• ٢٦ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٢٤ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

«لا» قيادة من غير إقناع

د. علي الحمادي

«لا» قيادة من غير إقناع

◄كثير من الناس يعتقدون أنّ الإدارة الناجحة هي التي تستخدم سلطاتها لإلزام وإكراه الأفراد على تنفيذ الأوامر والقرارات، ولا شك أن هذا الأسلوب هو أسلوب العاجز الضعيف.

    إنّ المدير الناجح هو الذي يسعى لتبرير جميع قراراته وأوامره، وإقناع المنفذين بأهميتها وضرورة تنفيذها؛ ذلك لأنّ القناعة تؤدي إلى الحماسة والإخلاص في التنفيذ، بينما عدم الاقتناع بقضية أو قرار ما يؤدي إلى مشكلات وعوائق لا حصر لها، ولذا وجب العمل على إقناع الأفراد ضماناً لحسن العمل وجودة وإتقان التنفيذ.

    الناس ليسوا آلات لا تفكر، بل هم بشر ينبغي احترام عقولهم والعمل على إقناعهم بأهمية الأمر قبل مطالبتهم بالتنفيذ، ولقد أثبتت التجارب أنّ الأسلوب الدكتاتوري التسلطي من أفشل الأساليب القيادية، كما أنّه لا يليق بكرامة البشر وكبريائهم.

    إنّ الأفراد يمجدون القرارات والأوامر العسكرية التي فيها اسمع وأطع، ونفذ ثمّ ناقش، إذ إنّ الأسلوب الحضاري المناسب الصحيح هو ناقش ثمّ نفذ.

    كم من المقررات المصيرية اتخذت ونجحت بسبب اقتناع الأفراد بها، فقدموا من أجلها التضحيات الكبيرة، ومن الأمثلة على ذلك ما روي عن "هيوستن" أحد القادة الأمريكيين – حيث كان صاحب حجة وإقناع، وكان يقف أمام الكونجرس الأمريكي ويخطب خطباً بليغة لا يستعمل فيها كلمة مرتين، فيسحر ألباب الرجال.

    ورغم أهمية الإقناع، ودعوتنا إلى عدم اللجوء إلى الإكراه، إلا أنّه من الحكمة أحياناً استخدام أسلوب الإكراه، فعندما تتحقق المصلحة في أمر لا يقتنع به بعض المنفذين، ويكون لدى المسؤولين علم يقيني أو يغلب فيه الظن أنّ المصلحة في تحقيقه، هنا يمكن للمسؤول، وفي حدود ضيقة، أن يلزم الآخرين برأيه وإن خالف آراء المنفذين.

    نؤكّد هنا أنّ الإكراه ليس هو المنهج السليم الذي يحسن أن يتخذه المسؤولون، وإنما هو آخر الدواء، إذ لا يستخدم إلا في حالات محدودة ضيقة.►

ارسال التعليق

Top