• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

أجواء الحب والحنان داخل الأسرة

عمار كاظم

أجواء الحب والحنان داخل الأسرة

كلمة صغيرة ولكنها تحمل في طياتها معانٍ ودلالات كبيرة تنعكس على بناء المجتمع ألا وهو "الحب"، إنّه الوسيلة العاطفية والغريزة التي أودعها الله تعالى ومنحها لبني البشر، كما منحها للكائنات الأخرى والغاية استمرار التكاثر والتناسل، لكن عند الإنسان، تأخذ المسألة أبعاداً واسعة، حضارية واجتماعية ونفسية، ولذا نجده أمراً مقدساً وعزيزاً في النفوس.

ومن أبرز مظاهر "الحب" ما نجده بين الزوجين، وهذا أيضاً من النعم الإلهية العظيمة على الإنسان تجسدت في صريح الآية القرآنية الكريمة: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم / 21)، وقد أسس الله تبارك وتعالى هذا الحب بين الزوجين، الرجل والمرأة، وربطهما برابطة الزواج المقدس منذ أن خلق آدم ثم خلق حواء، وبهذا الانشداد بالحب والمودة ينظّم الإسلام الحياة الزوجية ويعطي الكرامة والاستقرار والطمأنينة للرجل والمرأة وللمجتمع بأسره.

وعندما تنجح علاقة الحب بين الزوجين، فإنّها تنعكس على ثمار هذه العلاقة وهي الأطفال من خلال أسلوب التعامل والاحترام المتبادل فيما بينهما، ومن خلال هذه الصورة الناصعة التي يراها الأطفال في محيط الأسرة والعائلة، سينتقل هذا الحب إليهم، فالاحترام والحب والمودة بين الزوج وزوجته، له المردود الإيجابي لأنّ الوالدين مرآة عاكسة للأطفال فالحب يعد النواة الأساسية لسلوك الأطفال.

إذن، الحب.. هو بالحقيقة الماء النقي والزلال الذي يسقي الشجرة المثمرة للعائلة، فأي اختلال في عملية الإرواء أو السقي أو إذا كان الماء بغير المواصفات الجيدة، فإنّ ذلك ينعكس قطعاً على نوعية الثمرة وجودتها، وربما تسقط يابسة متعفنة، وربما نجدها مصابة بأمراض فتكون منبوذة وتُلقى جانباً. وهذا عين مصير الأولاد المحرومين من أجواء الحب والحنان في البيت، فلا احترام ولا مودة بين الأب والأُم. وعندما نقول إنّ الحب هبة ونعمة من الله على الإنسان، فإنّ النصيب الأوفر من هذه النعمة تكون لمن مؤهل لها من حيث التكوين، ألا وهي المرأة دون الرجل، لأنّها اختصت من قبل البارئ عزّوجلّ بالعاطفة والحنان أكثر من الرجل، وهذه حقيقة أكدتها الشريعة وتعاليمنا الدينية، وعليه يكون أمر التربية وتوفير القدر الأكبر من الحب والحنان في البيت من مهمة الزوجة أو الأُم، لأنّ الرجل أو ربّ الأسرة يقضي أغلب أوقاته في العمل خارج البيت، بينما تبقى الأُم متفرغة لأعمال البيت ومتابعة شؤون الأولاد بفترة أطول. الحب والأخلاق تغرسه الأُم بنجاح في نفسية الطفل، وأوّل ما تزرعه هو حب الله تعالى والإيمان المطلق، فحين تقوم الأُم بالحديث عن الله وقدرته اللامتناهية وأنّه مالك لكلّ الصفات الكمالة، فيكون هذا الحب الإلهي بين محاور الحديث في البيت، فإنّ سلوك وشخصية الطفل ستكون ربانية وإيمانية، لأنّه سيكون مرتبطاً بالسماء وليس بالمادّيات، فهو يتخلّق بأخلاق الله تعالى، فيكون كريماً ورحيماً وشاكراً وغيرها من الصفات الحميدة. يقول أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (ع): "إنّما قلب الحدث كالأرض الخالية ما ألقي بها من شيء قبله".

بعد معرفة الله تعالى يعرف الطفل حب نبيه الأكرم (ص) وأهل بيته (عليهم السلام) ويجب أن تكون المعرفة إدراك حقيقي مع جعل كلّ هذه الرموز أُسوة لأطفالنا. ومن خلال كلّ هذه المعارف وغيرها تستطيع الأسرة الوقوف بثبات في المجتمع وجعل ثمارها يانعة.. حيث تكون هذه الأسرة قادرة على تقديم أفراد صالحين سالمين فكرياً ودينياً وعقائدياً في المجتمع.

ارسال التعليق

Top