• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

«لا حياة» من دون «جمال حقيقي»

عالية إبراهيم

«لا حياة» من دون «جمال حقيقي»
 ◄لاشك أن هدف الإسلام لم يكن إلا تجميل الإنسان وإظهار زينته ومحاسنه إبتداءً من مرحلة الطفولة وإنتهاءً بالشيخوخة، مروراً بالمراهقة والشباب والكهولة، ولكل مرحلة جمالها وزينتها. وما أروع الجمال عندما يكون جمالاً يشمل الروح والجسد، العقل والغريزة، جمال النفس والقلب، جمال الظاهر والباطن، جمال الاسم والفعل، جمال الصورة والصوت، ومن يرفض الجمال في هذه الحياة؟؟ ولكن الجمال قد يصاب بتشويه إذا قورن بالقبح، كأن يكون الإنسان جميل الصورة قبيح الفعل فهذا الجمال تذهب نضارته وحلاوته. يقول الشاعر: وما الحسن في وجه الفتى شرفاً له **** إذا لم يكن في فعله والخلائق والأعمال الصالحة أمر بها الإسلام لأنّها تضفي جمالاً على المرء فالشجاعة والشهامة والصدق والإخلاص والوفاء تمثل الجمال مجسداً. الجمال والحسن: الحسن يرادف الجمال، كما يرادف الجمال الحسن. -        إنّ الرائع يحتوي الجميل، في حين أنّ الجميل لا يحتوي الرائع. الرائع هو تجاوز كل ما هو جميل من الصفات. -        الجمال والرقة: إذا كان الجمال يخاطب ما هو معقول فالحسن يغازل ما هو محسوس، فالرقة تلائم ما هو عاطفي، وما هوعقلي. -        إنّ الجمال يظل جمالاً في ذاته ولذاته، إلى أن يدخل في صورة محبوبة، حين تمتد إليه يد الحب أو فكرة عندما يصير جمالاً لذاته ولغيره، أو جمالاً متواصلاً بلغة أرسطو... فلو رأينا كل مظهر من مظاهر الحياة، وكل صبوة من صبواتها، لقلنا لا حياة بلا جمال، ولا جمال بلا حب. انّ الحب يظل جميلاً والجمال محبوباً، ليس إن كانا نافعين، وإنما حين لا يكونا ضارين، أو يؤديان إلى أي ضرر لأي من الأطراف ذات العلاقة، والاجاز لنا أن نرقص على دموع الآخرين، إذا حققت لنا مأدباً أو منالا. -        الجمال والملاحة والحلاوة: والملاحة كمعظم صفات الجمال، ومثلها الحلاوة، ليست صفة في ذاتها بقدر ما هي صفة في غيرها من صفات، فإذا اجتمعت لإنسان أو لشيء الملامح الشفافة اللطيفة، التي تشد الروح إلى الروح، بجاذبية لا تقاوم، قيل عنه أنّه حلو أو مليح، أي أنها ربما انفت أن يكون لها ملامح كيفية. إنّ الجمال الحقيقي هو كل ما نحبه بالبداهة، والقبح الحقيقي هو كل ما نكرهه على السجية، فما الحاجة إلى فلسفة الجمال، وتشريحه إلفى أجزاء تفسد جمالاته؟! لماذا لا نسمي جميلا، كل ما نميل إليه بالبداهة، إن إحساسنا هو أصدق شيء فينا. إن بعضنا يرغب أن يغني، أو يستمع إلى الأناشيد، وبعضنا يميل إلى الموسيقى أو إلى الرسم، أو رؤية رسوم الغير، ومثل ذلك بالنسبة إلى كل الفنون الجمالية، أو الرغبات في اللباس، أو المأكل أو الشراب، أو أي ضرب من ضروب الحياة الإجتماعية التي نرغب فيها أو نمارسها، لأنها تمثل الجانب المريح في حياتنا إلى جانب الجوانب الشاقة والمتعبة. إنّ الحب جميل لأنّه نافع وضروري، ولأنّه يلبي حاجة ولأنّه يلبي الحاجة فإنّه يثير الإهتمام. فكن جميلاً تر الوجود جميلاً، هي حكمة الحكم وغاية الغاليات، لأننا ونحن نضحك لا نرى إلا جمالات الدنيا وسعاداتها أما ونحن نبكي فإن شروق الشمس يؤسينا مثل غروبها. إنّ الجميل هو النافع والخير نسعى إليه، الخاطر، لا نميل إليه قسراً، بل نحبه طوعاً. والجمال مطلوب في كل شيء، وليس وقفاً على جانب من جوانب الحياة أو موضوع بعينه من الموضوعات. والله سبحانه لم يخلق الجمال فقط، بل اعطى للإنسان عينين ليحس بجمال الكون، ويشعر به فقال سبحانه: "وزينا السماء الدنيا بمصابيح" فالجمال هو إرتفاع إلى الأعلى دائماً وتحليق في فضاء الحب حتى نبلغ أجواء الفضاء العليا، وهناك.. هناك وفي كل مكان نحسن جمال الخالق سبحانه. في النجوم التي تتوهج ضياءً ونوراً وفي الكواكب التي تسبح في مداراتها. وفي الفضاء الذي يضمر الكون جمالاً وبهجة.►

ارسال التعليق

Top