◄قريباً ستبدأ عملاً جديداً، وتجتاحك مشاعر متضاربة مثل الترقُّب والقلق والحماسة. إنّ اليوم الأوّل في أيّ وظيفة جديدة يشبه كثيراً يوم الدخول المدرسي بالنسبة إلى التلاميذ، مع فرق بسيط، وهو أنّه هذه المرّة لا يوجد أصدقاء ينتظرونك في ساحة المدرسة. لهذا، من الأفضل لك أن تستعد جيِّداً لمواجهة هذا اليوم الأوّل، والأيام التي ستليه.
سواء أكنت قد اشتغلت من قبل في وظائف عديدة قبل أن تصل إلى هذه الوظيفة الجديدة، أم كنت من قبل طالب تدرس في الجامعة، وهذه أوّل مرّة تشتغل فيها في وظيفة بدوام كامل، فإنّ الأمر لا يختلف كثيراً عندما تهمّين بتسلّم وظيفة جديدة في مكان عمل جديد عليك وزملاء جدد.
ها هو الوقت قد حان، واليوم تتسلّم وظيفتك ومكتبك في شركة أو إدارة حكومية أو غير ذلك. ولتفادي أي أمر طارئ أو مشاكل تحدث في آخر لحظة، ولتفادي زيادة التوتر وارتفاع الأدرينالين منذ الساعة الأولى من الصباح، يُفضَّل أن تهتم، قبل موعد العمل بليلة، بتحضير الملابس التي سترتديها، وأن تضع البنزين في سيارتك، وأن تذهب إلى مكان العمل لكي تعرف العنوان جيداً، وأيضاً لكي تعرف ما وسائل المواصلات التي تأخذك إلى هناك (إنْ لم تكن لديك سيارة) وكم من الوقت تحتاج إلى الوصول إلى مكان عملك الجديدة. إذا فعلت كلّ هذه الأشياء مسبقاً في اليوم الذي يسبق يوم تسلّمك عملك، ستوفّر عليك الكثير من العناء، وتتجنّب الكثير من الضغط النفسي الذي يشعر به أغلبنا في اليوم الأوّل في وظيفة جديدة.
اليوم المنتظر:
في أفضل الأحوال، تكون قد استعددت لكل شيء، اتصلت برئيسك الجديد قبل يوم العمل ببضعة أيام، لكي تعرف ما المهام التي تنتظرك خلال الأيام الأولى من العمل، وخاصة اليوم الأوّل، وهل من تحضيرات معيّة.
عادةً، يكون اليوم الأوّل في وظيفة جديدة هو الأصعب، لأننا لا نعرف أحداً من الزملاء، ولا نعرف جيداً البناية ومكاتبها ومرافقها، نذهب وننتظر في الردهة أن يأتي أحد ليكون الدليل بالنسبة إلينا ويصطحبنا إلى الداخل. قد يُخبرونك أنّه لا يوجد أي مكتب شاغر حالياً، وأنّه في الوقت الراهن لا توجد أي مهمة يُوكَل إليك إنجازها، وأنّ المهام الطارئة التي يُفترض أنّه تم توظيفك لكي تُنجزها، ليست في الواقع طارئة إلى تلك الدرجة التي تخيّلت.
استعلم واطرح أسئلتك:
لأنّ اليوم الأوّل في أي عمل جديد مهم جدّاً، فتحلّ بالصبر الجميل، هذا هو اليوم الذي عليك فيه أن تلتقط ملاحظاتك وتفهم العادات والتي يسير عليها العمل في الشركة. وأن تعرف الجوانب الأخلاقية والتفاصيل العملية للمهام المنوطة بك. في هذا اليوم أيضاً، اغتنم الفرصة لكي تطرح الأسئلة الجوهرية (وليس الأسئلة الثانوية التي من شأنها أن تجعلك تبدو فضولي أو ثرثارة)، مثلاً: كيف يمكنني أن أحصل على أدوات المكتب؟ كيف يمكنني أن أقوم بتحويل المكالمات؟ ما الهيكل الوظيفي للشركة؟ أو حتى أين توجد كافتيريا الشركة؟
تعرَّف إلى الآخرين:
الشيء الضروري والذي لا يمكنك تجاهله أو تجيله خلال يومك الأوّل في أي وظيفة جديدة، هو التعرف إلى زملائك المستقبليين ورؤسائك في العمل. والنصيحة الأهم هنا، هي احرص على تذكُّر الأسماء ودَوّن لديك أرقام الهواتف ووظيفة كلّ واحد من هؤلاء. وفي غضون أسبوع واحد، لن يبقى من الممكن أن يسامحك أحد إن نسيت اسمه أو وظيفته. وفي بعض الشركات والإدارات، وليس كلها، هناك إجراءات دقيقة خاصة باستقبال الموظفين الجدد، مثل تقديم عروض تعريفية بالشركة والعاملين فيها، لقاءات وندوات لإدماج الموظفين الجدد، حصص للتكوين والتدريب.
توقع نوعاً من الضغط النفسي:
في الأيام الأولى من العمل، توقّع أنك ربما تتعرض لمواقف تشعر فيها بضغط نفسي كبير عليك، مثلاً:
- "لقد أخطأت في الاختيار": هذا إحساس طبيعي، ستمرّ بلحظات من الشك يجب عليك تَقبُّلها. فمن الدارج أننا بعد أن نتخذ قراراً مهماً في حياتنا، مثل قبول وظيفة جديدة، أن نسأل أنفسنا في لحظة "ما الذي فعلته بنفسي؟". لا تتسرع، غالباً ما تكون تلك لحظة ضعف عابرة، خُذي ما يكفيك من الوقت لكي تتعود قبل أن تحكم على عملك الجديد.
- "لا أعرف ماذا أفعل": ومَن مِنَ الناس يعرف تماماً ما الذي يفعله حقاً؟ تأتي على الجميع لحظات يشعرون فيها بأنهم تائهون ولا يعرفون شيئاً، فلا تقلق أبداً. لا أحد في مكان عملك الجديد يتوقع منك أن تعرف كلّ شيء في أسابيعك الأولى في العمل. بعد حوالي ثلاثة أشهر، سوف تستيقظ وتجد أنك تعرف كلّ كبيرة وصغيرة في مكان عملك، كأنك تعمل هناك منذ سنين.
- "لا أحد يحبني": اعلم انك في وضعك الجديد أشبه بتلميذة التحقت بصفها الدراسي في منتصف السنة الدراسية، حيث إنّ زملاءك قد تعرفوا إلى بعضهم، وقَسَّموا أنفسهم شللاً وجماعات حسب ميولهم واهتماماتهم. لهذا، عليك أن تبذل بعض الجهد، وأن تقوم غالباً بالخطوة الأولى لخلق علاقات معهم. فكن منفتح ولطيف واقترب منهم أكثر، لكن طبعاً في حدود.
- "ارتكبت خطأ كبيراً": طبعاً هذا لابدّ أن يحدث، وخاصة في الأشهر الأولى من العمل. خذ الأمر بجدّية، ولكن لا تُثقل كاهلك باللوم وتأنيب الضمير. اعترف بأنك ارتكبت خطأ، وتجنّب تكراره ثانيةً في المستقبل. وحدّد بأي طريقة يمكنك أن تُحسّن الأمور. وإذا كان خطؤك هذا قد أساء إلى شخص آخر، فلا عيب في أن تعتذر للشخص المعنيّ بالأمر.
- "لم أعد قادر على الإنتاج في العمل": هذا المشكل يتعلق بعامل الضغط النفسي واسع الانتشار بين الأشخاص الذين يعيشون بداية حياتهم المهنية. وعليك ان تعتاده وتتخطّاه. سيكون لديك دائماً الكثير من المهام لتنجزيها، ولن يكون لديك بالضرورة الوقت الكافي لإتمامها. مع ذلك لا يجب أن تستسلم وتنهزم، بل قسّم وقتك ورتّب أولوياتك، أنجز الأعمال المهمة أوّلاً، واشتغل في كلّ مرّة على مهمة واحدة حتى تنتهي منها ثمّ انتقل إلى ما يليها. وإذا كنت حقاً مشغول وتم تكليفك بمهام جديدة، فلا تتردي في أن ترفض التكليف مؤقتاً، وإلّا فإنك لن تستطيع أن تعطي كلّ مهمة حقها. ►
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق