• ٢٣ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢١ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

«عاشوراء» أفكار تنبض بالحياة

«عاشوراء» أفكار تنبض بالحياة
◄حين نستعيد أجواء عاشوراء، فإنّما نستعيدها لنعتبر بها ونتعلَّم منها، ونعيشها من أجل أن نكون في المرحلة التي تكمل تلك المراحل، لأنّ الحسين (ع) كان خطوةً متقدّمة في المسيرة الإسلامية الطويلة التي لن تنتهي حتى يرث الله الأرض ومَن عليها، إنّه كان يتمثَّل بهذه الآية الكريمة: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا) (الأحزاب/ 23)، هناك من انتهت مرحلته ولاقى وجهَ ربِّه، وتلك هي قصة عاشوراء.   لكلّ أمّة كتابُها وعملها: عندما نعيش في كل سنة ذكرى عاشوراء؛ فإننا نبحث عن جمهور عاشوراء في كلّ مرحلةٍ من مراحل حياتنا المعاصرة؛ لأنّ الهدف من بقاء هذه الذكرى على مدى الزمن، هو أن تُنتج لنا حالة حسينيةً في كلّ مرحلةٍ من مراحل حركتنا الإسلامية في العالم؛ لأنّ المسألة هي أنّنا لا نريد أن نُجمِّد التاريخ كما يفعل الكثيرون من الناس الذين يعملون على أن يسكنوا في الماضي، من دون أن يواجهوا مسؤولياتهم في الحاضر. وهذا أمرٌ مرفوض في التفكير الإسلامي، لأنّ الخطّ الإسلامي الذي ركزه الله – سبحانه وتعالى – في كتابه، هو أن لكل أمّة كتابها، ولكل أمّة عملها نتيجة مسؤولياتها وواجباتها. وهذا يعني أنّنا لسنا مسؤولين عما حَدَث في زمان الإمام الحسين (ع) إذ أنّ المسؤولين وهم الناس الذين عاشوا هناك، سواءٌ منهم الذين تحركوا في خطّ المسؤولية فكانوا مع الحسين (ع)، أو الذين ابتعدوا عن خطّ المسؤولية فوقفوا على الحياد، أو الذين ضاعت مواقفهم أمام عواطفهم، فكان أمامهم مصالحهم إذ كانت قلوبهم مع الحسين (ع) وسيوفهم عليه.   الموقف المطلوب أمام حقائق التاريخ: وعندما نستمع، بعد هذا الوقت الطويل من التاريخ، إلى سيرة الإمام الحسين (ع) وجماعة الذين يلتزمون الباطل، وجماعة الذين يتعاطفون مع الحق ولكنهم يقفون مواقف الباطل، ؛ عندما نواجه هؤلاء، فعلينا أن نعيش في داخل نفوسنا موقفاً نفسياً تجاههم، فنرفض الذين التزموا الباطل، وننفتح على الذين عرفوا الحق فانطلقوا معه. وعندما تعيش حالةً نفسية أمام التاريخ، فعليك أن تحدِّد موقفك أمام النماذج الموجودة في الواقع، هل أنا من هؤلاء الناس الذين يقفون مع الحق ويواجهون التحديات، أو من الذين يتجنّبون الدخول في ساحة الصراع، فيجلسون على التل عندما تزدحم ساحات الصراع بالمواقف الصعبة، أو من الذين يقولون إننا لا نحب المشاكل لأنفسنا، ليتغلب هذا الجانب على ذاك ويتغلب ذاك الجانب على ذلك إذ ليس لنا مصلحة هنا ولا هناك، وبذلك نكون حياديين بين الحقِّ والباطل فلا نتّخذ موقفاً محدداً. بعض الناس على عهد الإمام الحسين (ع) كانوا يفكّرون بهذه الطريقة، كما كان بعض الناس في زمان الإمام عليّ (ع) يفكّرون بالطريقة نفسها. وهذا موقف مرفوض، لأن معنى أن تكون حيادياً هو أن تكون مع الباطل. بعض الناس قد يفكر بهذه الطريقة، فيقول: أنا لست مع هذه الفئة ولا مع تلك. لا مع فلان ولا مع فلان. تارة تكون الفئتان من أهل الباطل. صحيح، عندها عليك أن ترفضهما معاً. وهذا ما قاله الإمام عليّ (ع) "كُن في الفتنة كابن اللبون لا ظهر فيركب ولا ضرع فيحلب" الفتنة هي التي لا يُعرف فيها وجه الحق من الباطل. هنا لا تدع أحداً يركب عليك، ولا تدع أحداً يحلب مواقفك، كُن كابن اللبون – وهو ابن الناقة الذكر في السنة الثانية من العمر – هذا في الفتنة، لكن عندما تكون المسألة مسألة أن هناك حقاً وباطلاً، فإن عليك أن تكون مع الحق ضد الباطل. يقول الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع): "أبلغ خيراً وقل خيراً ولا تكن إمّعة. قلت: وما الإمّعة؟ قال: لا تقل أنا مع الناس، وأنا كواحد من الناس". أما النموذج الثالث، فهو نموذج الناس الذين يتعاطفون مع الحقّ كمن يُحب أهل الخير، ولكنّه ليس مستعداً أن يلتزم مسؤولية الخير. يحب أهل العدل، ولكنه ليس مستعداً أن يلتزم خط العدل. يحب أهل الحق، ولكنّه ليس مستعداً أن يتحمل مسؤولية الحق معهم... بل كل ذلك وفق حساباته الخاصة وعلى أساس مصالحه المادية، بحيث يلاحظ ما هي مصالحه المادية فيحاول أن يتحرك فيها. وهناك حالة الذين يلتزمون ويتحركون من خلاله. هنا علينا – ونحن نقرأ ذلك التاريخ وننفعل به – أن نحدد مواقفنا: مَن نحن؟ هل نحن من فريق الحياديين؟ هل نحن من فريق الذين يغلبون مصالحهم على مبادئهم؟ هل نحن من فريق الذي يؤمنون بالباطل؟ أو نحن من فريق الذين يؤمنون بالحق؟ من نحن؟ وعلى أساس تحديد الشخصية يتحدَّد الانتماء. هل نحن ممن يتحرَّك في خطّ إصلاح الأُمّة على خط رسول الله (ص)، أو نحن ممن لا يهتمون بذلك. ما هو الخط؟ أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر. أنّ الحسين (ع) يقول أريد أن أدرس واقع الأُمّة كلها في سلبياته وفي إيجابيته، ما هي السلبيات؟ هي مواقع السلوك الذي يتحرك في مواقع غضب الله مما حرّمه الله على الناس. وما هي الإيجابيات؟ هي مواقع السلوك في ما يرضاه الله في الواجبات التي أراد الله لنا أن نتحرك فيها. الحسين (ع) كان يريد لحركته أن تكون صدمةً قويةً للواقع الفاسد، أراد أن ينتقي لها الذين يعيشون الرسالة بكل معانيها في عقولهم ومشاعرهم وخطواتهم العملية في الحياة. لهذا أن تكون حسينياً، يعني أن تكون آمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر في خط الإسلام، وأن ترفض كل ما عدا الإسلام. بعض الناس يقول: هل تريدنا أن نعادي الناس كلهم ونقول: نحن مسلمون ونرفض الخط الماركسي، والخط الاشتراكي، وطريقة التفكير من خلال بعض النظريات على أساس قومي، ونرفض الليبرالية وما إلى ذلك؟ هل تريدنا أن نعادي الناس؟ بعض أولادنا ينتمون إلى هذا الخط وبعضهم الآخر ينتمون إلى ذاك الخط. لماذا تريد أن تضيّق الإسلام؟! بعض الناس يفكرون بهذه الطريقة أو يردون على هذا الطرح بهذه الطريقة، وبذلك يعتبرون ما نطرحه تطرفاً ويصنّفوننا في دائرة المتطرفين. الحسين (ع) كان مسلماً وليس عنده شيء زائد عن الإسلام. انطلقت شخصيته من مع إسلامه حين قالها رسول الله "حسين مني وأنا من حسين". كيف هذا التفاعل بين الحسين (ع) وبين النّبيّ؟ هل هو تفاعل النسب؟ إذا كان الحسين من رسول الله لأنّه جده، فكيف يكون رسول الله من الحسين، والحسين ابن بنته؟ إنّ هذا التفاعل هو بتجسِّد الإسلام فيهما. ولهذا كان كل واحد منهما من الآخر لكونهما معاً في خدمة الإسلام. لهذا لنتفق على أن تكون لنا عاشوراء إسلامية نؤكِّد فيها خطوط عقائدنا ومواقفنا ومواقعنا ومناهجنا وسياستنا في الحياة... وعندما نقول ذلك، لا نقول إننا ننغلق على الآخرين، بل إننا مسلمون ومستعدون أن نتعايش ونتعاون حتى مع غير المسلمين، على أساس الخطوط المشتركة التي تقتضيها طبيعة الحياة؛ ولذلك نعيش مع الحسين (ع) لنكون من جمهوره ومن أتباعه.   عهد مع الله: قصة كل أبطال عاشوراء أنّهم عرفوا الحقيقة، وعاهدوا الله. اعتبروا أن بينهم وبين الله عهداً، وأنّ الإنسان الذي يعاهد الله لابدّ له أن يصدق الله عَهدَه. ومعنى أن يصدق مع الله في عهده، أن ينظر – في كل مرحلة من مراحل حياته – إلى كل ما يعمله، وإلى كل ما يريد أن يسير فيه، ليجد هل هو منسجمٌ مع عهده مع الله أو لا؟ والآن، كيف نفهم عهد الله هذا الذي أشارات إليه الآية، وهذا الذي تمثِّل به الإمام الحسين (ع) في كلِّ وقفة من وقفات الشهادة التي كان يقفها أصحابه وأهل بيته (ع)، ما هو عهد الله؟ عهد الله هو الإسلام، وهو الإيمان. معنى أنك مسلم، هو أن تعاهد الله سبحانه وتعالى، وأن تسلم كل حياتك له وفي سبيله، أن تجعل كل خطواتك في طريقه، أو تواجه كل التحدّيات، وكلَّ الأخطار، وكلَّ العقبات في سبيل الله، ومن أجل الله... ذلك هو عهد الله، أن تُسلِم له أمرك وحياتك. لا أمر لك مع أمره، ولا كلمة لك مع كلمته. تقول في مل مرحلةٍ من مراحل حياتك وفي كلِّ يوم تصبح فيه وتُمسي: طاقاتي كلها لك وحياتي كلها لك.   جون العبد الأسود: ولا يبقى لنا إلّا أن نفهم موقفنا الذي يمتدّ من مواقف أصحاب الحسين (ع)، وهو موقف الإنسان الذي يشعر بالمسؤولية أمام الله؛ فيجعل حياته منسجمة مع خطّ المسؤولية. إننا نلتقي بهم في موقف (جون) العبد الأسود مولى أبي ذر الغفاري. ولقد عاش بعد أبي ذر مع الأئمة، ومع الحسين (ع) وأهل بيته، يخدمهم بكل طاقته. وعندما انطلقت المعركة في كربلاء خاطبه الإمام الحسين وقال له: "يا (جون) أنت في إذن مني فإنما تبعتنا طالباً للعافية، فلا تبتلِ بطريقتنا". أنت كنت خادماً لنا، تخدمنا لتعيش وتضمن حياتك معنا، ونحن الآن في موقف لا يغري إنساناً بالربح، ليس فيه إلّا الموت، فحاول أن لا تبتلِ بطريقتنا.   موقف حُرّ: ماذا كان جوابه؟ قال: "يا سيدي أنا في الرخاء ألحْسُ قصاعَكم وفي الشدّة أخذلكم. والله إن ريحي لمُنتِنٌ وإن حسبي للئيم ولوني لأسود. فتنفس عليَّ بالجنة، فتطيب ريحي ويشرف حسبي ويبيض وجهي"...!!! وتحرك هذا الإنسان في خط الشهادة، لأنّه شَعَرَ أن هناك عهداً بينه وبين الله، وهو عهد الإيمان والإسلام، وأن لا تكون علاقته مع أهل البيت، علاقة خبز ومال، وإنّما هي علاقة الإيمان حتى الشهادة.   حبيب بن مظاهر ومسلم بن عوسجة: وهكذا عندما نقترب من هؤلاء الذين كانوا يتحسّسون المسؤولية، ويصدقون بالتزاماتهم؛ نقف أمام حبيب بن مظاهر، ومسلم بن عوسجة، كانا صديقين وجاءا للمعركة، وجاهدا بين يدَيْ الإمام الحسين، وعاشا مع الحسين (ع) الالتزام بخطّ الإسلام. وصُرعَ مسلم بن عوسجة، فمشى إليه الإمام الحسين (ع) ومعه حبيب بن مظاهر وجلسا عنده وهو في حالة الاحتضار، قال له حبيب: والله لولا أني أعلم أني في الأثر لأحببت أن توصي إلى، فإنّ الصديق يوصي صديقه في حالة الاحتضار، يوصيه بأهله وبعياله. ولكن مشلكتي أني سأموت من بعدك وسأسير في نفس الطريق. كنت أحب أن توصيني لأنفِّذ وصيتك، فقال له: لي وصية تستطيع أن تنفّذهها الآن. قال: وما وصيتك؟ قال: أوصيك بهذا – وأشار بيده للإمام الحسين (ع) – جاهِدْ دونه حتى تموت.   وصية الشهداء لا نبالي أن نموت على الحق: هذا هو الالتزام بالخط والصدق في الإيمان، فقد كان يفكِّر في القائد وهو في حالة الاحتضار، وكان يوصي بالجهاد، ويفكِّر بأصدقائه أن يسيروا حيث سار هو وأن ينطلقوا حيث انطلق. عليّ الأكبر يقول لأبيه الحسين (ع) بعدما استرجع قائلاً: (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) (البقرة/ 156): يا أبتاه، لم استرجعت؟ قال: عنّ لي فارس، وأنا في المنام، يقول القوم يسيرن والمنايا تسير خلفهم. فعلمت أن نفوسنا نُعِيت إلينا. قال عليّ الأكبر: يا أبتاه ألسنا مع الحق؟ قال الحسين (ع): بلى، والذي نفسي بيده. قال عليّ: والله لا يبالي أوقع على الموت أم وقع الموت عليه. تلك هي القضية، أن يفكر الإنسان في هذا الاتجاه في كل ما يعمل وفي كل ما يقول. لابدّ أن يكون الهاجس عندك، أنك على حق أو على باطل؟ عندما تتكلّم، هل كلمتك كلمة حق أو كلمة باطل؟ وعندما تعمل، هل عملك يسير في طريق الحق أو في طريق الباطل؟ وعندما تنتمي، هل انتماؤك حق أم باطل؟ عندما تؤيد وترفض؛ القضية أن نكون محقين. وعندما نكون محقين ليس هناك مشكلة في أن نموت أو نحيا. عندما نكون محقّين ونبقى في الحياة، فستكون حياتنا كلها خطوات متحركة في طريق الحق. وعندما نكون محقين ونقدم على الله سبحانه وتعالى، فإنّ الله سيتقبلنا برحمته وبلطفه.   لنفكر في قضية الحق: القضية هي قضية الحق والباطل، ذلك لأنّ الله هو الحق، وأن ما يدعون من دونه هو الباطل. هذا هو الأساس الذي ينبغي أن يكون أساس كل تحركنا في الحياة، أن يكون التحرك الذي يخدم خط الله. وهكذا عندما نريد أن نُصدق الله ما عاهدنا عليه، فإنّ الصدق يكلّف الكثير، أن تخاف وأن تخسر بعض الأصدقاء والمواقف؛ فإنّ الإنسان عندما يتحمل ما يتحمل من مسؤولية، لابدّ من أن يوحي لنفسه بالثمن الذي يستطيع من خلاله أن يخسر بعض الأشياء والأوضاع.   لابدّ أن نعمق الجانب الروحي: قد علّمنا الله أن نفكِّر أن خسارة الدنيا قد يعوضها الله في الدنيا وقد تكون لحساب المستقبل. والمؤكد أنّ الله يعوضها على الإنسان في الآخرة. لابدّ أن نفكر في الآخرة، وفي الله، وفي الجانب الروحي في حياتنا الذي يجعل كل واحد منّا يعيش الهم الكبير في حياته. أن يرضى الله، ذلك هو الهمّ الكبير. إذا استطعنا أن نعيش هذا الهمّ الكبير في حياتنا، فسوف نواجه المشاكل بقلب مفتوح، كما كان رسول الله (ص). ماذا كان يقول رسول الله (ص)؟ يرفع طرفه إلى السماء ويقول: "أنت ربّ المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني"؟ ثمّ يقول بعد ذلك: "إن لم يكن بك علي غضبٌ فلا أبالي". إذن فالهم الكبير أن لا يغضب الله. وعلى هذا، فمن الضروري أن يكون لنا شعب يعيش الوعي السياسي. فالشعب الواعي سياسياً، والذي يحمل في قلبه رسالته وخوفه من الله وحب الله – سبحانه وتعالى – إنّ شعباً كهذا لا يمكن أن يسيطر عليه أحد. وعلينا أن نعرف ماذا وراء الشعار؟ وكيف ينطلق في حياتنا بحيث لا نبقى مجرد أناس نشغل حناجرنا وأفواهنا بالهتافات، بل أن نُشغل عقولنا حتى نفكِّر في ما هناك من الخطط التي تدبَّر لنا في الخفاء. هذا الواقع نعيشه نحن اليوم، ولابدّ من علاجه حتى لا يكون واقعنا – عندما نتحرَّك – واقع أهل الكوفة، الذين كانت قلوبهم مع الحسين (ع) ولكنه سيوفهم عليه، حتى لا تكون قلوبنا مع القادة الطّيبين ومع الناس المخلصين ولكن سيوفنا عليهم، عندما تتحرَّك الدنانير أو الليرات أو الدولارات أو غير ذلك من العملات الصعبة وغير الصعبة، التي لا يزال الناس يلهثون وراءها ليبيعوا مبادئهم، وخططهم، وحياتهم...►

ارسال التعليق

Top