الصبر أكثر زادت فرص نجاحه وسعادته.

قال رسول الله (ص): "فإنّ في الصبر على ما تكره خيراً كثيراً، واعلم أنّ النصر مع الصبر، وأنّ الفرج مع الكرب، وأنّ مع العسر يسرا، إنّ مع العسر يسرا".

 

     الكاتب: مصطفى دلشاد

المصدر: كتاب الإدارة والتدبير

ارسال التعليق

Top