• ٢٣ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢١ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

رمضان.. طريق الآخرة

نبيل جلهوم

رمضان.. طريق الآخرة
 -   مع الأخلاق: في رمضان يمسك الواحد منا لسانه؛ فلا يحركه إلا لدعاء أو ذكر وتسبيح أو قراءة قرآن.. ثم تجد الواحد منا إذا تناثرت من فمه كلمة بذيئة أو غيبة لأحد تجده يسرع بالاستغفار والتوبة.. فيتقوى بذلك على إمساك نفسه عن السباب والشتم والبذيء من القول؛ فيكون بالناس رحيماً، وبوجهه بسَّاماً، وبحبه معطاءً، وللأذى من الطريق مزيلاً، ولقضاء الحوائج مسرعاً، وللدنيا كلها سراجاً وهاجاً يشع أخلاقاً راقية، وكلمات مهذبة ورقة وجمال. كوكبة كبيرة من محاسن الأخلاق تتحلى بها.. تتربى عليها؛ لتنفعك فيما بعد رمضان. -   مع القرآن: فنظل طوال يومنا نقرأه؛ فيصبح القرآن منا ونصبح منه متزامنين متعانقين، فنجد بيننا وبينه وداً وحباً شديداً.. نجد معه أنساً ورفيقاً. فحقاً وصدقاً.. إن التعايش مع القرآن في رمضان له مذاق خاص وروح صافية وجمال مابعده جمال. ولم لا..!! وهو الشهر الذي نزل فيه، فكان لنا هداية ورحمة ودستوراً ينير لنا الطريق، ويفرّج لنا كل ضيق، ويحمل أمتنا من الضيق إلى السعادة والسرور.. فهو لنا الدستور وطريق النور.. لا يهدي إلا للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين العاملين به أن لهم أجراً كبيراً.. قال عز وجل: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا) (الإسراء/ 9). -        مع الزهد: اجعل من رمضان فرصة لتعلّم الزهد.. فلا تسرف في الأكل والشرب، واجعل لك منه القليل والكافي فقط لتتزود على الصيام والقيام.. ثم انظر وتفكّر.. كم أنت منعَّم وفي رغد عظيم، وسعة من الله الواسع العظيم.. -        مع الصبر: فامتناعنا عن الطعام والشهوات وإمساك اللسان عن الهفوات لاشك أنه يربى فينا التحمل والتصبر والصبر.. فنتزود من ذلك بالصبر على بلاءات الدنيا ومتاعبها، ونتعلم أنه ليس كل بلاء نقمة بل يكون معه وبين طياته نعمة، وأن الصبر شطر الإيمان ودليل على جميل الخلق والإحسان.. فالصوم ظاهره الامتناع والحرمان إلا أنه في مضمونه الرضا من الله وجزيل الإحسان، والفوز بباب عظيم اسمه الريان في فسيح الجنان. -        مع قيام الليل: التراويح من أهم مايميز رمضان.. إنها النفحة الرمضانية من رب لايقبل لعبادة إلا أن يكون بهم كريماً رحيماً عطوفاً جواداً.. إنه التميز الذي ميّز الله به رمضان.. تميّز القيام بين يديه.. ثم يحين موعد التهجد في العشر الأواخر من الشهر الحبيب؛ فتكون بمثابة التدريب الإيماني الروحاني الرباني الكبير.. ما أحلى الوقوف بين يدي الله في السحر.. ما أحلى قطرات الدموع التي تنهمر من خشية الله. -        في المشاعر والأحاسيس: فرمضان يجعل الواحد منا رقيق القلب مع الناس؛ فيبذل الجهد للنهوض بعلاقته معهم، فيكسب ودهم ويجلب حبهم ويستحوذ على قلوبهم.. فتنهض بذلك علاقاته مع الناس، فيجددها ويحييها ويجدد فيها ومعها كل جميل من المشاعر والإحساس. فيظل في رمضان محسناً للناس زائداً في الإحسان طالباً من الله الرضا والعفو والغفران، فتتربى بذلك نفسه، وتنهض بذلك روحه ومشاعره؛ فيصبح كالشجرة يقذفها الناس بالحجر وتهديهم هي بأجمل الثمر.

ارسال التعليق

Top