• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

«الإداري الفذ» رجل واقعي

د. مأمون طربيه

«الإداري الفذ» رجل واقعي

◄في كتاب له تحت عنوان: "أُسس التمييز والنجاح لرجل الأعمال السوبر" يلخص "غي كاوزاكي"، أحد قياديي شركة: Apple Computer Inc. تجربته كمدير رائد في ثلاثة مبادئ:

1-  أن تبدع كفنان.

2-  أن تحكم كملك.

3-  أن تعمل كعبد.

في هذه الأُسس الثلاث يبيّن كيف ينبغي لك أن تتحلى بالإبداع حتى تبدع الأفكار والخدمات ومنتجات لها صفة التجديد، وأن تقبض على ناصية أمور الإدارة كحاكم صارم يضع القرارات الصعبة ويتولى القيادة بكل سلاسة، وأن تكد من أجل عملك وفق القاعدة القائلة: "كُلْ كعصفور وأخرج كفيل" ومضمون هذا القول هو أنّ العصافير تأكل كثيراً مقارنة مع حجم جسدها (أصغر طائر وهو الطنان المتجول يأكل ما يساوي 50% من وزنه كلّ يوم، ولكن ما هو مدهش أنّ الفيل يخرج "برازه" ما يعادل زنة 165 باوند في اليوم..) وهنا القول على سبيل المجاز حيث على المدير أن لا يتوانى عن العمل المتواصل، بل عليه أن ياخذ "قضمات صغيرة" ويبحث باستمرار عما يطور إدارته شخصياً: بالتجوال عبر الإنترنت، حضور حلقات دراسية، معارض تجارية، قراءة مجلات وما شابه. حتى "يخرج" في النهاية عملاً  كبيراً.

ومن النصائح التي تسدى للمدير الذي يود أن يكون "فذاً" وجيد الحكم كملك أن يجلس على مختلف الشجرات لا يبقى ثابتاً على عرشه، ومفاد ذلك نستمده من الأمثال التي تقال: "لا تجلس على شجرة واحدة" لأنّ البقاء عليها لا يجعلك على علم بما يدور في الغابة، فإذا كنت تريد أن تعرف ما يجري في بقية أنحاء الغابة فتنقل في جلوسك بين الأشجار من فترة لأخرى، أجبر نفسك على السفر إلى أمكنة لم تذهب إليها سابقاً، تسوق من أمكنة لم تتردد إليها من قبل، تناول الطعام في مطاعم لم تعتد عليها، اقرأ كتباً ومجلات من خارج اختصاصك، زُرْ معارض تجارية/ فنية صناعية سمعت عنها أو قرأت إعلاناتها، المهم أن تبقى في حالة اطلاع دائم على ما هو جديد ومتداول.

 

المدير الفذ.. رجل واقعي:

لدى شركة هوندا للسيارات أبحاث سوق حقيقية مهمة عن آلية الإدارة ومقوماتها المفترضة للوصول إلى معطيات مثمرة وناجحة، فتبين لها أن منهج التسوق الجيد يقوم على واقعيات عدة أبرزها: الرجل الواقعي، وأرغب بأن أسميه المدير الواقعي لما يتطلب منه جملة قواعد منها:

1-  أن يظهر بذاته: بمعنى أن يتقدم نحو موظفيه من وقت لآخر ليس عبر البريد الإلكتروني أو الفاكس أو التلفون إنما عبر المقابلة وجهاً لوجه، لأنّ الحضور الشخصي إلى مكتب الموظف أصبح تقنية دفع فعالة للمهام، ويترك انطباعاً بأنك "مدير حيوي".

2-  أن يتقرب من "عامة" إدارته: السكرتيرات، موظفي الاستقبال، المساعدين الإداريين.. فهؤلاء يتحكمون بالمدخل الرئيسي لعملك لذلك كن لطيفاً معهم، وأهمية هذا الأمر يجدي نفعاً مع الوقت، فقد ذكر أحد المدراء كيف أن صداقته مع السكريتاريا جنبته أكثر من ستة وثلاين موقفاً صعباً على مدى أربعة أعوام، ليعلق: حقيقة أنّ العاملين في الإدارة لديهم السلطة لأنهم يرون من بعيد وعن قرب بشكل قد لا تتمكن من رؤيته من زاويتك أحياناً بعد افتتاح "ديزني لاند"  كان صاحبها والت ديزني يدخل كأي زبون عادي دون أن يلاحظه أحد، إلى مختلف المرافق يستمع إلى ملاحظات الرواد وبعدئذٍ يعطي انتقاداته، وكان بذلك يختبر الأمور كالزبائن بالشكل الحقيقي الواقعي من خلال وجوده بين فترة وفترة قريباً من العمال.

3-  أن يقوّي موظفيه: اعتقد دائماً أنّ المدير القوي يعني موظفين أقوياء، ولكن كيف تجعل موظفيك أقوياء؟ أن تعطيهم الحرية والتفويض والدعم، فيكون بإمكانهم أن يفعلوا الأشياء الصحيحة، على النقيض من ذلك عندما تبث الخوف والرهبة عبر القواعد الصارمة تصبح الأمور بشكل عكسي.

4-  أن يتغلّب على شعور العظمة: ويجعل موظّفيه مفوضين يعتنون بعملهم، فالإدارة الحديثة تقوم على الإقناع وليس بإعطاء الأوامر والطلب من الاشخاص تنفيذ أمر ما بشكل تسلطي. من الصعب إرغام الأشخاص على العمل بفعالية في شيء لا يرغبونه ولا يقنعون به، أو فرض عليهم فرضاً خارج إطار مهامهم.

 

الإداري الناجح هو من يميز بين دوره كمدير ودوره كقيادي والتمييز يظهر في المواقف التالية:

1-  الإداري يعتمد على سلطته... بينما القائد يعتمد على إرادته.

2-  الإداري يوحي بالخوف... بينما القائد يستحث الحماس.

3-  الإداري يقول أنا... بينما القائد يقول نحن.

4-  الإداري يطلب العمل... بينما القائد يبين كيف هو العمل.

5-  المدير يقول للعاملين اذهبوا (Go) بينما القائد يقول لننطلق (Lets Go).

 

تزايد الاهتمام مؤخراً بمعرفة ماهية المدراء الاستثنائيين، ما الذي يميزهم؟ فتبين من معظم الأبحاث بأنهم لامعون، لأنّه لديهم شيء اسمه الإدراك العاطفي Emotional Entelligence اي أن تعرف مواضع الضعف المثيرة للمشاعر عندك، أو الأشياء التي تجعلك تغضب بسرعة، وعلى قدر من الأهمية: أن تعرف كيف تتحكم بها، لذا حاول أن لا تشدد على ضبط الأمور بالمراقبة والممارسات القهرية، لأنّ المراقبة الفعالة الوحيدة هي المراقبة الذاتية، اجعل كل موظف يتحسسها، إذ كلما حاولت ضبط الأمور بعنفوانك وعظمتك وسطوتك، كلما فقدت السيطرة عليها. وكما ترى فإن أصغر الأشياء قد تجعل أداءك يسير حسناً أو قد تجعله يتعثر وتفشل في توجيه مساره، ولكن الأمور تجري بشكل مناسب لو وضعت نفسك مكان موظفيك/ زبائنك/ جماعتك أو من تتولى إدارتهم.

 

كيف يتعلم الإداريون.. الإدارة:

في العام 1979 قررت شركة أمريكية منتجة لأجهزة الكومبيوتر تنمية إدارتها بشكل يفي تطلعاتها المستقبلية، فأوكلت المهمة إلى الباحث "سام كمبل" الذي أخذ ينظر في ديناميكيات الطريقة التي تقوم بها هذه الشركة وشركات أخرى لناحية: علاقات الموظفين، فرص التدريب، نمو الإدارة وموهبتها العملية الرائدة وما إلى ذلك، ثم استفتى لهذه الغاية ثلثي موظفي الإدارة الفعليين فتبين له التالي:

-         يتعلم الإداريون الإدارة بنسبة 50% من تجارب و30% من العلاقات و20% من التدريب.

(يعني بدا له أهمية العلاقات والتدريب معاً أكثر مما كان متوقعاً عن أهمية تجارب العمل).

-         اكتشاف أن 20% من مهارة الإداري وخبرته تعزى إلى تدريبه الرسمي.

-         العلاقات مع المرؤوسين والمشرفين بدا لها أهميتها في المساعدة على أن يصبح الإداري كفؤاً من ناحية معينة.

-         تدريب العاملين على القيام بمهمات ترتبط بالوظيفة وتحملهم المسؤولية في مشاريع جديدة أمور تساعد في تطوير مقدرة الإداري على القيام بمهماته.

-         من أجل تنمية المرؤوسين وتطويرهم يفترض بالإداريين أن يوفِّروا الدعم والاستقلال والحكم الذاتي، لأن من معوقات بناء المهارة المناسبة عند الموظف انتفاء فرص التقدم في ظل مدير متشدد لا يأبه لمثل هذه المسائل.

وبالحديث عن السلوك الإداري نقدم جملة سلوكيات بناءً على تجارب مدراء ناجحين ودراسات مستفيضة عن الإدارة والأداء المناسب:

1-  احترام النظم، أن تجعل الموظفين يحرصون على قول: "من فضلك" و"شكراً" فلا شيء يضمن تحقيق الأداء الصحيح ما لم يكن نظام يشجع مثل هذه اللياقات.

2-  اجعل "أداءك" هو أكبر الوعود، لأن أعين العاملين عليك دائماً وآذانهم تترصدك، وإذا وعدت أوفِ بالشكل المطلوب، أهم شيء بالنسبة لمن تخدمهم: تساؤلك بعد خدمتهم: هل نفذت ما وعدت به من خدمات معلنة؟ إنّ الوفاء بالوعد أهم مشاعر العطف والابتسامات والشوكولا التي تقدمها، قس ذلك على نفسك إذا قدم لك مطعم وجبة غير موفقة، أو مكتب سفرك لم يهتم كفاية، أو عندما تتعطل آلة تصوير المستندات بعد مغادرة الفني الذي أصلحها بوقت قصير. هل ستكون مسروراً منهم وتتعامل معهم ثانية؟

3-  لمعرفة وافية عن كواليس المكتب والعمل أنت لا تحتاج إلى "عيون وآذان" (مخبرين) وإنما لباب مفتوح عند مكتبك للرد على الشكاوى.

4-  دع مرؤوسيك يجدون حلولاً لمشاكلهم وطوّر حلولاً بديلة لإسداء النصح لهم.

5-  تصرف وأنت تملك القناعة بأن لديك الحق بأن يصغى إليك وأن تقول ما تريد.

6-  أخضع كل أعمالك للقياس الدقيق، كن كالرياضيين بغية تحقيق فوز يحسبون خطواتهم، هفوتهم، تحركاتهم، فلكي تنجح قم بذلك وكن رياضياً: فكراً وجسداً.

7-  أوجد أرضية مشتركة عن طريق حماسك وتركيزك على ما هو إيجابي.

8-  حسّن وطوّر مجالات عملك، وبمجرد أن تطور فكرة ما ابحث عن ثانية إذا أردت أن تبقى في المقدمة، وإن توقفت يعني بداية النهاية.►

 

المصدر: كتاب الشخص المناسب (هل تود أن تكون الشخص المناسب؟)

ارسال التعليق

Top