• ٢٤ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢٢ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

فرط نشاط الغدة الدرقية يتطلّب وعيك للكشف عنه

فرط نشاط الغدة الدرقية يتطلّب وعيك للكشف عنه

تعدّ الغدة الدرقية واحدة من بين أهمّ الغدد الصمّاء في الجسم، إذ تعمل على إفراز نوع خاص من الهرمونات يعرف باسم "الثايرويد" (The Thyroid Hormones)، وتلعب دوراً جوهرياً في تنظيم عمليات التمثيل الغذائية (الأيض) لأنسجة الجسم وخلاياه وما يتحكّم في إنتاج الطاقة، وبالتالي معدّل نشاط الجسم، وفي هذا الإطار، تفيد إحصائية صادرة حديثاً عن "الجمعية الأميركية للغدد الصمّاء السريرية" (American Association of Clinical Endocrinologists)، ان فرط نشاط الغدة الدرقية يحدث بمعدل 1% تقريباً لدى سكان الولايات المتحدة الأميركية، كما يصيب النساء بمعدّل 5 إلى 10 أضعاف أكثر من الرجال!

تقع الغدة الدرقية في الجزء السفلي من مقدّمة الرقبة، وهي عبارة عن فصين مرتبطين بجزء وسطي صغير على شكل فراشة تحيط بالحنجرة على جانبي القصبة الهوائية. وتستند في عملها إلى عنصر اليود المستمدّ من الطعام، وخصوصاً الأسماك وثمار البحر، إذ تستخدمه داخل خلاياها لإنتاج هرمونات "الثايرويد". وتظهر إضطرابات الغدة الدرقية، إمّا في صورة نشاط وظيفي زائد للغدة (Hyperthyroidism) أو قصور وظيفي وكسل فيها (Hypothyroidism). ويعزو الأطباء فرط نشاط الغدة الدرقية إلى جملة من الأسباب، أبرزها: 1- "داء غريفز" (Graves disease): تبيّن دراسة طبية صادرة حديثاً عن "رابطة الغدة الدرقية الأميركية" (The American Thyroid Association) أن "داء غريفز" هو من بين أكثر الأسباب شيوعاً لفرط نشاط الغدة الدرقية، علماً أنّه ينتج عن خلل في مناعة الجسم الذاتية، ويسبّب إنتاج كميات كبيرة من هرمونات الغدة الدرقية التي تؤدّي بدورها إلى سرعة في إنقاص الوزن، وزيادة واضحة في الشهية تجاه تناول أنواع الطعام كافة. وهو يمثّل أكثر من 70% إلى 80% من إجمالي عدد الحالات المصابة نتيجة تكوّن أنواع معيّنة من الأجسام المضادة بالدم تحفّز الغدة على التضخّم. وزيادة في إفراز الهرمونات. وطبقاً لدراسة نشرت في "الصحيفة الأميركية الطبية" (The American Journal of Medicine) فإن معدل إصابة النساء بـ"داء غريفز" تبلغ 5 أضعاف الرجال. 2- الدراق متعدّد العقديات السام (Toxic Multinodular Goiter): تمثل نسبة الإصابة بهذا الداء حوالي 10% من الحالات. ومن بين العلامات المشيرة إليه ظهور مجموعة من العقديات في أنسجة الغدة الدرقية التي تعمل على إفراز الهرمونات بشكل مكثّف. وتحدث هذه الحالة بسبب: ·       إصابة الغدة مسبقاً بـ"الدراق العقيدي البسيط"، يتبعه نشاط زائد بأنسجتها يظهر في المرحلة العمرية المتراوحة بين 40 و70 عاماً في متلازمة تعرف باسم (Marine – Lenhart Syndrom). تعمل على تطوير الدراق البسيط إلى الشكل السام (الذي يحدث زيادة في إفراز الغدة) منه، مع مرور الوقت. ·       وجود عقدة واحدة داخل أنسجة الغدة الدرقية تكون بحال نشطة وسامة، أيّ تقوم بإفراز الهرمونات بشكل مفرط، من شأنها تثبيط نشاط باقي أجزاء الغدة، والتي تأخذ الشكل العقدي أيضاً والمعروف طبياً "بداء بلومر" (Disease Plummers). 3- الورم الغدي السمي (Toxic Adenoma): تمثّل نسبة الإصابة به 5% من الحالات المصابة بفرط نشاط الغدة. ويظهر في صورة عقدة واحدة سمّية في أنسجة الغدة الدرقية التي تتسبّب في إفراز كمية كبيرة من هرمون الغدة، ما يؤدي إلى حدوث ضمور بباقي أجزاء الغدة التي تظل محتفظة بشكلها التكويني الأملس. 4- أسباب أخرى مسؤولة، تشمل: ·       إصابة الغدة الدرقية بالتهاب حاد أو دون الحاد. ·       فرط نشاط الغدة الجنيني نتيجة مرور هرمون T4 (وهو أحد هرمونات الثايرويد) من الأم إلى الجنين عبر المشيمة. ·       إلتهاب الغدة الدرقية بعد الولادة. وتفيد دراسة صادرة عن "الجمعية الأميركية للغدد الصمّاء السريرية" أن 5% إلى 10% من السيدات قد يتعرّضن لنشاط مفرط يصيب الغدة الدرقية بدرجة بسيطة إلى متوسطة خلال أشهر عدة بعد الولادة، والتي تستمر لمدة شهر إلى شهرين. ·       فرط تناول عنصر اليود نتيجة الجرعات العلاجية الزائدة. ·       فرط تناول العقاقير والهرمونات البديلة في علاج قصور الغدة الذي قد يؤدي إلى تعاطي جرعات زائدة تعمل على تحويل الحالة من القصور الوظيفي للغدة إلى فرط النشاط. -        أعراض نشاط الغدة: يؤكّد الباحثون أنّه عادة ما يرتبط فرط نشاط الغدة بحدوث تضخّم في أنسجتها، يظهر في شكل تورّم ملحوظ أو محسوس بالرقبة، إلى جانب ظهور بعض الأعراض الأخرى: 1- زيادة في معدّل ضربات القلب أكثر من المعتاد، تصل في غالبية الحالات إلى ما يزيد عن 100 نبضة في الدقيقة. 2- فقدان الوزن بشكل سريع وملحوظ رغم تناول كميات كبيرة من الطعام وزيادة الشهية. ويعزو الخبراء السبب إلى إرتفاع معدلات الأيض الغذائي في الجسم عن المعدلات الطبيعية له، نتيجة لوجود زيادة في إفراز هرمونات الغدة. 3- الإنفعال وحدّة الطبع (العصبية) والقلق وسرعة الإستثارة. 4- وجود رعشة في اليدين. 5- التعرّق الزائد وعدم القدرة على تحمّل درجات الحرارة المرتفعة ناتج عن إرتفاع درجة حرارة الجسم. 6- تساقط شعر الرأس. 7- النمو السريع للأظافر وسهولة إنفصالها وتكسّرها. 8- وهنّ عضلي خصوصاً في الجزء العلوي للذراعين والفخذين. 9- إسهال وزيادة في حركة الأمعاء، ما يفسّر الفقدان الشديد للوزن. 10-                    ترقّق وضعف في الجلد. 11-                    إضطرابات في الحيض. 12-                    جحوظ في العينين، خصوصاً لدى المصابين بـ"داء غريفز"، ما يعرّض القرنية الملتحمة للإلتهابات والتقرّح والإحتقان. وقد يحدث في بعض الحالات إعتلال في وظيفة العصب البصري وحدوث إضطرابات في الرؤية. وفي هذا الإطار، تفيد الصحيفة الأميركية الطبية" أن نسبة تتراوح بين 30% و50% من المصابين بـ"داء غريفز" يعانون من إعتلال بالعين بدرجة بسيطة إلى متوسطة، بينما يحدث هذا الإعتلال بصورة شديدة بنسبة 5% فقط من الحالات المصابة. -        طرق التشخيص: يعتمد تشخيص نشاط الغدة الدرقية الزائد على الفحص الإكلينيكي للغدة والجلد وحركة العين، بالإضافة إلى بعض الإختبارات الأخرى، أبرزها: 1- الإختبارات المعملية: تتمّ عبر فحص جميع هرمونات الغدة الدرقية، ويلاحظ إرتفاع نسبة هرمونات T4 وT3 (هرمونات الغدة الدرقية) وإنخفاض في مستوى هرمون TSH (هرمون محفّز يفرز من الغدة النخامية لتحفيز إنتاج هرمونات الغدة الدرقية، وتقلّ نسبته كردّ فعل في حال زيادة هرمونات الغدة الدرقية). 2- إختبار (Test RAIU): يتمثّل في تقنية إستخدام اليود المشعّ لقياس قدرة الغدة الدرقية على إمتصاص اليود. ويلاحظ الباحثون زيادة عملية إمتصاص اليود في الجسم عند الإصابة بـ"داء غريفز"، بينما تقلّ عند الإصابة بالتهاب الغدة الدرقية. 3- المسح الذري (Thyroid Scan): يستخدم للكشف عن الورم الغدّي السمّي والدراق متعدّد العقيدات. 4- إستخدام الموجات فوق الصوتية للكشف عن الغدة. 5- قياس نسبة "الكوليسترول" والسكر بالدم. -        العقاقير واليود المشعّ والجراحة: يتمّ تحديد سبل العلاج وفقاً لعوامل عدّة، أبرزها: سن المصاب وحاله الصحية والسبب المسؤول عن الإضطراب (النشاط الزائد بالغدة، وتشمل العقاقير الطبية وإستخدام اليود المشعّ والجراحة. ·       العقاقير الطبية: تعمل العقاقير الطبية على تثبيط الغدة الدرقية وتمنعها من إنتاج هرموناتها وإفرازها. ويلاحظ الأطباء إستجابة نحو 20% إلى 30% حصراً من المصابين بـ"داء غريفز" للعلاج الدوائي، في حين يستخدم العلاج بالعقاقير الطبية في مرحلة التحضير لما قبل الجراحة، وذلك في حالات الدراق العقدي والدراق المتضخّم. ·       اليود المشعّ: يساعد إستخدام اليود المشعّ في العلاج على القيام بتدمير خلايا الغدة الدرقية عند تراكمه داخل أنسجتها، ما يقلّل من حجم الأنسجة النشطة من الغدة. ·       الجراحة: يقوم الأطباء باستئصال معظم أجزاء الغدة الدرقية (Subtotal thyroidectomy) للتقليل من نشاطها والحدّ من إنتاجها للهرمونات. ويراعى، في هذا الإطار، إجراء بعض الفحوص الضرورية للمريض عقب الجراحة لمنع ظهور أعراض القصور الدرقي مع مدّ المريض بالهرمونات البديلة لإستعادة التوازن الهرموني مرّة أخرى.

ارسال التعليق

Top