• ٢٤ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢٢ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

كتب لا يقرأها الرجال

باسمة يونس

كتب لا يقرأها الرجال
يكثر الحديث أحياناً في مجالس النساء والرجال عن مواضيع مجتمعية، تفتح أبواب الخوض فيها مضامين الكتب أو المقالات الصحافية أحياناً. وفي أحيان أخرى تعبر الأحاديث الدائرة في هذه المجالس عن واقع مجتمعي يعيشه الناس فيتم تداوله خلال لقاءاتهم. وقد كثر الحديث خلال السنوات الأخيرة عن المؤلفات التي ترد إلينا من الغرب وهي في معظمها تشرح الكثير عن العلاقات بين الذكور والإناث في ظل تقلقها، وتسرب الفتور أو الهشاشة إلى هذه العلاقات. وازداد تدفق المؤلفات التي تقدم للنساء بشكل خاص شروحاً عن الفرق بين المرأة الضعيفة والمرأة القوية، وتفسر تلك الشروح الفروق الظاهرة بين النوعين، وتستهدف قراءها من جموع النسوة الضعيفات المستسلمات لواقعهنّ، دافعة إياهن لإجراء مقارنة بين أنفسهن والأخريات المستأسدات واللواتي يكسبهنّ التزام الصبر والتعقل كل الجولات فيحققن في المقابل نصراً على الضعيفات، في ظل تزايد حجم الانفصالات والخيانات وفساد العلاقات الزوجية! وفي الحقيقة، فإنّ القارئ لمثل هذه النوعيات من الكتب، قد يحار أحياناً بين الاتفاق مع كتابها أو الاعتراض عليهم، فالمرأة في معظم المجتمعات لا تزال تعاني من ضعف يعود إلى تكوين عقلية مجتمعها، ولكن يبدو وكأنّ الحيرة قد حسمت من طرف الذكور في الشرق، فهم لا يعلقون عليها أن تعتبر من المسكوت عليها، وإن قرأتها امرأة فهي قد تنقل لغيرها ما قرأت لكنها ستعجز عن إيصال أفكار الكتاب في معظم الأحيان مدركة عدم إمكانية تحقيقها! ومع هذا، فإنّ قراءة مثل هذه المواضيع، يمكن أن تشكل بدورها سلاحاً ذا حدين، حين تقرأها امرأة ناضجة فكرياً وقادرة على التمييز بين معنى الضعف والقوة والفرق بينهما في الشرق والغرب، أو حين تُقرأ من قبل مراهقة، ترى في كل ما سجلته سطور الغرب، محققاً لآمالها وأحلامها، وقادراً على تفسير ما تفكر فيه وتحلم بالحصول عليه من حرية. وتكمن الخطورة في غراس كتاب جادت قرائحهم بحقائق غربية، يمكن أن تخدم رغبة المرأة في الوعي بمعنى الثقة بالنفس وامتلاك زمام شخصية قوية متحكمة بنفسها، ولكنها على الجانب الآخر يمكن أن تهشم شخصية شابة مراهقة تتأرجح بين الواقع والخيال، وترى في التمرد قوة وتتخيل أن حياة النساء في الغرب، تحقق لها رغبتها وتعبر عما تريد. وهو ما يدعونا إلى التفكير في كيفية مجابهة هذا الغزو الفكري، الذي لا يُؤمن من أغلبه، ولكن يمكننا الاستفادة من بعض ما يأتي منه، وربما يكون الحل في إصدارات عربية مشابهة ترضي عطش النساء لقراءتها أو في تعليقات تحليلية ونقدية توضح محتوى المؤلفات وترشد القراء عما يفيدهم وما لا ينفعهم منها. ولكن لابدّ من التأكيد على أنها تبقى احتياجاً ضرورياً لكل امرأة ترغب في الاقتداء بتجارب نموذجية لنساء حكيمات وتعلم كيفية السيطرة على مشاعرهنّ وعواطفهنّ في مواجهة تدفقات الانفتاح وقوى الغزوات الفكرية، كما أنها بحاجة إلى ما يبين لهنّ مكامن الضعف في نفوسهنّ وتجنب التحول إلى دمى مستلبة مقابل الذكور أو سيطرة أي شخص آخر في حياتهنّ.

ارسال التعليق

Top